أسئلة أجاب عليها فضيلة الشيخ العثيمين رحمه الله
س: أحسن الله إليك فضيلة الشيخ، هذا السائل يقول: استثنى بعض الفقهاء من البائن من الحي الذي يحكم بأنه ميتة استثنى منه الطريدة، فما معناها؟ وما الدليل على استثنائها؟ وجزاكم الله خيرا.
ج: أي نعم استثنوا الطريدة، وكذلك المسك وفأرته، فالطريدة أن يطرد القوم المسافرون صيدا، ولا يدركونه إلا أن يقطعوه كل واحد قطع جزءا حتى مات فهذا جائز، واستدل الإمام أحمد -رحمه الله- بذلك بأن المسلمين كانوا يفعلونه في مغازيهم يطردون الظباء أو غيرها، فلا يدركونها، ثم كل واحد منهم يقطع شيئا، ثم تموت، فهذه حلال.
ودليلها فعل الصحابة -رضي الله عنهم- وأن بعضهم لا ينكر على بعض أما المسك وفأرته، فهناك نوع من الظباء يجرب على وجه معين فيخرج منه دم، ثم يشد هذا الدم الخارج، وأريد بخروج الدم منه أنه يطفو على جلده من الداخل، فيحبسون هذا الدم، ويشدونه بخيط قوي حتى ييبس هذا المحبوس، ثم ينفصل من الجلد، ويقال: إن هذا الدم من أحسن أنواع المسك مع أنه كان في الأول دما، فالجلد الذي انفصل وما فيه من الدم الذي صار طيبا حلالا، وفي ذلك يقول المتنبي لممدوحه:
فـإن تفـق الأنـام وأنت منهم
فـإن المسـك بعـض دم الغزال
س: نعم أحسن الله إليك، هذا السائل يقول: فضيلة الشيخ البنك يمنح من أودع عنده مالًا بطاقة للسحب، ويستطيع أن يسحب من أي دولة خارج دولته، ولكن الآلة تصرف له نقود الدولة التي تم السحب فيها. فهل هذا جائز مع الحاجة لذلك وجزاكم الله خيرا ؟.
ج: إذا لم يمكن إلا هذه الطريقة فلا بأس. وإن أمكن سواها بحيث يودع الإنسان في بلده نقود البلد التي يريد السفر إليها، ثم يسحبها هناك، فهذا هو الواجب إذا أمكن أو تسحب النقود التي في بلده، وهناك في البلد الثاني تقع المصارفة بين الساحب والبنك الذي هناك بسعر وقته ومكانه، فإذا لم يمكن هذا ولا هذا فأرجو –إن شاء الله- أن يكون ما ذكره السائل جائزا. نعم.
س: أحسن الله إليك هذا يقول: ما حكم التبرع بأعضاء الجسم كالكلية مثلًا وغيرها؟ وما حكم شراء هذه الأعضاء إذا كان المريض محتاجا لذلك، وهل يجوز أخذها ممن قارب على الهلاك ؟.
ج: الذي أرى أنه لا يجوز التبرع بالأعضاء مطلقا لا من حي ولا من ميت، وقد ذكر صاحب الإقناع...... شيئا من أعضائه قال: ولو أوصى به فإن وصيته لا تنفذ؛ لأن الأجسام أمانة في الداخل، ولا يجوز التفريط في هذه الأمانة، وكسر عظم الميت ككسره حيا، وما استحسنه بعض المتأخرين من جواز التبرع بالعضو إذا لم يكن على المتبرع ضرر، وكان فيه مصلحة للآخر المتبرع له، فهو استحسان نرى أنه ليس بحسن؛ لأنه مخالف لظاهر النصوص.
ثم نقول: إن تجويز هذا أدى إلى مفسدة، فقد سمعنا في غير البلاد الإسلامية يخطفون الصغار، ويذبحونهم، ويأخذون من أعضائهم ما يمكن أن يبيعوه بأغلى الأثمان، وهذه مفسدة عظيمة، ثم إن التبرع بالعضو مفسدته محققة؛ لأن المتبرع سيفقد عضوا خلقه الله –عز وجل- ولم يخلقه الله عبثا، بل لا بد له من فائدة، وربما يتبرع بإحدى الكليتين مثلًا، ثم تتعطل الباقية، فيؤدى ذلك إلى الهلاك، ثم زرعها في الجسد الآخر ليس مضمونا مائة في المائة، بل إذا نجح، فإنه يحتاج أيضا إلى تناول أدوية باستمرار أو على زمن طويل، فالذي أرى: وجوب حماية الأجساد، أجساد المسلمين أو من له ذمة واحدة، وأنه لا يجوز لأحد أن يتبرع لأحد، ولو كان أباه أو ابنه. نعم لو وجد الإنسان هذا الشيء هذا العضو مبذولًا فهنا قد يقال: إنه يجوز أخذه بعوض. نعم.
س: أحسن الله إليك، هذا السائل يقول ما حكم أكل لحم الغزال الذي دهس بالسيارة مع العلم بأنه قد فارق الحياة قبل أن يزكى نرجو التوضيح ؟.
ج: أكل هذا حرام يعني: الظبي أو الظبية الذي دهس بالسيارة، ولم يزك قبل موته حرام؛ لقول الله تعالى: حرمت عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ نعم.
س: وهذا يا شيخ سائل يقول: أحسن الله إليك، رجل تزوج، ثم ترك زوجته وسافر طالبا للعيش- نعم- فطوّل ولم يعد، وأخبرت زوجته أنه قد مات، فقضت العدة، وتزوجت ثم بعد ما يقارب ثلاثة أسابيع رجع الزوج الأول، فلمن تذهب الزوجة، إلى الزوج الأول أم الثاني أفتونا مأجورين؟.
ج: يكون الذهاب للزوج الأول، إن شاء أجاز العقد، ورجع على الزوج الثاني بمهره الذي أعطاه المرأة، أو بمهر مثلها في وقته ذلك، وإن اختار أخذها من الثاني، ولا يرجع الثانى عليه بشيء؛ لأن الثاني تزوجها وهو مخاطر في الحقيقة؛ فإن زوجها قد يحضر، والصحيح أنه لا فرق بين كون ذلك بعد جماع الثاني أو قبله؛ لأن ظاهر النصوص الواردة عن الصحابة لا تفصيل فيها. نعم.
س: هذه يا شيخ -أحسن الله إليك- سائلة تسأل عن حكم الرقص في المناسبات باستعمال الدّف؟.
ج: أما استعمال الدّف فلا بأس به، بل هو سنة في ليالي الزفاف، أي أيام الأعراس بشرط ألا يصحبه غناء سافل أو أصوات دقيقة عالية تفتن من سمعها، وأما الرقص فلا أراه، أي لا أرى للمرأة أن ترقص؛ لأننا سمعنا بعض القضايا التي تؤدي إلى أمر مكروه. نعم.
س: أحسن الله إليك، سائلة أخرى تقول: جاءتني العادة الشهرية، ومضت سبعة أيام، وبعدها أتت علامة الطهر بعد المغرب، وفي اليوم التالي أتاني على شكل شعيرات من الدم بعد العصر، فهل أصلي أم لا، والله يرعاكم ؟.
ج: نعم تصلي؛ لأن هذه الشعيرات الحمراء لا تعد حيضا، فهي من جنس الصفرة والكدرة، وقد قالت أم عطية -رضي الله عنها- "كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا". نعم.
س: أحسن الله إليك يقول: إذا كنت في المسجد ثم خرجت -أعزكم الله- إلى دورة المياه، ورجعت فهل علي أن أصلي تحية المسجد؟.
ج: ليس عليك أن تصلي تحية المسجد؛ لأنك خرجت بنية الرجوع في وقت قصير، وهذا الخروج لا يعتبر خروجا من المسجد حكما، بدليل أن المعتكف إذا خرج لقضاء حاجته، ورجع عن قرب لم يبطل اعتكافه، بل يبني على ما مضى من اعتكافه، ولو كان مثل هذا الخروج يعد خروجا عن المسجد حكما لبطل الاعتكاف، ومثل ذلك لو خرج من المسجد ليأتي بكتابه يدرس به، وكان ذلك في مدة قصيرة، فإنه لا يصلي تحية المسجد.
نعم. ولو صلى لا حرج، لكن لا نطلب منه تحية مسجد كتحية من دخل لأول مرة. نعم.
س: أحسن الله إليك، يقول: حججت هذا العام مع حملة، وعند المبيت بالمزدلفة أرادوا الخروج منها قبل الفجر في منتصف الليل، وذهبت معهم مع أنه لم يكن معي نساء، فذهبت مع باقي الحملة، فهل يلزمني شيء، وهل فعلي صحيح؟.
ج: لا يلزمه شيء، لكن ما أدري هل خرجوا من مزدلفة بعد أن مضى أكثر الليل، فإذا كان خرجوا من مزدلفة بعد أن مضى أكثر الليل، فلا بأس في مثل هذه الأيام؛ لأن هذه الأيام الزحام شديد، وكل واحد ممكن أن يكون له عذر، وقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- للنساء أن يدفعن من مزدلفة في آخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- تأمر غلامها أن يشاهد القمر فإذا غاب دفعت. نعم.
-أحسن الله إليك، هذا يقول: ليس معه نساؤه يا شيخ.
لا يضر هو مع صحبته مع رفقته، وتخلفه عنهم ربما يشق عليه، ربما يضيع عنهم، ثم إننا أشرنا إلى أننا في هذه الأيام الزحام، وهو مشقة حاصل لكل أحد حتى للرجال الأقوياء. نعم.
-يا شيخ، يقول: إن الحملة أبقوا باصا لمن أراد المبيت.
أيش؟.
-الحملة يقول أبقوا يعني: شاحنة لمن أراد أن يبيت يعني: يكمل الليل.
أرى أن هذا فرصة وغريب، وكان عليه لما أبقوا الباص لمن يبيت أن يبيت، لكني لا أرى أن يجب عليه الدم لما فعل، وأرجو الله تعالى أن يتقبل منه. نعم.
س: أحسن الله إليك يقول: رجل دخل مع جماعة، وهو مسافر بحيث إنهم كانوا يصلون المغرب، وهم سائرون في الطريق، ولكنّه يصلي العشاء، فجلس بعد الثانية، وقاموا هم للثالثة، فلما جلسوا للتشهد سلّم معهم، فهل فعله صحيح؟.
ج: نعم فعله صحيح، لكن خير من ذلك أنه لما قام الإمام للثالثة أن ينوي الفراق، ويصلي ركعتين، ولعلّ قائلا يقول: لماذا لا نجعله يتم مع الإمام صلاة المغرب ثم يأتي بركعة؟ لأن من ائتم بمن يتم الصلاة لزمه أن يتم معه. والجواب عن هذا أن نقول: إن صلاة المغرب ثلاث ركعات وصلاة العشاء أربع اختلفت الصلاتان، فله إذا قام أمامه أن ينفرد ويسلم. نعم.
س: أحسن الله إليك، يا شيخ ليس سؤالًا إنما هو طلب، أحد الإخوة من مدينة الأفلاج يقول: إن مدينة الأفلاج بعيدة عن العلماء، وأهلها متعطشون لزيارة سماحتكم فما رأيكم بارك الله فيكم.
والله أرى أن يعذروني؛ لأن أشغالنا كثيرة، وعندنا طلبة كثيرون، ولا نحب أن نتأخر عنهم، فيلحقهم الكسل.
الوقت انتهى الآن.
بقي سؤال يا شيخ: نعم.
س: هذا يقول والدي رجل كبير في السن ولديه بعض الأملاك، وفي الآونة الأخيرة تسلمت إدارة الأملاك، وهو لا يؤدي زكاتها مطلقا، وهناك عدة أسئلة حول هذا الموضوع.
الأول: هل يجب علي إخراج زكاتها -دون علمه؛ لأنه إذا علم فلن يرضى مطلقا بذلك- وأوزعها على المحتاجين ؟.
ج: إذا كانت الوكالة مطلقة بأن تعرف بأنك وكيل عنه في كل شيء، فله أن يخرج الزكاة، أما إذا كانت الوكالة تعني الوكالة في تدبير هذه الأملاك، فهي عنه شراء وتأجيرا، فإنه لا يملك إخراج الزكاة إلا بتوكيل من أبيه. نعم.
س: ويقول أيضا: إن هذا الوالد لا ينفق على البيت، وأنا ساكن معهم، وأقوم في أكثر الأحيان بالصرف عليهم؛ نظرا لأني موظف، ولكنّي في بعض الأحيان لا أستطيع؛ لأن عليّ دينا يقول: هل يجوز لي أن آخذ بقدر ما يكفي البيت وأنفق عليه بدون علمه.
ج: نعم يجوز له أن يأخذ من مال أبيه ما ينفقه على بيت أبيه بدون علمه. نعم.
س: هذا السائل يقول: بعض الأوقات تأتيني ضائقة مالية، ولا يكون أمامي إلا أن ألجأ إلى هذا المال مع النية الصادقة في إرجاعه في أقرب وقت، فهل يحل لي ذلك بدون علمِه؟.
ج: لا يحق لا يحل له أن يأخذ من المال الموكل فيه إلا بعد موافقة الموكل؛ لأنه أمين، والأمين لا يتصرف لمصلحة نفسه. نعم.
س: والفقرة الأخيرة يقول: وهو لا يتم الصلاة، ويتحجج بسلس البول، ويؤديها في البيت، وإذا سألته قال: صلّيت وأنا متأكد أنه لم يصلّ، وإذا صلّى فإنه لا يؤديها بالصورة الصحيحة، بل ويشغل المصلّين بعدم حسن صلاته.
أيش، أيش ؟
بل ويشغل المصلين بعدم حسن صلاته، ولم ينفع تعليمي له ونصحي له، بماذا تنصحني جزاك الله خيرا، وأرجوك في نهاية هذا أن تدعو له.
اللهم اهدنا وإياه، الواجب عليه إذا كان يتأذى الناس به بحضوره المسجد، أو يتأذى المسجد بحضوره أن يصليها في البيت، ويجب عليه أن يصلّي على حسب حالته، وسلسل البول لا يمنع الصلاة فإنه يستطيع أن يتوضأ بعد دخول وقت الصلاة، ويتحفظ ويصلّي الصلاة، ويجمع إذا كان يشق عليه أن يصلّي كل صلاة في وقتها، فالأمر واسع ولله الحمد. نعم.
---------------------------------------------------------
شرح "منظومة القواعد و الأصول"