قال البخاري رحمه الله :
بَاب مِنْ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ "
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في شرحه على الأربعين النووية :
(لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ) هذه الكلمة تدل على أنّ ما بعدها مأمور به في الشريعة، إما أمر إيجاب أو أمر استحباب،
ونفي الإيمان هنا قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان كما أحضرنيه بعض الأخوة (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ) أن هذا نفي لكمال الإيمان الواجب،
فإذا نُفِي الإيمان بفعل دل على وجوبه، يعني على وجوب ما نفي الإيمان لأجله، (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه)
دل على أن محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه واجبة، قال: لأن نفي الإيمان لا يكون لنفي شيء مستحب، فمن ترك مستحبا لا يُنفي عنه الإيمان،
فنفي الإيمان دال على أن هذا الأمر واجب، فيكون إذاً نفي الإيمان نفيٌ لكماله الواجب، فيدلّ على أن الأمر المذكور، والمعلّق به النفي يدلّ على أنّه واجب.
إذا تقرر هذا فقوله هنا (لاَ يُؤْمِنَ أَحدُكُمْ حَتَّى) له نظائر كثيرة في الشريعة يعني في السنة
«لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه)، «لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه» وهكذا،
إذا تقرر ذلك فإن نفي الإيمان فيها على باب واحد، وهو أنه ينفي كمال الإيمان الواجب.
ثم قوله عليه الصلاة والسلام (حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) هذا يشمل الاعتقاد والقول والعمل، يعني يشمل جميع الأعمال الصالحة من الأقوال والاعتقادات والأفعال،
فقوله: (حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) يشمل أن يحب لأخيه أن يعتقد الاعتقاد الحسن كاعتقاده، وهذا واجب، ويشمل أن يحب لأخيه أن يكون مصليا كفعله.
فلو أحب لأخيه أن يكون على غير الهداية فإنه ارتكب محرما فانتفى عنه كمال الإيمان الواجب، لو أحب أن يكون فلان من الناس على غير الاعتقاد الصحيح الموافق للسنة، يعني على اعتقاد بدعي فإنه كذلك ينفي عنه كمال الإيمان الواجب، وهكذا في سائر العبادات، وفي سائر أنواع اجتناب المحرمات،
فإذا أحب لنفسه أن يترك الرشوة، وأحب لأخيه أن يقع في الرشوة حتى يبرز هو كان منفيا عنه كمال الإيمان الواجب، وهكذا في نظائرهما.
وقد جاء في النسائي؛ يعني في سنن النسائي وفي غيره تقييد ما يحب هنا بما هو معلوم، وهو قوله «حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه مِنَ الخَيْر»
وهذا ظاهر غير بين، ولكن التنصيص عليه واضح.
أما أمور الدنيا فإن محبة الخير لأخيه كما يحب لنفسه هذا مستحب؛ لأن الإيثار بها مستحب، وليس بواجب،
فيحب لأخيه أن يكون ذا مال مثل ما يحب لنفسه، هذا مستحب، يحب لأخيه أن يكون ذا وجاهة مثل ما له، هذا مستحب،
يعني لو فرط فيه لم يكن منفيا عنه، لم يكن كمال الإيمان الواجب منفيا عنه؛ لأن هذه الأفعال مستحبة.
فإذن صار المقام هنا على درجتين:
1ـ إذا كان ما يحبّه لنفسه متعلقا بأمور الدين فهذا واجب أن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، وهذا هو الذي تسلط نفي الإيمان عليه،
(لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) يعني من أمور الدين أو من الأمور التي يرغب فيها الشارع
وأمر بها أمر إيجاب أو أمر استحباب وكذلك ما نهى عنه الشارع،
فيحب لأخيه أن ينتهي عن المحرمات ويحب لأخيه أن يأتي الواجبات، هذا لو لم يحب لأنتفى عنه كمال الإيمان الواجب.
2. أما أمور الدنيا كما ذكرنا فإنها على الاستحباب يحب لأخيه أن يكون ذا سعة في الرزق فهذا مستحب،
يحب أن يكون لأخيه مثل ما له من الجاه مثلا، أو من المال، أو من حسن الترتيب، أو من الكتب أو إلى آخره، فهذا كله راجع إلى الاستحباب . انتهى كلامه حفظه الله .
قَالَ كَعْبٌ رضي الله عنه وهو يحكي قصة توبته :
...حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي
وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ .
قَالَ كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ . البخاري
بَاب مِنْ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ "
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في شرحه على الأربعين النووية :
(لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ) هذه الكلمة تدل على أنّ ما بعدها مأمور به في الشريعة، إما أمر إيجاب أو أمر استحباب،
ونفي الإيمان هنا قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان كما أحضرنيه بعض الأخوة (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ) أن هذا نفي لكمال الإيمان الواجب،
فإذا نُفِي الإيمان بفعل دل على وجوبه، يعني على وجوب ما نفي الإيمان لأجله، (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه)
دل على أن محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه واجبة، قال: لأن نفي الإيمان لا يكون لنفي شيء مستحب، فمن ترك مستحبا لا يُنفي عنه الإيمان،
فنفي الإيمان دال على أن هذا الأمر واجب، فيكون إذاً نفي الإيمان نفيٌ لكماله الواجب، فيدلّ على أن الأمر المذكور، والمعلّق به النفي يدلّ على أنّه واجب.
إذا تقرر هذا فقوله هنا (لاَ يُؤْمِنَ أَحدُكُمْ حَتَّى) له نظائر كثيرة في الشريعة يعني في السنة
«لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه)، «لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه» وهكذا،
إذا تقرر ذلك فإن نفي الإيمان فيها على باب واحد، وهو أنه ينفي كمال الإيمان الواجب.
ثم قوله عليه الصلاة والسلام (حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) هذا يشمل الاعتقاد والقول والعمل، يعني يشمل جميع الأعمال الصالحة من الأقوال والاعتقادات والأفعال،
فقوله: (حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) يشمل أن يحب لأخيه أن يعتقد الاعتقاد الحسن كاعتقاده، وهذا واجب، ويشمل أن يحب لأخيه أن يكون مصليا كفعله.
فلو أحب لأخيه أن يكون على غير الهداية فإنه ارتكب محرما فانتفى عنه كمال الإيمان الواجب، لو أحب أن يكون فلان من الناس على غير الاعتقاد الصحيح الموافق للسنة، يعني على اعتقاد بدعي فإنه كذلك ينفي عنه كمال الإيمان الواجب، وهكذا في سائر العبادات، وفي سائر أنواع اجتناب المحرمات،
فإذا أحب لنفسه أن يترك الرشوة، وأحب لأخيه أن يقع في الرشوة حتى يبرز هو كان منفيا عنه كمال الإيمان الواجب، وهكذا في نظائرهما.
وقد جاء في النسائي؛ يعني في سنن النسائي وفي غيره تقييد ما يحب هنا بما هو معلوم، وهو قوله «حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه مِنَ الخَيْر»
وهذا ظاهر غير بين، ولكن التنصيص عليه واضح.
أما أمور الدنيا فإن محبة الخير لأخيه كما يحب لنفسه هذا مستحب؛ لأن الإيثار بها مستحب، وليس بواجب،
فيحب لأخيه أن يكون ذا مال مثل ما يحب لنفسه، هذا مستحب، يحب لأخيه أن يكون ذا وجاهة مثل ما له، هذا مستحب،
يعني لو فرط فيه لم يكن منفيا عنه، لم يكن كمال الإيمان الواجب منفيا عنه؛ لأن هذه الأفعال مستحبة.
فإذن صار المقام هنا على درجتين:
1ـ إذا كان ما يحبّه لنفسه متعلقا بأمور الدين فهذا واجب أن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، وهذا هو الذي تسلط نفي الإيمان عليه،
(لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) يعني من أمور الدين أو من الأمور التي يرغب فيها الشارع
وأمر بها أمر إيجاب أو أمر استحباب وكذلك ما نهى عنه الشارع،
فيحب لأخيه أن ينتهي عن المحرمات ويحب لأخيه أن يأتي الواجبات، هذا لو لم يحب لأنتفى عنه كمال الإيمان الواجب.
2. أما أمور الدنيا كما ذكرنا فإنها على الاستحباب يحب لأخيه أن يكون ذا سعة في الرزق فهذا مستحب،
يحب أن يكون لأخيه مثل ما له من الجاه مثلا، أو من المال، أو من حسن الترتيب، أو من الكتب أو إلى آخره، فهذا كله راجع إلى الاستحباب . انتهى كلامه حفظه الله .
قَالَ كَعْبٌ رضي الله عنه وهو يحكي قصة توبته :
...حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي
وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ .
قَالَ كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ . البخاري