السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فهذه مناظرة بين الأسدي السني مع معتزلي أحمد بن أبي دؤاد يرويها الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
وهذا تفريغها
أُدْخِلَ الشيخُ على الواثق، وهو مُقيدٌ بالسلاسل، وكان شيخًا شاميًا، أمرَ قاضي القضاة أحمدُ بن أبي دؤاد باعتقالِه؛ لأنه كان يقول بقول الإمام أحمد بن حنبل في إثبات صفة الكلام لله -تعالى-.
فَسَلَّمَ لما أُدْخِلَ على الواثق غيرَ هائبٍ، ودعا للواثق فأوجز، قال له الواثق: يا شيخ ناظر ابن أبي دؤاد على ما يناظرك عليه، فقال الشيخُ الأسدي: يا أمير المؤمنين هذا لا يقوى على المناظرة، فغضب الواثق لإهانته قاضي القضاة، وقال: أبو عبدالله بن أبي دؤاد يضيق أو يقل أو يضعف عن مناظرتك أنت؟!!
فقال: هَوِّنْ عليكَ يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في كلامه، فقال الواثقُ: قد أذنتُ لك.
ثم التفت الشيخُ إلى أحمد بن أبي دؤاد، وقال له: خَبِّرني يا ابن أبي دؤاد أمقالتك تلك -يقصد الشيخُ بدعته في القول بخلق القرآن- أبدعتك تلك واجبةٌ في أصول الدين، فلا يكون الدين كاملاً إلا بما قلتَ؟!
قال ابن أبي دؤاد: نعم.
قال الشيخ أبو عبدالرحمن: هل ستر الرسول -صلى الله عليه وسلم- شيئًا مما أمر الله به المسلمين في أمر دينهم؟!
قال ابن أبي دؤاد: لا.
قال الشيخُ: هل دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى مقالتك هذه؟!
فسكت ابن أبي دؤاد.. قال الشيخ أبو عبدالرحمن للخليفة الواثق: يا أمير المؤمنين، هذه واحدة.
ثم قال: يا ابن أبي دؤاد، أخبرني عن الله -تعالى- حين أنزل ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، فقلتَ أنتَ: الدين لا يكون تامًا إلا بمقالتك في خلق القرآن، فهل كان الله -تعالى- الصادقَ في إكمال دينه، أو أنتَ الصادقُ في نقصانه؟!!
فسكتَ ابن أبي دؤاد.
قال الشيخُ أبو عبدالرحمن لأمير المؤمنين الواثق: يا أمير المؤمنين، ثِنْتَان.
ثم قال: يا أحمد، مقالتُك هذه عَلِمَها رسولُ الله أم جهلها؟!
قال: عَلِمَها.
قال الشيخُ أبو عبدالرحمن: أفدعا الناسَ إليها؟!
فسكتَ ابن أبي دؤاد.
قال يا أمير المؤمنين: ثلاث.
ثم قال: خَبِّرني يا أحمد لما علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقالتك التي دعوتَ الناسَ إليها، هل وسعه أنْ أمسكَ عنها أم لا؟!
قال أحمد: عَلِمَها وسكت عنها!!
قال الشيخُ أبو عبدالرحمن: أفوسعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن علمها وأمسكَ عنها -كما زعمتَ- ولم يُطالب بها أمته؟!!
قال: نعم.
فأعرض الشيخ عنه، وأقبل على الخليفة فقال: يا أمير المؤمنين إنْ لم يسعه ما وسع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السكوتَ عنه، فلا وَسَّعَ اللهُ على مَن لم يسعه ما وَسِعَ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- أن يسكت عنها.
فقال الواثقُ: نعم، لا وَسَّعَ الله على مَن لم يسعه ما وَسِعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبكى وأمر بِحَلِّ قيوده، فجاذبَ الشيخُ الحدّادَ على القيود يودُّ لو يحتفظُ بها، فقال الواثقُ: ولمَ؟!
قال: نويتُ أن تُجعلَ قيودي بين جلدي وكفني؛ لأخاصم بها هذا الظالمَ يوم القيامة.. وبكى الشيخُ أبو عبدالرحمن، وبكى الواثقُ، وبكى الحاضرون.
قال الواثق: اجعلني في حِلّ.
قال: والله لقد جعلتك في حِلٍّ وَسَعَة من أول يومٍ إكرامًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ كنتَ رجلاً من أهله.
قال الواثقُ: تُقيم معي؟!
قال الشيخُ أبو عبدالرحمن: ردّك إياي إلى الموضع الذي أخذني منه هذا الظالمُ أَجْدَى عليك وأنفع لك، ثم قامَ وخرجَ.
أتدري لمَ؟! لأنه خلّف البنات خلفه يضرعن إلى الله -تبارك وتعالى- داعياتٍ على مَن ظلم أباهن.
الرابط الصوتي
أما بعد فهذه مناظرة بين الأسدي السني مع معتزلي أحمد بن أبي دؤاد يرويها الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
وهذا تفريغها
أُدْخِلَ الشيخُ على الواثق، وهو مُقيدٌ بالسلاسل، وكان شيخًا شاميًا، أمرَ قاضي القضاة أحمدُ بن أبي دؤاد باعتقالِه؛ لأنه كان يقول بقول الإمام أحمد بن حنبل في إثبات صفة الكلام لله -تعالى-.
فَسَلَّمَ لما أُدْخِلَ على الواثق غيرَ هائبٍ، ودعا للواثق فأوجز، قال له الواثق: يا شيخ ناظر ابن أبي دؤاد على ما يناظرك عليه، فقال الشيخُ الأسدي: يا أمير المؤمنين هذا لا يقوى على المناظرة، فغضب الواثق لإهانته قاضي القضاة، وقال: أبو عبدالله بن أبي دؤاد يضيق أو يقل أو يضعف عن مناظرتك أنت؟!!
فقال: هَوِّنْ عليكَ يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في كلامه، فقال الواثقُ: قد أذنتُ لك.
ثم التفت الشيخُ إلى أحمد بن أبي دؤاد، وقال له: خَبِّرني يا ابن أبي دؤاد أمقالتك تلك -يقصد الشيخُ بدعته في القول بخلق القرآن- أبدعتك تلك واجبةٌ في أصول الدين، فلا يكون الدين كاملاً إلا بما قلتَ؟!
قال ابن أبي دؤاد: نعم.
قال الشيخ أبو عبدالرحمن: هل ستر الرسول -صلى الله عليه وسلم- شيئًا مما أمر الله به المسلمين في أمر دينهم؟!
قال ابن أبي دؤاد: لا.
قال الشيخُ: هل دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى مقالتك هذه؟!
فسكت ابن أبي دؤاد.. قال الشيخ أبو عبدالرحمن للخليفة الواثق: يا أمير المؤمنين، هذه واحدة.
ثم قال: يا ابن أبي دؤاد، أخبرني عن الله -تعالى- حين أنزل ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، فقلتَ أنتَ: الدين لا يكون تامًا إلا بمقالتك في خلق القرآن، فهل كان الله -تعالى- الصادقَ في إكمال دينه، أو أنتَ الصادقُ في نقصانه؟!!
فسكتَ ابن أبي دؤاد.
قال الشيخُ أبو عبدالرحمن لأمير المؤمنين الواثق: يا أمير المؤمنين، ثِنْتَان.
ثم قال: يا أحمد، مقالتُك هذه عَلِمَها رسولُ الله أم جهلها؟!
قال: عَلِمَها.
قال الشيخُ أبو عبدالرحمن: أفدعا الناسَ إليها؟!
فسكتَ ابن أبي دؤاد.
قال يا أمير المؤمنين: ثلاث.
ثم قال: خَبِّرني يا أحمد لما علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقالتك التي دعوتَ الناسَ إليها، هل وسعه أنْ أمسكَ عنها أم لا؟!
قال أحمد: عَلِمَها وسكت عنها!!
قال الشيخُ أبو عبدالرحمن: أفوسعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن علمها وأمسكَ عنها -كما زعمتَ- ولم يُطالب بها أمته؟!!
قال: نعم.
فأعرض الشيخ عنه، وأقبل على الخليفة فقال: يا أمير المؤمنين إنْ لم يسعه ما وسع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السكوتَ عنه، فلا وَسَّعَ اللهُ على مَن لم يسعه ما وَسِعَ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- أن يسكت عنها.
فقال الواثقُ: نعم، لا وَسَّعَ الله على مَن لم يسعه ما وَسِعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبكى وأمر بِحَلِّ قيوده، فجاذبَ الشيخُ الحدّادَ على القيود يودُّ لو يحتفظُ بها، فقال الواثقُ: ولمَ؟!
قال: نويتُ أن تُجعلَ قيودي بين جلدي وكفني؛ لأخاصم بها هذا الظالمَ يوم القيامة.. وبكى الشيخُ أبو عبدالرحمن، وبكى الواثقُ، وبكى الحاضرون.
قال الواثق: اجعلني في حِلّ.
قال: والله لقد جعلتك في حِلٍّ وَسَعَة من أول يومٍ إكرامًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ كنتَ رجلاً من أهله.
قال الواثقُ: تُقيم معي؟!
قال الشيخُ أبو عبدالرحمن: ردّك إياي إلى الموضع الذي أخذني منه هذا الظالمُ أَجْدَى عليك وأنفع لك، ثم قامَ وخرجَ.
أتدري لمَ؟! لأنه خلّف البنات خلفه يضرعن إلى الله -تبارك وتعالى- داعياتٍ على مَن ظلم أباهن.
الرابط الصوتي
تعليق