فهذه بعض الفوائد المختصرة للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله أنقلها لكم من موقعه
المجموعة الثالثة
ثمار التقوى
كلما جاهد العبد نفسه على تحقيق التقوى وجد التيسير في أموره ، ونال الرزق الطيب ، وهدي إلى المخرج المناسب والملائم فيما يعرِض له من مشكلات، إضافة إلى تكفير السيئات وغفران الذنوب ورفعة الدرجات ، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة إلى غير ذلك من الثمار والآثار التي لا حصر لها ولا عد .
طيش الشباب
يكثر الطيش في الشباب ؛ وذلك أنَّ الشباب مظنَّة الجهل ومطية الذنوب، ولهذا يقال طيش شباب أو شباب طائش إمَّا على سبيل الانتقاد أو الاعتذار، وما من ريب أنَّ الشاب مسؤول عن سفهه وطيشه يوم يقف بين يدي ربه، فلا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع , منها شبابُه فيما أبلاه، وإن لم يزمَّ الشاب نفسه بزمام الشرع والعقل والحكمة أوردته المهالك.
قتل الوقت
يتضايق بعض الناس من الوقت ويعمل على تضييعه حتى في الحرام ، ولهذا تجد عند بعض الغافلين التعبير بكلمة «قتل الوقت» كأنه عدو!!، والوقت غنيمة وما ذهب منه لا يعود، والعاقل هو من يغتنم أوقاته ويحاذر من قتلها وتضييعها .
المرء بأصغريه
كثيرٌ من النَّاس يهتمُّ بصورته الخارجيَّة ومظهره المشاهَد ولا يهتمُّ بالمخْبَر ، ولهذا يكون منه أنواع من الزَّلل والخطل ولا يبالي بذلك مما يخرِم مكانته ويضعف منزلته ويوقعه مواقع الذُّل والهوان ، بينما إذا عُنيَ المرء بهذين العضوين -اللِّسان والقلب- عنايةً تامَّة وحافظ عليهما واعتنى بإصلاحهما وتقويمهما في ضوء هدي الشَّريعة وآدابها القويمة صَلَحت حاله كلُّها. وفي الدُّعاء المأثور عن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا ، وَلِسَانًا صَادِقًا» فجمَع عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في هذا الدُّعاء بين هذين العضوين الخطيرين العظيمين.
مداواة العجب
العجب داء فتَّاك مجترفٌ لأعمال العبد ، ومداواته بأمور ثلاثة:
الأوَّل : أن يذكِّر نفسه بجوانب التَّقصير الأخرى التي عنده ، فإذا أُعجب مثلاً بعبادته أو بحفظه أو بمعاني معينة وُجدت فيه ليقلِب الصفحة إلى جهةٍ أخرى وهي جوانب القُصور التي عنده ومواضع الخلل التي فيه، فيشغل نفسه بتدارك النَّقص ومعاجلة الخلل بدل أن يُعجب بجانبٍ معيَّن وُفِّق فيه للإحسان والإتقان .
الثَّاني : أن يذكِّر نفسه بأنَّ هذا الأمر الذي حصل له من فَضْلِ الله عليه ونعمته ، وأنَّه لولا فضل الله لما ناله. {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ}.
الإحسان
الإحسان: هو الإتقان والإجادة والإتيان بالعمل على أطيب صورة وأجمل وجه، وهو يكون في عبادة الخالق ، وفي معاملة المخلوق :
والإحسان في عبادة الخالق بيَّنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بقوله: « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ».
والإحسان في معاملة المخلوق بيَّنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بقوله: « لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وقوله : « وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ».
ومن كان محسِناً في عبادة خالقه كان الله معه وأحبَّه {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:69] ، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }[البقرة:195] .
ومن كان مُحسِنًا في تعامله مع عباده أحسنَ اللهُ إليه في كلِّ إحسانٍ يقدِّمه إليهم جزاءً له من جنس عمله.
ابتغاء الرِّزق
إذا آمن العبد بأنَّ الرَّزَّاق هو الله وأنَّ الرِّزق بيده احتاج في ه?ذا المقام إلى أمرين:
الأول: أن يبتغي الرِّزق عند الله لا عند غيره ؛ فلا يسأل إلَّا الله ، ولا يرجو إلَّا الله ، ولا يطمع في حصول خيراته وبركاته ونِعمَه إلَّا من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى { فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ } فيُخلِص التوجه إليه وحده في طلبه للرِّزق ، ولا يلتفت بقلبه إلى غير الله بل يفوِّض أمره إليه ويتوكَّل في حاجاته كلِّها عليه.
والأمر الثاني: بذل السَّبب ، فإنَّ الرَّزاق سُبْحَانَهُ أمَرَنا ببذل الأسباب قال تعالى: { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }، أي فليسع في طلب الرزق ولا يعطِّل الأسباب التي أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى باتِّخاذها وفِعْلها.
الإمامة في الدِّين
الإمامة في الدِّين رُتبةٌ عليَّة ومنزلةٌ شريفة، إذا أكرم اللهُ سبحانه عبده بنيلها فاز بكرامة عظيمة ومنَّة جسيمة ، ولا يبلغ العبد هذه الرتبة إلا إذا اجتمعت فيه صفات الخير بحيث يكون قدوةً للصَّالحين وأسوةً لعباد الله يؤتمُّ به في الدِّين، ويؤتسى به في العناية بالفرائض ، واجتناب المحرَّمات، وفعل الخيرات ، والبعد عن المكروهات، فلا يكون العبد إمامًا للمتقين بعده حتى يأتم بالمتقين قبله ، فإذا ائتم بهم ائتمَّ به مَن بعده.
السعادة قرينة الهداية
الهداية والسَّعادة أمران متلازمان وقرينان لا ينفكَّان، والشَّقاء قرين الضَّلال الذي لا ينفكُّ عنه ، فمتى وُجدت الهداية وُجدت السَّعادة، ومتى وُجِدَ الضَّلال وُجِدَ الشَّقاء.ومن كان في بُعدٍ عن الله وطاعته ثم استقام يجد في قلبه لذَّةً كانت مفتقدة ، وحلاوةً كانت معدومة وطعمًا كان لا يشعر به ، وصدق الله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}.
الائتلاف
كلَّما كنتَ داعيًا إلى الكتاب والسُّنّة فأنت داعٍ إلى الاجتماع والائتلاف؛ لأنَّ هـذا هو الذي يجمع النَّاس، فإنَّهم إذا عرفوا الكتاب والسُّنّة وعملوا بهما اجتمعوا وائتلفوا وتحابُّوا وتآخوا وتعاونوا وسلموا من الشقاق والفرقة
الرحمة من الإيمان
كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه ، وضعفها من ضعف إيمانه ، وهـذا ظاهر في قوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ »، وذلك أنَّ إلـاهنا المقصود المعبود رحيم يحب الرحماء ودِيننا دين الرَّحمة ، ونبيّنا نبيّ الرّحمة ،وكتابنا القران كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله : {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }.
الحبُّ
عندما ينظر إنسان في دواوين الشعر وأبيات المفتونين بالعشق والهيام وتحدث بعضهم عن مشاعره نحو محبوبته، ثم يتسآل أين هو وأين هي وأين الحبُّ المفعم الذي كان بينهما، يجد أنَّ الجميع أصبحوا تحت التراب ذهبوا وذهب معهم حبُّهم وعشقهم بحسـراته وآلامه؛ لكن الحبَّ في الله له شأن آخر فإنَّه يبقى لأهله في الدنيا والآخرة ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) [الزخرف:67] .
تفكر في كلامك
من الجميل بالمرء أن يتفكر في كلامه قبل أن يتكلم به ، فإذا تفكر وجد أنَّه لا يخرج عن ثلاثة أحوال:
1- إما أن يتبين له أنه خير بيِّن واضح ؛ فليتكلم به ولا حرج .
2- وإما أن يتبين له أنه شرٌّ بيِّن من غيبة أو كذب أو سخرية أو نميمة أو غير ذلك فليمنع نفسه من التكلم به .
3- وإما أن يكون مشتبهاً عليه لا يدري أهو من الخير أو الشر ، فليمنع نفسه من التكلم به أيضًا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ((فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ)) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَالا يَرِيبُكَ)) .
تذهب الشهوة وتبقى الشقوة
من فعل الحرام تحصيلا لملذاته وتتبعًا لشهواته فإنَّه سرعان ما تنقضي الشهوة وتبقى التبعة والشقوة، وتنفد اللذة ويبقى العار والعذاب، وتذهب اللذات وتبقى الحسرات، فيا لها من صفقة ما أخسرها , وفعلة ما أشنعها ، وما أمره إلا كما قيل:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتـها من الحرام ويبقى الخزي والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتـها لا خير في لذة من بعدها النار
التقدُّم
العبد محتاجٌ إلى بذلِ المساعي النَّافعة، وسُلوك المسالك الصَّالحة الَّتي يكونُ بها تقدُّمه ونيلُه رضا الله، والبُعد عن المسالك السَّيِّئة الَّتي يكونُ بها تأخُّرُّه ووقوعُه في سَخط الله، كما قال تعالى: { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}، وليستعن بالله لأنَّه ليسَ إليه شيءٌ من أمر سعادتِه أو شقاوتِه، أو تقدُّمِه أو تأخُّرِه، إن اهتدى فبهداية الله إيَّاه، وإن ضلَّ فبصرفِه له عن الهدى، فهو وحده المقدِّم و المؤخِّر لا شريك له.
حقيقة التلاوة للقران
تلاوة القرن ليست مجرد قراءة حروفه أو حفظ آياته وسوره، وإنمَّا حقيقة التلاوة قراءة وفهم وعمل؛ فمن لا يعمل بالقرآن لا يكون من أهله بمجرد حفظه لحروفه، بل لا يكون من أهله حتى يُرى فيه القرآن عبادةً وخُلقاً وتجنباً لما يسخط الله.
صيانة الأعراض أولى من صيانة الحلل
عجبًا لمن يعنى بثيابه صيانة وحبكًا ، ولا يبالي بأعراض المسلمين تدنيسًا وهتكًا ، ولقد أحسن من قال:
أَرى حللًا تصانُ على رجالٍ وأعراضًا تذلُّ فلا تصانُ
يا هذا أثيابك التي تبلى عن قريب أولى عندك من عرض أخيك.
اتقاء الذنوب
أرأيتم لو أنَّ شخصًا اشتد به الجوع وُضع بين يديه طعام شهي ومدَّ يده ليطعم منه فقيل له: إنَّه مسموم إن أكلْتَ منه ضرَّك أو أهلكك ، أيضعُ يده فيه أو يكفَّها ؟ فسبحان الله !! كيف يتجنَّب طعاماً خوف مضرته !! ولا يتجنب الذنوب خوف عقوبتها هدانا الله.