فإنّ مقالتهم كـ (الظلال) يوشك أفياؤها أن تزولا
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم
الحمد لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خاتم رسلِ الله
الحمد لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خاتم رسلِ الله
أمّا بعد
قال عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَب[1] (ت184ه) رَحِمَهُ اللهُ:
"وَلَا تَصْحَبَنَّ أَخَــا بِدْعَـــةٍ * وَلَا تَسْــــمَعَنَّ لَهُ الدَّهْرَ قِيلًا
فَإِنَّ مَقَالَـــــتَهُمْ كَـ (الظِّلَا * لِ) يُوشِكُ أَفْيَاؤُهَا أَنْ تَزُولَا
وَقَدْ أَحْــكَمَ اللَّهُ آيَـــــــاتِهِ * وَكَانَ الرَّسُـــولُ عَلَيْهَا دَلِيلًا
وَأَوْضَحَ لِلْمُسْلِمِينَ السَّبِيل * فَلَا تَتْبَعَنَّ سِــوَاهَا سَبِيلًا"
"تأويل مختلف الحديث" -ط: دار الكتاب العربي- ص 43
قال الحافظ الذهبيّ في ترجمة الحارث المحاسبيّ:
"وقال سَعِيد بْن عمرو البَرْدعيّ: شهدتُ أَبَا زُرْعَة -وَقد سُئِلَ عن الحارث المُحَاسبيّ وكُتُبِه- فقال للسّائل:
(إيّاك وهذه الكُتُب، هذه كُتُب بِدَعٍ وضَلالات.
عليك بالأثر، فإنّك تجد فِيهِ ما يُغْنيك).
قيل له:
في هذه الكُتْب عِبْرة.
قال:
(مَن لم يكن له فِي كتابِ اللَّه عِبْرة، فليس له فِي هذه الكُتُب عِبْرة.
بَلَغَكم أنّ سُفيانَ ومالكًا والأوزاعيّ صنَّفوا هذه الكُتُب فِي الخطرات والوساوس؟! ما أسرع النّاس إلى البِدَع!)
مات الحارث سنة ثلاث وأربعين ومئتين.وأين مثل الحارث؟!
( تَسَاؤُلٌ تعجبيّ أي :مقارنة بهولاء الضالين المضلين كــ(ابن جَهْضَم،والطُّوْسِيُّ وصاحب الغُنية وصاحب فُصُوص الحِكَم ) إلخ،وليس الرفع من شأنه فهوضال مبتدع .بنت عمر)
فكيف لو رأى أبو زرعةَ تصانيفَ المتأخِّرين كـ"القُوت" لأبي طالب، وأين مثل "القوت"؟!
كيف لو رأى "بهجة الأسرار" لابن جَهْضَم، و"حَقَائِق التَّفْسِيْر" لِلسُّلَمِيّ؟!
لَطَار لُبُّهُ!
كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطُّوْسِيُّ في ذَلك على كثرة ما في "الإِحيَاء" مِن الموضوعات.
كيف لو رأى "الغُنْيَة" للشيخ عبد القادر؟!
كيف لو رأى "فُصُوص الحِكَم" و"الفتوحات المكية"؟!
بلى لَمّا كان الحارثُ لسانَ القوم في ذاك العصر؛ كان معاصرُه ألفَ إمامٍ في الحديث، فيهم مثل أحمد بن حنبل، وابن راهويه، ولَمّا صار أئمةُ الحديث مثل ابن الدُّخميسِيّ، وابن شُحَانَة؛ كان قطبَ العارفين كصاحب "الفُصُوص"، وابن سفيان[2].
نسأل اللهَ العفْوَ والمسامَحَة، آمين" اه مِن "ميزان الاعتدال" (1/ 43)
"فكيف لو رأوا هُمْ[أي أبو زرعة وأئمةُ الحديث في عصره]وابنُ تيمية كتابَ "الظلال"، تُحَرَّف فيه كلمة (لا إله إلا الله)، وتُحَرَّف فيه دَعواتُ الرُّسُلِ إلى التوحيد، وتُقَرَّر فيه وحدة الوجود؟!" قاله العلامة ربيع المدخليّ -حَفِظَهُ اللهُ- عقب كلامِ الحافظ الذهبيّ السابق؛ يُنظَر "بيان فساد المعيار" ضمن: "مجموع كُتُب فضيلته""10/ 519) و520 )
مصدر الوثيقة
________________________________________
[1] - عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
[2] - في نسخة: (ابن سبعين)، وصوّبه العلامة ربيع في المصدر المذكور لاحقًا.
- سُكَينة بنت محمد ناصر الدين الألبانية