الجهاد لا بد أن يكون على السنة
حَدَّثَنا أَسَدٌ قالَ: حَدَّثَنا المُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ عَنْ يُونُسَ بنِ عُبَيْدٍ عنِ ابنِ سِيرينَ قالَ: أَخْبَرني أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ حُذَيْفَةَ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى حُذَيْفَةَ بنِ اليَمانِ وأبو موسى الأشعري قاعدٌ فقالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً ضَرَبَ بِسَيْفِهِ غَضَباً لله حتى قُتِلَ، أينَ هو، أفي الجَنَّةِ أَمْ في النَّارِ؟ فقالَ أبو موسى: في الجنَّةِ، فقالَ حذيفة: اسْتَفْهِمِ الرَّجُلَ وَأَفْهِمْهُ ما تَقُولُ؟ قالَ أبو موسى: سُبْحَانَ الله! كيفَ قلتَ؟ قالَ: قُلتُ: رَجُلٌ ضَرَبَ بِسَيْفِهِ غَضَباً لله حتى قُتِلَ، أفي الجَنَّةِ أم في النَّارِ؟ فقالَ أبو موسى: في الجَنَّةِ. قالَ حُذَيْفَةُ: اسْتَفْهِمِ الرَّجُلَ وَأَفْهِمْهُ ما تَقُولُ. حتى فَعَلَ ذلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَ في الثَّالِثَةِ قالَ: والله لا أَسْتَفْهِمهُ. فَدَعا بِهِ حُذَيفَةُ فَقَالَ: رُوَيْدَكَ إنَّ صَاحِبَكَ لو ضَرَبَ بِسَيْفِهِ حتى يَنْقَطِعَ فَأَصَابَ الحَقَّ حتى يُقتلَ عليه فهو في الجَنَّةِ، وإنْ لَمْ يُصِبِ الحَقَّ ولميُوْفِّقْْهُ الله للحَقِّ فهو في النَّارِ. ثُمَّ قالَ: والَّذي نَفْسِي بيده لَيَدْخُلَنَّ النَّارَ في مِثْلِ الّذي سألتَ عنهُ أكثرُ من كذا وكذا..
***************************
حَدَّثَنا أَسَدٌ قالَ: حَدَّثَنا المُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ عَنْ يُونُسَ بنِ عُبَيْدٍ عنِ ابنِ سِيرينَ قالَ: أَخْبَرني أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ حُذَيْفَةَ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى حُذَيْفَةَ بنِ اليَمانِ وأبو موسى الأشعري قاعدٌ فقالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً ضَرَبَ بِسَيْفِهِ غَضَباً لله حتى قُتِلَ، أينَ هو، أفي الجَنَّةِ أَمْ في النَّارِ؟ فقالَ أبو موسى: في الجنَّةِ، فقالَ حذيفة: اسْتَفْهِمِ الرَّجُلَ وَأَفْهِمْهُ ما تَقُولُ؟ قالَ أبو موسى: سُبْحَانَ الله! كيفَ قلتَ؟ قالَ: قُلتُ: رَجُلٌ ضَرَبَ بِسَيْفِهِ غَضَباً لله حتى قُتِلَ، أفي الجَنَّةِ أم في النَّارِ؟ فقالَ أبو موسى: في الجَنَّةِ. قالَ حُذَيْفَةُ: اسْتَفْهِمِ الرَّجُلَ وَأَفْهِمْهُ ما تَقُولُ. حتى فَعَلَ ذلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَ في الثَّالِثَةِ قالَ: والله لا أَسْتَفْهِمهُ. فَدَعا بِهِ حُذَيفَةُ فَقَالَ: رُوَيْدَكَ إنَّ صَاحِبَكَ لو ضَرَبَ بِسَيْفِهِ حتى يَنْقَطِعَ فَأَصَابَ الحَقَّ حتى يُقتلَ عليه فهو في الجَنَّةِ، وإنْ لَمْ يُصِبِ الحَقَّ ولميُوْفِّقْْهُ الله للحَقِّ فهو في النَّارِ. ثُمَّ قالَ: والَّذي نَفْسِي بيده لَيَدْخُلَنَّ النَّارَ في مِثْلِ الّذي سألتَ عنهُ أكثرُ من كذا وكذا..
***************************
نعم. وهذا أكثر عظيم، روي عن ابن مسعود، وعن حذيفة، وكلهم - كما قلنا علماءوفقهاء- وهم أفقه من أبي موسى، فالقصة أن حذيفة أو ابن مسعود -والأشبه أنه حذيفة- كان جالسا وأبو موسى عنده جالس، فجاء رجل وقال لأبي موسى يسأله: أرأيت رجلا ضرب بسيفه غضبا لله وقُتل، أين هو؟
فقال أبو موسى بسرعة: هو في الجنة، غضب لله فهو في الجنة، فقال حذيفة أو عبدالله بن مسعود: على رسلك، سل الرجل. أيها المفتي سل صاحبك، استفهم منه، وهم يقصدون معنى آخر، فاستفهم منه، فرد الرجل نفس الكلام، قال: هو في الجنة، قال: استفهم صاحبك، فاستفهم منه ثلاث مرات، ثم قال: والله لا أسأله؛ ما عندي إلا هذا.
فقال حذيفة أو ابن مسعود: رويدك، إن صاحبك لو ضرب بسيفه حتى ينقطع إن كان قدأصاب الحق، أصاب السنة كان الجهاد مثله مثل غيره، لا بد أن يكون على السنة فهو في الجنة.
وإن ضرب بسيفه ولم يصب الحق، ولم يوفقه الله للحق فهو في النار، ثم قال حذيفة: والذي نفسي بيده ليدخلن النار في مثل ما سألت عنه أناسٌ يقاتلون بسيوفهم غضبا لله سيدخل النار منهم كذا، وكذا أعداد كثيرة، مما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
فانظروا يا إخواني، عظم هذا الأثر حتى في الجهاد. الجهاد ليس له قانون خاص، الجهاد من العبادة من الدين، لا بد فيه من الإخلاص، أن يكون يقاتل؛ لتكون كلمة الله هي العليا، والثانية أن يكون على السنة كما قال حذيفة أو ابن مسعود: أن يصيب الحق.
قال الحسن: فإذا بقوم قد ضربوا بأسيافهم يدعون أنه غضب لله وهم على البدع، وهم الخوارج وأمثالهم. انظر كيف يردون الناس، يضللون لهم. إذا كان يقاتل وهو غير السنة على غير الطريقة حتى لو كان قال: غضب لله، ما في شخص يقول: أنا غضبت للشيطان،كلٌّ يدعي أنه غضب لله، وأن قيامه إنه نصرة للدين، وأن قيامه لإنكار المنكر، لكن هل هوعلى السنة، لكن هو هل على الطريقة؟ الجهاد واضح طريقه، واضح أمره.
النبي صلى الله عليه وسلم بينه زي ما بين غيره، ما تركنا إلا على مثل البيضاء، فإذا كان بشروطه، وبأركانه، وأمر واضح، وراية واضحة، وشيء سمح، إذا قتل الإنسان فيه يدري إنه على الطريق فقد أصاب الحق.
وإذا كان أمر ملفق ولا تدري، ما يؤتى الأمر من قبل وجهه فليس على الحق، حتى لوكان ذروة السنام، حتى لو كان تستشعره النفوس وتحبه، لا بد من أمرين: الإخلاص،والمتابعة، في كل أمر، لا بد أن يكون قتاله على السنة، ونيته أن تكون كلمة الله هي العليا. سيقاتل أناس عصبية، وسيقاتل أناس حمية، وسيقاتل أناس للذكر، وسيقاتل أناس للمغنم، وسيقاتل ناس.. أمور كثيرة، من هو في سبيل الله يا رسول الله؟ قال: - من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا- في جهاده هذا فهو في سبيل الله، فاعرف هذا.
فمثلا الآن الذي يقتل نفسه في الجهاد، هذا إجماع من المسلمين على أن قتل النفس لا يجوز، إجماع متأصل عند المسلمين أن قتل النفس لا يجوز، حرام ما يجوز، ولا يوجد استثناء من هذا الإجماع، أين الاستثناء من هذا الإجماع؟!
من يأتي باستثناء أنه أن قتل النفس حرام إلا في الجهاد؟ من يأتينا؟ من يستطيع أن يأتينا؟
النصوص واضحة، إجماع على أن قتل النفس لا يجوز حرام- من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة- فإذا جاء شخص على غير السنة يقول: لا. أقتل نفسي وأتقرب إلى الله بذلك، فهذه بدعة، تقرب إلى الله بالمعصية! هذه بدعة؛ لا يوجد في تاريخ المسلمين من باشر قتل نفسه ومُدح، غاية أمره أن يقال: عسى الله أن يعفو عنه، وهذا ارتكب معصية وكبيرة وعسى الله أن يعفو عنه.
أما أن يمدح على هذا؟! ما يوجد. من باشر قتل نفسه. لا تأتيني بشخص أعان، أو شخص غمس، أو شخص دل على قتل نفسه، من ضغط على نفسه، أو قتل نفسه بحديدة، أو بسم وأُثني عليه، ما يوجد. هذا كل التاريخ أمامكم تاريخ المسلمين، بل إن في صحيح البخاري ومسلم في قصة خيبر أن النبي عليه الصلاة والسلام لما ذهب إلى خيبر قالوا لعامر بن الأكوع- صوته حسن- أعطنا منه هُنياتك يا عامر، فأخذ يحدو بهم يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنـــا ولا صلينــا
بصوت حسن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحمه الله، قال عمر لو أمتعتنا به يارسول الله؟ يعني عرف مقصد النبي صلى الله عليه وسلم، عرف أنه سيموت، فلما جاء من الغد كان عامر رضي الله عنه سيفه قصير فذهب إلى يهودي، واليهودي معه ترس، فأراد عامر أن يسفل لليهودي- أن يأتيه من تحت الترس- فمع قوة الضربة رجعت على ركبته فقطعت الأكحل فمات، فقال الصحابة: حبط عمله. انظروا مباشر الفهم وليس أغمار الصحابة، لماجاء سلمة يشتكي قال: يا رسول الله من هم: قال: أسيد بن حضير، وفلان، وفلان، منهم هم الفقهاء. قالوا حبط عمله. شف قتل نفسه في الجهاد، ويقولون: حبط عمله.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم لهم أنه أخطأ، ما تعمد، لو كان يوجد استثناء ماأخره النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت الحاجة، ما قال: لا، في الجهاد الإنسان إذا قتل نفسه ما فيه مانع؛ تأخير البيان عن وقت الحاجة ما يجوز، ولكنه قال: لا، هذا مخطئ، ما أراد أن يقتل نفسه، قال- : إنه جاهد،مجاهد، قلما عربي مشى بها مثله. - .
يقول سلمة - : لقيني من الغد وأنا كئيب حزين، قال: ما لك يا سلمة؟ قلت: يا رسول الله أصحابك يقولون عمي: حبط عمله، قال: إنه جاهد مجاهد، قلَّ عربي مشى بها مثله. - .
فلو كان إنه يوجد استثناء من قتل النفس لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا في جهاد الآن، والذي قتل نفسه الآخر ذاك لم يقتل نفسه مثله قتل نفسه تأذيا من الجراح قال النبي صلى الله عليه وسلم - : هو في النار. - .
فيا إخواني، ما يوجد، هذا إجماع و هذا فتوى العلماء كلهم، وأنا أقول: التاريخ أمامنا. أما ينقل شيء من الكفار؛ يعني هذا قتل النفس في القتال ما عُرف إلا عندالكفار، عرف في الحرب العالمية فعله اليابانيون مع الأمريكان، ثم نقلوه حماس في فلسطين، قبل سنوات قليلة، ثم يكون هو السنة! ومن أنكر يثرب عليه، ويقال: هذا يسب المجاهدين!!
سبحان الله! أين هذا؟ ائتوا بدليل أن إنسان يقتل نفسه ويمدح؟!
لا يجوز هذا، ولا يُساعد هذا، أن نتشبه بالكفار في أخبث أعمالهم، ونحن أهل الجهاد، والجهاد ذروة السنام.
الكفار يقتلون أنفسهم، الكفار ما عندهم دين، ولا عندهم خلق، فليقتلوا أنفسهم، لكن نحن أشياء تردنا، فإذا قال شخص: لا يوجد حل إلا أن نقتل أنفسنا، منعونا، ماعندنا سلاح، ولا شيء، ما عندنا حل إلا أن نفجر أنفسنا.
فنقول: إذا بلغنا إلى هذه الدرجة من الضعف، ما وجب علينا الجهاد، إذا بلغ إنا ما نستطيع نقاتل الكفار إلا بقتل أنفسنا، معناه أننا في غاية الضعف، معناه نعود على أنفسنا ونجتمع من جديد ونعود إلى السنة حتى يعزنا الله.
أما أن نداوي الضعف بما يزيد الضعف، الآن قتل النفس يزيد الضعف؛ لأنه خلاف مراد الله.
والمقصود كلام ابن مسعود أو حذيفة قالوا: والله لو قال: إني غضبان لله، وإني أنكر المنكر، وإني أفعل وأفعل، إذا ما أصاب الحق وأصاب السنة فليس في سبيل الله - : - فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًاوَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا- .
الدين واضح، والصراط المستقيم واحد، ليس عندنا قولين، هو صراط واحد، فانظروا في أمر الجهاد، في أمر الدعوة، في أمر العبادة على هذه السنن.
نسأل الله -عز وجل- أن يلزمنا الطريق، ويفقهنا فيه، وأن يجعل قلوبنا سمحة،طاهرة، تقبل الحق، وتنقاد إليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
------------------------------------------------
"التحذير من البدع" شرح الشيخ الحجي