" بيننا و بينهم يوم الجنائز "
بسم الله الرحمن الرحيم
قولوا لأبي عبد الله وجدنا ما وعدت حقـا
بسم الله الرحمن الرحيم
قولوا لأبي عبد الله وجدنا ما وعدت حقـا
قال إمام أهل السنة أبو عبد الله الإمام أحمد بن حنبل : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز .
قال الإمام الحافظ أبن كثير رحمه الله :
وقال الدارقطني : سمعت أبا سهل بن زياد سمعت عبد الله بن أحمد يقول : سمعت أبي يقول : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز حين تمرّ . وقد صدّق الله قول أحمد في هذا ، فإنه كان إمام السنة في زمانه ، وعيون مخالفيه أحمد بن أبي داؤد وهو قاضي قضاة الدنيا لم يحتفل أحد بموته ولم يلتفت إليه ، ولما مات ما شيعه إلا قليل من أعوان السلطان ، وكذلك الحارث بن أسد المحاسبي مع زهده وورعه وتنقيره ومحاسبته نفسه في خطراته وحركاته لم يُصلّ عليه إلا ثلاثة أو أربعة من الناس ، وكذلك بشر بن غياث المريسي لم يصل عليه إلا طائفة يسيرة جدا ، فلله الأمر من قبل ومن بعد . اهـ .
وفي تاريخ دمشق أن الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر بعث عشرين رجلا فحزروا كم صلى على أحمد بن حنبل ، فحزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفا ، سوى من كان في السفن في الماء .
وقال ابن كثير أيضا :
ولا شك أن جنازة أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة بسبب كثرة أهل بلده واجتماعهم لذلك وتعظيمهم له ، وأن الدولة كانت تحبّه ، والشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله توفي ببلدة دمشق وأهلها لا يعشرون أهل بغداد حينئذ كثرة ، ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعا لو جمعهم سلطان قاهر وديوان حاصر لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوها في جنازته وانتهوا إليها ، هذا مع أن الرجل مات بالقلعة محبوسا من جهة السلطان ، وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للناس أشياء كثيرة مما ينفر منها طباع أهل الأديان فضلا عن أهل الإسلام وهذه كانت جنازته . اهـ .
ولا شك أن جنائز أهل العِلم لـتُوحي بقدرهم في نفوس الناس .
وتُشعر بقدر ما حملوه وما بذلوه .
يتجمّع الناس وتزدحم الجموع غير رغبة في دنيا ولا رهبة من سلطان .
يودّعون علما غزيراً وتواضعا جـمّـاً بل ويدفنون رجلاً طالما أحبّـته القلوب .
ولقد قضى الله وقدّر وأنـزل قدره المحتوم بالعالم الجليل والشيخ المجاهد الشيخ العلاّمة عبد الرحمن آل فريان رحمه الله في هذا اليوم الخميس السابع من شهر رجب من عام 1424 من الهجرة النبوية .
وفي هذا اليوم وصلني الخبر المؤلم وعلِمت بالخطْب الجلل
فذهبت للصلاة على الشيخ رحمه الله ووصلت مع أذان العصر ، وإذا أفواج المصلين تؤمّ المسجد الجامع
بل قد ازدحم المدخل المؤدي للجامع قبل أن أصِل إليه
توافد الناس وفاء للشيخ رحمه الله
وما أن وصلت المسجد الجامع حتى فوجئت بازدحامه حتى لم أجد لي مكاناً سوى في مؤخرة الجامع بل عند الباب ، ولو تأخرت لحظة واحدة لم أجد لي مكاناً
وتدافع الناس ووقفوا فأطالوا الوقوف
لا يجد الواحد منهم مكانا يُصلي فيه رغم اتّساع الجامع
ثم أُقيمت الصلاة وتدافعت جموع المصلين داخل المسجد حتى قيل لهم : ارجعوا لا مكان لكم
فرجعوا
وصلى الناس خارج المسجد وفي الطرقات ، وفي الظل والشمس
ولما وقفنا لصلاة الجنازة سُمع النشيج من خارج المسجد
عندها تذكرت مقولة الإمام أحمد رحمه الله : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز .
وخَطَرَ ببالي قول معاوية لابنه – وقد رأى ابن عمر رضي الله عنهما يُسأل عن مسائل مِن العِلم ويلتف الناس حوله - : هذا والله الشرف .
وتبادر إلى ذهني قول أم ولد لهارون الرشيد وقد انجفل الناس إلى ابن المبارك عند قدوم هارون الرشيد الرَّقة فتقطّعت النعال وارتفعت الغَبَرَة ، فلما رأتِ الناس قالت : ما هذا ؟ قالوا : عالمٌ من أهل خراسان قدم الرَّقة يُقال له عبدُ الله بنُ المبارك ، فقالت : هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان .
هذا يا إخوتي المُلك وهذا يا أحبتي الشرف
ولكن ما أزهد الناس في هذا الشرف وأرغَبهم عن هذا المُلك
فنسأل الله أن يرحم الشيخ برحمته الواسعة وأن يُسكنه فسيح جناته
وأن يجزيه عنّا خير ما جزى عالماً على علمه
لقد قضى الشيخ عمره في العلم والتعليم ، والدعوة إلى الله في القرى والهجر والمناطق النائية
بل لقد أجرى الله على يديه الخير في تأسيس الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم
وها هي اليوم يتزايد عدد طلابها على مائة ألف
وعُرف الشيخ رحمه الله بالقوة في الحق فلا تأخذه في الله لومة لائم.
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
بتصرف يسير... يتبع ...
قال الإمام الحافظ أبن كثير رحمه الله :
وقال الدارقطني : سمعت أبا سهل بن زياد سمعت عبد الله بن أحمد يقول : سمعت أبي يقول : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز حين تمرّ . وقد صدّق الله قول أحمد في هذا ، فإنه كان إمام السنة في زمانه ، وعيون مخالفيه أحمد بن أبي داؤد وهو قاضي قضاة الدنيا لم يحتفل أحد بموته ولم يلتفت إليه ، ولما مات ما شيعه إلا قليل من أعوان السلطان ، وكذلك الحارث بن أسد المحاسبي مع زهده وورعه وتنقيره ومحاسبته نفسه في خطراته وحركاته لم يُصلّ عليه إلا ثلاثة أو أربعة من الناس ، وكذلك بشر بن غياث المريسي لم يصل عليه إلا طائفة يسيرة جدا ، فلله الأمر من قبل ومن بعد . اهـ .
وفي تاريخ دمشق أن الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر بعث عشرين رجلا فحزروا كم صلى على أحمد بن حنبل ، فحزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفا ، سوى من كان في السفن في الماء .
وقال ابن كثير أيضا :
ولا شك أن جنازة أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة بسبب كثرة أهل بلده واجتماعهم لذلك وتعظيمهم له ، وأن الدولة كانت تحبّه ، والشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله توفي ببلدة دمشق وأهلها لا يعشرون أهل بغداد حينئذ كثرة ، ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعا لو جمعهم سلطان قاهر وديوان حاصر لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوها في جنازته وانتهوا إليها ، هذا مع أن الرجل مات بالقلعة محبوسا من جهة السلطان ، وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للناس أشياء كثيرة مما ينفر منها طباع أهل الأديان فضلا عن أهل الإسلام وهذه كانت جنازته . اهـ .
ولا شك أن جنائز أهل العِلم لـتُوحي بقدرهم في نفوس الناس .
وتُشعر بقدر ما حملوه وما بذلوه .
يتجمّع الناس وتزدحم الجموع غير رغبة في دنيا ولا رهبة من سلطان .
يودّعون علما غزيراً وتواضعا جـمّـاً بل ويدفنون رجلاً طالما أحبّـته القلوب .
ولقد قضى الله وقدّر وأنـزل قدره المحتوم بالعالم الجليل والشيخ المجاهد الشيخ العلاّمة عبد الرحمن آل فريان رحمه الله في هذا اليوم الخميس السابع من شهر رجب من عام 1424 من الهجرة النبوية .
وفي هذا اليوم وصلني الخبر المؤلم وعلِمت بالخطْب الجلل
فذهبت للصلاة على الشيخ رحمه الله ووصلت مع أذان العصر ، وإذا أفواج المصلين تؤمّ المسجد الجامع
بل قد ازدحم المدخل المؤدي للجامع قبل أن أصِل إليه
توافد الناس وفاء للشيخ رحمه الله
وما أن وصلت المسجد الجامع حتى فوجئت بازدحامه حتى لم أجد لي مكاناً سوى في مؤخرة الجامع بل عند الباب ، ولو تأخرت لحظة واحدة لم أجد لي مكاناً
وتدافع الناس ووقفوا فأطالوا الوقوف
لا يجد الواحد منهم مكانا يُصلي فيه رغم اتّساع الجامع
ثم أُقيمت الصلاة وتدافعت جموع المصلين داخل المسجد حتى قيل لهم : ارجعوا لا مكان لكم
فرجعوا
وصلى الناس خارج المسجد وفي الطرقات ، وفي الظل والشمس
ولما وقفنا لصلاة الجنازة سُمع النشيج من خارج المسجد
عندها تذكرت مقولة الإمام أحمد رحمه الله : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز .
وخَطَرَ ببالي قول معاوية لابنه – وقد رأى ابن عمر رضي الله عنهما يُسأل عن مسائل مِن العِلم ويلتف الناس حوله - : هذا والله الشرف .
وتبادر إلى ذهني قول أم ولد لهارون الرشيد وقد انجفل الناس إلى ابن المبارك عند قدوم هارون الرشيد الرَّقة فتقطّعت النعال وارتفعت الغَبَرَة ، فلما رأتِ الناس قالت : ما هذا ؟ قالوا : عالمٌ من أهل خراسان قدم الرَّقة يُقال له عبدُ الله بنُ المبارك ، فقالت : هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان .
هذا يا إخوتي المُلك وهذا يا أحبتي الشرف
ولكن ما أزهد الناس في هذا الشرف وأرغَبهم عن هذا المُلك
فنسأل الله أن يرحم الشيخ برحمته الواسعة وأن يُسكنه فسيح جناته
وأن يجزيه عنّا خير ما جزى عالماً على علمه
لقد قضى الشيخ عمره في العلم والتعليم ، والدعوة إلى الله في القرى والهجر والمناطق النائية
بل لقد أجرى الله على يديه الخير في تأسيس الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم
وها هي اليوم يتزايد عدد طلابها على مائة ألف
وعُرف الشيخ رحمه الله بالقوة في الحق فلا تأخذه في الله لومة لائم.
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
بتصرف يسير... يتبع ...
تعليق