الدر المفقود في الأحكام الشرعية والطبية لختان المولود
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه فوائد شرعية وطبية في أحكام الختان انتقيتها من عدة البحوث وليس لي فيها إلا الجمع والترتيب راجيا من الله أن ينفع بها.
أبو أسامة سمير الجزائري
فهذه فوائد شرعية وطبية في أحكام الختان انتقيتها من عدة البحوث وليس لي فيها إلا الجمع والترتيب راجيا من الله أن ينفع بها.
أبو أسامة سمير الجزائري
1. معنى الختان :
قال ابن القيم :
الختان : اسم لفعل الخاتن ، وهو مصدر كالنزال والقتال ، ويسمى به موضع الختن أيضا ومنه الحديث : " إذا التقى الختانان وجب الغسل " ، ويسمى في حق الأنثى خفضا يقال : ختنت الغلام ختنا ، وخفضت الجارية خفضا ، ويسمى في الذكر إعذارا أيضا ، وغير المعذور يسمى أغلف وأقلف .
" تحفة المولود " ( 1 / 152 ) .
2. الختان سنة إبراهيم والأنبياء من بعده :
روى البخاري (629 ومسلم (2370) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً ، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ .
و (الْقَدُوم) هو آلة النجار . وقيل : هو مكان بالشام .
قال الحافظ ابن حجر :
وَالرَّاجِح أَنَّ الْمُرَاد فِي الْحَدِيث الآلَة , فَقَدْ رَوَى أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن رَبَاح قَالَ : "أُمِرَ إِبْرَاهِيم بِالْخِتَانِ , فَاخْتَتَنَ بِقَدُّوم فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ عَجِلْت قَبْل أَنْ نَأْمُرك بِآلَتِهِ , فَقَالَ : يَا رَبّ كَرِهْت أَنْ أُؤَخِّر أَمْرك" اهـ
وقال ابن القيم :
والختان كان من الخصال التي ابتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس ، وقد روي أنه أول من اختتن كما تقدم ، والذي في الصحيح اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة ، واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فإنه اختتن والنصارى تقر بذلك ولا تجحده كما تقر بأنه حرَّم لحم الخنزير ...
" تحفة المودود " ( ص 158 – 159 ) .
هذا ، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الختان
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
وأقرب الأقوال : أنه واجب في حق الرجال ، سنة في حق النساء ، ووجه التفريق بينهما : أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهي الطهارة ، لأنه إذا بقيت هذه الجلدة : فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع ، وصار سبباً في الاحتراق والالتهاب كلما تحرك ، أو عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك .
وأما في حق المرأة : فغاية فائدته : أنه يقلل من غلمتها ، أي : شهوتها ، وهذا طلب كمال ، وليس من باب إزالة الأذى .
" الشرح الممتع " ( 1 / 133 ، 134 ) .
وهذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله . قال ابن قدامة في المغني (1/115) : فأما الختان فواجب على الرجال ، ومَكْرُمَة في حق النساء ، وليس بواجب عليهن اهـ
3. موضعه :
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
قال أبو البركات في كتابه " الغاية " : ويؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة ، وإن اقتصر على أخذ أكثرها جاز ويستحب لخافضة الجارية أن لا تحيف ، وحكي عن عمر أنه قال للخاتنة : أبقي منه إذا خفضت ، وقال الخلال في " جامعه " : ذكر ما يقطع في الختان : أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سئل أحمد : كم يقطع في الختانة ؟ قال : حتى تبدو الحشفة .
والحشفة : رأس الذكر ، كما في لسان العرب (9/47) .
وقال ابن الصباغ في " الشامل " : الواجب على الرجل أن يقطع الجلدة التي على الحشفة حتى تنكشف جميعها ، وأما المرأة فتقطع الجلدة التي كعرف الديك في أعلى الفرج بين الشفرين وإذا قطعت يبقى أصلها كالنواة .
وقال النووي رحمه الله :
والصحيح المشهور أنه يجب قطع جميع ما يغطي الحشفة اهـ . المجموع ( 1 / 351 ) .
وقال الجويني : القدر المستحق من النساء : ما ينطلق عليه الاسم ، قال : في الحديث ما يدل على الأمر بالإقلال ، قال : أَشِمِّي ولا تَنْهَكي ، أي : اتركي الموضع أشم والأشم المرتفع .
" تحفة المودود " ( 190 – 192 ) .
والحاصل أنه في ختان الذكر تقطع جميع الجلدة التي تغطي الحشفة ، وفي ختان الأنثى يُقطع جزءٌ من الجلدة التي كعرف الديك في أعلى الفرج .
4- الحكمة من مشروعية الختان
أما للرجل فلأنه لا يتمكن من الطهارة من البول إلا بالختان ، لأن قطرات من البول تتجمع تحت الجلدة فلا يُؤمن أن تسيل فتنجس ثيابه وبدنه . ولذلك كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يشدد في شأن الختان . قال الإمام أحمد : وكان ابن عباس يشدد في أمره ، ورُوي عنه أنه لا حج له ولا صلاة . يعني : إذا لم يختتن اهـ المغني (1/115) .
وأما حكمة الختان بالنسبة للمرأة فتعديل شهوتها حتى تكون وسطاً .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن المرأة : هل تختتن أم لا ؟
فأجاب : الحمد لله ، نعم ، تختتن ، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك ، قال رسول الله للخافضة وهي الخاتنة : (أشمي ولا تنهكي ، فإنه أبهى للوجه ، وأحظى لها عند الزوج) يعني : لا تبالغي في القطع ، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القُلْفَة ، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء [يعني : غير مختتنة] كانت مغتلمة شديدة الشهوة . ولهذا يقال في المشاتمة : يا بن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر . ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين . وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل ، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال . والله أعلم اهـ مجموع الفتاوى (21/114) .
5- ويجوز دفع المال للختَّان .
قال ابن قدامة :
ويجوز الاستئجار على الختان ، والمداواة ، لا نعلم فيه خلافا ؛ ولأنه فعل يحتاج إليه ، مأذون فيه شرعا ، فجاز الاستئجار عليه ، كسائر الأفعال المباحة .
" المغني " ( 5 / 314 ) .
فوائد الختان الطبية
يقول الدكتور محمد نبيل النشواني في كتابه (الطفل المثالي) تحت عنوان: ضرورة الختان: وتغطي حشفة القضيب عند الأطفال قطعة جلد زائد تدعى القلفة وهي غنية بالأعصاب، لذلك فإن بقاءها يزيد الشبق والتهيج الجنسي بعد البلوغ، مما قد يضعهم في مواقف حرجة أو مشاكل هم في غنى عنها.
ولقد ثبت علمياً بأن المفرزات البيضاء التي تتجمع بين القلفة والحشفة تسبب تخريشا مستمراً...لذلك سن الله تعالى الختان وأمر به إبراهيم الخليل الذي امتثل لأمر ربه، وبما أن المسلمين يجرون الختان لأطفالهم، فإن نسبة سرطان عنق الرحم بين نساء المسلمين منخفضة جداً إذا قورنت بنسبتها بين الغربيين وغيرهم... .
نصائح طبية قبل الختان
حذّر استشاري متخصّص في جراحة الأطفال من تأخُّر عملية الختان للذكور لأكثر من 4 أشهر من ولادة الطفل حتى تكون العملية أكثر سهولة وأقل آلاماً وأفضل نتائج، حيث لا تحتاج العملية في مثل هذا العمر إلى مخدر عام.
وأكد استشاري جراحة الأطفال في مستشفى دلة بالرياض الدكتور أحمد خيري، أن تحديد العمر المناسب لإجراء الختان يتم بعد إجراء الطبيب الفحوص اللازمة للطفل بعد الولادة مباشرةً لتحديد إذا ما كان حجم العضو الذكري مناسباً لإجراء هذه العملية أم لا، مشيراً إلى أن طريقة الختان بواسطة الحلقة البلاستيكية تعتبر من أحدث الطرق وأفضلها، حيث تجرى هذه العملية تحت مخدر موضعي وتستغرق أقل من 5 دقائق يعود بعدها الطفل إلى المنزل.
وقال: تتميّز هذه الطريقة بنتائجها الممتازة من ناحية الشكل وسهولة العناية من قِبل الأم بعد إجراء العملية. ولفت خيري إلى أنه في حالات يحتاج الطفل للختان بطرقٍ أخرى، حيث يتم إجراء الختان بأكثر من طريقة بعد الكشف على الطفل لتحديد أكثر الطرق مناسبة له، كما أنه في بعض الحالات يتم تأخير الختان لعدة أشهر بسبب صغر حجم العضو أو وجود مشكلات صحية تحول دون عمل الختان في هذه السن، مما يحتاج الطفل في مثل هذه الحالات إلى إجراء الختان تحت مخدر عام، وهو أمر أصبح أكثر أماناً بسبب التقنيات الحديثة المستخدمة في تخدير الأطفال. وذكر استشاري جراحة الأطفال أن الدراسات أثبتت أن الختان يقلل من حدوث التهاباتٍ في العضو الذكري، كما يقلل من حدوث الأورام الخبيثة سواء في العضو الذكري أو عنق رحم الزوجة، إضافة إلى أنه يساعد على النظافة الشخصية بصورة كبيرة.
وأخيرا هذا غيض من فيض هذا الدين العظيم فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
أبو أسامة سمير الجزائري
9 محرم 1434الموافق: 23 نوفمبر 2012
9 محرم 1434الموافق: 23 نوفمبر 2012