الرموز الدينية المبتدعة أساس الوثنية: ردٌّ على عبد الله المعلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب الأخ/ م. عبد الله بن يحيى المعلمي في جريدة المدينة، 21/7/1433هـ، يطالب بالمحافظة على رسم ما يُسميه رمزالمدينة: (القبة الخضراء). ويؤيد مطالبته بمحافظة أهل بيت المقدس على رسم قبة الصخرة رمزًا للمسجد الثالث الذي يجوز شدُّ الرِّحال إليه. والمساجدُ الثلاثة التي لا يجوز شد الرحال (تعبدًا) إلا إليها بمكة المباركة والمدينة النبوية والمسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ميَّزها الله بتحريمه مكة وتحريم رسوله المدينة، وبمشاعر الحج والعمرة في مكة وما حولها (وليس منها غار حراء ولا غار ثور وغيرهما مما ابتدعه العوام وأشباههم)، وميَّز الله المدينة النبوية بمسجد رسول الله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومتَّبعي سنته الذَّائدين عنها بدعَ الهوى والنفس والشيطان (وليس مما يتعبد الله به: تميُّز المساجد السبعة المبتدعة، ولا مسجد القبلتين، ولا مسجد الغمامة، ولا أمثالها مما وسوس به الشيطان وسولت به النفس الأمارة بالسوء لمزاحمة السنن بالبدع)، وميَّز الثلاثة بالفضل. وإلى القارئ الكريم خبرُ ابتداع القبة الخضراء وقبَّة الصخرة:
1ـ أوَّل من نصب القُبَب: البيزنطيون في عمارة كنائسهم، وبقيت رمزًا كنيسيًّا حتى افتتح المسلمون الشام وتحول بعض الكنائس إلى مساجد فأَلِفَ الناسُ وجود القبة فوق بعض المساجد، وبدؤوا يقلدونها في عمارة المساجد الجديدة، ومنذ القرن الماضي أُدخلِتْ زُورًا فيما سُمي: العمارة الإسلامية، وقد يكون الجامع الأموي بدمشق أول مسجد احتفظ بقبته البيزنطية الكنيسية بعد إعادة بنائه، وأضاف المسلمون ثلاثة أوثان باسم يحيى والحسين وصلاح الدين.
2ـ وبنى عبد الملك بن مروان ـ تجاوز الله عنه ـ القبة على الصخرة، ولم يكن للصخرة فضل على بقية بيت المقدس، ولم يزرها عمر الفاروق ولا ابنه عبد الله ولا غيرهما من فقهاء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولا صلى فيها أحد منهم، وإنما كانت قبلة لليهود، وتجنَّب عمر رضي الله عنه بناء المسجد خلفها لئلا تكون قبلة للمسلمين، ثم حكيت حولها الأساطيرُ والإشاعات فأنست المسلمين مسجد عمر، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: بأن عبد الملك بن مروان بنى القبةَ ليُلهي الناس عن الذهاب إلى مكة والاجتماع بعبد الله بن الزبير رضي الله عنه. (مجموع الفتاوى: 15/154). وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم.
3ـ والقبة على حجرة عائشة رضي الله عنها بناها قلاوون الصالحيُّ المملوكيُّ بعد نحو (600) سنة من إدخال الوليد بن عبد الملك الحجرات في المسجد النبوي، وكان لونها بلون الرصاص مما وضع عليها منه.
4ـ وبعد نحو (544) سنة جاء الطَّاغوت العثماني محمود بن عبد الحميد، وصبغها باللون الأخضر عام (1233)، (انظر: بدع القبور لمؤلفه صالح بن مقبل العصيمي ص: 251 و252).
5ـ هذا الطاغوت تميَّز على بقية طواغيت (الخرافة العثمانية) ـ لا أعادها الله ولا أعادهم على الإسلام والمسلمين، فقد حموا الشرك والبدع والخرافة والتصوف ووثنية المشاهد والمقامات والمزارات والأضرحة في كل بلاد المسلمين ـ؛ تميَّز الطاغوت محمود بن عبد الحميد بمحاربة دعوة ودولة تجديد الدين والدعوة (بالعودة بهما إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم) في مرحلتها الأولى، فلم يكتف بما فعله من سبقه من محاربتها بالكذب والفرية والإشاعات المغرضة، بل ألزم محمد علي ـ والي مصر ـ بمحاربتها بجيوش المرتزقة، ومعهم المدافع لدكِّ الحصون والاستحكامات، ومعهم المال لشراء ذمم المرتزقة من البادية، ولم يرض بغير قتل ونفي مئات الأمراء والعلماء، وهدم الدرعية، وأخيرًا بإهانة الإمام عبد الله بن سعود رحمه الله والطواف به على حمار ثم قتله صبرًا وصلبه، وقتل رفيقيه، رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته وعوَّضهم دنياهم بمثوبته.
6ـ وحفظ الله دينه والدعاة إليه على بصيرة، فلم تمض سنة حتى قام الإمام تركي بن عبد الله آل سعود يعيد الله به الدعوة والدولة المباركة، وفي بضع سنين استتب الأمرُ له ولابنه الإمام فيصل بن تركي في المرحلة الثانية.
7ـ وفي المرحلة الثالثة الحاضرة قامت دولة الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله بهدم أوثان المقامات والمزارات والأضرحة وما دونها من البدع والمعاصي، ووحَّدتْ أكثر جزيرة العرب على التوحيد والسنة رغم كيد الكائدين وحسد الحاسدين.
8ـ وبعدُ: فالرموز المادية المبتدعة أوقعت البشرَ في الشرك الأكبر منذ قوم نوح كما في صحيح البخاري وتفسير ابن جرير من تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23]، والله الهادي.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاونا على البر والتقوى وتحذيرا من الاثم والعدوان. 1433/07/21هـ.
المصدر