النوع السابع والعشرون: من التشبه بأعداء الله تعالى ما يفعله كثير من الجهال من تكتيف اليدين على الدبر. وهذا الفعل السخيف من أفعال الإفرنج وأضرابهم من أعداء الله تعالى كما حدثنا بذلك من خالطهم كثيرًا ورأى ذلك منهم. وقد تلقى ذلك عنهم كثير من سفهاء المسلمين. وقد تقدم حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» وتقدم أيضا حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال: «ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى».
وفي هذين الحديثين دليل على المنع من تكتيف اليدين على الدبر لما في ذلك من التشبه بأعداء الله تعالى.
وقد روى أبو داود في سننه بإسناد جيد عن الشريد بن سويد رضي الله عنه قال: مر بي رسول الله ? وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على إلية يدي فقال: «أتقعد قعدة المغضوب عليهم» صححه النووي ورواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وفيه دليل على أنه لا يجوز للمسلم أن يتشبه بأعداء الله تعالى لا في فعل ولا في هيئة ففيه دليل على المنع من تكتيف اليدين على الدبر.
ولو فرضنا عدم الدليل على المنع من هذا التكتف الذميم لكان العقل يقتضي المنع منه لأمرين:
أحدهما ما فيه من التشبه بالأسارى المستذلين المقهورين والعاقل لا يرضى لنفسه أن يكون مثلهم وقد ورد النهي عن التشبه بالذين يعذبون فقال أبو داود في سننه:
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي -ح- وحدثنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب وهذا لفظه جميعا عن هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى رجلا يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة وقال هارون بن زيد ساقط على شقه الأيسر ثم اتفقا فقال: لا تجلس هكذا فإن هكذا يجلس الذين يعذبون. إسناد الأول حسن والثاني صحيح على شرط مسلم.
وقد رواه الإمام أحمد في مسنده مرفوعًا إلى النبي ? فقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير حدثنا هشام يعني ابن سعد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ? رأى رجلا ساقطًا يده في الصلاة فقال: «لا تجلس هكذا إنما هذه جلسة الذين يعذبون» إسناده صحيح على شرط مسلم وفيه دليل على المنع من تكتيف اليدين على الدبر لما فيه من التشبه بالأسارى المكتوفين. والتكتيف نوع من التعذيب.
الأمر الثاني: أنه فعل مستقبح عند ذوي المرواءات والشيم. وكيف لا يكون قبيحًا بالرجل أن يضع يديه على دبره ثم يمشي بين الناس وهو على ذلك الوضع المستهجن المزري بالصبيان الصغار فضلا عن الرجال الكبار؟
فينبغي للعاقل أن يسمو إلى معالي الأمور التي تجمله وتزينه ويبعد عن سفاسف الأمور التي تدنسه وتشينه والله الموفق.
وقد زعم بعض المفتونين بتكتيف اليدين على الدبر أن في ذلك فائدة طبية والظاهر أن
هذا غير صحيح وإنما هو من المغالطات والحجج الجدلية ولو قدر صحة ما زعمه لم يكن ذلك مبيحًا للتشبه بأعداء الله تعالى. وليس كل ما فيه فائدة طبية يكون جائزُا من أجل تلك الفائدة. بل ينظر في الشيء فإن كان مباحًا جاز التداوي به وإن كان محرما حرم التداوي به وإن كان مكروهًا كره التداوي به والأمثلة على ذلك كثيرة وليس هذا موضع ذكرها.
ونقتصر ههنا على مثال واحد وهو أن العاشق لغير زوجته أو أمته التي يجوز له وطؤها قد يحصل له من الضرر ما يئول به إلى الهلاك.
ومن المعلوم أن دواءه وفائدته الطبية في الإلمام بمعشوقه لا غير فهل يقال إنه يجوز له الإلمام بالمرأة المحرمة عليه أو بالصبي من أجل ما له في ذلك من الفائدة الطبية. كلا لا يقول هذا أحد من المسلمين.
وكذلك لا يظن بأحد من أئمة المسلمين أن يقول بجواز التشبه بأعداء الله تعالى من أجل فائدة طبية تحصل من ذلك التشبه.
وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «تداووا ولا تداووا بحرام».
وقال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم»، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري أخرجه ابن أبي شيبة عن جرير عن منصور وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وروى الحافظ أبو يعلى وابن حبان في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي ? أنه قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم».
ففي هذه الأحاديث دليل على أنه لا يجوز التداوي بشيء محرم وظاهرها يشمل الأعيان المحرمة والأفعال المحرمة. ومن الأفعال المحرمة الغناء والضرب على آلات الملاهي والاستماع إليها.
وقد نص العلماء على تحريم التداوي بصوت ملهاة واستدلوا على ذلك بعموم حديث «لا تداووا بحرام».وإذا كان التداوي بصوت الملهاة محرما فالتداوي بما فيه تشبه بأعداء الله تعالى كذلك بل هو أولى بالتحريم لما يقتضيه ظاهر قوله ?: «من تشبه بقوم فهو منهم».اهـ
الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين 220-223
وفي هذين الحديثين دليل على المنع من تكتيف اليدين على الدبر لما في ذلك من التشبه بأعداء الله تعالى.
وقد روى أبو داود في سننه بإسناد جيد عن الشريد بن سويد رضي الله عنه قال: مر بي رسول الله ? وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على إلية يدي فقال: «أتقعد قعدة المغضوب عليهم» صححه النووي ورواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وفيه دليل على أنه لا يجوز للمسلم أن يتشبه بأعداء الله تعالى لا في فعل ولا في هيئة ففيه دليل على المنع من تكتيف اليدين على الدبر.
ولو فرضنا عدم الدليل على المنع من هذا التكتف الذميم لكان العقل يقتضي المنع منه لأمرين:
أحدهما ما فيه من التشبه بالأسارى المستذلين المقهورين والعاقل لا يرضى لنفسه أن يكون مثلهم وقد ورد النهي عن التشبه بالذين يعذبون فقال أبو داود في سننه:
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي -ح- وحدثنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب وهذا لفظه جميعا عن هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى رجلا يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة وقال هارون بن زيد ساقط على شقه الأيسر ثم اتفقا فقال: لا تجلس هكذا فإن هكذا يجلس الذين يعذبون. إسناد الأول حسن والثاني صحيح على شرط مسلم.
وقد رواه الإمام أحمد في مسنده مرفوعًا إلى النبي ? فقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير حدثنا هشام يعني ابن سعد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ? رأى رجلا ساقطًا يده في الصلاة فقال: «لا تجلس هكذا إنما هذه جلسة الذين يعذبون» إسناده صحيح على شرط مسلم وفيه دليل على المنع من تكتيف اليدين على الدبر لما فيه من التشبه بالأسارى المكتوفين. والتكتيف نوع من التعذيب.
الأمر الثاني: أنه فعل مستقبح عند ذوي المرواءات والشيم. وكيف لا يكون قبيحًا بالرجل أن يضع يديه على دبره ثم يمشي بين الناس وهو على ذلك الوضع المستهجن المزري بالصبيان الصغار فضلا عن الرجال الكبار؟
فينبغي للعاقل أن يسمو إلى معالي الأمور التي تجمله وتزينه ويبعد عن سفاسف الأمور التي تدنسه وتشينه والله الموفق.
وقد زعم بعض المفتونين بتكتيف اليدين على الدبر أن في ذلك فائدة طبية والظاهر أن
هذا غير صحيح وإنما هو من المغالطات والحجج الجدلية ولو قدر صحة ما زعمه لم يكن ذلك مبيحًا للتشبه بأعداء الله تعالى. وليس كل ما فيه فائدة طبية يكون جائزُا من أجل تلك الفائدة. بل ينظر في الشيء فإن كان مباحًا جاز التداوي به وإن كان محرما حرم التداوي به وإن كان مكروهًا كره التداوي به والأمثلة على ذلك كثيرة وليس هذا موضع ذكرها.
ونقتصر ههنا على مثال واحد وهو أن العاشق لغير زوجته أو أمته التي يجوز له وطؤها قد يحصل له من الضرر ما يئول به إلى الهلاك.
ومن المعلوم أن دواءه وفائدته الطبية في الإلمام بمعشوقه لا غير فهل يقال إنه يجوز له الإلمام بالمرأة المحرمة عليه أو بالصبي من أجل ما له في ذلك من الفائدة الطبية. كلا لا يقول هذا أحد من المسلمين.
وكذلك لا يظن بأحد من أئمة المسلمين أن يقول بجواز التشبه بأعداء الله تعالى من أجل فائدة طبية تحصل من ذلك التشبه.
وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «تداووا ولا تداووا بحرام».
وقال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم»، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري أخرجه ابن أبي شيبة عن جرير عن منصور وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وروى الحافظ أبو يعلى وابن حبان في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي ? أنه قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم».
ففي هذه الأحاديث دليل على أنه لا يجوز التداوي بشيء محرم وظاهرها يشمل الأعيان المحرمة والأفعال المحرمة. ومن الأفعال المحرمة الغناء والضرب على آلات الملاهي والاستماع إليها.
وقد نص العلماء على تحريم التداوي بصوت ملهاة واستدلوا على ذلك بعموم حديث «لا تداووا بحرام».وإذا كان التداوي بصوت الملهاة محرما فالتداوي بما فيه تشبه بأعداء الله تعالى كذلك بل هو أولى بالتحريم لما يقتضيه ظاهر قوله ?: «من تشبه بقوم فهو منهم».اهـ
الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين 220-223