إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

الذب المأمول عن العلامة الألباني رحمه الله للشيخ محمد بازمول الحلقة الثامنة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [سلسلة] الذب المأمول عن العلامة الألباني رحمه الله للشيخ محمد بازمول الحلقة الثامنة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحلقة الثامنة
    قال الشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله تعالى :
    قولهم : متساهل في التصحيح :
    فهذا أمر نسبي يختلف بحسب الناس ، فمن كان متشددا يرى غيره متساهلا ، ومن كان متساهلا يرى غيره متشددا ، و المرجع في معرفة الحقيقة إلى الاستقراء و السبر للحال ، ومقارنته بغيره .
    و جملة المسائل التي ينسب فيها الألباني إلى التسهل هي التالية :
    1. تحسين الحديث الضعيف بتعدد الطرق .
    2. قبول خبر الراوي مجهول الحال ، و اعتماده توثيق ابن حبان رحمه الله .
    3. تعديله لبعض الرواة الضعفاء .
    و سأعرض هذه المسائل مبينا الصواب فيها – إن شاء الله تعالى – ثم أذكر موقف الألباني ، مقارنا مع كلام أهل العلم لتقف على الحق الحقيق بالقبول ، إن شاء الله تعالى .
    المسألة الأولى : تحسين الحديث الضعيف بتعدد الطرق .
    الكلام فيها من خلال النقاط التالية :
    - الحديث الضعيف الذي اشتد ضعفه لا يترقى إلى درجة الحسن لغيره بتعدد الطرق .
    - شروط ترقي الحديث الضعيف إلى مرتبة الحسن .
    - الحديث الحسن لغيره محلا للاجتهاد.
    - تعدد طرق الحديث يفيد في بيان مرتبة الحديث قبولا و رداً .
    - لكل حديث نظر خاص .
    و إليك البيان :
    الحديث الضعيف الذي اشتد ضعفه لا يترقى إلى درجة الحسن لغيره بتعدد الطرق .
    كل أنواع الحديث الضعيف تقبل الاعتبار و الانجبار ، و تترقى بتعدد الطرق ، إلا الحديث الذي في سنده راوٍ كذّاب وضّاع ، و حديث المتهم بالكذب ، و حديث الراوي الذي في مرتبة الترك ( كمن ساء حفظه جدا ) و الحديث الشاذ ، و الحديث المنكر .
    قال ابن الصلاح -رحمه الله - في تعريفه للقسم الأول من الحديث الحسن ، وهو الحسن لغيره قال رحمه الله : ((الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور الحال لم تتحقق أهليته ، غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ فيما يرويه ، و لا هو متهم بالكذب في الحديث ، أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ، و لا سبب آخر مفسق ، و يكون متن الحديث مع ذلك قد عُرف بأنه روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله ، أو بما له من شاهد ، وهو ورود حديث آخر بنحوه ، فيخرج بذلك من أن يكون شاذا أو منكرا ، وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل )) اهـ.
    قلت : يعني كلام الترمذي في بيان مراده من الحسن عنده : (( ألا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ، و لا يكون شاذا ، و يروى من غير وجه )) اهـ .
    و قد دل هذا الكلام على إخراج الأنواع التالية ، عن قبولها للترقي بتعدد الطرق وهي :
    - الحديث الذي فيه راوٍ كذاب .
    - الحديث الذي في إسناده راوٍ متهم بالكذب .
    - الحديث الذي فيه راوٍ مغفل كثير الخطأ ، و في حكمه سيء الحفظ جداً .
    - الحديث الشاذ .
    - الحديث المنكر .
    و هذه الأنواع هي التي استثنيتها في صدر القاعدة عن قبول الترقي بتعدد الطرق .
    قال ابن الصلاح رحمه الله : (( ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه ، بل ذلك يتفاوت ، فمنه ضعف يزيله ذلك بأن يكون ضعفه ناشئا من حفظ راويه ، مع كونه من أهل الصدق و الديانة ، فإذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا أنه مما قد حفظه ، و لم يختل فيه ضبطه له ، و كذلك إذا كان ضعفه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك ، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ ؛ إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر .
    و من ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف ، و تقاعد هذا الجابر عن جبره ، و مقاومته ، و ذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب أو كون الحديث شاذا .
    و هذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة و البحث ، فاعلم ذلك فإنه من النفائس )) اهـ .
    شروط ترقي الحديث الضعيف إلى مرتبة الحسن لغيره :
    و الكلام السابق عن الترمذي و ابن الصلاح – رحمهما الله – يفيد أن تعدد طرق الحديث الضعيف لا يرقيه إلى مرتبة الحسن لغيره إلا بشرطين :
    الأول : ألا يشتد ضعف الطرق .
    الثاني : أن يكون تعدد الطرق تعددا حقيقيا بحيث لا يغلب على الظن أن هذه الطرق هي في الحقيقة طريق واحد ، تصرف فيه الرواة ، و هذا معنى قولهم : (( يروى من غير وجه )) أو (( اختلف مخرج الحديث )) .
    الحديث الحسن لغيره محل للاجتهاد :
    و لمّا كان الحديث الحسن لغيره ، مما يتفاوت الناس في إدراكه حيث ِأن تفاصيله تدرك بالمباشرة و البحث ، و الناس يتفاوتون في ذلك قال الإمام الذهبي رحمة الله عليه : لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها ، فأنا على إياس من ذلك فكم من حديث تردد الحافظ الواحد هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح ، بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد ، فيوم يصفه بالصحة و يوم يصفه بالحسن و لربما استضعفه . و هذا حق فإن الحديث الحسن يستضعفه الحافظ عن أن يرقيه إلى رتبة الصحيح ، فبهذا الاعتبار فيه ضعف ما ، إذ الحسن لا ينفك عن ضعف ما ، و لو انفك عن ذلك لصح باتفاق )) اهـ .
    و قال ابن كثير رحمه الله – عن الحديث الحسن : (( و هذا النوع لمّا كان وسطا بين الصحيح و الضعيف في نظر الناظر ، لا في نفس الأمر ، عسُر التعبير عنه و ضبطه على كثير من أهل هذه الصناعة ، وذلك بأنه أمر نسبي ، شيء ينقدح عند الحافظ ربما تقصر عبارته عنه )) اهـ .
    تعدد طرق الحديث يفيد في بيان مرتبة الحديث قبولا و ردا :
    قد يكون الحديث ضعيفا فتتعدد طرقه فيرتقي إلى درجة الحسن لغيره لتوفر شروط ترقي الحديث فيه ، و قد تتعدد طرق الحديث الذي ظاهره الصحة فيكشف هذا التعدد علة في الحديث لم تكن ظاهرة .
    قال ابن تيمية –رحمة الله عليه : (( و المقصود هنا أن تعدد الطرق مع عدم التشاور او الاتفاق في العادة ، يوجب العلم بمضمون المنقول ، لكن هذا ينتفع به كثيرا من علم أحوال الناقلين و في مثل هذا ينتفع برواية المجهول ، و السيء الحفظ ، و بالحديث المرسل و نحو ذلك ، و لهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ، و يقولون إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره .
    كما أنهم يستشهدون و يعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ ، فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم غلطه فيها ، بأمور يستدلون بها – و يسمون هذا علم علل الحديث ، و هو من أشرف علومهم – بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط ، و غلط فيه ، و غلطه فيه عرف إما بسبب ظاهر ، ( و إما بسبب غير ظاهر ) )) اهـ .
    و قال ابن حجر –رحمه الله - : (( المقبول ما اتصل سنده و عدلت رجاله ، أو اعتضد بعض طرقه ببعض حتى تحصل القوة بالصورة المجموعة ، و لو كان كل طريق منها لو انفردت لم تكن القوة فيها مشروعة .
    و بهذا يظهر عذر أهل الحديث من تكثيرهم طرق الحديث الواحد ؛ ليعتمد عليه ؛ إذ الإعراض عن ذلك يستلزم ترك الفقيه العمل بكثير من الأحاديث اعتمادا على ضعف الطريق التي اتصلت إليه )) اهـ .
    لكل حديث نظر خاص :
    و أهل الحديث مع هذا جميعه يصرحون بأن لكل حديث نظر خاص من المحدث ، خاصة في باب زيادات الثقات .
    قال ابن تيمية – رحمه الله – (( لكل حديث ذوق . و يختص بنظر ليس للآخر )) اهـ.
    قال ابن رجب رحمه الله في معرض كلام له على التفرد و التعليل به : (( و أما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد ، و إن لم يروا الثقات خلافه : إنه لا يتابع عليه ن و يجعلون ذلك علة فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه و اشتهرت عدالته و حديثه ، كالزهري و نحوه ، و ربما يستنكرون تفردات الثقات الكبار أيضا ، و لهم في كل حديث نقض خاص ، و ليس عندهم لذلك ضابط يضبطه )) اهـ

    وقال ابن عبد الهادي رحمه الله في كلام حول زيادات الثقات : (( بل كل زيادة لها حكم يخصها ، ففي موضع يجزم بصحتها .... و في موضع يغلب على الظن صحتها .... و في موضع يجزم بخطأ الزيادة .... و في موضع يغلب على الظن خطؤها .... و في موضع يتوقف في الزيادة )) اهـ .
    وبعد : فأنت إذا تقرر لديك هذا البيان لمسألة تحسين الحديث الضعيف الذي لم يشتد ضعفه بتعدد الطرق ؛ فاعلم أن الألباني رحمه الله لم يخرج عن سنن القوم ، بل كان مطبقا لقواعدهم ، مراعيا لنهجهم ، سالكا فيه سبيلهم .
    و أنت إذا لا حظت أن المرجع في هذه القضية إلى البحث و طول الممارسة و الدربة في تخريج الحديث ؛ فإنك تسلم – إن شاء الله تعالى – للألباني في حكمه في تحسين الحديث الضعيف الذي لم يشتد ضعفه بتعدد الطرق ، إذ أمضى رحمه الله قرابة نصف قرن مشتغلا بالحديث تخريجا و دراسة و دعوة و تصنيفا ، مما يجعل كفته ترجح في هذا الجانب على غيره ممن يعترض عليه ، و لمّا يبلي بلاءه في ذلك !
    و أزيد إيضاحا مسألة تقوي الحديث بتعدد الطرق ، فأقول :
    تعدد طرق الحديث الضعيف الذي لا يخرج عن أن يقال فيه أحد الأقوال التالية :
    إنه لا يفيد في قوة الحديث شيئا ، بل كل طريق للحديث يعل الطريق الآخر .
    و على هذا لا يكون هناك حديث حسن لغيره أصلا ، وهذا كاف في طرح النظر في تأمل هذا القول !
    القول الثاني : إنه يقوي الحديث الضعيف سواء كان شديد الضعف ، أم يسير الضعف ، ما دام يغلب مع تعدد هذه الطرق عدم وجود تواطؤ بين رجال هذه الطرق على رواية الحديث ، و لم يكن المتن منكرا ، و أن يكون المتن قصة طويلة تتكرر مع ذلك في كل مخرج .
    قال في الهامش (( و لا شك أن هذا يشعر أن للحديث أصلا ، ومن أجل هذا كان السيوطي رحمه الله يعترض على ابن الجوزي رحمه الله في كتابه :[الموضوعات] في بعض الأحاديث بأن لها طرقا كثيرة ، كما تراه في كتابه : [ اللآليء المصنوعة ] ثم إذا نظرت فيها وجدتها في مرتبة الضعيف الذي لا يقبل الانجبار ، ومراده بهذا : أن كثرة الطرق مع تعدد المخرج ، مع استبعاد حصول التواطؤ ، مع تكرار لفظ الحديث أو بنحوه ، يشعر بأن للحديث أصلا يمتنع معه الحكم بالوضع .
    نعم يبقى النظر هل هو ضعيف فقط ، أو يترقى إلى الحسن لغيره !
    وهذه المسألة تحتاج إلى بحث خاص يفرد لها ، من أجل تحريرها ، وماذكرته هنا مجرد عرض للقضية ، لتعلقها بما البحث بصدده . ثم رأيت الحافظ السلفي يشير إلى صحة حديث : (( من حفظ على أمتي أربعين ....)) و تعليق الحافظ المنذري عليه بقوله : (( لعل السلفي كان يرى أن مطلق الأحاديث الضعيفة إذا انضم بعضها إلى بعض أخذت قوة )) . فتعقبه الحافظ ابن حجر في الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع ص 90 : (( لكن تلك القوة لا تخرج هذا الحديث عن مرتبة الضعف . فالضعيف يتفاوت فإذا كثرت طرق حديث رجح على حديث فرد ، فيكون الضعف الذي ضعفه ناشئ عن سوء حفظ رواته إذا كثرت طرقه ارتقى إلى مرتبة الحسن ،، و الذي ضعفه ناشئ عن تهمة أو جهالة إذا كثرت طرقه ارتقى عن مرتبة المردود المنكر الذي لا يجوز العمل به بحال ، إلى رتبة الضعيف الذي يجوز العمل به في فضائل الأعمال )) وقال : (( وعلى هذا يحمل قول النووي في خطبة الأربعين له : و قد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وقال ( أي النووي ) بعد أن ذكر هذا الحديث : اتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف إن كثرت طرقه )) اهـ . قلت : فكلامه صحيح في أن تعدد طرق الحديث الضعيف تقويه مطلقا سواء كان الضعف في درجة الاعتبار أم لا . كما أفاد أن التقوية الناشئة من تعدد طرق الحديث الضعيف الذي ليس في مرتبة الاعتبار يرقيه من مرتبة المردود المنكر الذي لا يجوز العمل به بحال ، إلى درجة الضعف الذي في درجة الاعتبار ترقيه إلى درجة الحسن لغيره .
    تنبيهان :
    الأول : جواز العمل بالحديث الضعيف ، مشروط بشروط ذكرها الحافظ نفسه في رسالته تبيين العجب ، انظر كتاب التخريج و دراسة الأسانيد (ضمن الإضافة) ص 383-384 .
    الثاني : قول ابن حجر رحمه الله : (( و الذي ضعفه ناشئ تهمة أو جهالة .....)) مراده أن الطرق الذي جاء من طريق راوٍ مجهول ، ثم جاء من طريق رواة متهمين أو دونهم لا تترقى بذلك لدرجة الحسن لغيره ، أو أن رواية المجهول التي جاءت عن طريق متهمين لا تعد في مرتبة الاعتبار ، و ليس مراده أن رواية المجهول لا تقبل الاعتبار مطلقا فتنبه . انظر تحرير المنقول في الراوي المجهول (ضمن الإضافة) ص 129-138 ، و مناهج المحدثين في تقوية الأحاديث الحسنة و الضعيفة ص 92-93 ، 305-367 .
    انتهت الحاشية .
    القول الثالث : أنه يتقوى بذلك ، بالشرطين السابقين :
    - ألا يشتد ضعف الحديث .
    - أن تتعدد طرق الحديث .
    و القول الوسط بين تشدد الأول و تساهل الثاني هو القول الثالث .
    فهل يقال عن هذا القول الثالث الذي جرى عليه جمهور أهل الحديث ، ومعهم الألباني ، هل يقال عنه تساهل في التحسين ؟!
    المسألة الثانية: قبول حديث الراوي مجهول الحال ، واعتماده توثيق ابن حبان رحمه الله .
    وهذه من المسائل التي نسب فيها الألباني إلى التساهل دون دليل صحيح عليها ! إذ الواقع أن الألباني رحمه الله ردّ في أكثر من موضع على من يعتمد توثيق ابن حبان رحمه الله للراوي ، ووصف ابن حبان بالتساهل !
    لكنه رحمه الله نبه إلى أن الرجل الذي ينفرد ابن حبان بتوثيقه ، و يروي عنه أكثر من ثقة ، ولم يأت بمتن منكر أنه صدوق يحتج به ، ولم يتنبه إلى هذا بعض الفضلاء فنسب الشيخ إلى التناقض .
    وقد عقد الألباني في مقدمة كتابه ((تمام المنة)) القاعدة الخامسة و عنوانها : (( عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان )) ومما قاله فيها : (( إن المجهول بقسميه لا يقبل حديثه عند جمهور العلماء ، وقد شذ عنهم ابن حبان فقبل حديثه و احتج به و أورده في صحيحه .
    ثم نقل الألباني عن الحافظ ابن حجر و ابن عبدالهادي –رحمهما الله – ما يؤكد ذلك ، مع زيادة تحقيق و تدقيق منه رحمه الله – ثم ذكر بعض الأمثلة على من ذكره ابن حبان في الثقات ، و لم يروِ عنه غير راوٍ ضعيف أو مجهول ، ثم نبه إلى أن الجهالة العينية وحدها ليست جرحا عند ابن حبان ، وقال (( وقد ازددت يقينا بذلك بعد أن درست تراجم كتابه [الضعفاء] وقد بلغ عددهم قرابة ألف و أربعمائة راوٍ ، فلم أر فيهم من طعن فيهم بالجهالة إلا أربعة منهم ، لكنه طعن فيهم بروايتهم المناكير ، و ليس بالجهالة ، وهاك أسماءهم وكلامه فيهم ......)) .
    ثم قال الألباني : (( والخلاصة أن توثيق ابن حبان يجب أن يتلقى بكثير من التحفظ و الحذر لمخالفته في توثيقه للمجهولين ، لكن ليس ذلك على اطلاقه كما بينه العلامة المعلمي في [التنكيل] (1/437-437) مع تعليقي عليه ، وراجع لهذا البحث ردي على الشيخ الحبشي فإنه كثير الاعتماد على من وثقه ابن حبان في المجهولين ص 18-21.
    و إن مما يجب التنبيه عليه أيضا أنه ينبغي أن يضم إلى ما ذكره المعلمي أمر آخر هام ، عرفته بالممارسة لهذا العلم قلة من نبه عليه ، و غفل عنه جماهير الطلاب ، وهو : أن من وافقه ابن حبان ، و قد روى عنه جمع من الثقات ن و لم يأت بما ينكر عليه ، فهو صدوق يحتج به .
    و بناء على ذلك قويت بعض الأحاديث التي هي من هذا القبيل، كحديث العجن في الصلاة ، فتوهم بعض الناشئين في هذا العلم أنني ناقضدت نفسي ، و جاريت ابن حبان في شذوذه ، و ضعف هو حديث العجن .......)) .
    وقد عاد الألباني إلى التدليل على صحة ما جرى عليه أثناء كتابه ((تمام المنة)) في رده على بعض الفضلاء ، فهذا الذي جرى عليه الألباني ، ليس من التناقض في شيئ ، و الحمد لله ، كما أنه ليس من التساهل ، بل هو أمر جرى عليه جمهور أهل العلم !
    عقد ابن أبي حاتم في كتابه الجرح و التعديل ، بابا ترجمته : (( باب في رواية الثقة عن غير المطعون عليه ، أنها تقويه ، وعن المطعون عليه أنها لا تقويه )) ثم قال : (( سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة مما يقويه ؟ قال : إذا كان معروفا بالضعف لم تقوهـ روايته عنه ، و إذا كان مجهولا نفعه رواية الثقة عنه )) .
    وقال ابن أبي حاتم رحمه الله : (( سألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوي حديثه ؟ قال : إي لعمري . قلت : الكلبي روى عنه الثوري . قال : إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء ، وكان الكلبي يتكلم فيه .......)).
    قال ابن أبي حاتم رحمه الله : (( قلت لأبي : ما معنى رواية الثوري عن الكلبي وهو غير ثقة عنده ؟ قال : كان الثوري يذكر الرواية عن الكلبي على الإنكار و التعجب فتعلقوا روايته عنه و إن لم تكن روايته عن الكلبي قبوله له )) اهـ .
    و قال ابن القطان رحمه الله عن سعيد بن محمد بن جبير : (( لا يعرف حاله ، و إن عرف نسبه و بيته ، و روى عنه جمع ، فالحديث لأجله حسن لا صحيح )) اهـ .
    قال الذهبي رحمه الله : (( الجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ، و لم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح )) اهـ .
    وهذه النصوص تفيد أن رواية الثقة عن الرجل الذي لا يعرف بجرح و تعديل مما يقويه ، و محل هذا و لا شك إذا لم يأت بمتن منكر ، فكيف إذا انضاف إلى ذلك توثيق ابن حبان .
    فإذا جرى الألباني على هذا يقال عنه متساهل ؟!
    المسألة الثالثة : تعديله لبعض الرواة الضعفاء .
    فهذه دعوى ؛ إذ لا يستطيعون أن يأتوا براوٍ واحدٍ أجمع على ضعفه ، و جاء الألباني و عدله هكذا !
    نعم تجد الألباني يعدل راوٍ اختلف في توثيقه و جرحه ، وهو حينما يرجح التعديل ، إنما يرجحه بالمرجحات المعتبرة عند أهل العلم .
    و يطبق القواعد التي جرى عليها العلماء في الجرح و التعديل ، فهو يقدم الجرح على التعديل . ولا يقبل الجرح إلا مفسراً .
    و إذا جرح الراوي بجرح و ظهر له أنه ليس بجارح لسبب من الأسباب اعتبر ذلك .
    و يقبل الجرح المجمل في حق من لم تثبت عدالته .
    و يراعي التفصيل في حال كل راوٍ ، متبعا – جهده و طاقته – كلام أئمة الجرح و التعديل .
    خذ على سبيل المثال :-
    - إسماعيل بن عياش ، تقرأ في ترجمته جرحا مطلقا ، وتعديلا مطلقا ، و تفصيلا في حاله ، فهو إذا روى عن الشاميين ضابطٌ ، و إ ذا روى عن غيرهم لا يضبط ؛ فالألباني اعتمد التفصيل فيه ، و لم يقبل الجرح المطلق و لا التعديل المطلق .
    - عبدالله بن لهيعة ؛ تقرأ في ترجمته جرحا مطلقا ، و تعديلا مطلقا ، و تفصيلا يتبين منه ضبطه لما رواه قبل احتراق كتبه و اصوله ، وضعف ضبطه بعد ذلك ، و الألباني يعتمد هذا التفصيل في حال ابن لهيعة ، فيقبل ممن روى عنه قبل احتراق كتبه ، ولا يقبل ممن روى عنه بعد الاحتراق إلا في الشواهد و المتابعات .
    و الأمثلة على هذا كثيرة لست أرى حاجة إلى التطويل بذكرها ، وحاله في ذلك لا ينسب إلى التساهل عند من تفكر ، و أنصف .
    يتبع إن شاء الله تعالى
    الحلقة التاسعة
    من قول المؤلف حفظه الله تعالى
    أما قولهم :متناقض في أحكامه على الحديث .
يعمل...
X