بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسن الخاتمة
فإن من توفيق الله عز وجل للعبد أن يهديه إلى الحق ويثبته عليه، ويعينه على العمل بطاعته حتى يأتيه أجله وهو على ذلك، قال الله عز وجل: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)؛ أي: الموت.
ومن أعظم السعادة أن يوفق اللهُ سبحانه العبدَ للتوبة النصوح قبل موته، ثم يحسن خاتمته؛ فيقبضه على عمل صالح يكون له شفيعا بين يدي الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تعجبوا بعمل أحد حتى تنظروا بما يُختم له؛ فإن العامل يعمل زمانا من دهره -أو برهة من دهره- بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة؛ ثم يتحول فيعمل عملا سيئا، وإن العبد ليعمل زمانا من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته فوفقه لعمل صالح ثم يقبضه».
ولذا فالواجب على المسلم أن يسأل الله دائما أن يحسن خاتمته، ويستعيذ بالله من سوء الخاتمة، فإنه ما أضجَّ مضاجع الصالحين مثل الخوف من سوء الخاتمة، وليحذر العاقل من الأمن من مكر الله عز وجل -حين يكون مقيما على الذنوب- أن يسلبه الله سبحانه دينه وإيمانه في وقت يكون أحوج ما يكون إليه، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: والله ما من أحد يأمن أن يُسلب إيمانه إلا سُلبه.
وقال بعض السلف: خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة وعند كل حركة وهم الذين وصفهم الله تعالى إذ قال: (وقلوبهم وجلة).
ولما احتُضر سفيان جعل يبكي ويجزع، فقيل له: يا أبا عبد الله؛ عليك بالرجاء فإنَّ عفوَ الله أعظم من ذنوبك، فقال: أَوَ على ذنوبي أبكي؟. لو علمت أني أموت على التوحيد لم أبالِ بأن ألقى الله بأمثال الجبال من الخطايا.
فإن كان هذا خوف الصالحين الأتقياء البررة من سوء الخاتمة، مع رسوخ دينهم وقوة إيمانهم، فكيف لا يخاف ذلك الضعفاء المقصرون ؟!.
فعلى المسلم الصادق أن يؤدي ما عليه من حقوق الله سبحانه؛ ومع ذلك لا يغترّ بعمله، وعليه أنْ يلازم الخوف من سوء الخاتمة، فيسأل الله أن يحسن خاتمته، وأن يتجنب الذنوب والمعاصي التي تردي بصاحبها أحوج ما يكون أحوج إلى ربه واستحضار قلبه.
كما ينبغي للعاقل أن يلازم الدعاء بأن يثبت الله قلبه على دينه؛ وأن يصرِّف قلبه على طاعته، فإن المرء إن لـم يُعِنه الله على طاعته لم يُوَفَّق إلى الظفر بها، ولذا فقد صح عن معاذ رضي الله عنه أنه قال: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « إني لأحبك يا معاذ، فلا تدع أن تقول في دُبر كل صلاة: ربِّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسنِ عبادتك ».
وعلى المرء أن يجتهد في الدعاء أن يحسن إليه خاتمته؛ فقد كان بعض السلف يدعو بحسن الخاتمة، فقيل له: وما حسن الخاتمة؟ قال: أن يقبضني وأنا ساجد.
ومع ما يرى المسلم من الفتن التي تموج كموج البحر، عليه أن يلزم الدعاء مع استشعار الخوف من تغيّر الحال، بسبب ذنب خفيّ أو فتنة جامحة؛ فقد كان دعاء بعض السلف مع صلاح قلوبهم وأعمالهم: اللهم سلِّم سلِّم.
وعليه أن يتفقَّد قلبه بين الفينة والأخرى؛ ويدعو الله بصلاحه واستقامته، فإنّ استقامة الأعمال نتيجة لاستقامة القلوب، وليحذر أن يهمل معالجة قلبه حتى يحول الله بينه وبينه قال تعالى: (يا أيها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون)؛ قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر؛ ويحول بين الكافر وبين الإيمان، وقال غيره: يحول بين المؤمن وبين سوء الخاتمة، وبين الكافر وبين حسن الخاتمة.
نسأل الله أن يحسن خاتمتنا وأن يرحمنا برحمته.
10/4/1431هـ ؛ 26/3/2010م
المصدر موقع الشيخ سالم العجمي -حفظه الله تعالى-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسن الخاتمة
فإن من توفيق الله عز وجل للعبد أن يهديه إلى الحق ويثبته عليه، ويعينه على العمل بطاعته حتى يأتيه أجله وهو على ذلك، قال الله عز وجل: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)؛ أي: الموت.
ومن أعظم السعادة أن يوفق اللهُ سبحانه العبدَ للتوبة النصوح قبل موته، ثم يحسن خاتمته؛ فيقبضه على عمل صالح يكون له شفيعا بين يدي الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تعجبوا بعمل أحد حتى تنظروا بما يُختم له؛ فإن العامل يعمل زمانا من دهره -أو برهة من دهره- بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة؛ ثم يتحول فيعمل عملا سيئا، وإن العبد ليعمل زمانا من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته فوفقه لعمل صالح ثم يقبضه».
ولذا فالواجب على المسلم أن يسأل الله دائما أن يحسن خاتمته، ويستعيذ بالله من سوء الخاتمة، فإنه ما أضجَّ مضاجع الصالحين مثل الخوف من سوء الخاتمة، وليحذر العاقل من الأمن من مكر الله عز وجل -حين يكون مقيما على الذنوب- أن يسلبه الله سبحانه دينه وإيمانه في وقت يكون أحوج ما يكون إليه، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: والله ما من أحد يأمن أن يُسلب إيمانه إلا سُلبه.
وقال بعض السلف: خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة وعند كل حركة وهم الذين وصفهم الله تعالى إذ قال: (وقلوبهم وجلة).
ولما احتُضر سفيان جعل يبكي ويجزع، فقيل له: يا أبا عبد الله؛ عليك بالرجاء فإنَّ عفوَ الله أعظم من ذنوبك، فقال: أَوَ على ذنوبي أبكي؟. لو علمت أني أموت على التوحيد لم أبالِ بأن ألقى الله بأمثال الجبال من الخطايا.
فإن كان هذا خوف الصالحين الأتقياء البررة من سوء الخاتمة، مع رسوخ دينهم وقوة إيمانهم، فكيف لا يخاف ذلك الضعفاء المقصرون ؟!.
فعلى المسلم الصادق أن يؤدي ما عليه من حقوق الله سبحانه؛ ومع ذلك لا يغترّ بعمله، وعليه أنْ يلازم الخوف من سوء الخاتمة، فيسأل الله أن يحسن خاتمته، وأن يتجنب الذنوب والمعاصي التي تردي بصاحبها أحوج ما يكون أحوج إلى ربه واستحضار قلبه.
كما ينبغي للعاقل أن يلازم الدعاء بأن يثبت الله قلبه على دينه؛ وأن يصرِّف قلبه على طاعته، فإن المرء إن لـم يُعِنه الله على طاعته لم يُوَفَّق إلى الظفر بها، ولذا فقد صح عن معاذ رضي الله عنه أنه قال: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « إني لأحبك يا معاذ، فلا تدع أن تقول في دُبر كل صلاة: ربِّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسنِ عبادتك ».
وعلى المرء أن يجتهد في الدعاء أن يحسن إليه خاتمته؛ فقد كان بعض السلف يدعو بحسن الخاتمة، فقيل له: وما حسن الخاتمة؟ قال: أن يقبضني وأنا ساجد.
ومع ما يرى المسلم من الفتن التي تموج كموج البحر، عليه أن يلزم الدعاء مع استشعار الخوف من تغيّر الحال، بسبب ذنب خفيّ أو فتنة جامحة؛ فقد كان دعاء بعض السلف مع صلاح قلوبهم وأعمالهم: اللهم سلِّم سلِّم.
وعليه أن يتفقَّد قلبه بين الفينة والأخرى؛ ويدعو الله بصلاحه واستقامته، فإنّ استقامة الأعمال نتيجة لاستقامة القلوب، وليحذر أن يهمل معالجة قلبه حتى يحول الله بينه وبينه قال تعالى: (يا أيها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون)؛ قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر؛ ويحول بين الكافر وبين الإيمان، وقال غيره: يحول بين المؤمن وبين سوء الخاتمة، وبين الكافر وبين حسن الخاتمة.
نسأل الله أن يحسن خاتمتنا وأن يرحمنا برحمته.
10/4/1431هـ ؛ 26/3/2010م
المصدر موقع الشيخ سالم العجمي -حفظه الله تعالى-