حكم مشاركة الكفار في أعيادهم
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ففي هذه الأيام يجتمع عيدان كبيران من أعياد النصارى، عيد ميلاد المسيح عليه السلام(الكريسمس)، وعيد رأس السنة الميلادية، ويقع فيهما جملة من الشعائر والأعمال المملوءة بالكفر والبدعة، والمشتملة على الشبهات المضلة، والشهوات المحرمة.
ولقد أحدث النصارى عيد الميلاد لما يزعمونه تجديدا لذكرى مولد المسيح عليه السلام، مع أنهم مختلفون في سنة مولده وشهره ويومه.
و أما عيد رأس السنة الميلادية؛ فإنه يوافق عيدا وثنيا لدى اليونان والرومان الوثنيين، فلما اعتنق الرومان النصرانية، أقره الرهبان، فأحدثوا لها أصولا دينية عندهم، وزعموا أن المسيح عليه السلام خُتِنَ فيه، وسموا هذا العيد الوثني عيد الختانة.
وقد أصبح لهذا الاحتفال بهذين العيدين في زمننا هذا شأن عظيم عند النصارى، وانتقل إلى المسلمين وغيرهم بسبب التقليد والتبعية، والتزيين الإعلامي لهما.
وساعد على انتشارها اعتماد التأريخ الميلادي تقويما لأكثر دول العالم، حتى أصبح كثير من المسلمين يحفظونه، ولا يحفظون التأريخ الهجري الإسلامي.
وإن من الأصول التي جاءت بها الشريعة الإسلامية مخالفة الكفار وحرمة التشبه بهم في أمورهم الدينية، وما اختصوا به من الأمور العادية؛ وقد دل على هذا الأصل أدلة من الكتاب والسنة والإجماع؛ ومنها ما يأتي:
قول الله تعالى:(ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)الحديد:16.
وقول النبي عليه الصلاة والسلام:"من تشبه بقوم فهو منهم". رواه أبو داود، وصححه الألباني.
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1/321) الإجماع على تحريم التشبه بالكفار.
وبناء على هذا الأصل؛ لا يجوز حضور أعياد الكفار أو المشاركة فيها، أو الإعانة عليها ببيع أدوات العيد واحتياجاته، أو إعارتها أو إجارتها أو هبتها. كما لا يجوز التهادي بمناسبتها، أو قبول هداياها، أو تهنئتهم بها، أو الرد على التهنئة بمثلها، أو إظهار الفرح بها، أو الاستهانة والتساهل بذلك.
ومما يدل على هذا بخصوصه ما يأتي:
1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:"لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم؛ فإن السخطة تنزل عليهم". رواه عبدالرزاق والبيهقي، وصححه ابن تيمية.
2- قال عمر رضي الله عنه - أيضا -:"اجتنبوا أعداء الله في عيدهم". رواه البخاري في التاريخ الكبير، والبيهقي.
3- أن عمر رضي الله عنه لما صالح نصارى الشام وكتب شروطه عليهم، كان منها:"أن أهل الذمة لا يخرجون صليبا ولا كتابا في أسواق المسلمين، ولا يظهرون أعيادهم، وذكر منها: الباعوث والشعانين..". رواه البيهقي.
4- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنها قال: "من بنى ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك؛ حشر معهم يوم القيامة". رواه البيهقي، وصححه ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1/457)
5- أجمع الصحابة والأئمة من بعدهم على إنكار أعياد الكفار؛ فاليهود كانوا في المدينة وخيبر وما نقل عن أحد من الصحابة مشاركتهم في أعيادهم بشيء من ذلك.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1/183):" أعياد المشركين جمعت الشبهة والشهوة والباطل، ولا منفعة فيها في الدين، وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها إلى ألم؛ فصارت زورًا، وحضورها شهودها".
وقال ابن تيمية – أيضا- في اقتضاء الصراط المستقيم(1/454):"فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ للمسلمين فعلها؟".
وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/722):"وكما أنه لا يجوز لهم إظهاره (أي العيد) فلا يجوز للمسلمين ممالأتهم عليه، ولا مساعدتهم، ولا الحضور معهم، باتفاق أهل العلم".
وقال ابن القيم –أيضا- في كتابه أحكام أهل الذمة في أحكام أهل الذمة (1/205): "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم".
هذا ما أحببت التنبيه عليه في هذه المسألة، لعموم البلوى بها، وكثرة الواقعين في إثمها، والمغترين بزخرفها، مما يحتم الحديث عنها، نصحا للمسلمين، وتحذيرا من سبل الكافرين، وحماية لجناب الشريعة والتوحيد.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه
حمد بن محمد الهاجري
الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الكويت
19/صفر/1435
الموافق 22/ 12/ 2013
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ففي هذه الأيام يجتمع عيدان كبيران من أعياد النصارى، عيد ميلاد المسيح عليه السلام(الكريسمس)، وعيد رأس السنة الميلادية، ويقع فيهما جملة من الشعائر والأعمال المملوءة بالكفر والبدعة، والمشتملة على الشبهات المضلة، والشهوات المحرمة.
ولقد أحدث النصارى عيد الميلاد لما يزعمونه تجديدا لذكرى مولد المسيح عليه السلام، مع أنهم مختلفون في سنة مولده وشهره ويومه.
و أما عيد رأس السنة الميلادية؛ فإنه يوافق عيدا وثنيا لدى اليونان والرومان الوثنيين، فلما اعتنق الرومان النصرانية، أقره الرهبان، فأحدثوا لها أصولا دينية عندهم، وزعموا أن المسيح عليه السلام خُتِنَ فيه، وسموا هذا العيد الوثني عيد الختانة.
وقد أصبح لهذا الاحتفال بهذين العيدين في زمننا هذا شأن عظيم عند النصارى، وانتقل إلى المسلمين وغيرهم بسبب التقليد والتبعية، والتزيين الإعلامي لهما.
وساعد على انتشارها اعتماد التأريخ الميلادي تقويما لأكثر دول العالم، حتى أصبح كثير من المسلمين يحفظونه، ولا يحفظون التأريخ الهجري الإسلامي.
وإن من الأصول التي جاءت بها الشريعة الإسلامية مخالفة الكفار وحرمة التشبه بهم في أمورهم الدينية، وما اختصوا به من الأمور العادية؛ وقد دل على هذا الأصل أدلة من الكتاب والسنة والإجماع؛ ومنها ما يأتي:
قول الله تعالى:(ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)الحديد:16.
وقول النبي عليه الصلاة والسلام:"من تشبه بقوم فهو منهم". رواه أبو داود، وصححه الألباني.
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1/321) الإجماع على تحريم التشبه بالكفار.
وبناء على هذا الأصل؛ لا يجوز حضور أعياد الكفار أو المشاركة فيها، أو الإعانة عليها ببيع أدوات العيد واحتياجاته، أو إعارتها أو إجارتها أو هبتها. كما لا يجوز التهادي بمناسبتها، أو قبول هداياها، أو تهنئتهم بها، أو الرد على التهنئة بمثلها، أو إظهار الفرح بها، أو الاستهانة والتساهل بذلك.
ومما يدل على هذا بخصوصه ما يأتي:
1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:"لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم؛ فإن السخطة تنزل عليهم". رواه عبدالرزاق والبيهقي، وصححه ابن تيمية.
2- قال عمر رضي الله عنه - أيضا -:"اجتنبوا أعداء الله في عيدهم". رواه البخاري في التاريخ الكبير، والبيهقي.
3- أن عمر رضي الله عنه لما صالح نصارى الشام وكتب شروطه عليهم، كان منها:"أن أهل الذمة لا يخرجون صليبا ولا كتابا في أسواق المسلمين، ولا يظهرون أعيادهم، وذكر منها: الباعوث والشعانين..". رواه البيهقي.
4- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنها قال: "من بنى ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك؛ حشر معهم يوم القيامة". رواه البيهقي، وصححه ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1/457)
5- أجمع الصحابة والأئمة من بعدهم على إنكار أعياد الكفار؛ فاليهود كانوا في المدينة وخيبر وما نقل عن أحد من الصحابة مشاركتهم في أعيادهم بشيء من ذلك.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1/183):" أعياد المشركين جمعت الشبهة والشهوة والباطل، ولا منفعة فيها في الدين، وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها إلى ألم؛ فصارت زورًا، وحضورها شهودها".
وقال ابن تيمية – أيضا- في اقتضاء الصراط المستقيم(1/454):"فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ للمسلمين فعلها؟".
وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/722):"وكما أنه لا يجوز لهم إظهاره (أي العيد) فلا يجوز للمسلمين ممالأتهم عليه، ولا مساعدتهم، ولا الحضور معهم، باتفاق أهل العلم".
وقال ابن القيم –أيضا- في كتابه أحكام أهل الذمة في أحكام أهل الذمة (1/205): "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم".
هذا ما أحببت التنبيه عليه في هذه المسألة، لعموم البلوى بها، وكثرة الواقعين في إثمها، والمغترين بزخرفها، مما يحتم الحديث عنها، نصحا للمسلمين، وتحذيرا من سبل الكافرين، وحماية لجناب الشريعة والتوحيد.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه
حمد بن محمد الهاجري
الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الكويت
19/صفر/1435
الموافق 22/ 12/ 2013