وقفات على ابواب كتاب التوحيد (الوقفة الخامسة)
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً... أما بعد: قإن التوحيد هو أصل الأصول التي به يدخل العبد الجنة وإن كان مقصراً وبتركه يخلد في النار وإن كان عابداً فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله :صلى الله عليه وسلم: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) رواه البخاري ومسلم.
فمن شهد أي نطق بلا إله إلا الله وأن محمد رسول الله عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها موقناً بها فإن الله يدخله الجنة ولو كان مقصراً فهو تحت المشيئة أن شاء عذبه وأن شاء غفر له وهذا معنا (أدخله الله على ما كان من العمل) وفي الحديث أثبات الشهادة بأن عيسى عبد الله ورسوله وان الله خلقه بكلمة كن (فقال له كن فيكون) وأنه روح من الأرواح التي خلقها الله ونسبها إليه تشريفاً له وتكريماً فمن أنكر أن عيسى عبد الله ورسوله كفر وهذا فيه رد على النصارى الذين غلو فيه فمنم من قال هو الله ومنهم من قال هو ابن الله ومنهم من قال هو ثالث ثلاثة فوصفه الله بالعبودية وانه عبد يجري عليه ما يجري على البشر وفيه رد اليهود لعنهم الله الذين طعنوا في رسالته صلوات ربي وسلامه عليه فوصفه الله بأنه رسول وجعله الله من أولو العزم من الرسل. وفي هذا الحديث بيان الإيمان بالجنة والنار وأن الله أعدها للجزاء والحساب يوم القيامة فمن أنكر الجنة والنار كفر بإجماع المسلمين. ولهذا بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أن من قال لا إله إلا الله عارف لمعناها مستيقناً بها وعاملاً بمقتضاها أدخله الله الجنة وحرمه على النار جاء ذلك في حديث عتبان الطويل (فإن الله حرم على النار من قال لا إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ?) إما تحريماً مطلاقاً بحيث أنه لا يدخلها ابتداءً أو أنه يدخلها ولا يخلد فيها. هذا ما تيسر لنا في هذه الوقفة نسأل الله أن ينفع بها....