الشكر العطر على شيخنا الربيع المزهر
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله و على آله و صحبه و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
وجَّهنا الله تعالى إلى أنْ نأسر قلوب الناس عن طريق شُكرنا لهم، وعدم الإغضاء من فضلهم وقيمة إحسانهم، وكذلك الرسول الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم فهو يُرشِدنا إلى أنْ نعترف بالجميل وفضل المحسن علينا.
قال تعالى: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237]، و روى الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد و أبو داود وابن حبان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يشكر الله من لا يشكر الناس. حديث صحيح صححه الألباني .وشكر الناس على إحسانهم يكون بالثناء عليهم، وبالكلمة الطيبة وبالدعاء لهم.و الخلق الكريم يقتضي مكافأة من يؤدي إليك المعروف ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا ، فقال : ( مَن صَنَعَ إِليكُم مَعرُوفًا فَكَافِئُوه ، فَإِن لَم تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا بِهِ فَادعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوا أَنَّكُم قَد كَافَأتُمُوهُ ) رواه أبو داود وصححه الألباني .فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا . فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ ) .
رواه الترمذي والنسائي في "السنن الكبرى" وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وهذا أسيد بن الحضير رضي الله عنه يقول لعائشة رضي الله عنها :
( جزاك الله خيرا ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا ، وجعل للمسلمين فيه بركة ) رواه البخاري ومسلم
ومعنى " جزاك الله خيرا" أي أطلب من الله أن يثيبك خيرا كثيراً .
وسئل سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله السؤال التالي:قرأت قولاً هو: من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فهل هذا حديث، وما معناه؟
فأجاب رحمه الله تعالى نعم، هذا حديث صحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من لا يشكر الناس لا يشكر الله
يعني أن من كان من طبيعته وخلقه عدم شكر الناس على معروفهم وإحسانهم إليه فإنه لا يشكر الله؛ لسوء تصرفه ولجفائه، فإنه يغلب عليه في مثل هذه الحال أن لا يشكر الله. فالذي ينبغي للمؤمن أن يشكر على المعروف من أحسن إليه من أقارب وغيرهم،
كما يجب عليه شكر الله سبحانه وتعالى على ما أحسن إليه فعليه أن يشكر الناس أيضاً على معروفهم إليه وإحسانهم إليه،والله جل وعلا يحب من عباده أن يشكروا من أحسن إليهم، وأن يقابلوا المعروف بالمعروف،كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه؛ولهذا يشرع للمؤمن أن يدعو لمن دعا له،
وأن يقابل من أحسن إليه بالإحسان، وأن يثني عليه خيراً في مقابل إحسانه إليه، وبذل المعروف له،فهذا من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. انتهى من موقع الشيخ رحمه الله
وقال أبو حاتم: "الواجب على من أُسدِي إليه معروف، أنْ يَشكُره بأفضلَ منه أو مِثله؛ لأنَّ الإفضال على المعروف في الشكر، لا يقوم مقام ابتدائه وإنْ قَلَّ، فمَن لم يَجِد، فليُثنِ عليه؛ فإنَّ الثَّناء عند العدم، يقوم مقامَ الشكر للمعروف، وما استغنى أحدٌ عن شكْر الناس"، وقال أيضًا: "الحرُّ لا يَكفُر النعمة، ولا يَتسخَّط المصيبة، بل عند النِّعم يَشكُر، وعند المصائب يَصبِر، ومن لَم يكن لقليل المعروف عنده وقْعٌ، أَوشكَ ألا يَشكُر الكثير منه، والنِّعم لا تُستجَلب زيادتُها، ولا تُدفَع الآفات عنها، إلا بالشكر لله - جل وعلا - ولمن أَسْداها إليه" روضة العقلاء ونزهة الفضلاء؛ لأبي حاتم محمد بن حِبَّان، ص (263).
قال القاضي: "وهذا إمَّا لأنَّ شكْره تعالى، إنَّما يَتمُّ بمطاوعته وامتثال أمره وأنَّ ممَّا أمَر به شُكْر الناس الذين هم وسائط في إيصال نِعَم الله إليه، فمن لم يُطاوعه فيه، لم يكن مُؤدِّيًا شكْر نِعَمه، أو لأنَّ مَن أخَلَّ بشكْر من أَسدى نِعمة من الناس، مع ما يرى من حرْصه على حبِّ الثناء والشكر على النَّعماء، وتأذِّيه بالإعراض والكُفران - كان أوْلَى بأنْ يَتهاون في شكْر من يَستوي عنده الشكْر والكفران
تحفة الأحوذي؛ المباكفوري، ج (6)، ص (61)
من هنا أحب أن أشكر الشيخ الدكتور العلامة ربيع ابن هادي المدخلي حامل لواء الجرح و التعديل على ما قدمه من جهود مباركة لنصرة الدين والعقيدة والسنة ولقد رزقه الله ذكاء حادا وفراسة عظيمة في مجاهدة أهل البدع والأقوال المنحرفه وفي كشف الحزبيين و القطبيين نعم يبين ويكشف لنا حقيقةً من صور الحزبية عند أدعياء السلفية وقد أظهر الله تعالى على يديه كثيرًا من الزيغ والضلال عند الإخوان المسلمين و الحداديين المنحرفين الذين شغبوا على ثوابت أهل السنة فهم يتظاهرون بحبهم للسنة وهم يبطنون الحقد الدفين لعلماء السنة و بين أخطاء وضلالات سيد قطب و قد كان من أبرز من أنكر أخطاء سيِّد قطب و انحرافاته و انحراف منهجه ـ فهو خير من حذَّر المسلمين من منكرات فكر سيِّد قطب الإخواني الضال المحترق الذي ملأ الدنيا بضلالاته لذلك مهما أثنينا على جهوده و عددنا مناقبه لا نستطيع أن نستوفيه حقه من شكر و إطراء فالله الله على ما أسدى لهذه الدعوة من خدمة و الله الله على صدعه بالحق دائما و عدم خوفه في الله لومة لائم خاصة في هذا الزمان الذي قل فيه أهل الحق و ناصريه.
فالحمد لله كثيرا أن سخر لهذه الدعوة الصالحه القائمه على الكتاب والسنه و على منهج السلف الصالح هؤلاء العلماء الأمجاد الربانيين الذين ملؤوا الدنيا سنة إتباعا و عملا إبتغاء وجه الله فقط غير مريدين بذلك مقابلا من أي أحد غير الله فنحن لا ننكر و لله الحمد أن الناس لم يعرفوا الحزبية الا بفضل من الله ثم بجهودهم الجبارة وكان الشيخ ربيع من أبرز الرجال الذين بصرهم الله بمخاطر الحزبية و تصدوا لها وواجهوها فقاموا بواجبهم ولم يساوموا على أماناتهم صبروا وتحملوا الشدائد فنشروا السنة في الشرق والغرب. فقد ظُلِموا واضْطهِدوا وأُوذُوا في سبيل الله، ولم يفتنهم هذا كله عن دينهم، بل صبروا وتحملُّوا، إغراءات السفها ء و مكر الجبناء حتى أظهرهم الله وفضح عدوهم, قال تعالي ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) آل عمران
فهذه سنة الله في خلقه أن يوجد لكل منافح للحق عدو يتربص به فلا يخلو أي مجتمع من ناكرٍ للجميل، غير معترف به ولا بفضل أحدٍ عليه، ولا ضيرَ إنْ صادفت أحدًا من هذا الصنف؛ وأقول لكلِّ الذين لا يشكُرون مَن أحسن إليهم: ما يضركم لو شكرتم مَن يستحق الشكر، وتُنوِّهون بذكر مَن يستحقُّ التنويه فهذا العمل لا يأخذ منكم لا مال و لا جاه و إنما يزيدكم رفعة في الدرجات و زيادة في الحسنات.
فجزاك الله خير الجزاء يا شيخنا الربيع و جعل الجنة مثواك و رزقك الله الصحة و العافية و أدامك الله ذخرا لأهل السنة تدافع و تكافح لأجلهم اللهم آمين .
بقلم الشيخ سليم أبو إسلام الجزائري حفظه الله تعالى
تعليق