الدعاء في القرآن الكريم و السنة
إنَّ الحَمدَ لله نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل لهُ ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلـٰه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)﴾[الأحزاب:70-71].
أمَّا بَعْد،،
فَإنَّ أصْدَقَ الحَدِيثِ كتَابُ اللهِ وَخَيْرُ الهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّم، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٍ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٍ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّار.
في هذه الرسالة حاولت جمع أحاديث الدعاء و آيات الدعاء و طرح تفسيرها ,وغالبا ما أنقل تفسير ابن كثير,كنت أود تويب الرسالة أي جعلها أبوابا , قد أحاول مرة أخرى .
قال تعالى:{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} سورة المائدة آية : 76.
قال العماد في تفسير الآية:
يقول تعالى منكرا على من عبد غيره من الأصنام والأنداد والأوثان ومبينا له أنها لا تستحق شيئا من الإلهية فقال تعالى قل أي يا محمد لهؤلاء العابدين غير الله من سائر فرق بني آدم ودخل في ذلك النصارى وغيرهم " أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا " أي لا يقدر على دفع ضر عنكم ولا إيصال نفع إليكم " والله هو السميع العليم " أي السميع لأقوال عباده العليم بكل شيء فلم عدلتم عنه إلى عبادة جماد لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم شيئا ولا يملك ضرا ولا نفعا لغيره ولا لنفسه .
قال العماد في تفسير الآية:
قال السدي قال المشركون للمسلمين اتبعوا سبيلنا واتركوا دين محمد فأنزل الله عز وجل " قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا " أي في الكفر " بعد إذ هدانا الله " فيكون مثلنا مثل الذي استهوته الشياطين في الأرض يقول مثلكم إن كفرتم بعد إيمانكم كمثل رجل خرج مع قوم على الطريق فضل الطريق فحيرته الشياطين واستهوته في الأرض وأصحابه على الطريق فجعلوا يدعونه إليهم يقولون ائتنا فإنا على الطريق فأبى أن يأتيهم فذلك مثل من يتبعهم بعد المعرفة بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومحمد هو الذي يدعو إلى الطريق والطريق هو الإسلام . رواه ابن جرير وقال قتادة" استهوته الشياطين في الأرض " أضلته في الأرض يعني استهوته سيرته كقوله " تهوي إليهم " وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا " الآية . هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها والدعاة الذين يدعون إلى هدى الله عز وجل كمثل رجل ضل عن طريق تائها إذ ناداه مناد يا فلان بن فلان هلم إلى الطريق وله أصحاب يدعونه يا فلان هلم إلى الطريق فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى إلى الطريق وهذه الداعية التي تدعو في البرية من الغيلان يقول مثل من يعبد هذه الآلهة من دون الله فإنه يرى أنه في شيء حتى يأتيه الموت فيستقبل الندامة والهلكة وقوله " كالذي استهوته الشياطين في الأرض " هم الغيلان " يدعونه" باسمه واسم أبيه وجده فيتبعها وهو يرى أنه في شيء فيصبح وقد رمته في هلكة وربما أكلته أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشا فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل رواه ابن جرير وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد" كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران " قال رجل حيران يدعوه أصحابه إلى الطريق وذلك مثل من يضل بعد أن هدي وقال العوفي عن ابن عباس قوله " كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب " هو الذي لا يستجيب لهدى الله وهو رجل أطاع الشيطان وعمل في الأرض بالمعصية وحاد عن الحق وضل عنه وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس " إن الهدى هدى الله" والضلال ما يدعو إليه الجن . رواه ابن جرير ثم قال وهذا يقتضي أن أصحابه يدعونه إلى الضلال ويزعمون أنه هدى قال : وهذا خلاف ظاهر الآية فإن الله أخبر أنهم يدعونه إلى الهدى فغير جائز أن يكون ضلالا وقد أخبر الله أنه هدى وهو كما قال ابن جرير فإن السياق يقتضي أن هذا الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران وهو منصوب على الحال أي في حال حيرته وضلاله وجهله وجه المحجة وله أصحاب على المحجة سائرون فجعلوا يدعونه إليهم وإلى الذهاب معهم على الطريقة المثلى وتقدير الكلام فيأبى عليهم ولا يلتفت إليهم ولو شاء الله لهداه ولرد به إلى الطريق ولهذا قال " قل إن هدى الله هو الهدى " كما قال " ومن يهد الله فما له من مضل " وقال " إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين " وقوله " وأمرنا لنسلم لرب العالمين" أي نخلص له العبادة وحده لا شريك له .
وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ َ} سورة يونس آية : 106.
ويقول الطبري في تفسيرها:
القول في تأويل قوله تعالى : { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين } يقول تعالى ذكره : ولا تدع يا محمد من دون معبودك وخالقك شيئا لا ينفعك في الدنيا ولا في الآخرة ولا يضرك في دين ولا دنيا , يعني بذلك الآلهة والأصنام , يقول : لا تعبدها راجيا نفعها أو خائفا ضرها , فإنها لا تنفع ولا تضر , فإن فعلت ذلك فدعوتها من دون الله { فإنك إذا من الظالمين } يقول : من المشركين بالله , الظالم لنفسه .
ويفسرها القرطبي :
أي لا تعبد من دون الله ما لا ينفعك إن عبدته ولا يضرك إن عصيته فإن فعلت أي عبدت غير الله فإنك إذا من الظالمين أي الواضعين العبادة في غير موضعها .
وقال تعالى{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} سورة الأعراف آية : 55-56.
قال العماد في تفسير الآيتين:
أرشد تبارك وتعالى عباده إلى دعائه الذي هو صلاحهم في دنياهم وأخراهم فقال " ادعوا ربكم تضرعا وخفية " قيل معناه تذللا واستكانة كقوله" واذكر ربك في نفسك " الآية . وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال : رفع الناس أصواتهم بالدعاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعون سميع قريب " الحديث وقال ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله" تضرعا وخفية " قال السر وقال ابن جرير تضرعا تذللا واستكانة لطاعته وخفية يقول بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه لا جهارا مراءاة وقال عبد الله بن المبارك عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال : إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به الناس وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به ولقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم وذلك أن الله تعالى يقول " ادعوا ربكم تضرعا وخفية " وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا رضي فعله فقال " إذ نادى ربه نداء خفيا" وقال ابن جريج يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء ويؤمر بالتضرع والاستكانة ثم روي عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله " إنه لا يحب المعتدين " في الدعاء ولا في غيره وقال أبو مجلز " إنه لا يحب المعتدين " لا يسأل منازل الأنبياء وقال أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن زياد بن مخراق سمعت أبا نعامة عن مولى لسعد أن سعدا سمع ابنا له يدعو وهو يقول اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوا من هذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال لقد سألت الله خيرا كثيرا وتعوذت به من شر كثير وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء" - وفي لفظ - " يعتدون في الطهور والدعاء " - وقرأ هذه الآية " ادعوا ربكم تضرعا " الآية - وإن بحسبك أن تقول اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل " ورواه أبو داود من حديث شعبة عن زياد بن مخراق عن أبي نعامة عن مولى لسعد عن سعد فذكره والله أعلم . وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا الحريري عن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال يا بني سل الله الجنة وعذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور " . وهكذا رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان به وأخرجه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن سعيد بن إياس الحريري عن أبي نعامة واسمه قيس بن عباية الحنفي البصري وهو إسناد حسن لا بأس به والله أعلم .
قوله تعالى " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها " ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضره بعد الإصلاح فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد فنهى تعالى عن ذلك وأمر بعبادته ودعائه والتضرع إليه والتذلل لديه فقال " وادعوه خوفا وطمعا" أي خوفا مما عنده من وبيل العقاب وطمعا فيما عنده من جزيل الثواب ثم قال " إن رحمة الله قريب من المحسنين " أي إن رحمته مرصدة للمحسنين الذين يتبعون أوامره ويتركون زواجره كما قال تعالى " ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون " الآية . وقال قريب ولم يقل قريبة لأنه ضمن الرحمة معنى الثواب أو لأنها مضافة إلى الله فلهذا قال قريب من المحسنين وقال مطر الوراق استنجزوا موعود الله بطاعته فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين رواه ابن أبي حاتم .
قال العماد في تفسير الآيتين:
يخبر تعالى أنه الفعال لما يريد المتصرف في خلقه بما يشاء وأنه لا معقب لحكمه ولا يقدر أحد على صرف حكمه عن خلقه بل هو وحده لا شريك له الذي إذا سئل يجيب لمن يشاء ولهذا قال " قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة " أي أتاكم هذا أو هذا " أغير الله تدعون إن كنتم صادقين" أي لا تدعون غيره لعلمكم أنه لا يقدر أحد على رفع ذلك سواه ولهذا قال " إن كنتم صادقين" أي في اتخاذكم آلهة معه .
" بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون " أي في وقت الضرورة لا تدعون أحدا سواه وتذهب عنكم أصنامكم وأندادكم كقوله " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " الآية .
ويقول الطبري في تفسيرها:
القول في تأويل قوله تعالى : { قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين } . اختلف أهل العربية في معنى قوله : { أرأيتكم } فقال بعض نحويي البصرة : الكاف التي بعد التاء من قوله : { أرأيتكم } إنما جاءت للمخاطبة , وتركت التاء مفتوحة كما كانت للواحد , قال : وهي مثل كاف رويدك زيدا , إذا قلت : أرود زيدا , هذه الكاف ليس لها موضع مسمى بحرف لا رفع ولا نصب , وإنما هي في المخاطبة مثل كاف ذاك , ومثل ذلك قول العرب : أبصرك زيدا , يدخلون الكاف للمخاطبة . وقال آخرون منهم : معنى : { أرأيتكم إن أتاكم } أرأيتم , قال : وهذه الكاف تدخل للمخاطبة مع التوكيد , والتاء وحدها هي الاسم , كما أدخلت الكاف التي تفرق بين الواحد والاثنين والجميع في المخاطبة كقولهم : هذا , وذاك , وتلك , وأولئك , فتدخل الكاف للمخاطبة وليست باسم , والتاء هو الاسم للواحد والجميع , تركت على حال واحدة , ومثل ذلك قولهم : ليسك ثم إلا زيد , يراد : ليس ; ولا سيك زيد , فيراد : ولا سيما زيد , وبلاك , فيراد ; بلى , في معنى : ولبئسك رجلا ولنعمك رجلا ; وقالوا : أنظرك زيدا ما أصنع به , وأبصرك ما أصنع به , بمعنى أبصره . وحكى بعضهم : أبصركم ما أصنع به , يراد : أبصروا وأنظركم زيدا : أي انظروا . وحكي عن بعض بني كلاب : أتعلمك كان أحد أشعر من ذي الرمة ؟ فأدخل الكاف . وقال بعض نحويي الكوفة : أرأيتك عمرا أكثر الكلام , فيه ترك الهمز . قال : والكاف من أرأيتك في موضع نصب , كأن الأصل : أرأيت نفسك على غير هذه الحال ؟ قال : فهذا يثنى ويجمع ويؤنث , فيقال : أرأيتماكما وأريتموكم وأريتنكن أوقع فعله على نفسه , وسأله عنها , ثم كثر به الكلام حتى تركوا التاء موحدة للتذكير والتأنيث والتثنية والجمع , فقالوا : أرأيتكم زيدا ما صنع , وأرأيتكن زيدا ما صنع , فوحدوا التاء وثنوا الكاف وجمعوها فجعلوها بدلا من التاء , كما قال : { هاؤم اقرءوا كتابيه } وهاء يا رجل , وهاؤما , ثم قالوا : هاكم , اكتفى بالكاف والميم مما كان يثنى ويجمع , فكأن الكاف في موضع رفع إذ كانت بدلا من التاء , وربما وحدت للتثنية والجمع والتذكير والتأنيث , وهي كقول القائل : عليك زيدا , الكاف في موضع خفض , والتأويل رفع . فأما ما يجلب فأكثر ما يقع على الأسماء , ثم تأتي بالاستفهام , فيقال : أرأيتك زيدا هل قام , لأنها صارت بمعنى : أخبرني عن زيد , ثم بين عما يستخبر , فهذا أكثر الكلام , ولم يأت الاستفهام ثنيها , لم يقل : أرأيتك هل قمت , لأنهم أرادوا أن يبينوا عمن يسأل , ثم تبين الحالة التي يسأل عنها , وربما جاء بالخبر ولم يأت بالاسم , فقالوا : أرأيت زيدا هل يأتينا , وأرأيتك أيضا , وأرأيتك زيدا إن أتيته هل يأتينا إذا كانت بمعنى أخبرني , فيقال باللغات الثلاث . وتأويل الكلام : قل يا محمد لهؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام , أخبروني إن جاءكم أيها القوم عذاب الله , كالذي جاء من قبلكم من الأمم الذين هلك بعضهم بالرجفة , وبعضهم بالصاعقة , أو جاءتكم الساعة التي تنشرون فيها من قبوركم وتبعثون لموقف القيامة , أغير الله هناك تدعون لكشف ما نزل بكم من البلاء أو إلى غيره من آلهتكم تفزعون لينجيكم مما نزل بكم من عظيم البلاء { إن كنتم صادقين } يقول : إن كنتم محقين في دعواكم وزعمكم أن آلهتكم التي تدعونها من دون الله تنفع أو تضر .
القول في تأويل قوله تعالى : { بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون } . يقول تعالى ذكره مكذبا لهؤلاء العادلين به الأوثان : ما أنتم أيها المشركون بالله الآلهة والأنداد إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة بمستجيرين بشيء غير الله في حال شدة الهول النازل بكم من آلهة ووثن وصنم , بل تدعون هناك ربكم الذي خلقكم وبه تستغيثون وإليه تفزعون دون كل شيء غيره . { فيكشف ما تدعون إليه } يقول : فيفرج عنكم عند استغاثتكم به وتضرعكم إليه عظيم البلاء النازل بكم إن شاء أن يفرج ذلك عنكم , لأنه القادر على كل شيء ومالك كل شيء دون ما تدعونه إلها من الأوثان والأصنام . { وتنسون ما تشركون } يقول : وتنسون حين يأتيكم عذاب الله أو تأتيكم الساعة بأهوالها ما تشركونه مع الله في عبادتكم إياه , فتجعلونه له ندا من وثن وصنم , وغير ذلك مما تعبدونه من دونه وتدعونه إلها .
قال العماد في تفسير الآية:
يقول تعالى آمرا عباده أن يوحدوه في محال عبادته ولا يدعى معه أحد ولا يشرك به كما قال قتادة في قوله تعالى " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " قال كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يوحدوه وحده وقال ابن أبي حاتم ذكر علي بن الحسين حدثنا إسماعيل بن بنت السدي أخبرنا رجل سماه عن السدي عن أبي مالك أو أبي صالح عن ابن عباس في قوله " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " قال لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجد إلا المسجد الحرام ومسجد إيليا بيت المقدس وقال الأعمش قالت الجن يا رسول الله ائذن لنا فنشهد معك الصلوات في مسجدك فأنزل الله تعالى " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " يقول صلوا لا تخالطوا الناس . وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا مهران حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن محمود عن سعيد بن جبير " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " قال : قالت الجن للنبي صلى الله عليه وسلم كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناءون ؟ أي بعيدون عنك وكيف نشهد الصلاة ونحن ناءون عنك ؟ فنزلت " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " وقال سفيان عن خصيف عن عكرمة نزلت في المساجد كلها وقال سعيد بن جبير نزلت في أعضاء السجود أي هي لله فلا تسجدوا بها لغيره وذكروا عند هذا القول الحديث الصحيح من رواية عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - أشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين " .
قال العماد في تفسير الآية:
قال علي بن أبى طالب رضي الله عنه " له دعوة الحق " قال التوحيد رواه ابن جرير وقال ابن عباس وقتادة ومالك عن محمد بن المنكدر " له دعوة الحق " لا إله إلا الله " والذين يدعون من دونه " الآية أي ومثل الذين يعبدون آلهة غير الله " كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه " قال علي بن أبي طالب كمثل الذي يتناول الماء من طرف البئر بيده وهو لا يناله أبدا بيده فكيف يبلغ فاه ؟ وقال مجاهد " كباسط كفيه " يدعو الماء بلسانه ويشير إليه فلا يأتيه أبدا وقيل المراد كقابض يده على الماء فإنه لا يحكم منه على شيء كما قال الشاعر : فإني وإياكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله وقال الآخر : فأصبحت مما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد ومعنى هذا الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء إما قابضا وإما متناولا له من بعد كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلا للشرب فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلها غيره لا ينتفعون بهم أبدا في الدنيا ولا في الآخرة ولهذا قال " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " .
قال العماد في تفسير الآيتين:
وقوله " وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي " أي أجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله " وأدعو ربي " أي وأعبد ربي وحده لا شريك له " عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا " وعسى هذه موجبة لا محالة فإنه عليه السلام سيد الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه سلم .
يقول تعالى فلما اعتزل الخليل أباه وقومه في الله أبدله الله من هو خير منهم ووهب له إسحاق ويعقوب يعني ابنه وابن إسحاق كما قال في الآية الأخرى " ويعقوب نافلة " وقال " ومن وراء إسحاق يعقوب " ولا خلاف أن إسحاق والد يعقوب وهو نص القرآن في سورة البقرة " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق " ولهذا إنما ذكر هاهنا إسحاق ويعقوب أي جعلنا له نسلا وعقبا أنبياء أقر الله بهم عينه في حياته ولهذا قال " وكلا جعلنا نبيا " فلو لم يكن يعقوب عليه السلام قد نبئ في حياة إبراهيم لما اقتصر عليه ولذكر ولده يوسف فإنه نبي أيضا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته حين سئل عن خير الناس فقال " يوسف نبي الله ابن يعقوب نبي الله ابن إسحاق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله " وفي اللفظ الآخر " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " .
قال تعالى : {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} سورة الإسراء آية : 56.
قال العماد في تفسير الآية:
يقول تعالى " قل " يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله " ادعوا الذين زعمتم من دونه " من الأصنام والأنداد فارغبوا إليهم " ف " إنهم " لا يملكون كشف الضر عنكم " أي بالكلية " ولا تحويلا " أي بأن يحولوه إلى غيركم والمعنى أن الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمر . قال العوفي عن ابن عباس في قوله " قل ادعوا الذين زعمتم " الآية قال كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وهم الذين يدعون يعني في الملائكة والمسيح وعزيرا .
ويقول الطبري في تفسيرها:
القول في تأويل قوله تعالى : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لمشركي قومك الذين يعبدون من دون الله من خلقه : ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم أرباب وآلهة من دونه عند ضر ينزل بكم , فانظروا هل يقدرون على دفع ذلك عنكم , أو تحويله عنكم إلى غيركم , فتدعوهم آلهة , فإنهم لا يقدرون على ذلك , ولا يملكونه , وإنما يملكه ويقدر عليه خالقكم وخالقهم . وقيل : إن الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذا القول , كانوا يعبدون الملائكة وعزيرا والمسيح , وبعضهم كانوا يعبدون نفرا من الجن . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } قال : كان أهل الشرك يقولون : نعبد الملائكة وعزيرا , وهم الذين يدعون , يعني الملائكة والمسيح وعزيرا .
قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً} سورة الفرقان آية : 17-18.
قال العماد في تفسير الآيتين:
يقول تعالى مخبرا عما يقع يوم القيامة من تقريع الكفار في عبادتهم من عبدوا من دون الله من الملائكة وغيرهم فقال " ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله " قال مجاهد هو عيسى والعزير والملائكة " فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء " الآية أي فيقول تبارك وتعالى للمعبودين أأنتم دعوتم هؤلاء إلى عبادتكم من دوني أم هم عبدوكم من تلقاء أنفسهم من غير دعوة منكم لهم كما قال الله تعالى " وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به " الآية .
ولهذا قال تعالى مخبرا عما يجيب به المعبودون يوم القيامة " قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء" قرأ الأكثرون بفتح النون من قوله " نتخذ من دونك من أولياء " أي ليس للخلائق كلهم أن يعبدوا أحدا سواك لا نحن ولا هم فنحن ما دعوناهم إلى ذلك بل هم فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم من غير أمرنا ولا رضانا ونحن برآء منهم ومن عبادتهم كما قال تعالى " ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك " الآية وقرأ آخرون " ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء " أي ما ينبغي لأحد أن يعبدنا فإنا عبيد لك فقراء إليك وهي قريبة المعنى من الأولى" ولكن متعتهم وآباءهم " أي طال عليهم العمر حتى نسوا الذكر أي نسوا ما أنزلته إليهم على ألسنة رسلك من الدعوة إلى عبادتك وحدك لا شريك لك " وكانوا قوما بورا " قال ابن عباس أي هلكى وقال الحسن البصري ومالك عن الزهري أي لا خير فيهم وقال ابن الزبعرى حين أسلم : يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور إذ أباري الشيطان في سنن ال غي ومن مال ميله مثبور
وقول زكريا: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً}سورة مريم آية : 4.
قال العماد في تفسير الآية:
قال رب إني وهن العظم مني أي ضعفت وخارت القوى " واشتعل الرأس شيبا " أي اضطرم المشيب في السواد كما قال ابن دريد في مقصورته : أما ترى رأسي حاكى لونه طرة صبح تحت أذيال الدجا واشتعل المبيض في مسوده مثل اشتعال النار في جمر الغضا والمراد من هذا الإخبار عن الضعف والكبر ودلائله الظاهرة والباطنة وقوله " ولم أكن بدعائك رب شقيا " أي ولم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء ولم تردني قط فيما سألتك وقوله " وإني خفت الموالي من ورائي " قرأ الأكثرون بنصب الياء من الموالي على أنه مفعول وعن الكسائي أنه سكن الياء كما قال الشاعر : كأن أيديهن في القاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورق وقال الآخر : فتى لو يباري الشمس ألقت قناعها أو القمر الساري لألقى المقالدا ومنه قول أبي تمام حبيب بن أوس الطائي : تغاير الشعر منه إذ سهرت له حتى ظننت قوافيه ستقتتل وقال مجاهد وقتادة والسدي : أراد بالموالي العصبة وقال أبو صالح الكلالة وروي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقرؤها .
ويقول الطبري في تفسيرها:
وقوله : { قال رب إني وهن العظم مني } يقول تعالى ذكره , فكان نداؤه الخفي الذي نادى به ربه أن قال : { رب إني وهن العظم مني } يعني بقوله { وهن } ضعف ورق من الكبر , كما : حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة { قال رب إني وهن العظم مني } أي ضعف العظم مني . حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قوله : { وهن العظم مني } قال : نحل العظم . قال عبد الرزاق , قال : الثوري : وبلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة . وقد اختلف أهل العربية في وجه النصب في الشيب , فقال بعض نحويي البصرة : نصب على المصدر من معنى الكلام , كأنه حين قال : اشتعل , قال : شاب , فقال : شيبا على المصدر . قال : وليس هو في معنى : تفقأت شحما وامتلأت ماء , لأن ذلك ليس بمصدر . وقال غيره : نصب الشيب على التفسير , لأنه يقال : اشتعل شيب رأسي , واشتعل رأسي شيبا , كما يقال : تفقأت شحما , وتفقأ شحمي .
وقوله : { ولم أكن بدعائك رب شقيا } يقول : ولم أشق يا رب بدعائك , لأنك لم تخيب دعائي قبل إذ كنت أدعوك في حاجتي إليك , بل كنت تجيب وتقضي حاجتي قبلك . كما : حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج عن ابن جريج , قوله : { ولم أكن بدعائك رب شقيا } يقول : قد كنت تعرفني الإجابة فيما مضى .
قال تعالى:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} سورة النمل آية : 62.
قال العماد في تفسير الآية:
ينبه تعالى أنه هو المدعو عند الشدائد المرجو عند النوازل كما قال تعالى : " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " وقال تعالى : " ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون " وهكذا قال ههنا " أمن يجيب المضطر إذا دعاه " أي من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه قال الإمام أحمد أنبأنا عفان أنبأنا وهيب أنبأنا خالد الحذاء عن أبي تميمة الهجيمي عن رجل من بلهجيم قال قلت يا رسول الله إلام تدعو ؟ قال " أدعو إلى الله وحده الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك والذي إن أضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك " قال قلت أوصني قال " لا تسبن أحدا ولا تزهدن في المعروف ولو أن تلقى أخاك وأنت منبسط إليه وجهك ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي واتزر إلى نصف الساق فإن أبيت فإلى الكعبين وإياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة" وقد رواه الإمام أحمد من وجه آخر فذكر اسم الصحابي فقال : حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا يونس هو ابن عبيد حدثنا عبيدة الهجيمي عن أبيه عن أبي تميمة الهجيمي عن جابر بن سليم الهجيمي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محتب بشملة وقد وقع هدبها على قدميه فقلت أيكم محمد رسول الله ؟ فأومأ بيده إلى نفسه فقلت يا رسول الله أنا من أهل البادية وفي جفاؤهم فأوصني قال " لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك ووجهك منبسط ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم فيه فإنه يكون لك أجره وعليه وزره وإياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة ولا تسبن أحدا " قال فما سببت بعده أحدا ولا شاة ولا بعيرا وقد روى أبو داود والنسائي لهذا الحديث طرقا وعندهما طرف صالح منه وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا علي بن هشام حدثنا عبدة بن نوح عن عمر بن الحجاج عن عبيد الله بن أبي صالح قال : دخل علي طاوس يعودني فقلت له ادع الله لي يا أبا عبد الرحمن فقال ادع لنفسك فإنه يجيب المضطر إذا دعاه وقال وهب بن منبه قرأت في الكتاب الأول إن الله تعالى يقول : بعزتي إنه من اعتصم بي فإن كادته السموات بمن فيهن والأرض بمن فيهن فإني أجعل له من بين ذلك مخرجا ومن لم يعتصم بي فإني أخسف به من تحت قدميه الأرض فأجعله في الهواء فأكله إلى نفسه. وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة رجل حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدينوري المعروف بالدقي الصوفي قال هذا الرجل كنت أكاري على بغل لي من دمشق إلى بلد الزبداني فركب معي ذات مرة رجل فمررنا على بعض الطريق عن طريق غير مسلوكة فقال لي خذ في هذه فإنها أقرب فقلت لا خيرة لي فيها فقال بل هي أقرب فسلكناها فانتهينا إلى مكان وعر وواد عميق وفيه قتلى كثيرة فقال لي أمسك رأس البغل حتى أنزل فنزل وتشمر وجمع عليه ثيابه وسل سكينا معه وقصدني ففررت من بين يديه وتبعني فناشدته الله وقلت خذ البغل بما عليه فقال هو لي وإنما أريد قتلك فخوفته الله والعقوبة فلم يقبل فاستسلمت بين يديه وقلت إن رأيت أن تتركني حتى أصلي ركعتين فقال عجل فقمت أصلي فأرتج علي القرآن فلم يحضرني منه حرف واحد فبقيت واقفا متحيرا وهو يقول هيه افرغ فأجرى الله على لساني قوله تعالى : " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة فرمى بها الرجل فما أخطأت فؤاده فخر صريعا فتعلقت بالفارس وقلت بالله من أنت ؟ فقال أنا رسول الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء قال فأخذت البغل والحمل ورجعت سالما وذكر في ترجمة فاطمة بنت الحسن أم أحمد العجيلة قالت هزم الكفار يوما المسلمين في غزاة فوقف جواد جيد بصاحبه وكان من ذوي اليسار ومن الصلحاء فقال للجواد ما لك ويلك إنما كنت أعدك لمثل هذا اليوم فقال له الجواد وما لي لا أقصر وأنت تكل العلوفة إلى السواس فيظلمونني ولا يطعمونني إلا القليل ؟ فقال لك علي عهد الله أني لا أعلفك بعد هذا اليوم إلا في حجري فجرى الجواد عند ذلك ونجى صاحبه وكان لا يعلفه بعد ذلك إلا في حجره واشتهر أمره بين الناس وجعلوا يقصدونه ليسمعوا منه ذلك وبلغ ملك الروم أمره فقال ما تضام بلدة يكون هذا الرجل فيها واحتال ليحصله في بلده فبعث إليه رجلا من المرتدين عنده فلما انتهى إليه أظهر له أنه قد حسنت نيته في الإسلام وقومه حتى استوثق ثم خرجا يوما يمشيان على جنب الساحل وقد واعد شخصا آخر من جهة ملك الروم ليتساعدا على أسره فلما اكتنفاه ليأخذاه رفع طرفه إلى السماء وقال اللهم إنه إنما خدعني بك فاكفنيهما بما شئت قال فخرج سبعان فأخذاهما ورجع الرجل سالما وقوله تعالى : " ويجعلكم خلفاء الأرض " أي يخلف قرنا لقرن قبلهم وخلفا لسلف كما قال تعالى : " إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين " وقال تعالى" وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات " وقال تعالى : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " أي قوما يخلف بعضهم بعضا كما قدمنا تقريره وهكذا هذه الآية " ويجعلكم خلفاء الأرض " أي أمة بعد أمة وجيلا بعد جيل وقوما بعد قوم ولو شاء لأوجدهم كلهم في وقت واحد ولم يجعل بعضهم من ذرية بعض بل لو شاء لخلقهم كلهم أجمعين كما خلق آدم من تراب ولو شاء أن يجعلهم بعضهم من ذرية بعض ولكن لا يميت أحدا حتى تكون وفاة الجميع في وقت واحد لكانت تضيق عنهم الأرض وتضيق عليهم معايشهم وأكسابهم ويتضرر بعضهم ببعض ولكن اقتضت حكمته وقدرته أن يخلقهم من نفس واحدة ثم يكثرهم غاية الكثرة ويذرأهم في الأرض ويجعلهم قرون بعد قرون وأمما بعد أمم حتى ينقضي الأجل وتفرغ البرية كما قدر ذلك تبارك وتعالى وكما أحصاهم وعدهم عدا ثم يقيم القيامة ويوفي كل عامل عمله إذا بلغ الكتاب أجله ولهذا قال تعالى : " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله " أي يقدر على ذلك أو أإله مع الله يعبد ؟ وقد علم أن الله هو المتفرد بفعل ذلك وحده لا شريك له ؟ " قليلا ما تذكرون " أي ما أقل تذكرهم فيما يرشدهم إلى الحق ويهديهم إلى الصراط المستقيم.
قال تعالى:{قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِن هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} سورة الأنعام آية : 63-64.
قال العماد في تفسير الآيتين:
يقول تعالى ممتنا على عباده في إنجائه المضطرين منهم من ظلمات البر والبحر أي الحائرين الواقعين في المهامة البرية وفي اللجج البحرية إذا هاجت الرياح العاصفة فحينئذ يفردون الدعاء له وحده لا شريك له كقوله " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " الآية . وقوله" هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين " الآية . وقوله " أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون " وقال في هذه الآية الكريمة" قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية " أي جهرا وسرا " لئن أنجانا " أي من هذه الضائقة " لنكونن من الشاكرين " أي بعدها
قال الله " قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم " أي بعد ذلك " تشركون " أي تدعون معه في حال الرفاهية آلهة أخرى .
قال تعالى:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} سورة فاطر آية : 13-14.
قال العماد في تفسير الآيتين:
وهذا أيضا من قدرته التامة وسلطانه العظيم في تسخيره الليل بظلامه والنهار بضيائه ويأخذ من طول هذا فيزيده في قصر هذا فيعتدلان ثم يأخذ من هذا في هذا فيطول هذا ويقصر هذا ثم يتقارضان صيفا وشتاء " وسخر الشمس والقمر" أي والنجوم السيارات والثوابت الثاقبات بأضوائهن أجرام السماوات الجميع يسيرون بمقدار معين . وعلى منهاج مقنن محرر تقديرا من عزيز عليم " كل يجري لأجل مسمى " أي إلى يوم القيامة " ذلكم الله ربكم " أي الذي فعل هذا هو الرب العظيم الذي لا إله غيره " والذين تدعون من دونه " أي من الأصنام والأنداد التي هي على صورة من تزعمون من الملائكة المقربين " ما يملكون من قطمير" قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وعطاء وعطية العوفي والحسن وقتادة وغيرهم القطمير هو : اللفافة التي تكون على نواة التمرة أي لا يملكون من السماوات والأرض شيئا ولا بمقدار هذا القطمير .
ثم قال تعالى : " إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم " يعني الآلهة التي تدعونها من دون الله لا تسمع دعاءكم لأنها جماد لا أرواح فيها " ولو سمعوا ما استجابوا لكم " أي لا يقدرون على شيء مما تطلبون منها " ويوم القيامة يكفرون بشرككم " أي يتبرءون منكم كما قال تعالى :" ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" وقال تعالى : " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " وقوله تعالى " ولا ينبئك مثل خبير " أي ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه مثل خبير بها قال قتادة يعني نفسه تبارك وتعالى أخبر بالواقع لا محالة .
قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} سورة الحج آية : 62.
قال العماد في تفسير الآية:
قال " ذلك بأن الله هو الحق " أي الإله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له لأنه ذو السلطان العظيم الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وكل شيء إليه فقير ذليل لديه " وأن ما يدعون من دونه هو الباطل" أي من الأصنام والأنداد والأوثان وكل ما عبد من دونه تعالى فهو باطل لأنه لا يملك ضرا ولا نفعا وقوله " وأن الله هو العلي الكبير " كما قال هو العلي العظيم وقال وهو الكبير المتعال" فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إله إلا هو ولا رب سواه لأنه العظيم الذي لا أعظم منه العلي الذي لا أعلى منه الكبير الذي لا أكبر منه تعالى وتقدس وتنزه وجل عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا .
ويقول الطبري في تفسيرها:
القول في تأويل قوله تعالى : { ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل } يعني تعالى ذكره بقوله { ذلك } هذا الفعل الذي فعلت من إيلاجي الليل في النهار وإيلاجي النهار في الليل ; لأني أنا الحق الذي لا مثل لي ولا شريك ولا ند , وأن الذي يدعوه هؤلاء المشركون إلها من دونه هو الباطل الذي لا يقدر على صنعة شيء , بل هو المصنوع يقول لهم تعالى ذكره : أفتتركون أيها الجهال عبادة من منه النفع وبيده الضر وهو القادر على كل شيء وكل شيء دونه , وتعبدون الباطل الذي لا تنفعكم عبادته . وكان ابن جريج يقول في قوله : { وأن ما يدعون من دونه هو الباطل } ما :حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , قال : قال ابن جريج , في قوله : { وأن ما يدعون من دونه هو الباطل } قال : الشيطان . واختلفت القراء في قراءة قوله : { وأن ما يدعون من دونه } فقرأته عامة قراء العراق والحجاز : { تدعون } بالتاء على وجه الخطاب ; وقرأته عامة قراء العراق غير عاصم بالياء على وجه الخبر , والياء أعجب القراءتين إلي ; لأن ابتداء الخبر على وجه الخطاب.
وقوله : { وأن الله هو العلي الكبير } يعني بقوله : { العلي } ذو العلو على كل شيء , هو فوق كل شيء وكل شيء دونه . { الكبير } يعني العظيم , الذي كل شيء دونه ولا شيء أعظم منه .
قال العماد في تفسير الآية:
وقوله عز وجل " وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه " أي عند الحاجة يتضرع ويستغيث بالله وحده لا شريك له كما قال تعالى " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا " ولهذا قال تبارك وتعالى " ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل " أي في حال الرفاهية ينسى ذلك الدعاء والتضرع كما قال جل جلاله " وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه " وقوله تعالى " وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله " أي في حال العافية يشرك بالله ويجعل له أندادا " قل تمتع بكفرك فليلا إنك من أصحاب النار " أي قل لمن هذه حالته وطريقته ومسلكه تمتع بكفرك قليلا وهو تهديد شديد ووعيد أكيد كقوله تعالى " قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار " وقوله تعالى " نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ " .
وقال تعالى:{وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} سورة القصص آية: 64.
قال العماد في تفسير الآية:
وقال تعالى : " ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين " وقال الخليل عليه السلام لقومه " إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " الآية وقال الله تعالى : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب - إلى قوله - وما هم بخارجين من النار " ولهذا قال : " وقل ادعوا شركاءكم " أي ليخلصوكم مما أنتم فيه كما كنتم ترجون منهم في الدار الدنيا " فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب " أي وتيقنوا أنهم صائرون إلى النار لا محالة . وقوله : " لو أنهم كانوا يهتدون" أي فودوا حين عاينوا العذاب لو أنهم كانوا من المهتدين في الدار الدنيا وهذا كقوله تعالى : " ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا " .
وقال تعالى:{لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} سورة الرعد آية: 14.
قال العماد في تفسير الآية:
قال علي بن أبى طالب رضي الله عنه " له دعوة الحق " قال التوحيد رواه ابن جرير وقال ابن عباس وقتادة ومالك عن محمد بن المنكدر " له دعوة الحق " لا إله إلا الله " والذين يدعون من دونه " الآية أي ومثل الذين يعبدون آلهة غير الله " كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه " قال علي بن أبي طالب كمثل الذي يتناول الماء من طرف البئر بيده وهو لا يناله أبدا بيده فكيف يبلغ فاه ؟ وقال مجاهد " كباسط كفيه " يدعو الماء بلسانه ويشير إليه فلا يأتيه أبدا وقيل المراد كقابض يده على الماء فإنه لا يحكم منه على شيء كما قال الشاعر : فإني وإياكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله وقال الآخر : فأصبحت مما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد ومعنى هذا الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء إما قابضا وإما متناولا له من بعد كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلا للشرب فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلها غيره لا ينتفعون بهم أبدا في الدنيا ولا في الآخرة ولهذا قال " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " .
ويقول الطبري في تفسيرها:
القول في تأويل قوله تعالى : { له دعوة الحق } يقول ـ تعالى ذكره ـ : لله من خلقه الدعوة الحق , والدعوة هي الحق كما أضيفت الدار إلى الآخرة في قوله : { ولدار الآخرة } وقد بينا ذلك فيما مضى . وإنما عني بالدعوة الحق : توحيد الله , وشهادة أن لا إله إلا الله . وبنحو الذي قلنا تأوله أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن إسحاق , قال ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس : { دعوة الحق } قال : لا إله إلا الله . حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله : { له دعوة الحق } قال : شهادة أن لا إله إلا الله . قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الله بن هاشم , قال : ثنا سيف , عن أبي روق , عن أبي أيوب , عن علي رضي الله عنه : { له دعوة الحق } قال : التوحيد . حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : { له دعوة الحق } قال : لا إله إلا الله . حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قال ابن عباس , في قوله : { له دعوة الحق } قال : لا إله إلا الله . حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد , في قوله : { له دعوة الحق } : لا إله إلا الله ليست تنبغي لأحد غيره , لا ينبغي أن يقال : فلان إله بني فلان .
وقوله : { والذين يدعون من دونه } يقول ـ تعالى ذكره ـ : والآلهة التي يدعونها المشركون أربابا وآلهة . وقوله { من دونه } يقول : من دون الله ; وإنما عني بقوله : { من دونه } الآلهة أنها مقصرة عنه , وأنها لا تكون إلها , ولا يجوز أن يكون إلها إلا الله الواحد القهار ; ومنه قول الشاعر : أتوعدني وراء بني رياح كذبت لتقصرن يداك دوني يعني : لتقصرن يداك عني .
وقوله : { لا يستجيبون لهم بشيء } يقول : لا تجيب هذه الآلهة التي يدعوها هؤلاء المشركون آلهة بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضر . { إلا كباسط كفيه إلى الماء } يقول : لا ينفع داعي الآلهة دعاؤه إياها إلا كما ينفع باسط كفيه إلى الماء , بسطه إياهما إليه من غير أن يرفعه إليه في إناء , ولكن ليرتفع إليه بدعائه إياه وإشارته إليه وقبضه عليه . والعرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلا بالقابض على الماء . قال بعضهم : فإني وإياكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله يعني بذلك : أنه ليس في يده من ذلك إلا كما في يد القابض على الماء , لأن القابض على الماء لا شيء في يده . وقال آخر : فأصبحت مما كان بيني وبينها من الود من القابض الماء باليد وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا سيف , عن أبي روق , عن أبي أيوب , عن علي رضي الله عنه , في قوله : { إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه } قال : كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه . حدثنا الحسن بن محمد , قال : ثنا شبابة , قال : ثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله : { كباسط كفيه إلى الماء } يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده , ولا يأتيه أبدا . قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , قال : أخبرني الأعرج , عن مجاهد : { ليبلغ فاه } يدعوه ليأتيه وما هو يأتيه , كذلك لا يستجيب من هو دونه . حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { كباسط كفيه إلى الماء } يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده , فلا يأتيه أبدا . حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ; قال : وثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الله , قال : ثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج . عن ابن جريج , عن مجاهد , مثل حديث الحسن , عن حجاج , قال ابن جريج : وقال الأعرج عن مجاهد : { ليبلغ فاه } قال : يدعوه لأن يأتيه وما هو بآتيه , فكذلك لا يستجيب من هو دونه . حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : { والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه } وليس ببالغه حتى يتمزع عنقه ويهلك عطشا , قال الله تعالى : { وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } هذا مثل ضربه الله ; أي هذا الذي يدعو من دون الله هذا الوثن وهذا الحجر لا يستجيب له بشيء أبدا ولا يسوق إليه خيرا ولا يدفع عنه سوءا حتى يأتيه الموت , كمثل هذا الذي بسط ذارعيه إلى الماء ليبلغ فاه ولا يبلغ فاه ولا يصل إليه ذلك حتى يموت عطشا . وقال آخرون : معنى ذلك : والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليتناول خياله فيه , وما هو ببالغ ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : { كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه } فقال : هذا مثل المشرك مع الله غيره , فمثله كمثل الرجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد , فهو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه . وقال آخرون في ذلك ما : حدثني به محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله : { والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء } إلى : { وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } يقول : مثل الأوثان الذين يعبدون من دون الله كمثل رجل قد بلغه العطش حتى كربه الموت وكفاه في الماء قد وضعهما لا يبلغان فاه , يقول الله : لا تستجيب الآلهة ولا تنفع الذين يعبدونها حتى يبلغ كفا هذا فاه , وما هما ببالغتين فاه أبدا . حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد , في قوله : { والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه } قال : لا ينفعونهم بشيء إلا كما ينفع هذا بكفيه , يعني بسطهما إلى ما لا ينال أبدا . وقال آخرون : في ذلك ما : حدثنا به محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة : { إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه } وليس الماء ببالغ فاه ما قام باسطا كفيه لا يقبضهما { وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } قال : هذا مثل ضربه الله لمن اتخذ من دون الله إلها أنه غير نافعه , ولا يدفع عنه سوءا حتى يموت على ذلك .
وقوله : { وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } يقول : وما دعاء من كفر بالله ما يدعو من الأوثان والآلهة إلا في ضلال : يقول : إلا في غير استقامة ولا هدى , لأنه يشرك بالله .
قال العماد في تفسير الآية:
يقول تعالى متوعدا من أشرك به غيره وعبد معه سواه ومخبرا أن من أشرك بالله لا برهان له أي لا دليل له على قوله فقال تعالى " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به " وهذه جملة معترضة وجواب الشرط في قوله " فإنما حسابه عند ربه " أي الله يحاسبه على ذلك ثم أخبر " إنه لا يفلح الكافرون" أي لديه يوم القيامة لا فلاح لهم ولا نجاة . قال قتادة ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل " ما تعبد ؟ " قال أعبد الله وكذا وكذا حتى عد أصناما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فأيهم إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك ؟ " قال : الله عز وجل . قال " فأيهم إذا كانت لك حاجة فدعوته أعطاكها ؟ " قال : الله عز وجل . قال " فما يحملك على أن تعبد هؤلاء معه أم حسبت أن تغلب عليه " قال : أردت شكره بعبادة هؤلاء معه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" تعلمون ولا يعلمون " فقال الرجل بعد ما أسلم لقيت رجلا خصمني . هذا مرسل من هذا الوجه وقد روى أبو عيسى الترمذي في جامعه مسندا عن عمران بن الحصين عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ذلك .
وقوله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} سورة الزمر آية : 38.
قال العماد في تفسير الآية:
وقوله تعالى " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله " يعني المشركين كانوا يعترفون بأن الله عز وجل هو الخالق للأشياء كلها ومع هذا يعبدون معه غيره مما لا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولهذا قال تبارك وتعالى " قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته " أي لا تستطيع شيئا من الأمر وذكر ابن أبي حاتم ههنا حديث قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا " احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك جفت الصحف ورفعت الأقلام واعمل لله بالشكر في اليقين واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " " قل حسبي الله " أي الله كاف " عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون " كما قال هود عليه الصلاة والسلام حين قال قومه " إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدون جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم " . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري حدثنا عبد الله بن بكر السهمي حدثنا محمد بن حاتم عن أبي المقدام مولى آل عثمان عن محمد بن كعب القرظي حدثنا ابن عباس رضي الله عنهما رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله عز وجل أوثق منه بما في يديه ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله عز وجل " .
قال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} سورة الأحقاف آية : 5-6.
قال العماد في تفسير الآيتين:
وقوله تبارك وتعالى " ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون " أي لا أضل ممن يدعو من دون الله أصناما ويطلب منها ما لا تستطيعه إلى يوم القيامة وهي غافلة عما يقول لا تسمع ولا تبصر ولا تبطش لأنها جماد حجارة صم .
وقوله تبارك وتعالى " وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين " كقوله عز وجل " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " أي سيخونونهم أحوج ما يكونون إليهم وقال الخليل عليه الصلاة والسلام " إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين " .
قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} سورة الإسراء آية : 56.
قال العماد في تفسير الآية:
يقول تعالى " قل " يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله " ادعوا الذين زعمتم من دونه " من الأصنام والأنداد فارغبوا إليهم " ف " إنهم " لا يملكون كشف الضر عنكم " أي بالكلية " ولا تحويلا " أي بأن يحولوه إلى غيركم والمعنى أن الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمر . قال العوفي عن ابن عباس في قوله " قل ادعوا الذين زعمتم " الآية قال كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وهم الذين يدعون يعني في الملائكة والمسيح وعزيرا .
ويقول الطبري في تفسيرها:
القول في تأويل قوله تعالى : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لمشركي قومك الذين يعبدون من دون الله من خلقه : ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم أرباب وآلهة من دونه عند ضر ينزل بكم , فانظروا هل يقدرون على دفع ذلك عنكم , أو تحويله عنكم إلى غيركم , فتدعوهم آلهة , فإنهم لا يقدرون على ذلك , ولا يملكونه , وإنما يملكه ويقدر عليه خالقكم وخالقهم . وقيل : إن الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذا القول , كانوا يعبدون الملائكة وعزيرا والمسيح , وبعضهم كانوا يعبدون نفرا من الجن . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } قال : كان أهل الشرك يقولون : نعبد الملائكة وعزيرا , وهم الذين يدعون , يعني الملائكة والمسيح وعزيرا .
وقال تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ} سورة آل عمران آية: 135.
قال العماد في تفسير الآية:
قوله تعالى " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " أي إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار قال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا همام بن يحيى عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن رجلا أذنب ذنبا فقال : رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي فقال الله عز وجل : عبدي عمل ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب إني عملت ذنبا فاغفره فقال تبارك وتعالى علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب إني عملت ذنبا فاغفره لي فقال الله عز وجل : عبدي علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء " . أخرجاه في الصحيحين من حديث إسحق بن أبي طلحة بنحوه " حديث آخر " قال الإمام أحمد حدثنا أبو النضر وأبو عامر قالا حدثنا زهير حدثنا سعد الطائي حدثنا أبو المدلة مولى أم المؤمنين سمع أبا هريرة قلنا يا رسول الله : إذا رأيناك رقت قلوبنا وكنا من أهل الآخرة وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد فقال : " لو أنتم تكونون على كل حال على الحال التي كنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم . ولزارتكم في بيوتكم ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم " قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال " لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران من يدخلها ينعم لا ييأس ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول له الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " . ورواه الترمذي وابن ماجه من وجه آخر من حديث سعد به . ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة لما رواه الإمام أحمد بن حنبل حدثنا وكيع حدثنا مسعر وسفيان الثوري عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن علي بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري عن علي رضي الله عنه قال : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه . وإذا حدثني عنه غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني وصدق أبو بكر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ ويحسن الوضوء - قال مسعر - فيصلي - وقال سفيان ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له " . وهكذا رواه علي بن المديني والحميدي وأبو بكر بن أبي شيبة وأهل السنن وابن حبان في صحيحه والبزار والدارقطني من طرق عن عثمان بن المغيرة به وقال الترمذي : هو حديث حسن وقد ذكرنا طرفه والكلام عليه مستقصى في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ومما يشهد بصحة هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه " فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين عن سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين كما دل عليه الكتاب المبين من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين وقد قال عبد الرزاق أنبأنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " الآية بكى وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا محرز بن عون حدثنا عثمان بن مطر حدثنا عبد الغفور عن أبي نضرة عن أبي رجاء عن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء فهم يحسبون أنهم مهتدون " عثمان بن مطر وشيخه ضعيفان وروى الإمام أحمد في مسنده من طريق عمرو بن أبي عمرو وأبي الهيثم العتواري عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " قال إبليس : يا رب وعزتك لا أزال أغوي بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهما ما استغفروني " وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عمر بن خليفة سمعت أبا بدر يحدث عن ثابت عن أنس قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله إني أذنبت ذنبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أذنبت فاستغفر ربك قال فإني أستغفر ثم أعود فأذنب قال فإذا أذنبت فعد فاستغفر ربك فقالها في الرابعة وقال استغفر ربك حتى يكون الشيطان هو المحسور " وهذا حديث غريب من هذا الوجه وقوله تعالى " ومن يغفر الذنوب إلا الله " أي لا يغفرها أحد سواه كما قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن مصعب حدثنا سلام ابن مسكين والمبارك عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأسير فقال : اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم " عرف الحق لأهله " وقوله " ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " أي تابوا من ذنوبهم ورجعوا إلى الله من قريب ولم يستمروا على المعصية ويصروا عليها غير مقلعين عنها ولو تكرر منهم الذنب تابوا منه كما قال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل وغيره قالوا : حدثنا أبو يحيى عبد الحميد الحماني عن عثمان بن واقد عن أبي نضرة عن مولى لأبي بكر عن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة " ورواه أبو داود والترمذي والبزار في مسنده من حديث عثمان بن واقد - وقد وثقه يحيى بن معين به - وشيخه أبو نصر المقاسطي واسمه سالم بن عبيد وثقه الإمام أحمد وابن حبان وقول علي بن المديني والترمذي : ليس إسناد هذا الحديث بذاك فالظاهر أنه لأجل جهالة مولى أبي بكر ولكن جهالة مثله لا تضر لأنه تابعي كبير ويكفيه نسبته إلى أبي بكر فهو حديث حسن والله أعلم . وقوله " وهم يعلمون " قال مجاهد وعبد الله بن عبيد بن عمير وهم يعلمون أن من تاب تاب الله عليه وهذا كقوله تعالى " ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده " وكقوله " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " ونظائر هذا كثيرة جدا . وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد أنبأنا جرير حدثنا حبان هو ابن زيد الشرعبي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو على المنبر " ارحموا ترحموا واغفروا يغفر لكم ويل لأقماع القول ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " . تفرد به أحمد .
وقال تعالى:{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} سورة النساء آية: 32.
قال العماد في تفسير الآية:
قال الإمام أحمد حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قالت أم سلمة يا رسول الله تغزو الرجال ولا نغزو ولنا نصف الميراث فأنزل الله " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " ورواه الترمذي عن ابن أبي عمر عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم سلمة أنها قالت : قلت يا رسول الله فذكره وقال غريب ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن أم سلمة قالت يا رسول الله فذكره ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه والحاكم في مستدركه من حديث الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : قالت أم سلمة يا رسول الله : لا نقاتل فنستشهد ولا نقطع الميراث فنزلت الآية ثم أنزل الله " إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى " الآية . ثم قال ابن أبي حاتم وكذا روى سفيان بن عيينة يعني عن ابن أبي نجيح بهذا اللفظ وروى يحيى القطان ووكيع بن الجراح عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم سلمة قالت : قلت يا رسول الله . وروي عن مقاتل بن حيان وخصيف نحو ذلك وروى ابن جرير من حديث ابن جرير عن عكرمة ومجاهد أنهما قالا أنزلت في أم سلمة وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن شيخ من أهل مكة قال نزلت هذه الآية في قول النساء ليتنا الرجال فنجاهد كما يجاهدون ونغزو في سبيل الله عز وجل وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية حدثني أحمد بن عبد الرحمن حدثني أبي حدثنا أشعث بن إسحاق عن جعفر يعني ابن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال : أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله للذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين برجل أفنحن في العمل هكذا إن فعلت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة فأنزل الله هذه الآية " ولا تتمنوا " الآية. فإنه عدل مني وأنا صنعته وقال السدي في الآية إن رجالا قالوا إنا نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء كما لنا في السهام سهمان وقالت النساء إنا نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الشهداء فإنا لا نستطيع أن نقاتل ولو كتب علينا القتال لقاتلنا فأبى الله ذلك ولكن قال لهم سلوني من فضلي قال ليس بعرض الدنيا . وقد روي عن قتادة نحو ذلك . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية قال : ولا يتمنى الرجل فيقول ليت لو أن لي مال فلان وأهله فنهى الله عن ذلك ولكن يسأل الله من فضله . وقال الحسن ومحمد بن سيرين وعطاء والضحاك نحو هذا وهو الظاهر من الآية ولا يرد على هذا ما ثبت في الصحيح " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق فيقول رجل لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثله فهما في الأجر سواء " فإن هذا شيء غير ما نهت عنه الآية . وذلك أن الحديث حض على تمني مثل نعمة هذا والآية نهت عن تمني عين نعمة هذا يقول " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " أي في الأمور الدنيوية وكذا الدينية لحديث أم سلمة وابن عباس , وهكذا قال عطاء بن أبي رباح نزلت في النهي عن تمني ما لفلان وفي تمني النساء أن يكن رجالا فيغزون رواه ابن جرير ثم قال " للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن " أي كل له جزاء على عمله بحسبه إن خيرا فخير وإن شرا فشر , هذا قول ابن جرير وقيل المراد بذلك في الميراث أي كل يرث بحسبه . رواه الترمذي عن ابن عباس ثم أرشدهم إلى ما يصلحهم فقال اسألوا الله من فضله لا تتمنوا ما فضلنا به بعضكم على بعض فإن هذا أمر محتوم أي إن التمني لا يجدي شيئا ولكن سلوني من فضلي أعطكم فإني كريم وهاب. وقد روى الترمذي وابن مردويه من حديث حماد بن واقد سمعت إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل وإن أفضل العبادة انتظار الفرج " . ثم قال الترمذي كذا رواه حماد بن واقد وليس بالحافظ رواه ابن مردويه من حديث وكيع عن إسرائيل ثم رواه من حديث قيس بن الربيع عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل وإن أحب عباد الله إلى الله الذي يحب الفرج " ثم قال " إن الله كان بكل شيء عليما " أي هو عليم بمن يستحق الدنيا فيعطيه منها وبمن يستحق الفقر فيفقره وعليم بمن يستحق الآخرة فيقيضه لأعمالها وبمن يستحق الخذلان فيخذله عن تعاطي الخير وأسبابه ولهذا قال " إن الله كان بكل شيء عليما " .
وفي الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يحصى، منها قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم".
مسلم: البر والصلة والآداب (2577) , والترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (2495) , وابن ماجه: الزهد (4257) , وأحمد (5/154 ,5/160 ,5/177).
في الصحيحين: "وقوله صلى الله عليه وسلم ينْزل ربنا تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ثم يقول: من يدعوني فأستجب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟"رواه البخاري ومسلم.
البخاري: الجمعة (1145) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (75 , والترمذي: الصلاة (446) والدعوات (349 , وأبو داود: الصلاة (1315) والسنة (4733) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (1366) , وأحمد (2/258 ,2/264 ,2/267 ,2/282 ,2/419 ,2/487 ,2/504 ,2/521) , ومالك: النداء للصلاة (496) , والدارمي: الصلاة (1478 ,1479).
وقوله: "ليس شيء أكرم على اللّه من الدعاء" رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان، والحاكم وصححه.
الترمذي: الدعوات (3370) , وابن ماجه: الدعاء (3829) , وأحمد (2/362).
وقوله: "من لم يدع اللّه يغضب عليه" رواه أحمد وابن أبي شيبة والحاكم
الترمذي: الدعوات (3373) , وابن ماجه: الدعاء (3827) , وأحمد (2/477).
وقوله: "سلوا اللّه من فضله فإن اللّه يحب أن يسأل". رواه الترمذي،
الترمذي: الدعوات (3571).
وقوله: "الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض". رواه الحاكم وصححه.
موضوع، الجامع [1008].
وقوله: "الدعاء هو العبادة". رواه أحمد والترمذي.
البخاري: الزكاة (1461) , ومسلم: الزكاة (99 , والترمذي: تفسير القرآن (2997) , والنسائي: الأحباس (3602) , وأبو داود: الزكاة (1689) , وأحمد (3/141) , ومالك: الجامع (1875) , والدارمي: الزكاة (1655).
وفي حديث آخر: "الدعاء مخ العبادة". رواه الترمذي.
مسلم: الأقضية (1715) , وأحمد (2/367) , ومالك: الجامع (1863).
وقوله لما سئل: "أي العبادة أفضل؟ قال: دعاء المرء لنفسه". رواه البخاري في "الأدب".
موضوع، الجامع [1008].
وقوله: "لن ينفع حذر من قدر ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينْزل فعليكم بالدعاء يا عباد اللّه". رواه أحمد.
البخاري: الإيمان (36) وفرض الخمس (3123) والتوحيد (7457 ,7463) , ومسلم: الإمارة (1876) , والنسائي: الجهاد (3122 ,3123) والإيمان وشرائعه (5029 ,5030) , وابن ماجه: الجهاد (2753) , وأحمد (2/231 ,2/384 ,2/399 ,2/424 ,2/494) , ومالك: الجهاد (974) , والدارمي: الجهاد (2391).
وقوله: "سلوا اللّه كل شيء حتى الشسع إذا انقطع، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر" رواه أبو يعلى بإسناد صحيح.
الشِّسْعُ: أحد سُيور النّعل. هو الي يُدخَل بين الإصبعين، ويُدخَل طرفه في الثّقب الذي في صدر النّعل المشدود في الزّمام. والزّمام السَّير الذي يُعقَد فيه الشّسع.
وقوله: "ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع وحتى يسأله الملح". رواه البزار بإسناد صحيح.
البخاري: الجهاد والسير (2896) , وأحمد (1/173).
وفي الحديث الصحيح: " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " .
حسن: الترمذي: (3479): كتاب الدعوات: باب (66)، والحاكم (1/ 493) من حديث أبي هريرة وحسنه الألباني لشواهده. وراجع الصحيحة (596) وصحيح الجامع (243).
وفي آخر: " من لم يسأل الله يغضب عليه "
حسن: أحمد (2/ 442 , 443)، والترمذي (3373) كتاب الدعوات: باب [22]، وابن ماجة [3827] كتاب الدعاء: باب فضل الدعاء، والحاكم [1/ 491] والبخاري في الأدب المفرد [658] من حديث أبي هريرة وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 85): إسناده لا بأس به وحسنه الأرناءوط في تخريج جامع الأصول (4/ 166) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2414).
وحديث: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء " رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه.
حسن: أحمد (2/ 362) والترمذي (3370) في الدعوات: باب ما جاء في فضل الدعاء وحسنه وابن ماجة [3829] في الدعاء: باب فضل الدعاء وابن حبان (2397)، والحاكم (1/ 490) وصححه ووافقه الذهبي وحسنه الألباني في صحيح الجامع (326 وحسنه الأرناؤوط في تخريج شرح السنة (د/ 18.
وقوله: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض"رواه الحاكم وصححه.
موضوع: الحاكم (1/ 492)، وأبو يعلى كما في المجمع (10/ 147) وقال الهيتمي: "وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد وهو متروك" ا هـ وأشار إلى أنه حديث موضوع الألباني في الضعيفة (179).
. وقال ابن عباس رضي الله عنه: " أفضل العبادة الدعاء "
موطأ مالك : كتاب النداء للصلاة (49 وكتاب الحج (963).
وقرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}سورة غافر آية : 60 رواه ابن المنذر والحاكم وصححه.
حسن: أخرجه الحاكم (1/ 49) من طريقين عن ابن عباس وحسنه الألباني في الصحيحة (1579).
وحديث: " اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان "
صحيح: جزء من حديث طويل رواه أبو داود (1495) كتاب الدعاء، والنسائي (3/ 52): كتاب السهو: باب الدعاء بعد الذكر وقد دعا به النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد، وابن ماجة في الدعاء (385: باب اسم الله الأعظم من حديث أنس وصححه ابن حبان (2382- موارد)، والحاكم (1/ 503 , 504) ووافقه الذهبي وقال الأرناؤوط في تخريج شرح السنة (1/ 36 , 37 ) وإسناده صحيح. ا هـ .
وحديث: " اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
صحيح: جزء من حديث طويل لبريدة رضي الله عنه رواه أبو داود: كتاب الصلاة (1493): باب الدعاء، والنسائي في السهو (3/ 52): باب الدعاء بعد الذكر والترمذي: كتاب الدعوات (3475) باب جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن ماجة بنحوه: في الدعاء (3857): باب اسم الله الأعظم، وأحمد (5/ 360) وصححه ابن حبان (2383- موارد)، والحاكم (1/ 504) وأقره الذهبي وقال الأرناؤوط في تخريج شرح السنة (1/ 3 "وإسناده صحيح".
عَنْ أَنَسٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إِذَا دَعَوْتُمْ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِي الدُّعَاءِ وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي فَإِنَّ اللَّهَ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ البخاري [7032 ]
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء علمت أن الإجابة معه". وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " أفضل العبادة الدعاء وقرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم " رواه ابن المنذر والحياكم وصححه. "وقال مطرف: تذكرت ما جماع الخير؟ فإذا الخير كثير، الصلاة والصيام، وإذا هو في يد اللّه تعالى، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد اللّه إلا أن تسأله فيعطيك". رواه أحمد. [في الزّهد].
كتبه الفقير إلى الله أبو معاذ توفيق إبراهيم الأثري
الشاون المغرب في 15 ربيع الاول 1435