من أدوات الإعراب (لو)
الأداة الأخيرة في درس الليلة ( لو ) وما أدراك ما لو.
يقول ابن هشام: لو: حرفٌ يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه
يقول ابن هشام: لو: حرفٌ يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه
********************************
وهو خير من قول كثير منهم ( حرف امتناع لامتناع ) وأظنني وعدتكم بهذا في ليلة مضت.
الكلام على ( لو ) فيه نوع من الدقة، ( فألقي نحو ما أقول السمع وأجمع حواف الكلمات جمعا ) الآن نحن محتاجون إلى شيئين: إثبات صحة عبارة: " حرف امتناع لما يليه واستلزامه لتاليه " وتفنيد عبارة " حرف امتناع لامتناع " ولكن يبدو لي أنه أحسن وسيلة هي عرض الأمثلة أولًا، فسأعرض الآن عددًا من الأمثلة ومن خلالها نستنتج القاعدة.
لو قلت: ( لو جاء زيدٌ لأكرمته )، هنا دلت ( لو ) على شيئين: الشيء الأول: امتناع الشرط، أين شرطها؟ يعني فعل الشرط، ( جاء زيد ) هذا فعل الشرط، طيب الذي يقول لك: ( لو جاء زيد ) تفهم إن زيد جاء ولا ما جاء؟ ما جاء، ولهذا يقول النحويون- أقول النقطة دي طالما أنها مهمة- يقولون: إن ( لو ) تفيد أن الشرط ممتنع دائما، الشرط ممتنع دائما، ما وقع، لأن من قال لك: لو كان كذا فهمت أنه ما وقع، الظاهر -يا إخوان- الذي يقول لك: ( لو كان كذا ) تفهم أنه ما وقع شيء، فالذي يقول لك: ( لو جاء زيد ) معناه أنه ما جاء.
إذن نقول ( لو ) دلت على ( شيئين ):
الشيء الأول: امتناع تاليها. ما المراد بتاليها عندك في المثل؟ علق على قول تاليها، اكتب المراد بتاليها هو الشرط، أو ما يليها -امتناع ما يليها- تاليها - هـا.. طيب، إذن ( لو ) تدل على أن فعل الشرط الممتنع كذا ولا لأ، طيب، نجيء للجواب، يا إخوان الجواب هو الذي فيه الإشكال بالعبارة التي ذكرها ابن هشام، الآن مثالنا هذا الجواب حاصل ولا ممتنع؟ ممتنع ولا لأ؟ إذن لو ما باللغة العربية إلا هذا المثال، صح أن نقول ( لو ) حرف امتناع لامتناع، امتنع الإكرام لامتناع المجيء، طيب.
لكن على عبارة ابن هشام المجيء يستلزم الإكرام، المجيء لو حصل يستلزم الإكرام، يستلزم ولّا كان يقول الذي يقول ( لو جئتني لأكرمتك ) يصير يكذب! هذا الأمر الثاني الذي تدل عليه ( لو ) وهو أن شرطها يستلزمها جوابها، يعني يستدعي جوابها، يعني أن المجيء ماذا يستلزم؟ الإكرام، ويستدعي الإكرام ويقتضي الإكرام.
الخلاصة إذن: ( لو جاء زيدٌ لأكرمته ) دلت ( لو ) على شيئين:
الخلاصة إذن: ( لو جاء زيدٌ لأكرمته ) دلت ( لو ) على شيئين:
الشيء الأول: أن شرطها ممتنع. واضح يا إخوان.
الثاني: أن شرطها يستلزم جوابها؛ لأن قوله: "واستلزام ما يليه" ما المراد بالذي يليه، الجواب "الذي يليه" يلي ماذا؟ الذي يلي فعل الشرط، وجواب الشرط، واضح هذا، طيب.
وعرفتم أن بهذا المثال لا يصح أن يقول: إنها حرف امتناع لامتناع، طيب.
مثال ثاني ( لو كانت الشمس موجودة كان النهار موجودا ) الآن نحن نقول ( لو كانت الشمس موجودة كان النهار موجودا ) اللي يقول لك: لو كانت الشمس موجودة يدل على أنها غير موجودة، هــا.. يدل على أنها غير موجودة.
إذن ( لو ) حرف امتناع، إذن وجود الشمس ممتنع، لا تنسوا -يا إخوان- أن ( لو ) دائما تفيد أن الشرط ممتنع، يعني ما وجد، طيب. ( كان النهار موجودا ) وجود الشمس يستلزم وجود النهار، هل يوجد نهار بدون شمس؟ إذن المثال ده مثل المثال الذي قبله، وجود الشمس يستلزم وجود النهار، كما أن وجود المجيء يستلزم وجود الإكرام.
أما ظهر لكم، إذن المثال الثاني يدل على أن ( لو ) تفيد شيئين:
امتناع تاليها اللي هو الشرط واستلزامه لما، لما يليها، طيب.
مثال ثالث: ( لو كانت الشمس موجودة كان الضوء موجودا ) الشرط حاصل ولا ممتنع؟ ممتنع، طيب.
وجود الشمس يستلزم وجود الضوء، واضح هذا؟ طيب.
سنرجع الآن مرة ثانية إلى الأمثلة.
المثال الأول: قلنا ( لو جاء زيدٌ لأكرمته ) امتنع الإكرام، يمتنع الإكرام لامتناع المجيء؟ صح ولا لأ؟ طيب.
المثال الثاني: يمتنع وجود النهار لعدم وجود الشمس، صح؟ هل يمتنع وجود الضوء لعدم وجود الشمس، ولا قد لا توجد الشمس ويوجد ضوء؟ قد لا توجد الشمس ويوجد ضوء، الآن أنتم شوفوا ما في ضوء الآن، في ضوء مع أن الشمس ما هي موجودة.
إذن، لا ما هو المقصود ضوء الشمس، المقصود ضوء في الكون عموما، لا لا، الضمير الله يهديك، الضمير الآن ( لو جاء زيدٌ لأكرمته ) الآن المتكلم هو الذي يتكلم بهذا الكلام، وقول: ( لأكرمته )( الضمير يعود على زيد، هــا.. طيب.
إذن، لا ما هو المقصود ضوء الشمس، المقصود ضوء في الكون عموما، لا لا، الضمير الله يهديك، الضمير الآن ( لو جاء زيدٌ لأكرمته ) الآن المتكلم هو الذي يتكلم بهذا الكلام، وقول: ( لأكرمته )( الضمير يعود على زيد، هــا.. طيب.
خذ الآن الكلام وبعدين اللي يناقش ما فيه مانع، يناقش ويسأل.
إذن صار المثال الأخير ينقض القاعدة لمرات، إن ( لو ) ما هي حرف امتناع لامتناع، إلا لو كان يمتنع الضوء لامتناع الشمس، لكن قد يوجد ضوء مع أن الشمس ممتنعة واضح؟ طيب.
مثال آخر يوضح هذه النقطة بالذات: ( لو ركب المسافر الطائرة لبلغ غايته ) يعني قضى شغله.
طيب ( لو ركب المسافر ) معناه ما ركب، إذن حرف امتناع، امتنع الشرط، يستلزم أنه ما يبلغ غايته؟ هــا.. بنفس المثال ذاته بأنه ما يبلغ غايته، لكن بل بالنسبة للمثال هذا مثل المثال الذي قبله، هل المسافر يمتنع ببلوغ غايته لامتناع ركوبه الطائرة، أو قد يبلغ غايته بسبب آخر؟ قد يركب سيارة ويبلغ غايته.
إذن نقول: إنه لو في المثال الأخير ليست حرف امتناع لامتناع، لأننا لو قلنا حرف امتناع لامتناع إيش يصير المعنى؟ امتنع بلوغ المسافر غايته لامتناع ركوبه الطيارة، وهذا المسافر إذا ما ركب الطائرة ما يبلغ غايته؟ لا، قد يبلغ غايته بوسيلة أخرى، مثل الضوء، قد يوجد الضوء وبوسيلة أخرى غير الشمس.
وهذا معنى قولنا، أو قول ابن هشام "إن لو حرفٌ يقتضي امتناع تاليه -ما يليه- واستلزامه لتاليه" وأنه أحسن، بل وأصوب من قولهم: "حرف امتناع لامتناع" لأنه أحيانا قد يمتنع الجواب، وأحيانا ما يمتنع، طيب هل تريدون ضابطا لامتناع الجواب أو عدم امتناع الجواب؟ نعم، الضابط إن كان الجواب ما له سبب إلا الشرط، امتنع، مثل وجود النهار له سبب غير الشمس؟ يا إخوان... ما له سبب غير الشمس، إذن إذا كان الجواب ليس له سبب إلا الشرط امتنع الجواب مثل امتناع الشرط، أما إذا كان الجواب له سبب آخر غير الشرط فقد يمتنع بالنسبة للشرط الموجود ولا يمتنع بالنسبة لسبب آخر، الضوء قد يمتنع بالنسبة للشمس، لكن قد يوجد ضوء بسبب شيء آخر، المسافر قد ما يبلغ غايته إذا ما ركب الطائرة، لكن قد يبلغ غايته إذا ركب السيارة.
إذن وجود الضوء له سبب غير الشمس ولا لأ؟ له سبب ولا لأ؟ وجود النهار له سبب غير الشمس ولا لأ؟ ما له سبب، بلوغ المسافر غايته له سبب غير ركوب الطائرة؟ له سبب.
إذن خذوها قاعدة: إذا كان الجواب ليس له سبب إلا الشرط امتنع، ويصح تجيء العبارة "حرف امتناع لامتناع".
أما إذا كان الجواب له سبب غير الشرط، هنا ما يصح أن نقول: حرف امتناع لامتناع، وعلى هذا نترك العبارة هذه "حرف امتناع لامتناع" ونختار العبارة السليمة وهي: "إنه حرف يدل على امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه" وهذا هو الذي أيده النحويين ومنهم ابن مالك، كما في بعض نسخ التسهيل، وابن هشام، ومنهم المرادي في كتابه ( الجنى الداني في حروف المعاني ).
سنكتفي بهذا القدر من الأدوات.
هل تنشطون لبعض الفوائد؟ طيب، كثير من الطلاب ما يدري متى يكون الضمير مستترا وجوبا ومستترا جوازا، وهناك قاعدة جيدة وهي: أن الضمير إذا كان تقديره ( أنا أو نحن أو أنت ) فهو مستتر وجوبا، إذا جئت تقدر الضمير، تقول مثلا: الفاعل ضمير مستتر؛ هل تقول: وجوبا أو جوازا، إن كان الضمير الذي ستقدره تقديره ( أنا ) أو( نحن ) أو( أنت ) فهو مستتر وجوبا.
أما إذا كان الضمير الذي ستقدره تقديره ( هو ) أو( هي ) فهذا يكون مستترا جوازا إلا في مسائل يسيرة، يكون مستترا جوازا مع أن تقديره ( هو ) أو( هي ) وهي ثلاث مسائل،:
المسألة الأولى: أفعال الاستثناء مثل ( ما خلا ) و( ما عدا ) و( ليس ) و( لا يكون ) فالضمائر مع هذه الأفعال كلها تقديرها هو لكنها مستترة وجوبا.
المسألة الثانية: مع فعل التعجب، الضمير مع فعل التعجب، إذا قلت: ( ما أجمل الصدق ) في (أجمل ) ضمير مستتر تقديره هو مستتر وجوبا.
المسألة الثالثة: فاعل نعم أو بئس، إذا كان مفسرا بالتمييز مثل ( نعم صديقا الكتاب ) ففاعل نعم هنا ضمير مستتر وجوبا تقديره هو يعود على التمييز.
من الفوائد:
الإعراب ثلاثة أنواع: إعراب ظاهر، وإعراب تقديري، وإعراب محلي، هذه أنواع الإعراب في الكلام، الإعراب الظاهر هذا هو الأصل؛ حيث -يعني- لا داعي للإعراب التقديري ولا للمحلي، يعني: إذا لم يوجد سبب يكون الإعراب ظاهرا، مثل لو قلت مثلا: ( الصدق نافعٌ ) هذا إعراب ظاهر؛ لأن (الصدق): مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، و(نافع): خبر مرفوع بالضمة الظاهرة. هذا يسمى إعرابا ظاهرا، والأصل في الإعراب أن يكون ظاهرا.
النوع الثاني: يسمى الإعراب التقديري، الإعراب التقديري له أربعة مواضع: الاسم المتصل بياء المتكلم مثل ( هذا كتابي )، والاسم المقصور، والاسم المنقوص، والفعل المعتل إما بالواو أو بالألف أو بالياء، وهذا الفعل المعتل فيه استثناءات، مثل حالة النصب تظهر الفتحة مع المعتل بالواو والمعتل بالياء، يعني أعطيكم قواعد وعليكم التفصيل.
النوع الثالث: يسمى الإعراب المحلي، الإعراب المحلي له موضعان.
الموضع الأول في الأسماء المبنية، كل اسم مبني، فإعرابه في المحل، والموضع الثاني في الجمل التي مرت علينا، الجملة التي لا محل لها من الإعراب، ولهذا مر علينا جمل: في محل رفع، في محل نصب، في محل جزم، في محل جر.
والفرق بين الإعراب التقديري والمحلي أنهما يشتركان، أنه ما في حركة ظاهرة، لكن الإعراب التقديري يكون على آخر حرف في الكلمة مقدرة عليه الحركة على آخر حرف، إذا قلت مثلا: ( جاء الفتى )، نقول: ( الفتى ) فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الألف لأنها آخر شيء على الألف منع من ظهورها اشتغال المحل.
وهكذا بالنسبة للمنقوص، وهكذا بالنسبة للفعل المعتل في بعض أحواله، وهكذا بالنسبة للاسم المتصل بياء المتكلم ولهذا يقال: إن المعتل مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، يعني: على الحرف الأخير من الكلمة.
أما الإعراب المحلي ما هو على حرف معين، على الكلمة بأكملها، فلو قلت مثلا: ( هذا مجدٌ )، ( هاء ): حرف تنبيه، ( ذا ): اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع، الرفع على الذال ولّا على الألف ولّا على الجميع؟ على الجميع، وهكذا بالنسبة للجمل، إذا قلت: والجملة في محل رفع، هل الرفع واقع على حرف معين، على الجملة بأكملها، والله أعلم.
--------------------------------
"مختصر قواعد الإعراب" شرح الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان