بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة من العلاَّمة محمد البشير الإبراهيمي وجّهها إلى مفتي بلاد التوحيد في وقته
سماحة الشَّيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهما الله
رسالة من العلاَّمة محمد البشير الإبراهيمي وجّهها إلى مفتي بلاد التوحيد في وقته
سماحة الشَّيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهما الله
هذه رسالة من العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله وجّهها إلى مفتي بلاد التوحيد في وقته، محمد بن إبراهيم رحمه الله وهو من شيوخ الشيخ ابن باز رحمه الله.
تظهر فيها العلاقة الوطيدة بين علماء الجزائر وعلماء السعودية الذين يسمونهم اليوم الرافضة الشيعة بالوهابية.
الرسالة كما في كتاب: آثار الإبراهيمي (221/5-223):
حضرة الأخ الأستاذ الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، مفتي المملكة العربية السعودية،أطال الله بقاءه.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإنني أكتب إليكم (كتب الله لنا و لكم السعادة و التوفيق) وأدام علينا و عليكم نعمة الإيمان و أتمّها، أُذَكِّركم ما لستم عنه غافلين من حال إخوانكم الجزائريين المجاهدين، و ما هم فيه من الشدة و الحاجة إلى العون والإمداد، وما أصبحت عليه الأمة الجزائرية كلها من و رائهم من البؤس و الضيق.
أُذَكِّركم أنَّ لكم بالجانب الغربي من و طن العروبة و منابت الإسلام الأولى و مجرى سوابق المجاهدين الأولين لَإِخْواناً في العروبة و هي رحم قوية، و في الإسلام و هو سبب مرعي، و في ذلك المعنى الخاص من الإسلام و هو السلفية التي جاهدتم و جاهد أسلافكم الأبرار في سبيل تثبيتها في أرض الله، و قد لقوا من عنت الاستعمار و جبروته ما أهمّهم و أهمّ كل مسلم حقيقي يعلم أنَّ الإسلام رحم شابكة بين بنيه أينما كانوا، وأنَّ أقل واجباته النجدة في حينها و التناصر لوقته.
مضى على ثورة إخوانكم الجزائريين التي انتصروا بها لله و لدينه أربعه سنوات، و ما فترت لهم عزيمة و لا بردت لهم فيها حمية، و أراهم الله من آيات نصره للفئة القليلة على الفئة الكثيرة ما دل على إخلاصهم له، و صدقهم في معاملته، و قد شهد لهم العالم حتى أعداؤهم فيما أظهروه من ضروب الشجاعة المقرونة بحسن التدبير و التقدير، و بالمواقف الجليلة المبيضة لوجه الإسلام التي بَعُد العهد بمثلها، غير أنَّ الحرب كالحبلى لا ندري ما تلد و لا على أية حال تسفر.
أيها الأخ، إنَّ العالِم المسلم (خصوصاً من أَهَّله الله للقيادة مثلكم) مؤتَمنٌ على دين محمد صلى الله عليه و سلم، و من ثّم فهو مسؤول عنه ، فإمَّا له إن قام بما يجب عليه من التثبيت له و تمكينه في الأرض و الدفاع عن حقائقه؛ و إما عليه إن فرط في تلك الأمانة، و إنها لثقيلة.
إنَّ الواجب الذي يفرضه الدين على أمثالكم أن تقوموا لله بحملة صادقة أنتم أهلٌ للقيام بها في قضية الجزائر؛ فتُوجِّهوا نداءً جهيرًا إلى المسلمين الذين يشهدون الموسم ليحملوه إلى من خلفهم من المسلمين حين ينقلبون إلى أوطانهم؛ تحضّونهم فيه على مساعدة إخوانهم مجاهدي الجزائر، و تبينون لهم ما يترتب على قعود المسلمين عن نصرة إخوانهم الجزائريين من آثار، أيسرها أنَّ الاستعمار المتساند سينتقم، إن انتصر، لنفسه من المسلمين انتقمًا عاجلاً، و إنَّ طرق الانتقام لكثيرة، و إنَّ وسائله جميعها في يده. ثم توجهوا نداءً خاصًا إلى إخواننا سكان المملكة العربية السعودية تحرضونهم به على الجهاد بالمال، و أنه قرين الجهاد بالنفس بل هو مقدم عليه في كتاب الله العزيز، و إنَّ المال لهو الركن الركين في نجاح إخوانكم المجاهدين، و قد قام الشعب الجزائري وحده بهذا الواجب في سنوات الثورة كلها، و كل ما وصله من إعانات مالية كان نوافل، أما الآن فإن الشعب مضيق عليه و محصور، و قد انقطعت به الوسائل المالية، فالتجارة معطلة و الفلاحة كذلك و الشعب الذي هو تحت قبضة العدو اشتدّ عليه الخناق و أرهقته المظالم و المغارم، وشتّته القتل و التشريد، فقد مات منه نحو مليون شخص كلهم من المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان، واُخرج منه نحو ذلك العدد من ديارهم حفاة عراة لا يملكون قوت يومهم، هائمين على وجوههم إلى مراكش غربًا، و إلى تونس شرقًا،كل ذلك انتقام من الجيش الفرنسي الذي عجز عن قمع الثورة و القضاء على جيش التحرير المسلح، فلجأ إلى هذه الوسائل الوحشية.
و بهذه البلايا التي يصبها الاستعمار على الشعب الجزائري الأعزل بهظت التكاليف المالية على جيش التحرير الجزائري، فأصبح مطالبًا بالإنفاق على نفسه في التسليح و توابعه، و بالإنفاق على هؤلاء المشردين من الشعب، و نبشركم بأنَّ الجيش و الشعب كلاهما محتفظ بمعنوياته على أكمل ما يكون و كلاهما مصمم على مواصلة الكفاح حتى النصر أو الموت.
وقد كان جيش التحرير مؤلفًا في أول أمره من ثلاثة آلاف مقاتل، فأصبح بعد أربع سنوات مؤلفًا من أكثر من مائة ألف مقاتل مسلح بما يلزم من السلاح على أكمل تنظيم و أحسن تدريب، و هو في كل يوم يذيق عدوه ألوانا من الهزائم. و الحمد لله.
نحن نعلم أن المملكة العربية السعودية قامت بواجبها في فترات متباعدة ، و لكن ذلك كله كان دون ما يطالبها به الإسلام، لا في المبالغ المالية التي قدمتها، و لا في المواقيت التي كانت تقدم فيها هاتيك المبالغ، وفضيلتكم تعلمون أنَّ المعونة كالغيث إنما تفعل فعلها و تؤتي ثمرتها إذا جاءت في الوقت المناسب.
أيها الأخ الجليل، إنَّ الثورة الجزائرية تعدكم كهفها الأحمى، و إنَّ موقفًا منكم في سبيلها كالمدد في وقت الحاجة إليه، فهلا صيحة منكم تحرك النفوس الجامدة إلى البذل في سبيل الله، و تهز الهمم الخامدة فتتبارى في سوقٍ بضاعتها شرف الدنيا و عز الآخرة، و قيامتها مال زائل وحال حائل.
أيها الأخ الكريم ، هذه رسالتي يحملها إلى سماحتكم وفد جبهة التحرير الجزائرية إلى المملكة العربية السعودية، لمناسبة موسم الحج و للاتصال بالحكومة السعودية الموقرة في شؤون المجاهدين الجزائريين التي أهمها تسلم المبالغ المالية التي تبرع بها الشعب السعودي الكريم ، فالرجاء أن تأخذوا بيد الوفد المذكور و أن تكونوا عونه لدى المراجع الحكومية العليا حتى يقضي حاجته و يؤذي مهمته على أكمل وجه.
أيها الأخ، هذا عرض عرضته عليكم و أنتم تعلمون ما أكنه لسماحتكم من التقدير و الاحترام و الاعتراف بمكانتكم في الدولة و الأمة.
و تقبلوا في ختام حديثي إليكم تحياتي الأخوية الخالصة .
القاهرة 13 يونيو 1958.
من أخيكم
محمد البشير الإبراهيمي
رئيس جمعية العلماء المسلمين
للأمانة هذا النقل استفدته من أحد إخواننا طلبة العلم جزاه الله خيرًا ، ورحم الله علماءنا وكبراءنا وجعل الجنة مثواهم ، آمين
محمد البشير الإبراهيمي
رئيس جمعية العلماء المسلمين
للأمانة هذا النقل استفدته من أحد إخواننا طلبة العلم جزاه الله خيرًا ، ورحم الله علماءنا وكبراءنا وجعل الجنة مثواهم ، آمين