إنّ في السنة أيّاما فاضلة، وأوقاتا شريفة، الدعاء فيها أفضل والإجابة فيها أحرى والقبول فيها أرجى، وله سبحانه الحكمة البالغة «يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ» فلكمال حكمته وقدرته وتمام علمه وإحاطته يختار من خلقه ما يشاء من الأوقات والأمكنة والأشخاص فيخضّهم سبحانه بمزيد فضله وجزيل عنايته ووافر منّته وهذا من أكبر آيات ربوبيّته وأعظم شواهد وحدانيته وتفرده بصفات الكمال وأنّ الأمر له سبحانه من قبل ومن بعد يقضي في خلقه بما يشاء ويحكم فيهم بما يريد «فَللَّهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ العَالَمِين وَلَهُ الكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيم»
وإنّ ممّا خصّه الله عزّ وجلّ من الأوقات بمزيد تفضيله ووافر تكريمه شهر رمضان، حيث فضّله على سائر الشهور، والعشر الأواخر من لياليه حيث فضّلها على سائر الليالي، وليلة القدر حيث جعلها لمزيد فضلها عنده وعظيم مكانتها خيرا من ألف شهر، وفخم سبحانه أمرها، وأعلا شأنها، ورفع مكانتها عنده، أنزل فيها وحيه المبين وكلامه الكريم وتنزيله الحكيم، هدى للمتقين وفرقانا للمؤمنين، وضياءا ونورا ورحمة. يقول الله تعالى:«إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ »
ويقول سبحانه: «إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ» .
فللّه ما أعظمها من ليلة، وما أجلّ خيرها، وما أوفر بركتها، ليلة واحدة خير من ألف شهر، أي ما يزيد على ثلاثة وثمانين عاما عمر رجل معمّر، وهو عمر طويل لو قضاه المسلم كلّه في طاعة الله عزّ وجلّ، فليلة القدر وهي ليلة واحدة خير منه، هذا لمن حصّل فضلها ونال بركتها.
قال مجاهد رحمه الله:«ليلة القدر خير من ألف شهر ليس في تلك الشهور ليلة القدر» وكذا قال قتادة والشافعي وغير واحد.
وفي هذه الليلة المباركة يكثر تنزل الملائكة لكثرة بركتها، إذ الملائكة يتنزلون مع تنزّل البركة، وهي سلام حتى مطلع الفجر، أي أنّها خير كلّها ليس فيها شرّ إلى مطلع الفجر، وفي هذه الليلة يُفرق كلّ أمر حكيم، أي: يقدّر فيها ما يكون في تلك السنة بإذن الله العزيز الحكيم، والمراد بالتقدير هنا التقدير السنوي، أمّا التقدير العام في اللوح المحفوظ فهو متقدم على خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحّ بذلك الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
إنّ ليلة هذا شأنها ينبغي على المسلم أن يحرص على طلبها تمام الحرص ليفوز بثوابها، وليغنم خيرها، وليحصّل أجرها، ولينال بركتها، والمحروم من حرم الثواب ومن تمرّ عليه مواسم الخير وأيّام البركة والفضل وهو مستمر في ذنوبه متماد في غيّه، منهمك في عصيانه، أتلفته الغفلة، وأهلكه الإعراض، وصدته الغواية، فما أعظم حسرته وما أشدّ ندامته، ومن لم يحرص على الربح في هذه الليلة المباركة فمتى يكون الحرص، ومن لم ينب إلى الله في هذا الوقت الشريف فمتى تكون الإنابة، ومن لم يزل متقاعسا فيها عن الخيرات ففي أيّ وقت يكون العمل.
إنّ الحرص على طلب هذه الليلة وتحرّي الطاعة فيها والاجتهاد في الدعاء من سمات الأخيار وعلامات الأبرار، بل إنّهم يلحّون على الله فيها أن يكتب لهم العفو والمعافاة، لأنّها الليلة التي يكتب فيها ما يكون من الإنسان في عامه كلّه، ففي هذه الليلة يدعون ويلحّون، وفي عامهم كلّه يجدّون ويجتهدون، ومن الله يطلبون العون ويسألون التوفيق.
روى الترمذي وابم ماجة وغيرهما عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله إن علمت أيّ ليلة ليلة القدر ما أقول؟ قال:« قولي: اللّهمّ إنّك عفوّ تحبّ العفو فاعفو عنّي»
وهذا الدعاء المبارك عظيم المعنى عميق الدلالة كبير النفع والأثر وهو مناسب لهذه الليلة غاية المناسبة فهي كما تقدم الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمر حكيم ويقدر فيها أعمال العباد لسنة كاملة حتى ليلة القدر الأخرى، فمن رُزق في تلك الليلة العافية وعفا عنه ربّه فقد أفلح وفاز وربح أعظم الربح، ومن أوتي العافية في الدنيا والآخرة قد أوتي الخير بحذافيره ، والعافية لا يعدلها شيء.
روى البخاري في الأدب المفرد والترمذي في السنن عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عزّ وجلّ، قال:«سل الله العافية» فمكثت أيّاما ثمّ جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي: يا عبّاس يا عمّ رسول الله سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة.
وروى البخاري في الأدب والترمذي في السنن عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله أيّ الدعاء أفضل؟ قال: سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثمّ أتاه الغد فقال: يا نبيّ الله أيّ الدعاء أفضل؟قال:سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإذا أعطيت العافية في الدنيا والآخرة فقد أفلحت.
وروى البخاري في الأدب المفرد عن أوسط بن إسماعيل قال: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله قال: قام النبيّ صلى الله عليه وسلم عامَ أول مقامي هذا ثمّ بكى أبو بكر ثّم قال: عليكم بالصدق فإنّه مع البرّ وهما في الجنّة، وإيّاكم والكذب فإنّه مع الفجور وهما في النار، وسلوا الله المعافاة فإنّه لم يؤت بعد اليقين خير من المعافاة، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولاتحاسدوا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا.
ولهذا فإنّ من الخير للمسلم أن يكثر من هذه الدعوة المباركة في كلّ وقت وحين، ولا سيما في ليلة القدر التي فيها يُفرق كلّ أمر حكيم، وليعلم المسلم أنّ الله عفوّ كريم يحب العفو«وَهُوَ الذِّي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ » ولم يزل سبحانه ولا يزال بالعفو معروفا، وبالصفح والغفران موصوفا، وكلّ أحد مضطر إلى عفوه محتاج إلى مغفرته، كما أنّه لا غنى لأحد عن رحمته وكرمه، فنسأله سبحانه أن يشملنا بعفوه، وأن يدخلنا في رحمته، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يهدينا إليه صراطا مستقيما.
وإنّ ممّا خصّه الله عزّ وجلّ من الأوقات بمزيد تفضيله ووافر تكريمه شهر رمضان، حيث فضّله على سائر الشهور، والعشر الأواخر من لياليه حيث فضّلها على سائر الليالي، وليلة القدر حيث جعلها لمزيد فضلها عنده وعظيم مكانتها خيرا من ألف شهر، وفخم سبحانه أمرها، وأعلا شأنها، ورفع مكانتها عنده، أنزل فيها وحيه المبين وكلامه الكريم وتنزيله الحكيم، هدى للمتقين وفرقانا للمؤمنين، وضياءا ونورا ورحمة. يقول الله تعالى:«إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ »
ويقول سبحانه: «إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ» .
فللّه ما أعظمها من ليلة، وما أجلّ خيرها، وما أوفر بركتها، ليلة واحدة خير من ألف شهر، أي ما يزيد على ثلاثة وثمانين عاما عمر رجل معمّر، وهو عمر طويل لو قضاه المسلم كلّه في طاعة الله عزّ وجلّ، فليلة القدر وهي ليلة واحدة خير منه، هذا لمن حصّل فضلها ونال بركتها.
قال مجاهد رحمه الله:«ليلة القدر خير من ألف شهر ليس في تلك الشهور ليلة القدر» وكذا قال قتادة والشافعي وغير واحد.
وفي هذه الليلة المباركة يكثر تنزل الملائكة لكثرة بركتها، إذ الملائكة يتنزلون مع تنزّل البركة، وهي سلام حتى مطلع الفجر، أي أنّها خير كلّها ليس فيها شرّ إلى مطلع الفجر، وفي هذه الليلة يُفرق كلّ أمر حكيم، أي: يقدّر فيها ما يكون في تلك السنة بإذن الله العزيز الحكيم، والمراد بالتقدير هنا التقدير السنوي، أمّا التقدير العام في اللوح المحفوظ فهو متقدم على خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحّ بذلك الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
إنّ ليلة هذا شأنها ينبغي على المسلم أن يحرص على طلبها تمام الحرص ليفوز بثوابها، وليغنم خيرها، وليحصّل أجرها، ولينال بركتها، والمحروم من حرم الثواب ومن تمرّ عليه مواسم الخير وأيّام البركة والفضل وهو مستمر في ذنوبه متماد في غيّه، منهمك في عصيانه، أتلفته الغفلة، وأهلكه الإعراض، وصدته الغواية، فما أعظم حسرته وما أشدّ ندامته، ومن لم يحرص على الربح في هذه الليلة المباركة فمتى يكون الحرص، ومن لم ينب إلى الله في هذا الوقت الشريف فمتى تكون الإنابة، ومن لم يزل متقاعسا فيها عن الخيرات ففي أيّ وقت يكون العمل.
إنّ الحرص على طلب هذه الليلة وتحرّي الطاعة فيها والاجتهاد في الدعاء من سمات الأخيار وعلامات الأبرار، بل إنّهم يلحّون على الله فيها أن يكتب لهم العفو والمعافاة، لأنّها الليلة التي يكتب فيها ما يكون من الإنسان في عامه كلّه، ففي هذه الليلة يدعون ويلحّون، وفي عامهم كلّه يجدّون ويجتهدون، ومن الله يطلبون العون ويسألون التوفيق.
روى الترمذي وابم ماجة وغيرهما عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله إن علمت أيّ ليلة ليلة القدر ما أقول؟ قال:« قولي: اللّهمّ إنّك عفوّ تحبّ العفو فاعفو عنّي»
وهذا الدعاء المبارك عظيم المعنى عميق الدلالة كبير النفع والأثر وهو مناسب لهذه الليلة غاية المناسبة فهي كما تقدم الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمر حكيم ويقدر فيها أعمال العباد لسنة كاملة حتى ليلة القدر الأخرى، فمن رُزق في تلك الليلة العافية وعفا عنه ربّه فقد أفلح وفاز وربح أعظم الربح، ومن أوتي العافية في الدنيا والآخرة قد أوتي الخير بحذافيره ، والعافية لا يعدلها شيء.
روى البخاري في الأدب المفرد والترمذي في السنن عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عزّ وجلّ، قال:«سل الله العافية» فمكثت أيّاما ثمّ جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي: يا عبّاس يا عمّ رسول الله سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة.
وروى البخاري في الأدب والترمذي في السنن عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله أيّ الدعاء أفضل؟ قال: سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثمّ أتاه الغد فقال: يا نبيّ الله أيّ الدعاء أفضل؟قال:سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإذا أعطيت العافية في الدنيا والآخرة فقد أفلحت.
وروى البخاري في الأدب المفرد عن أوسط بن إسماعيل قال: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله قال: قام النبيّ صلى الله عليه وسلم عامَ أول مقامي هذا ثمّ بكى أبو بكر ثّم قال: عليكم بالصدق فإنّه مع البرّ وهما في الجنّة، وإيّاكم والكذب فإنّه مع الفجور وهما في النار، وسلوا الله المعافاة فإنّه لم يؤت بعد اليقين خير من المعافاة، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولاتحاسدوا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا.
ولهذا فإنّ من الخير للمسلم أن يكثر من هذه الدعوة المباركة في كلّ وقت وحين، ولا سيما في ليلة القدر التي فيها يُفرق كلّ أمر حكيم، وليعلم المسلم أنّ الله عفوّ كريم يحب العفو«وَهُوَ الذِّي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ » ولم يزل سبحانه ولا يزال بالعفو معروفا، وبالصفح والغفران موصوفا، وكلّ أحد مضطر إلى عفوه محتاج إلى مغفرته، كما أنّه لا غنى لأحد عن رحمته وكرمه، فنسأله سبحانه أن يشملنا بعفوه، وأن يدخلنا في رحمته، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يهدينا إليه صراطا مستقيما.
من كتاب: فقه الأدعية والأذكار
لفضيلة الشيخ: عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
لفضيلة الشيخ: عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر