السؤال126: عندنا جماعة يقال لها: اتحاد الإسلام الصومالي، يتعاونون مع السرورية، وجماعة الجهاد، والإخوان المسلمين، ويأخذون البيعة ممن انتمى إليهم، ويدّعون أنّهم أهل السنة والجماعة؟
الجواب: جاء في "صحيح البخاري" من حديث أبي هريرة قال: بينما النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مجلس يحدّث القوم جاءه أعرابيّ فقال: متى السّاعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحدّث، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتّى إذا قضى حديثه، قال: ((أين أراه السّائل عن السّاعة))؟ قال: هاأنا يا رسول الله، قال: ((فإذا ضيّعت الأمانة فانتظر السّاعة))، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة)).
فهذه مصيدة للشباب المغفل، وأين نهاية الجهاد الأفغاني الذي لم يقم مثله جهاد، وغير الجهاد الأفغاني. فالجهاد في سبيل الله يعتبر من أسمى شعائر الدين الإسلامي: {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًّا في التّوراة والإنجيل 158} والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الّذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من مات ولم يغز، ولم يحدّث نفسه بالغزو، مات على شعبة من نفاق)). ويقول: ((لغدوة في سبيل الله، أو روحة، خير من الدّنيا وما فيها)).
وقبل أيام نشرت مجلة من باكستان من أصحاب الهوس قالوا: نحن في طريقنا إلى تحرير فلسطين، ومن عارضنا من هذه الحكومات قاتلناه، وكتبوا إليّ رسائل بهذا.
وحتى الجهاد نفسه قد أصبح مسألة استرزاق، كتب كاتب في إمارة (كنر) وذكر أن بعض الذين كانوا مع (أسامة) تقدموا وأرادوا أن يحتلوا موقعًا للشيوعيين، فما شعروا إلا بالرشاشات ترشهم من خلفهم، فرجعوا وقالوا: ما هذا؟ قالوا: هكذا قال لنا القائد الأفغاني، فذهبوا إلى هذا القائد وسألوه، فقال: تريدون أن تنهوا الحرب الأفغانية، من أين يأكل هؤلاء؟ ووالله أني أود لو بقيت مائة سنة.
فأصبح الجهاد مصدر رزق وتضليل للشباب، فعليهم بالإقبال على العلم النافع، وإذا وجدوا شعبًا متيقظًا مستعدًا أن يجاهد وأن يصبر صبر الصحابة. وأما أن يوجه المسلمون المدافع والرشاشات إلى بعضهم البعض ويقولون: جهاد جهاد، فلا، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النّار)) قيل: يارسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: ((إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه)). متفق عليه من حديث أبي بكرة.
فأنصح الإخوة إذا دعوا إلى الجهاد أن يقولوا: نتعلّم أولاً، ثم ننظر لأي شيء نقاتل، ومن هو قائد الجهاد الذي يدعونا إلى الجهاد في سبيل الله، أهو حزبيّ يدعونا من أجل أن نلتف حوله أم هو من أصحاب ذوي الأهواء، أم مدسوس علينا، فلا يمنع أن يدسوا لنا شيوعيًا لحيته تملأ صدره، ثم يقول: الجهاد الجهاد أيها المسلمون، فيخرج المسلمون وتسفك دماؤهم. وهذا الذي نقوله ليس أمرًا خياليًا، بل هو واقع كما حصل في بعض البلاد التي استولت عليها الشيوعية مثل تركستان، والقوقاز، وأرمينية، وسبع جمهوريات، فقد جاءهم الشيوعيون وقالوا لهم: نحرر البلاد عن الاستعمار، فكان أول من قام هم المسلمون، ثم وثب الشيوعيون على الكراسي وذبحوا الدين والمسلمين، وأخذوا أموالهم، ودمروا الإسلام والمسلمين نحو سبعين سنة حتى أذلهم الله.
فيجب أن نكون حذرين، وأقول: من الذي يدعو إلى الجهاد؟ أهو الشيخ عبدالعزيز بن باز، فليس عندنا شك ولا ريب أن الشيخ ابن باز حفظه الله لا يدعو الناس إلا إلى الخير، أم هو الشيخ الألباني؟ أم هو زعيم جماعة لا ندري من هو وما مقصده، فتجده مع الديمقراطيين ديمقراطي، ومع السلفيين سلفي، ومع الصوفيين صوفي، ومع الشيعة شيعي، ويحدث بحديث: ((أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهوى)).
وأنا عياذًا بالله لا أحذر عن الجهاد، وأودّ لو أن الله ييسر بشعب بطل مثل الشعب الأفغاني الذي هزم الله على يديه الروس يهزم الله على يديه أمريكا، ولكن لا نحب أن نكون كما قيل:
على كتفيه يصعد المجد غيره وهل هو إلا للتّسلق سلّم
فلا يتسلق على ظهورنا الشيوعي، والعلماني، والبعثي، ثم نرجع إلى ما كنا فيه، بل يجب أن نكون يقظين. وأنصح الإخوة ألا يحضروا محاضرات هؤلاء، ولا يشغلوا أنفسهم بالجدال معهم. فقد جاء أن رجلاً جاء إلى محمد ابن سيرين فقال له: يا بن سيرين إني أريد أن أقرأ عليك قرآنًا؟ قال: لا، وأقسم عليك بالله أن تخرج من بيتي. فأبى ذلك الرجل أن يخرج فقام ابن سيرين يجمع ثيابه ليخرج هو من بيته، فقيل للرجل: أتريد أن تخرج الرجل من بيته. وجاء آخر إلى الإمام مالك وقال: يامالك إني أريد أن تناظرني، قال: فإن غلبتني؟ قال: اتبعتني، قال: فإن جاء رجل آخر وناظرني وغلبني؟ قال: اتبعته، قال: إذًا يصير ديننا عرضة للتنقل، اذهب إلى شاكّ مثلك فإني على ثبات من ديني.
فلا تشغلوا أنفسكم بمناظرة الحزبيين، فهم لا يريدون الحق، لا يريدون إلا إدخال الشبهات عليكم، فعليكم بالابتعاد عنهم، ولا تجادلوهم. فإن قال قائل: فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن159}. فالجواب: نعم، لو علم أنّ هناك ثمرة، أما أن يأتيك ويضيّع عليك وقتك، فلا. وخصوصًا إذا كنت تاجرًا، فهو مستعد أن يأخذ عمامته ويمسح الغبار عن نعليك، أو كان لك من السلطة شيء، أو كنت متبوعًا، فهم مستعدون أن يتابعوك حتى يظفروا بك ويصطادوك.
**********************************
"أسئلة السلفيين البريطانيين"