وقبل أن أبدأ بشرح ما ييسر الله-سبحانه وتعالى-في هذه الجلسة من الأحاديث أنبِّه إلى أمرين لا يستغني عنهما طالب علم رجلًا كان أو امرأة.
الأمر الأوَّل: كثير من الناس وإن كان صاحب سنَّة وله قدم سبق في هذا السبيل إلَّا أنَّه أحيانًا يقعِّد قواعد نحسب أنَّه عمد إليها اجتهادًا، وهذه القواعد بعد النظر تبين أنَّها غير صحيحة.
وأحب هاهنا أن أذكر ميزانًا جيِّدًا حكاه ابن القيِّم[1]-رحمه الله-في مقدِّمة كتابه الماتع النافع النفيس المبارك (زاد المعاد)، وأنا أحكيه ملخَّصًا بالمعنى وهاكموه:
من أسس للناس قواعد أو أنشأ لهم أقوالًا حسب فهمه وتأويله، فإنَّها بعد عرضها على الشرع لا تخلو من أحوال ثلاثة:
الحال الأولى: أن يشهد لها الشرع بالصحَّة، فهذه يجب قبولها لأنَّنَا حكَّمنا الشرع والشرع حكم بصحَّتها، فردُّها ضلال وبدعة.
الحال الثانية: أن يشهد لها الشرع بعدم الصحَّة فهذه يجب رفضها واطِّراحها، بل يجب بيان مخالفتها للسنَّة بالدليل نصحًا للأمَّة.
الحال الثالثة: أن لا يشهد لها الشرع بصحَّة ولا بعدمها، فهذه الأمر فيها واسع فمن شاء أخذ بها ومن شاء تركها، ولكن لا يجوز إلزام أحد بها.
وهذا يقودنا إلى أمر آخر ابتلي به كثير من المنتسبين إلى طلب العلم، وذلكم:
أنَّه إذا أحبَّ شيخًا ورأى أنَّه أضفى عليه من فضله ما أضفى ومنحه من علمه الذي علَّمه الله إيَّاه ما منح فإنَّه لا يقبل ردَّ قوله، وإن كان الدليل عليه صريحًا واضحًا أوضح من الشمس في رابعة النهار.
فنقول:
أولًا: كونك تحب ذاك الشيخ وتجلُّه وتوقِّره وتذكره بخير هذا ليس محل نزاع عندنا، وليس محل انتقاد.
لكن كونك تعمي بصرك وتصمُّ سمعك عن رد مخالفته التي بيَّنها أهل العلم بالدليل فهذا والله وتالله وبالله لهو عين الحزبيَّة المقيتة، فإنَّك تُضِل وتَضِل وتركب البدعة والحزبيَّة أشار إليها شيخ الإسلام-رحمه الله-أعني: ابن تيمية حين قال: (...ومن نصب للناس رجلًا يوالي ويعادي فيه فهو من الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعًا...).[2].
[1] يشير الشيخ-حفظه الله-إلى كلام ابن القيِّم-رحمه الله-التالي: (...فمن أنشأ أقوالا وأسس قواعد بحسب فهمه وتأويله لم يجب على الأمة اتباعها، ولا التحاكم إليها حتى تعرض على ما جاء به الرسول، فإن طابقته ووافقته وشهد لها بالصحة قبلت حينئذ، وإن خالفته وجب ردها واطراحها، فإن لم يتبين فيها أحد الأمرين جعلت موقوفة، وكان أحسن أحوالها أن يجوز الحكم والإفتاء بها وتركه، وأما أنه يجب ويتعين فكلا ولما...)، انظر (زاد المعاد/ ج: 1- ص: 49/ مؤسسة الرسالة الطبعة الرابعة).
[2] لفضيلة الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-/ من شرح كتاب المساجد ومواضع الصلاة والجنائز منكتاب اللؤلؤ والمرجان الشريط الأول
الأمر الأوَّل: كثير من الناس وإن كان صاحب سنَّة وله قدم سبق في هذا السبيل إلَّا أنَّه أحيانًا يقعِّد قواعد نحسب أنَّه عمد إليها اجتهادًا، وهذه القواعد بعد النظر تبين أنَّها غير صحيحة.
وأحب هاهنا أن أذكر ميزانًا جيِّدًا حكاه ابن القيِّم[1]-رحمه الله-في مقدِّمة كتابه الماتع النافع النفيس المبارك (زاد المعاد)، وأنا أحكيه ملخَّصًا بالمعنى وهاكموه:
من أسس للناس قواعد أو أنشأ لهم أقوالًا حسب فهمه وتأويله، فإنَّها بعد عرضها على الشرع لا تخلو من أحوال ثلاثة:
الحال الأولى: أن يشهد لها الشرع بالصحَّة، فهذه يجب قبولها لأنَّنَا حكَّمنا الشرع والشرع حكم بصحَّتها، فردُّها ضلال وبدعة.
الحال الثانية: أن يشهد لها الشرع بعدم الصحَّة فهذه يجب رفضها واطِّراحها، بل يجب بيان مخالفتها للسنَّة بالدليل نصحًا للأمَّة.
الحال الثالثة: أن لا يشهد لها الشرع بصحَّة ولا بعدمها، فهذه الأمر فيها واسع فمن شاء أخذ بها ومن شاء تركها، ولكن لا يجوز إلزام أحد بها.
وهذا يقودنا إلى أمر آخر ابتلي به كثير من المنتسبين إلى طلب العلم، وذلكم:
أنَّه إذا أحبَّ شيخًا ورأى أنَّه أضفى عليه من فضله ما أضفى ومنحه من علمه الذي علَّمه الله إيَّاه ما منح فإنَّه لا يقبل ردَّ قوله، وإن كان الدليل عليه صريحًا واضحًا أوضح من الشمس في رابعة النهار.
فنقول:
أولًا: كونك تحب ذاك الشيخ وتجلُّه وتوقِّره وتذكره بخير هذا ليس محل نزاع عندنا، وليس محل انتقاد.
لكن كونك تعمي بصرك وتصمُّ سمعك عن رد مخالفته التي بيَّنها أهل العلم بالدليل فهذا والله وتالله وبالله لهو عين الحزبيَّة المقيتة، فإنَّك تُضِل وتَضِل وتركب البدعة والحزبيَّة أشار إليها شيخ الإسلام-رحمه الله-أعني: ابن تيمية حين قال: (...ومن نصب للناس رجلًا يوالي ويعادي فيه فهو من الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعًا...).[2].
لسماع المادة الصوتيَّة:
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الأحد الموافق: 29/ شوَّال/ 1433 للهجرة النبويَّة الشريفة.
[1] يشير الشيخ-حفظه الله-إلى كلام ابن القيِّم-رحمه الله-التالي: (...فمن أنشأ أقوالا وأسس قواعد بحسب فهمه وتأويله لم يجب على الأمة اتباعها، ولا التحاكم إليها حتى تعرض على ما جاء به الرسول، فإن طابقته ووافقته وشهد لها بالصحة قبلت حينئذ، وإن خالفته وجب ردها واطراحها، فإن لم يتبين فيها أحد الأمرين جعلت موقوفة، وكان أحسن أحوالها أن يجوز الحكم والإفتاء بها وتركه، وأما أنه يجب ويتعين فكلا ولما...)، انظر (زاد المعاد/ ج: 1- ص: 49/ مؤسسة الرسالة الطبعة الرابعة).
[2] لفضيلة الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-/ من شرح كتاب المساجد ومواضع الصلاة والجنائز منكتاب اللؤلؤ والمرجان الشريط الأول