فائدة في العزلة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
- أما بعد -
• ثبت عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ ذَكَرُوا الْفِتْنَةَ أَوْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ : » إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ : الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ » .
رواه أحمد (212/2) ، وأبوداود (438/2) برقم (3780) ، وابن ماجة (467/2) ، وصححه الإمام الألباني في (الصحيحة) (368/1)
برقم (205) .
• وقال عبد الله بن المُـبارك : » قال بعضهم في تفسيرِ العزلة : هـو أن يكونَ مع القوم ، فإن خاضوا في ذكر الله فَخض معهم ، وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت » .
• انظر :
(الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا) (63/1) .
• وقال العلامة الخطّابي :
» ولسنا نريد - رحمك الله - بهذه العزلة التي تختارها مفارقة الناس في الجماعات والجمعات وترك حقوقهم في العبادات وإفشاء السﻼم ورد التحيات وما جرى مجراها من وظائف الحقوق الواجبة لهم وصنائع السنن والعادات المستحسنة فيما بينهم فإنها مستثناة بشرائطها جارية على سبلها ما لم يحل دونها حائل شغل وﻻ يمنع عنها مانع عذر إنما نريد بالعزلة ترك فضول الصحبة ونبذ الزيادة منها وحط العﻼوة التي ﻻ حاجة بك إليها » .
• انظر :
(العزلة) (12- 13)
• وقال أيضا : » ولو لم يكن في العزلة إﻻ السﻼمة من آفة الرياء والتصنع للناس وما يدفع إليه الناس إذا كان فيهم من استعمال المداهنة معهم والخداع الموارية في رضاهم لكان في ذلك ما يرغب في العزلة ويحرك إليها » .
• انظر :
(العزلة) (91/1)
• وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ - رضي الله
عنهما -
» العَافيةُ عَشرةُ أجزاءٍ تِسعةٌ مِنهَا فِيِ الصمتِ ، والعاشرةُ اعتزالُكَ عَنْ النَّاسِ » .
• انظر :
(صَفوةُ الصفوةِ) (4 / 257) .
• وعن عائشة قالت : » أمرنا رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أن ننزل الناس منازلهم » .
- انظر :
(مقدمة صحيح مسلم)
• وسئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة فقال :
»إنّا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا « .
• انظر :
(السير) (428/
• وقال سفيان الثوري : » إذا رأيتَ الشّاب يتكلم عند الـمشايخ ، وإن كان قد بلغ من العلم مبلغًا ، فآيس من خيره ، فإنّه قليل الحياء » .
• انظر :
المدخل للسنن للبيهقي
برقم (549) .
• وحضر سفيان الثوري مجلس شاب من أهل العلم ، وهو يترأس ويتكبر بالعلم على من أكبر منه ، فغضبَ سفيان وقال : « لـم يكن السلف هكذا كان أحدهم ﻻ يدعي اﻹمامة وﻻ يجلس في الصدر حتى يطلب هذا العلم ثﻼثين سنة وأنت تتكبر على من هو أسن منك قم عني وﻻ أراك تدنو من مجلسي » .
• انظر :
(المدخل للسنن للبيهقي)
برقم (54 .
- وعن ابن المنكدر - رحمه الله -
قال : « كابدتُ نفسي أربعين سنةً حتى استقامت » .
انظر :
(السير) (607/2)
• وكان عبد الله بن الخيار يقول في مجلسه : « اللهمّ سلّمنا ، وسلّم المؤمـنين منّا » .
• انظر :
(تذكرة الحفّاظ) (139/1)
• وقال مالك بن دينار : » كان اﻷبرار يتواصون بثﻼث : بسجـن اللسـان ، وكثرة اﻻستغفار ،
والعزلة » .
• انظر :
(الحلية لأبي نعيم) (277/2) .
• وقال ابن عبد البر- رحمه الله - في الكﻼم على قوله - صلى الله عليه وسلم - : « أﻻ أخبركم بخير الناس منزﻻ رجل آخذ بعنان فرسه يجاهد في سبيل الله أﻻ أخبركم بخير الناس منزلة بعده رجل معتزل في غنيمة له يقيم الصﻼة ويؤتي الزكاة ويعبد الله ﻻ يشرك به شيئا » .
- وأما قوله : » خير الناس بعده رجل معتزل في غنيمة له » ففي ذلك حض على اﻻنفراد عن الناس واعتزالهم والفرار عنهم وقد فضلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ترى وفضلها جماعة العلماء والحكماء ﻻ سيما في زمن الفتن وفساد الناس وقد يكون اﻻعتزال عن الناس مرة في الجبال والشعاب ومرة في السواحل والرباط ومرة في البيوت وقد جاء في غير هذا الحديث إذا كانت الفتنة فاخف مكانك وكف لسانك ولم يخص موضعا
من موضع ... » اهـ .
• انظر :
(التمهيد ﻻبن عبد البر بتصرف يسير وقال عقبه هذا حديث مرسل من رواية مالك ﻻ خﻼف عنه فيه وقد يتصل من وجوه ثابتة
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عطاء بن يسار وغيره وللحديث شواهد يرتقي بها للصحة) .
• وقال العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - في شرحه لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتتبع بها شعف الجبال مواقع القطر يفر بدينه من الفتن » ، واعلم أن اﻷفضل هو المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم هذا أفضل من المؤمن الذي ﻻ يخالط الناس وﻻ يصبر على أذاهم ، ولكن أحيانا تحصل أمور تكون العزلة فيها خيرا من اﻻختﻼط بالناس ، من ذلك إذا خاف اﻹنسان على نفسه فتنة مثل أن يكون في بلد يطالب فيها بأن ينحرف عن دينه أو يدعو إلى بدعة أو يرى الفسوق الكثير فيها ، أو يخشى على نفسه من الفواحش ، فهنا تكون العزلة خيرا له .
ولهذا أمر اﻹنسان أن يهاجر من بلد الشرك إلى بلد اﻹسﻼم ، ومن بلد الفسوق إلى بلد اﻻستقامة فكذلك إذا تغير الناس والزمان ، ولهذا صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن فهذا هو التقسيم تكون العزلة هي الخير إن كان في اﻻختﻼط شر وفتنة في الدين ، وإﻻ فاﻷفضل أن اﻻختﻼط هو الخير ، يختلط اﻹنسان مع الناس فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يدعو إلى حق ، يبين السنة للناس فهذا خير ؛ لكن إذا عجز عن الصبر وكثرت الفتن ، فالعزلة خير ولو أن يعبد الله على رأس جبل أو في قعر واد » . اهـ
• انظر :
(شرحه لرياض الصالحين باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان وخوف الفتنة) .
منقول عن الأخ أبي أسامة سمير الجزائري
و لمزيد من الفائدة يمكنكم زيارة هذه الفهارس
مقتطفات I درر من أقوال السلف
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
- أما بعد -
• ثبت عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ ذَكَرُوا الْفِتْنَةَ أَوْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ : » إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ : الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ » .
رواه أحمد (212/2) ، وأبوداود (438/2) برقم (3780) ، وابن ماجة (467/2) ، وصححه الإمام الألباني في (الصحيحة) (368/1)
برقم (205) .
• وقال عبد الله بن المُـبارك : » قال بعضهم في تفسيرِ العزلة : هـو أن يكونَ مع القوم ، فإن خاضوا في ذكر الله فَخض معهم ، وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت » .
• انظر :
(الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا) (63/1) .
• وقال العلامة الخطّابي :
» ولسنا نريد - رحمك الله - بهذه العزلة التي تختارها مفارقة الناس في الجماعات والجمعات وترك حقوقهم في العبادات وإفشاء السﻼم ورد التحيات وما جرى مجراها من وظائف الحقوق الواجبة لهم وصنائع السنن والعادات المستحسنة فيما بينهم فإنها مستثناة بشرائطها جارية على سبلها ما لم يحل دونها حائل شغل وﻻ يمنع عنها مانع عذر إنما نريد بالعزلة ترك فضول الصحبة ونبذ الزيادة منها وحط العﻼوة التي ﻻ حاجة بك إليها » .
• انظر :
(العزلة) (12- 13)
• وقال أيضا : » ولو لم يكن في العزلة إﻻ السﻼمة من آفة الرياء والتصنع للناس وما يدفع إليه الناس إذا كان فيهم من استعمال المداهنة معهم والخداع الموارية في رضاهم لكان في ذلك ما يرغب في العزلة ويحرك إليها » .
• انظر :
(العزلة) (91/1)
• وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ - رضي الله
عنهما -
» العَافيةُ عَشرةُ أجزاءٍ تِسعةٌ مِنهَا فِيِ الصمتِ ، والعاشرةُ اعتزالُكَ عَنْ النَّاسِ » .
• انظر :
(صَفوةُ الصفوةِ) (4 / 257) .
• وعن عائشة قالت : » أمرنا رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أن ننزل الناس منازلهم » .
- انظر :
(مقدمة صحيح مسلم)
• وسئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة فقال :
»إنّا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا « .
• انظر :
(السير) (428/
• وقال سفيان الثوري : » إذا رأيتَ الشّاب يتكلم عند الـمشايخ ، وإن كان قد بلغ من العلم مبلغًا ، فآيس من خيره ، فإنّه قليل الحياء » .
• انظر :
المدخل للسنن للبيهقي
برقم (549) .
• وحضر سفيان الثوري مجلس شاب من أهل العلم ، وهو يترأس ويتكبر بالعلم على من أكبر منه ، فغضبَ سفيان وقال : « لـم يكن السلف هكذا كان أحدهم ﻻ يدعي اﻹمامة وﻻ يجلس في الصدر حتى يطلب هذا العلم ثﻼثين سنة وأنت تتكبر على من هو أسن منك قم عني وﻻ أراك تدنو من مجلسي » .
• انظر :
(المدخل للسنن للبيهقي)
برقم (54 .
- وعن ابن المنكدر - رحمه الله -
قال : « كابدتُ نفسي أربعين سنةً حتى استقامت » .
انظر :
(السير) (607/2)
• وكان عبد الله بن الخيار يقول في مجلسه : « اللهمّ سلّمنا ، وسلّم المؤمـنين منّا » .
• انظر :
(تذكرة الحفّاظ) (139/1)
• وقال مالك بن دينار : » كان اﻷبرار يتواصون بثﻼث : بسجـن اللسـان ، وكثرة اﻻستغفار ،
والعزلة » .
• انظر :
(الحلية لأبي نعيم) (277/2) .
• وقال ابن عبد البر- رحمه الله - في الكﻼم على قوله - صلى الله عليه وسلم - : « أﻻ أخبركم بخير الناس منزﻻ رجل آخذ بعنان فرسه يجاهد في سبيل الله أﻻ أخبركم بخير الناس منزلة بعده رجل معتزل في غنيمة له يقيم الصﻼة ويؤتي الزكاة ويعبد الله ﻻ يشرك به شيئا » .
- وأما قوله : » خير الناس بعده رجل معتزل في غنيمة له » ففي ذلك حض على اﻻنفراد عن الناس واعتزالهم والفرار عنهم وقد فضلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ترى وفضلها جماعة العلماء والحكماء ﻻ سيما في زمن الفتن وفساد الناس وقد يكون اﻻعتزال عن الناس مرة في الجبال والشعاب ومرة في السواحل والرباط ومرة في البيوت وقد جاء في غير هذا الحديث إذا كانت الفتنة فاخف مكانك وكف لسانك ولم يخص موضعا
من موضع ... » اهـ .
• انظر :
(التمهيد ﻻبن عبد البر بتصرف يسير وقال عقبه هذا حديث مرسل من رواية مالك ﻻ خﻼف عنه فيه وقد يتصل من وجوه ثابتة
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عطاء بن يسار وغيره وللحديث شواهد يرتقي بها للصحة) .
• وقال العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - في شرحه لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتتبع بها شعف الجبال مواقع القطر يفر بدينه من الفتن » ، واعلم أن اﻷفضل هو المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم هذا أفضل من المؤمن الذي ﻻ يخالط الناس وﻻ يصبر على أذاهم ، ولكن أحيانا تحصل أمور تكون العزلة فيها خيرا من اﻻختﻼط بالناس ، من ذلك إذا خاف اﻹنسان على نفسه فتنة مثل أن يكون في بلد يطالب فيها بأن ينحرف عن دينه أو يدعو إلى بدعة أو يرى الفسوق الكثير فيها ، أو يخشى على نفسه من الفواحش ، فهنا تكون العزلة خيرا له .
ولهذا أمر اﻹنسان أن يهاجر من بلد الشرك إلى بلد اﻹسﻼم ، ومن بلد الفسوق إلى بلد اﻻستقامة فكذلك إذا تغير الناس والزمان ، ولهذا صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن فهذا هو التقسيم تكون العزلة هي الخير إن كان في اﻻختﻼط شر وفتنة في الدين ، وإﻻ فاﻷفضل أن اﻻختﻼط هو الخير ، يختلط اﻹنسان مع الناس فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يدعو إلى حق ، يبين السنة للناس فهذا خير ؛ لكن إذا عجز عن الصبر وكثرت الفتن ، فالعزلة خير ولو أن يعبد الله على رأس جبل أو في قعر واد » . اهـ
• انظر :
(شرحه لرياض الصالحين باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان وخوف الفتنة) .
منقول عن الأخ أبي أسامة سمير الجزائري
و لمزيد من الفائدة يمكنكم زيارة هذه الفهارس
مقتطفات I درر من أقوال السلف
تعليق