من تواضع رفعه الله
أيها المسلمون: التواضع تطبيق وليس دعوى.
التواضع ليس دعاية تُنشر على واجهات الأشخاص كي يُروِّج لنفسه، كما يُروِّج التجار لبضائعهم.
إن حقيقة التواضع: أن تخضع للحق، إذا كنت عبداً من عبيد الله، فالله سبحانه وتعالى أنزل قرآناً هو منهجك في الحياة، فمن لوازم تواضعك لله عزَّ وجل أن تقبل كل ما في هذا القرآن.
فالذي يأخذ آيةً ويدع أخرى، يقبل هذا المعنى ولا يقبل هذا المعنى، يقبل هذا التوجيه ويرفض هذا التوجيه، ينصاع لهذا الحُكم ولا ينصاع لذلك الحكم، هذا مثله كمثل بني إسرائيل، هم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، لذلك معنى التواضع: أن تقبل الحق، أن تقبله كلاً وجزءً، بقضِّه وقضيده، جملةً وتفصيلاً.
فالتواضع أن تخضع للحق وتنقاد لإخوانك إذا ذكّروك به وعرّفوك بخطئك.
فعن إبراهيم بن الأشعث قال: سألت الفضيل بن عياض رحمه الله عن التواضع، فقال :
"أن تخضع للحق وتنقاد له ممن سمعته ولو كان أجهل الناس؛ لزمك أن تقبله منه".
"جامع بيان العلم".
وعن هشام بن حسان قال: ذكروا التواضع عند الحسن وهو ساكت حتى إذا أكثروا عليه، قال لهم: أراكم قد أكثرتم الكلام في التواضع قالوا: أي شيء التواضع يا أبا سعيد؟ قال:
" يخرج من بيته فلا يلقى مسلماً إلا ظن أنه خير منه".
أخرجه أحمد في "الزهد".
وعن سليمان بن عيينة قال: سمعناه عن وهب بن منبه قال:
"ما عبد الله عز وجل بمثل العقل ويخرج من بيته فلا يستقبله أحد إلا رأى أنه دونه؛ الكبر منه مأمون، والخير منه مأمول، ويقتدي بمن قبله وهو إمام لمن بعده حتى يكون الذل أحب إليه من العز وحتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى وحتى يستقل الكثير من عمله ويستكثر القليل من عمل غيره ، وحتى يكون عيشه القوت ولا يتبرم في طلب الحوائج وحتى يكون الفقر إليه في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام ، وحتى يكون الفقر في طاعة الله أحب إليه من الغنى في معصية الله.
قال : ثم العاشرة ما العاشرة ؟ بها ساد مجده وعلا ذكره: أن يخرج من بيته فلا يستقبله أحد من الناس إلا رأى أنه دونه".
أخرجه أحمد في "الزهد".
وقال ابن حجر في "الفتح":
قَالَ الطَّبَرِيُّ : "فِي التَّوَاضُع مَصْلَحَة الدِّين وَالدُّنْيَا، فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ اِسْتَعْمَلُوهُ فِي الدُّنْيَا لَزَالَتْ بَيْنَهُمْ الشَّحْنَاءُ وَلَاسْتَرَاحُوا مِنْ تَعَبِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ ".
سئل الفضيل بن عياض عن التواضع فقال:
"يخضع للحق وينقاد له ويقبله ممن قاله" .
قال ابن القيم:
"وقيل: التواضع أن لا ترى لنفسك قيمة فمن رأى لنفسه قيمة فليس له في التواضع نصيب ".
وقال الجنيد بن محمد :
"هو خفض الجناح ولين الجانب".
وقال أبو يزيد البسطامي:
"هو أن لا يرى لنفسه مقاما ولا حالا، ولا يرى في الخلق شرا منه".
وقال ابن عطاء :
"هو قبول الحق ممن كان".
انظر "مدارج السالكين".
ومن صفات المؤمنين؛ لين الجانب لبعضهم البعض، كما قال تعالى: { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }.
قال أبو جعفر الطبري في "تفسيره":
" أرقَّاء عليهم، رحماءَ بهم، أهل رقة على أهل دينهم ".
أراد أنّ جانبهم لين على إخوانهم المؤمنين.
قال الشاعر:
وانظر إلى الأكحال وهي حجارةٌ ... لانت فصار مقرها في الأعينِ
نسأل الله صدق التواضع وحقيقته.
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الخميس 14/ 2 / 1434هـ.
أيها المسلمون: التواضع تطبيق وليس دعوى.
التواضع ليس دعاية تُنشر على واجهات الأشخاص كي يُروِّج لنفسه، كما يُروِّج التجار لبضائعهم.
إن حقيقة التواضع: أن تخضع للحق، إذا كنت عبداً من عبيد الله، فالله سبحانه وتعالى أنزل قرآناً هو منهجك في الحياة، فمن لوازم تواضعك لله عزَّ وجل أن تقبل كل ما في هذا القرآن.
فالذي يأخذ آيةً ويدع أخرى، يقبل هذا المعنى ولا يقبل هذا المعنى، يقبل هذا التوجيه ويرفض هذا التوجيه، ينصاع لهذا الحُكم ولا ينصاع لذلك الحكم، هذا مثله كمثل بني إسرائيل، هم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، لذلك معنى التواضع: أن تقبل الحق، أن تقبله كلاً وجزءً، بقضِّه وقضيده، جملةً وتفصيلاً.
فالتواضع أن تخضع للحق وتنقاد لإخوانك إذا ذكّروك به وعرّفوك بخطئك.
فعن إبراهيم بن الأشعث قال: سألت الفضيل بن عياض رحمه الله عن التواضع، فقال :
"أن تخضع للحق وتنقاد له ممن سمعته ولو كان أجهل الناس؛ لزمك أن تقبله منه".
"جامع بيان العلم".
وعن هشام بن حسان قال: ذكروا التواضع عند الحسن وهو ساكت حتى إذا أكثروا عليه، قال لهم: أراكم قد أكثرتم الكلام في التواضع قالوا: أي شيء التواضع يا أبا سعيد؟ قال:
" يخرج من بيته فلا يلقى مسلماً إلا ظن أنه خير منه".
أخرجه أحمد في "الزهد".
وعن سليمان بن عيينة قال: سمعناه عن وهب بن منبه قال:
"ما عبد الله عز وجل بمثل العقل ويخرج من بيته فلا يستقبله أحد إلا رأى أنه دونه؛ الكبر منه مأمون، والخير منه مأمول، ويقتدي بمن قبله وهو إمام لمن بعده حتى يكون الذل أحب إليه من العز وحتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى وحتى يستقل الكثير من عمله ويستكثر القليل من عمل غيره ، وحتى يكون عيشه القوت ولا يتبرم في طلب الحوائج وحتى يكون الفقر إليه في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام ، وحتى يكون الفقر في طاعة الله أحب إليه من الغنى في معصية الله.
قال : ثم العاشرة ما العاشرة ؟ بها ساد مجده وعلا ذكره: أن يخرج من بيته فلا يستقبله أحد من الناس إلا رأى أنه دونه".
أخرجه أحمد في "الزهد".
وقال ابن حجر في "الفتح":
قَالَ الطَّبَرِيُّ : "فِي التَّوَاضُع مَصْلَحَة الدِّين وَالدُّنْيَا، فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ اِسْتَعْمَلُوهُ فِي الدُّنْيَا لَزَالَتْ بَيْنَهُمْ الشَّحْنَاءُ وَلَاسْتَرَاحُوا مِنْ تَعَبِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ ".
سئل الفضيل بن عياض عن التواضع فقال:
"يخضع للحق وينقاد له ويقبله ممن قاله" .
قال ابن القيم:
"وقيل: التواضع أن لا ترى لنفسك قيمة فمن رأى لنفسه قيمة فليس له في التواضع نصيب ".
وقال الجنيد بن محمد :
"هو خفض الجناح ولين الجانب".
وقال أبو يزيد البسطامي:
"هو أن لا يرى لنفسه مقاما ولا حالا، ولا يرى في الخلق شرا منه".
وقال ابن عطاء :
"هو قبول الحق ممن كان".
انظر "مدارج السالكين".
ومن صفات المؤمنين؛ لين الجانب لبعضهم البعض، كما قال تعالى: { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }.
قال أبو جعفر الطبري في "تفسيره":
" أرقَّاء عليهم، رحماءَ بهم، أهل رقة على أهل دينهم ".
أراد أنّ جانبهم لين على إخوانهم المؤمنين.
قال الشاعر:
وانظر إلى الأكحال وهي حجارةٌ ... لانت فصار مقرها في الأعينِ
نسأل الله صدق التواضع وحقيقته.
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الخميس 14/ 2 / 1434هـ.