بسم الله الرحمن الرحيم
نص اللقاء:
اللقاء الأول من لقاءات طلبة العلم مع فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي والذي كان يوم الإثنين 3 ربيع الآخر 1435
نص اللقاء:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد..
فسَمِعنا جميعًا ما افتتحنا به الصلاة في الركعة الأولى من سورة الغاشية وما كان في صدرها, والغاشية هنا هي الساعة, تغشى الناس بهَوْلِها وفَزِعها وشِدَّتها، كما قال - جلَّ وعلا -: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ اللَّـهِ شَدِيدٌ﴾، أسأل الله العافية والسَّلامة واللُّطف والرحمة بنا وبعباد الله المسلمين المؤمنين.
هذه الآيات فيها عِظَةٌ وعبرة لمن تأمَّل صَدْرَ هذه السورة, وتدبَّرها وتفهَّمها, فإنها تفيده بإذن الله - تبارك وتعالى – في دُنياه وفي آخرته. فإنَّ الله – جلَّ وعلا – يقول بعد أن قال: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ أي: نبؤها وخبرها, وقد قصَّه الله علينا في آيات متعددة من كتابه – جلَّ وعلا –، ومن ذلك ما سمعتموه ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ فيما تلونا من آياتٍ سابقة.
والناس يوم القيامة يُجازَوْنَ بهذه الأعمال, كما قال الله – سبحانه وتعالى -: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿7﴾وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فلا يُظلمون عنده – سبحانه وتعالى –، كما قال – جلَّ وعز - : ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿102﴾وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿103﴾تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ عياذًا بالله من ذلك،
﴿الْقَارِعَةُ ﴿1﴾مَا الْقَارِعَةُ﴾ والقارعة هي الغاشية نفسها، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ﴿3﴾يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ﴿4﴾وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ﴿5﴾فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴿6﴾فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴿7﴾وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴿8﴾فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾ فثِقَل الموازين وخفَّة الموازين هي بالأعمال، ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَاوَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾، فالوزن بالأعمال التي يُقَدِّمها الإنسان, تثقل بها الموازين وتخِفُّ بها الموازين، والأعمال لا تنفع صاحبها إلَّا إذا اجتمعت فيها شروط الصحة, فإنَّ صَدْرَ هذه الصورة: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ ساكنة، خائفة، ذليلة، ﴿عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ﴾ يعني كانت عاملةً ناصبة والنتيجة ﴿تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً ﴿4﴾تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾﴿ليس لهم طعام إلا من ضريع﴾ طعام أهل النار - عياذًا بالله من ذلك-، ما نفعت هذه الأعمال، ولا نفع هذا التعب في الدنيا، والنَّصب في الدُّنيا؛ لأن هذه الأعمال ليست نافعة لصاحبها لأنها فاقدة شروط النفع، شروط الصحة ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾، والمراد بالصَّلاح الصواب على سُنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) فاسِد مَرْدود على صاحبه ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾، ((أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ)) يقوله - جلَّ وعز-: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)) وفي روايةٍ ((هُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ))، فليس العبرة بكثرة الأعمال وإتعاب النفس، وإنَّما العبرة بموافقة العمل لأمر الله وأمر رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيكون حينئذٍ صوابًا، وكذلك يكون خالصًا من الشِّرك؛ فحينئذٍ ينتفع الإنسان بهذا العمل، ومن أعظم ما خافه علينا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- الشرك الأصغر وهو الرِّياء؛ وهذا شرك الصالحين، يتسَرَّب إلى الصالحين، حينما يَئِس الشيطان منهم أن يعبدوا غير الله جاءَهُم من هذا الباب، فيدخل الرياء في العبادة فإمِّا أن يُحْبِطَها بالكليَّة، وإمَّا أن يُنَقِّصها، فعلينا جميعًا معشر الأحبة أن نتأمَّل وأن نتدبَّر، وأن نعلم أنَّ الخلق لا ينفعونا شيئًا، وإنَّما العبرة بالقدوم على الله - تبارك وتعالى- فمراقبة الله سبحانه هي رأس كُلِّ فلاح، (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)، فالمرتبتان هاتان للإحسان؛ مرتبة المُحِب، ومرتبة المُحب الخائف أيضًا، فإذا لم تكن المراقبة على النحو الأول منك؛ أن تعبد الله كأنك تراه، هذا فيه تمام المحبة وكمال المحبة وكمال الطاعة لله - جلَّ وعلا- فاستحضره في كل شئونك أو أمورك، وجميع عباداتك، وحركاتك وسكناتك، فتستحي منه وإلَّا فتخاف منه، مع المحبة الخوف إذا ذَهَلت عن الأولى فلا أقل من أن تعلم أنه يراك، فحينئذٍ يحسن العمل ويصلح، وهذا الصالح ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ خلق الموت والحياة، فالحياة للعمل، والموت ليَنظر في هذا العمل الذي قَدَّمه، هل هو صالح أو غير صالح، أَحْسَنَ عملا؛ ولا يمكن أن يكون العمل صالحًا ولا أحسن إلَّا إذا كان خالصًا لله صوابًا على سُنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، فيجب علينا جميعا أن نراقب الله - سبحانه وتعالى - في أنفسنا وأن نبتعد عن ما يُذهب حسنات أعمالنا، والحذر كُل الحذر من الشّرك صغيره وكبيره، وإذا حذرت من الشرك صغيره وكبيره قمت بالعمل على الوجه المطلوب، أفردت هذا النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم – بالمتابعة، لا تُقَدِّم على قوله قول أحد كائنًا من كان، فقد ربحت وَوَفِرت وفزت بإذن الله - تبارك وتعالى -.
وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم جميعًا لما يحبه ويرضاه، وأن يُجَنِّبنا وإياكم أسباب سخطه إنه جوادٌ كريم، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.
السؤال:
هذا سؤال عن الجمارك.
الجواب:
الجمارك هذه كلها مُكوس، إذا كانت على تجارات المسلمين، وبضائع المسلمين إلى بلاد الإسلام فهي مكوس، وأمَّا إذا كانت على بضائع الكفار يدخلون بها إلى بلاد المسلمين فهذه عُشور، لأنهم يضايقون المسلمين في سوقِهِم فيؤخذ منهم هذه العشور، فإذا كانت هذه الجمارك على المسلمين في بلد الإسلام لا يجوز، وهي المعروفة بالمكوس عند العلماء، والمَكْس من كبائر الذنوب، فقد تابت كما جاء في الصحيح؛ ((لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَوَسِعَتْهُ))، المرأة التي زنت وأمر النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم- برجمها، فهذا الزنا كبيرة عظيمة، وفاحشة عظيمة عند الله - تبارك وتعالى-: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾، فاحشة عظيمة، ومع ذلك جَعَلَ أيضًا صاحب المَكْس في رتبته ((لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَوَسِعَتْهُ))، فدلَّ على عظيم المكوس، وعلى عظيم ذنب المَكَّاسين، والمَكَّاس الذي يأخذ المكوس على المسلمين - الضرائب هذه - أشَدُّ جُرمًا من اللِّص، لأن اللِّص يسرق لنفسه، فإذا كان يوم القيامة جاءه بلاء هذه السرقة، فكما ذاقَ في الدُّنيا حلاها يذوق في الآخرة بلاها ومُرُّها، أمَّا المَكَّاس فيذوق في الآخرة مُرَّها وهو يجمعها في الدنيا لغيره، فلا أحمق منه ولا أظلم منه، وظلاماته كثيرة ومتفرقة بين العباد؛ كما قال العلماء والحافظ الذهبي وغيره أنَّ توبته عسيرة، وذلك لتفرق ظلاماته في المسلمين، أخذ مال هذا، ومكس مال هذا، ومكس هذا، فكم غرماؤه؟ لا يُعدُّون ولا يحصون، وقد تفرقوا في الدنيا فكيف يستحلّهم؟! دل ذلك على عِظَم هذا الأمر فإذا لم تكن لك طريق بأن تفتدي مالك وبضاعتك إلَّا بأن تدفع شيئًا، ما تستطيع، فالله يعذرك ويَحْرُم عليه هو الأخذ، ولك أن تدفع ما تدفع به عن مالك. نعم.
السؤال:
هذا يسأل يقول: كيف يأنس العبد بربه؟
الجواب:
بمراقبته له، وبالتَّلذُّذ بعبادته، وباختبار نفسه في ذلك حال الخلوة، مع الناس قد ينشط، لكن ينظر بالخلوة كيف أنسه بربه، وبالمراقبة، وبالعبادة، وكثرة الذكر، والاستئناس به في حال الخلوة إذا خلا بنفسه، وقعد خاليًا لا يراه إلا الله - سبحانه وتعالى - فإنه سيجد الأُنس، وأن يرضى عن الله في قضائه وقدره في هذه الدُّنيا، فإن الرضا عن الله في قضائه وقدره يورث الإنسان الطمأنينة والأُنس في هذه الحياة الدنيا، لأنه يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطِئه وما أخطأه لم يكن ليُصيبه، فيعيش حينئذٍ قرير العين، مطمئن البال، مرتاح النفس، لعلمه التَّام بهذا الذي ذكرناه، على العبد أن يراقب نفسه في هذا، ينظر إذا وُجِدَت هذه الأمور، فإنه - إن شاء الله تعالى- يأنس بربه - جلَّ وعلا -، إذا قعد مع كلام الله - سبحانه وتعالى- في صلاته، في ذكره لربه، في بيته الذي لا يراه في أحد، سيَجِد لذة الأُنس - إن شاء الله تعالى -.
السؤال:
هذا سؤال عن خطبة الجمعة، يقول: يخاف على نفسه من الفتنة؛ هل يجوز الانشغال له عن خطبة الجمعة؟
الجواب:
إذا كانت الخطبة باطلة، يعني فيها أباطيل، يذكر هناك أنه يقول بأن الخطيب يدعو إلى نفي الصفات، فلا يستمع لكلامه، لا يستمع لكلامه، إذا كان يدعو إلى نفي الصفات؛ أولًا: لا تصلي عنده، لا تصلي خلفه، إذًا تصلي عند غيره، فإذا كان كذلك، يدعو إلى نفي الصفات، لا يُصَلَّى خلفه، فإذا بُليت به، ما عَلِمت إلَّا وأنت في المسجد، فلا تسمع لكلامه، لأن هذا من الباطل، وإن استطعت أن تَردّه وعندك علم، فواجبٌ عليك، يجب عليك أن ترد عليه، وإن لم تستطع؛ فالله - سبحانه وتعالى- يعذرك، إمَّا لعدم علمك، أو تخوفك على نفسك، ما تستطيع، الله يعذرك.
لكن الذي يتعيَّن عليه إذا كان عنده علم وعنده قوة، فهذا الإمام أحمد وأمثاله، ما رخَّصوا له، لا يدع العامة يُفتنون بسبب هذا الخطيب المبتدع، ويترخص بهذه الرخصة، فعليه أن يقوم بحقِّ الله - جلَّ وعلا -، ويُنقذ هؤلاء من الإضلال، أحمد ما قَبِل من علي المديني وأمثاله ويحيى بن معين - رحمهم الله جميعًا-، فلمَّا قالوا لأحمد – رحمه الله – يعتذرون إليه، حديث عمار؛ أطرق أحمد ثم أقفى بوجهه وهو يقول: (عمَّار، عمَّار)، فخرج يحيى بن معين، ثُمَّ لمَّا خرج خارج الدار، أو الغرفة، جعل أحمد لا ينظر إليه، فكان أحمد يقول بعد ذلك للحاضر: ((عمَّار - رضي الله عنه - مَر عليهم وهم يسبُّون النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -)) وهو يقصد حديث عمار ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ قال له النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟))، قال: ((مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ))، قال: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، فقال أحمد : عمَّار - رضي الله عنه – قال: ((سمعهم يسبون النبي، فنهاهم، فضربوه، وأنتم قيل لكم سنضربكم فأجبتم))، فلمَّا بلغ هذا يحيى- كان خارج الدار - قال أمرك يا سيدي، قل يا أحمد ما شئت، يعني هذا هو الفقة، أقرَّ له بالفقه، أنت ما قد جاك شيء ووقعت في الباطل، عمّار ضُرِب، فهل تقيس نفسك على هذا الذي نزل به البلاء؟! لا، أنت قيل لك سنضربك فأجبت، أمَّا عمَّار فضُرِب وهو يقول بالحق، فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: كيف تجدك؟ لما صار منه ما صار؛ قال: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، حينما نال من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهل أنتم نالكم مثل عمار حتى تحتجون بحديثه؟ فيقولون: يَرْوون عن يحيى قال: أمرك يا سيدي، قل يا أحمد ما شئت، الآن عرف فقه حديث عمَّار، هذا وهو يحيى، فأنا أقول لهذا الأخ: إذا كان عنده قوة والناس ينظرون إليه، ويُقْتَدى به؛ فيجب عليه أن يُبَيِّن ولا يترك مثل هذا يُضِل الناس.
السؤال:
هذا يسأل عن دراسة القانون والحقوق.
الجواب:
إذا كان يدرسه لبيان ما فيه ومعرفة ما فيه من الباطل فلا بأس بذلك، أمَّا إذا كان يدرسه ليتأكَّل به ويترافع به، ويتحاكم به إلى المحاكم الوضعية؛ هذا لا يجوز.
السؤال:
سؤال آخر: ما حكم دراسة العلوم الشرعية في كلية أساتذتها ليسوا بسلفيين؟
الجواب:
إذا كانوا يجهرون بالبدعة ويدعون إليها ما تدرس عليهم، لا تدرس عليهم، واختر كلية أخرى.
هذا يسأل عن أفضل تحقيق للكتاب الفلاني والكتاب الفلاني، والله ما تلحق عليها، ما تستطيع تلحق على هذا في المكتبات.
هذا يسأل عن عقيدة الإباضية. هذه يبغى لها شرح كامل، وهم على كل حال معطلة في الصفات.
السؤال:
وهذا يسأل عن الرواتب في السفر.
الجواب:
لا تُؤدَّى الرواتب في السفر، السُّنة تركها، إلَّا نافلة الفجر، إلَّا الفجر، راتبة الفجر، أمَّا ما عاداها فلا، والوتر هذا بابه بابٌ آخر لا يتركه.
السؤال:
هذا يسأل عن تعيين الحكم على شخص بعينه أنه في النار؟
الجواب:
إذا جاء بالكُفر الظاهر، بالرِّدة الظاهرة، وحُكِم عليه بالكفر حكمًا شرعيًا؛ يُحكَم عليه بالنار، فمثلاً: الذي يسبُّ الله ورسوله، ماذا يحكم عليه؟ بالكفر، وهكذا الذي يسخر بدين الله - جلَّ وعلا- ويستهزئ به، يحكم عليه بالكفر، وهكذا الذي يجحد وجود الرَّب - تبارك وتعالى - ويدعو إلى الإلحاد بماذا يحكم عليه؟ بالكفر، وإذا كان هذا حاله في الدُّنيا فهو من أهل النار ولا ريب، والجهم كذلك مُعَطِّلة الصفات الذين يُكَذِّبون بهذا، السَّلف كَفَّروا من قال بخلق القرآن، وهذه كتب السلف موجودة بين أيدينا ولله الحمد مشحونة بالأدلة من كتاب الله - سبحانه وتعالى - وسُنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، وتكفير الجهمية تعرفونه جميعًا.
لكن العين الذي يسأل عنها صاحبنا أو أخونا، العين إذا قامت الشروط وانتفت الموانع وحُكِم بِكُفْرِهِ شرعًا نعم.
السؤال:
وهذا يسأل عن إطلاق كلمة فلان ليس فيه خير مع أنه مسلم.
الجواب:
يعني في عمله للمعصية أو في عمله لهذا الباطل، لو فيه خير ما عَمِله، المراد الخير الكامل؛ نَقَصَ، مثل قول النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)) هل معناه كَفَر؟ لا، نَقَصَ إيمانه في وقت الفِسْق، وقت المعصية، فهكذا حينما يُخْطِئ الإنسان ويأتي بذنب مثلًا ما فيه خير، يعني عند فعله هذا، وليس معناه أنه ما هو مسلم، يقول مع أنه مسلم، طيب المسلم النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول فيه: ((الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)) فإذا كان يسبُّ الناس فجاء آخر يقول لك أنت ما أنت مسلم، النبي يقول لك، المراد؛ في هذا الوقت. نعم.
السؤال:
هذا يقول: رجلٌ اشترى قطعة أرض قبل سنوات، ولم يكن ينوي البناء عليها ولا التجارة بها، قبل سنتين تغيَّرت نيته للتجارة بهذه القطعة؛ كيف يدفع زكاتها؟
الجواب:
إذا باعها أدَّى زكاتها، فإذا كانَ لهُ مال قوَّمها مع ماله كل سنة وأدَّى الزكاة. نعم.
السؤال:
هذا سؤال لامرأة في فرنسا؛
تسأل تقول: زوَّجها أبوها بابن عمِّها وهي غير راضية فصبرت على البلاء ووُلِد لها طِفلٌ منه، والآن نفَذَ صبرها، ففرَّت إلى دارِ والديْها، تريد الطَّلاق وأبواها لا يريدان ذلك، بل يُكرهانها على الرجوع؛ فما الفعل في هذا الحال؟
الجواب:
الفعل في هذه الحال إذا كان قد أساءَ إليها وكرِهته لأجل دينه أو لأجل اعتدائه عليها وعدم القيام بحقِّها؛ فلها الحق أن تطلب منه الطلاق ولا تدخل في حديث؛((أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ..)) فهذه إذا كانت على هذه الحال تطلب طلاقها، وإذا كان الوالدان لا يُقدِّران ذلك، فإنها تتوسَّط عليهما أو توسِّط عليهما من يشفع عندهما ويبيِّن لهما الظلم، لأنه لا يجوز الظلم، ولو كانت هذه البنت مزوَّجة بابن عمِّها، ولو كان الزوج ابن عمٍّ لها، فإنه لا يجوز أن تُكره على أن تبقى معه وهو يظلمها، أو يسيء إليها، هو سيِّئٌ في دينه أو أيّ عيب شرعيًا، فإذا وُجِدت العيوب الشرعية؛ فنعم لها ذلك، وإن لم تَكُن ثَمَّ عيوب شرعية؛ فالحقُّ حينئذٍ مع والديْها، ونحن لا ندري.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد..
فسَمِعنا جميعًا ما افتتحنا به الصلاة في الركعة الأولى من سورة الغاشية وما كان في صدرها, والغاشية هنا هي الساعة, تغشى الناس بهَوْلِها وفَزِعها وشِدَّتها، كما قال - جلَّ وعلا -: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ اللَّـهِ شَدِيدٌ﴾، أسأل الله العافية والسَّلامة واللُّطف والرحمة بنا وبعباد الله المسلمين المؤمنين.
هذه الآيات فيها عِظَةٌ وعبرة لمن تأمَّل صَدْرَ هذه السورة, وتدبَّرها وتفهَّمها, فإنها تفيده بإذن الله - تبارك وتعالى – في دُنياه وفي آخرته. فإنَّ الله – جلَّ وعلا – يقول بعد أن قال: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ أي: نبؤها وخبرها, وقد قصَّه الله علينا في آيات متعددة من كتابه – جلَّ وعلا –، ومن ذلك ما سمعتموه ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ فيما تلونا من آياتٍ سابقة.
والناس يوم القيامة يُجازَوْنَ بهذه الأعمال, كما قال الله – سبحانه وتعالى -: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿7﴾وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فلا يُظلمون عنده – سبحانه وتعالى –، كما قال – جلَّ وعز - : ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿102﴾وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿103﴾تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ عياذًا بالله من ذلك،
﴿الْقَارِعَةُ ﴿1﴾مَا الْقَارِعَةُ﴾ والقارعة هي الغاشية نفسها، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ﴿3﴾يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ﴿4﴾وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ﴿5﴾فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴿6﴾فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴿7﴾وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴿8﴾فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾ فثِقَل الموازين وخفَّة الموازين هي بالأعمال، ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَاوَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾، فالوزن بالأعمال التي يُقَدِّمها الإنسان, تثقل بها الموازين وتخِفُّ بها الموازين، والأعمال لا تنفع صاحبها إلَّا إذا اجتمعت فيها شروط الصحة, فإنَّ صَدْرَ هذه الصورة: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ ساكنة، خائفة، ذليلة، ﴿عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ﴾ يعني كانت عاملةً ناصبة والنتيجة ﴿تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً ﴿4﴾تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾﴿ليس لهم طعام إلا من ضريع﴾ طعام أهل النار - عياذًا بالله من ذلك-، ما نفعت هذه الأعمال، ولا نفع هذا التعب في الدنيا، والنَّصب في الدُّنيا؛ لأن هذه الأعمال ليست نافعة لصاحبها لأنها فاقدة شروط النفع، شروط الصحة ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾، والمراد بالصَّلاح الصواب على سُنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) فاسِد مَرْدود على صاحبه ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾، ((أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ)) يقوله - جلَّ وعز-: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)) وفي روايةٍ ((هُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ))، فليس العبرة بكثرة الأعمال وإتعاب النفس، وإنَّما العبرة بموافقة العمل لأمر الله وأمر رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيكون حينئذٍ صوابًا، وكذلك يكون خالصًا من الشِّرك؛ فحينئذٍ ينتفع الإنسان بهذا العمل، ومن أعظم ما خافه علينا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- الشرك الأصغر وهو الرِّياء؛ وهذا شرك الصالحين، يتسَرَّب إلى الصالحين، حينما يَئِس الشيطان منهم أن يعبدوا غير الله جاءَهُم من هذا الباب، فيدخل الرياء في العبادة فإمِّا أن يُحْبِطَها بالكليَّة، وإمَّا أن يُنَقِّصها، فعلينا جميعًا معشر الأحبة أن نتأمَّل وأن نتدبَّر، وأن نعلم أنَّ الخلق لا ينفعونا شيئًا، وإنَّما العبرة بالقدوم على الله - تبارك وتعالى- فمراقبة الله سبحانه هي رأس كُلِّ فلاح، (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)، فالمرتبتان هاتان للإحسان؛ مرتبة المُحِب، ومرتبة المُحب الخائف أيضًا، فإذا لم تكن المراقبة على النحو الأول منك؛ أن تعبد الله كأنك تراه، هذا فيه تمام المحبة وكمال المحبة وكمال الطاعة لله - جلَّ وعلا- فاستحضره في كل شئونك أو أمورك، وجميع عباداتك، وحركاتك وسكناتك، فتستحي منه وإلَّا فتخاف منه، مع المحبة الخوف إذا ذَهَلت عن الأولى فلا أقل من أن تعلم أنه يراك، فحينئذٍ يحسن العمل ويصلح، وهذا الصالح ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ خلق الموت والحياة، فالحياة للعمل، والموت ليَنظر في هذا العمل الذي قَدَّمه، هل هو صالح أو غير صالح، أَحْسَنَ عملا؛ ولا يمكن أن يكون العمل صالحًا ولا أحسن إلَّا إذا كان خالصًا لله صوابًا على سُنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، فيجب علينا جميعا أن نراقب الله - سبحانه وتعالى - في أنفسنا وأن نبتعد عن ما يُذهب حسنات أعمالنا، والحذر كُل الحذر من الشّرك صغيره وكبيره، وإذا حذرت من الشرك صغيره وكبيره قمت بالعمل على الوجه المطلوب، أفردت هذا النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم – بالمتابعة، لا تُقَدِّم على قوله قول أحد كائنًا من كان، فقد ربحت وَوَفِرت وفزت بإذن الله - تبارك وتعالى -.
وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم جميعًا لما يحبه ويرضاه، وأن يُجَنِّبنا وإياكم أسباب سخطه إنه جوادٌ كريم، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.
السؤال:
هذا سؤال عن الجمارك.
الجواب:
الجمارك هذه كلها مُكوس، إذا كانت على تجارات المسلمين، وبضائع المسلمين إلى بلاد الإسلام فهي مكوس، وأمَّا إذا كانت على بضائع الكفار يدخلون بها إلى بلاد المسلمين فهذه عُشور، لأنهم يضايقون المسلمين في سوقِهِم فيؤخذ منهم هذه العشور، فإذا كانت هذه الجمارك على المسلمين في بلد الإسلام لا يجوز، وهي المعروفة بالمكوس عند العلماء، والمَكْس من كبائر الذنوب، فقد تابت كما جاء في الصحيح؛ ((لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَوَسِعَتْهُ))، المرأة التي زنت وأمر النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم- برجمها، فهذا الزنا كبيرة عظيمة، وفاحشة عظيمة عند الله - تبارك وتعالى-: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾، فاحشة عظيمة، ومع ذلك جَعَلَ أيضًا صاحب المَكْس في رتبته ((لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَوَسِعَتْهُ))، فدلَّ على عظيم المكوس، وعلى عظيم ذنب المَكَّاسين، والمَكَّاس الذي يأخذ المكوس على المسلمين - الضرائب هذه - أشَدُّ جُرمًا من اللِّص، لأن اللِّص يسرق لنفسه، فإذا كان يوم القيامة جاءه بلاء هذه السرقة، فكما ذاقَ في الدُّنيا حلاها يذوق في الآخرة بلاها ومُرُّها، أمَّا المَكَّاس فيذوق في الآخرة مُرَّها وهو يجمعها في الدنيا لغيره، فلا أحمق منه ولا أظلم منه، وظلاماته كثيرة ومتفرقة بين العباد؛ كما قال العلماء والحافظ الذهبي وغيره أنَّ توبته عسيرة، وذلك لتفرق ظلاماته في المسلمين، أخذ مال هذا، ومكس مال هذا، ومكس هذا، فكم غرماؤه؟ لا يُعدُّون ولا يحصون، وقد تفرقوا في الدنيا فكيف يستحلّهم؟! دل ذلك على عِظَم هذا الأمر فإذا لم تكن لك طريق بأن تفتدي مالك وبضاعتك إلَّا بأن تدفع شيئًا، ما تستطيع، فالله يعذرك ويَحْرُم عليه هو الأخذ، ولك أن تدفع ما تدفع به عن مالك. نعم.
السؤال:
هذا يسأل يقول: كيف يأنس العبد بربه؟
الجواب:
بمراقبته له، وبالتَّلذُّذ بعبادته، وباختبار نفسه في ذلك حال الخلوة، مع الناس قد ينشط، لكن ينظر بالخلوة كيف أنسه بربه، وبالمراقبة، وبالعبادة، وكثرة الذكر، والاستئناس به في حال الخلوة إذا خلا بنفسه، وقعد خاليًا لا يراه إلا الله - سبحانه وتعالى - فإنه سيجد الأُنس، وأن يرضى عن الله في قضائه وقدره في هذه الدُّنيا، فإن الرضا عن الله في قضائه وقدره يورث الإنسان الطمأنينة والأُنس في هذه الحياة الدنيا، لأنه يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطِئه وما أخطأه لم يكن ليُصيبه، فيعيش حينئذٍ قرير العين، مطمئن البال، مرتاح النفس، لعلمه التَّام بهذا الذي ذكرناه، على العبد أن يراقب نفسه في هذا، ينظر إذا وُجِدَت هذه الأمور، فإنه - إن شاء الله تعالى- يأنس بربه - جلَّ وعلا -، إذا قعد مع كلام الله - سبحانه وتعالى- في صلاته، في ذكره لربه، في بيته الذي لا يراه في أحد، سيَجِد لذة الأُنس - إن شاء الله تعالى -.
السؤال:
هذا سؤال عن خطبة الجمعة، يقول: يخاف على نفسه من الفتنة؛ هل يجوز الانشغال له عن خطبة الجمعة؟
الجواب:
إذا كانت الخطبة باطلة، يعني فيها أباطيل، يذكر هناك أنه يقول بأن الخطيب يدعو إلى نفي الصفات، فلا يستمع لكلامه، لا يستمع لكلامه، إذا كان يدعو إلى نفي الصفات؛ أولًا: لا تصلي عنده، لا تصلي خلفه، إذًا تصلي عند غيره، فإذا كان كذلك، يدعو إلى نفي الصفات، لا يُصَلَّى خلفه، فإذا بُليت به، ما عَلِمت إلَّا وأنت في المسجد، فلا تسمع لكلامه، لأن هذا من الباطل، وإن استطعت أن تَردّه وعندك علم، فواجبٌ عليك، يجب عليك أن ترد عليه، وإن لم تستطع؛ فالله - سبحانه وتعالى- يعذرك، إمَّا لعدم علمك، أو تخوفك على نفسك، ما تستطيع، الله يعذرك.
لكن الذي يتعيَّن عليه إذا كان عنده علم وعنده قوة، فهذا الإمام أحمد وأمثاله، ما رخَّصوا له، لا يدع العامة يُفتنون بسبب هذا الخطيب المبتدع، ويترخص بهذه الرخصة، فعليه أن يقوم بحقِّ الله - جلَّ وعلا -، ويُنقذ هؤلاء من الإضلال، أحمد ما قَبِل من علي المديني وأمثاله ويحيى بن معين - رحمهم الله جميعًا-، فلمَّا قالوا لأحمد – رحمه الله – يعتذرون إليه، حديث عمار؛ أطرق أحمد ثم أقفى بوجهه وهو يقول: (عمَّار، عمَّار)، فخرج يحيى بن معين، ثُمَّ لمَّا خرج خارج الدار، أو الغرفة، جعل أحمد لا ينظر إليه، فكان أحمد يقول بعد ذلك للحاضر: ((عمَّار - رضي الله عنه - مَر عليهم وهم يسبُّون النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -)) وهو يقصد حديث عمار ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ قال له النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟))، قال: ((مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ))، قال: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، فقال أحمد : عمَّار - رضي الله عنه – قال: ((سمعهم يسبون النبي، فنهاهم، فضربوه، وأنتم قيل لكم سنضربكم فأجبتم))، فلمَّا بلغ هذا يحيى- كان خارج الدار - قال أمرك يا سيدي، قل يا أحمد ما شئت، يعني هذا هو الفقة، أقرَّ له بالفقه، أنت ما قد جاك شيء ووقعت في الباطل، عمّار ضُرِب، فهل تقيس نفسك على هذا الذي نزل به البلاء؟! لا، أنت قيل لك سنضربك فأجبت، أمَّا عمَّار فضُرِب وهو يقول بالحق، فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: كيف تجدك؟ لما صار منه ما صار؛ قال: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، حينما نال من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهل أنتم نالكم مثل عمار حتى تحتجون بحديثه؟ فيقولون: يَرْوون عن يحيى قال: أمرك يا سيدي، قل يا أحمد ما شئت، الآن عرف فقه حديث عمَّار، هذا وهو يحيى، فأنا أقول لهذا الأخ: إذا كان عنده قوة والناس ينظرون إليه، ويُقْتَدى به؛ فيجب عليه أن يُبَيِّن ولا يترك مثل هذا يُضِل الناس.
السؤال:
هذا يسأل عن دراسة القانون والحقوق.
الجواب:
إذا كان يدرسه لبيان ما فيه ومعرفة ما فيه من الباطل فلا بأس بذلك، أمَّا إذا كان يدرسه ليتأكَّل به ويترافع به، ويتحاكم به إلى المحاكم الوضعية؛ هذا لا يجوز.
السؤال:
سؤال آخر: ما حكم دراسة العلوم الشرعية في كلية أساتذتها ليسوا بسلفيين؟
الجواب:
إذا كانوا يجهرون بالبدعة ويدعون إليها ما تدرس عليهم، لا تدرس عليهم، واختر كلية أخرى.
هذا يسأل عن أفضل تحقيق للكتاب الفلاني والكتاب الفلاني، والله ما تلحق عليها، ما تستطيع تلحق على هذا في المكتبات.
هذا يسأل عن عقيدة الإباضية. هذه يبغى لها شرح كامل، وهم على كل حال معطلة في الصفات.
السؤال:
وهذا يسأل عن الرواتب في السفر.
الجواب:
لا تُؤدَّى الرواتب في السفر، السُّنة تركها، إلَّا نافلة الفجر، إلَّا الفجر، راتبة الفجر، أمَّا ما عاداها فلا، والوتر هذا بابه بابٌ آخر لا يتركه.
السؤال:
هذا يسأل عن تعيين الحكم على شخص بعينه أنه في النار؟
الجواب:
إذا جاء بالكُفر الظاهر، بالرِّدة الظاهرة، وحُكِم عليه بالكفر حكمًا شرعيًا؛ يُحكَم عليه بالنار، فمثلاً: الذي يسبُّ الله ورسوله، ماذا يحكم عليه؟ بالكفر، وهكذا الذي يسخر بدين الله - جلَّ وعلا- ويستهزئ به، يحكم عليه بالكفر، وهكذا الذي يجحد وجود الرَّب - تبارك وتعالى - ويدعو إلى الإلحاد بماذا يحكم عليه؟ بالكفر، وإذا كان هذا حاله في الدُّنيا فهو من أهل النار ولا ريب، والجهم كذلك مُعَطِّلة الصفات الذين يُكَذِّبون بهذا، السَّلف كَفَّروا من قال بخلق القرآن، وهذه كتب السلف موجودة بين أيدينا ولله الحمد مشحونة بالأدلة من كتاب الله - سبحانه وتعالى - وسُنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، وتكفير الجهمية تعرفونه جميعًا.
لكن العين الذي يسأل عنها صاحبنا أو أخونا، العين إذا قامت الشروط وانتفت الموانع وحُكِم بِكُفْرِهِ شرعًا نعم.
السؤال:
وهذا يسأل عن إطلاق كلمة فلان ليس فيه خير مع أنه مسلم.
الجواب:
يعني في عمله للمعصية أو في عمله لهذا الباطل، لو فيه خير ما عَمِله، المراد الخير الكامل؛ نَقَصَ، مثل قول النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)) هل معناه كَفَر؟ لا، نَقَصَ إيمانه في وقت الفِسْق، وقت المعصية، فهكذا حينما يُخْطِئ الإنسان ويأتي بذنب مثلًا ما فيه خير، يعني عند فعله هذا، وليس معناه أنه ما هو مسلم، يقول مع أنه مسلم، طيب المسلم النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول فيه: ((الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)) فإذا كان يسبُّ الناس فجاء آخر يقول لك أنت ما أنت مسلم، النبي يقول لك، المراد؛ في هذا الوقت. نعم.
السؤال:
هذا يقول: رجلٌ اشترى قطعة أرض قبل سنوات، ولم يكن ينوي البناء عليها ولا التجارة بها، قبل سنتين تغيَّرت نيته للتجارة بهذه القطعة؛ كيف يدفع زكاتها؟
الجواب:
إذا باعها أدَّى زكاتها، فإذا كانَ لهُ مال قوَّمها مع ماله كل سنة وأدَّى الزكاة. نعم.
السؤال:
هذا سؤال لامرأة في فرنسا؛
تسأل تقول: زوَّجها أبوها بابن عمِّها وهي غير راضية فصبرت على البلاء ووُلِد لها طِفلٌ منه، والآن نفَذَ صبرها، ففرَّت إلى دارِ والديْها، تريد الطَّلاق وأبواها لا يريدان ذلك، بل يُكرهانها على الرجوع؛ فما الفعل في هذا الحال؟
الجواب:
الفعل في هذه الحال إذا كان قد أساءَ إليها وكرِهته لأجل دينه أو لأجل اعتدائه عليها وعدم القيام بحقِّها؛ فلها الحق أن تطلب منه الطلاق ولا تدخل في حديث؛((أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ..)) فهذه إذا كانت على هذه الحال تطلب طلاقها، وإذا كان الوالدان لا يُقدِّران ذلك، فإنها تتوسَّط عليهما أو توسِّط عليهما من يشفع عندهما ويبيِّن لهما الظلم، لأنه لا يجوز الظلم، ولو كانت هذه البنت مزوَّجة بابن عمِّها، ولو كان الزوج ابن عمٍّ لها، فإنه لا يجوز أن تُكره على أن تبقى معه وهو يظلمها، أو يسيء إليها، هو سيِّئٌ في دينه أو أيّ عيب شرعيًا، فإذا وُجِدت العيوب الشرعية؛ فنعم لها ذلك، وإن لم تَكُن ثَمَّ عيوب شرعية؛ فالحقُّ حينئذٍ مع والديْها، ونحن لا ندري.