من أخطاء بعض الحجاج الذبح قبل يوم النحر
الحمد لله رب العالمين و على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم :
من أخطاء بعض حجاج بيت الله الحرام الأخذ بقول من يرى جواز ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر وهذا موجود عند بعض حجاج أهل الشام وغيرهم .
قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان (5|530):
اعلم : أن من قال بجوازه قبل يوم النحر : كالشافعية ، وأبي الخطاب من الحنابلة ، ورواية ضعيفة ، عن أحمد : إن جاء به صاحبه قبل عشر ذي الحجة فقد احتجوا ، واحتج لهم بأشياء . أما رواية أبي طالب عن أحمد : بجواز تقديم ذبحه ، إن قدم به صاحبه ، قبل العشر . فقد ذكرنا تضعيف صاحب الفروع لها ، وبينا أنها لا مستند لها لأن مستندها مصلحة مرسلة مخالفة لسنة ثابتة .
ثم ذكر رحمه الله أوجه الرد على من أجاز ذلك :
أولا :أن قول الجمهور القائلين : بأنه لا يجوز ذبح دم التمتع والقران قبل يوم النحر فاستدلوا بأدلة واضحة ، وأحاديث كثيرة صحيحة صريحة ، في أن أول وقت نحر الهدي : هو يوم النحر ، وكان صلى الله عليه وسلم قارناً كما قدمنا ، ما يدل على الجزم بذلك ، سواء قلنا : إنّه بدأ إحرامه ، قارناً أو أدخل العمرة على الحج ، وأن ذلك خاص به كما تقدم . وكانت أزواجه كلهن متمتعات كما هو ثابت في الأحاديث الصحيحة ، إلا عائشة فإنها كانت قارنة على التحقيق كما قدمنا إيضاحه بالأدلة الصحيحة الصريحة ، ولم ينحر عن نفسه صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أزواجه ، إلا يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة ، وكذلك كل من كان معه من المتمتعين ، وهم أكثر أصحابه والقارنين الذين ساقوا الهدي ، لم ينحر أحد منهم ألبتة ، قبل يوم النحر ، وعلى ذلك جرى عمل الخلفاء الراشدين ، والمهاجرين ، والأنصار ، وعامة المسلمين فلم يثبت عن أحد من الصحابة ، ولا من الخلفاء : أنه نحر هدي تمتعه ، أو قرانه قبل يوم النحر البتة .
ثانيا :
الحلق الذي لا يصح الإحلال دونه ، معلق على بلوغ الهدي محله كما قال { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ } [ البقرة : 196 ] وقد بين صلى الله عليه وسلم بفعله الثابت عنه أن محله : منى يوم النحر . وقد قدمنا في سورة البقرة : أن القرآن دل في موضعين ، على أن النحر قبل الحلق .
أحدهما : قوله تعالى { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ } .
والثاني : قوله تعالى { وَيَذْكُرُواْ اسم الله في أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام } وقد قدمنا أنه التسمية عند نحرها تقرباً لله ، ثم قال بعد النحر الذي هو معنى الآية
لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (2 )
{ ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ } [ الحج : 29 ] ومن قضاء تفثهم : الحلق ، أو التقصير . وقد ثبت في الصحيح « أنه صلى الله عليه وسلم حلق قبل أن ينحر وأمر بذلك » كما قدمناه في سورة البقرة مستوفى ، ولكنه صلى الله عليه وسلم بين أن من قدم الحلق ، على النحر : لا شيء عليه . ولا خلاف أن كل الواقع من ذلك في حجته ، أنه كان يوم النحر كما هو معروف .
ثالثا:
أنه لو جاز له ذبحه قبل يوم النحر ، لجاز الحلق قبل يوم النحر ، وذلك باطل فالحلق لا يجوز ، حتى يبلغ الهدي محله . كما هو صريح القرآن ، والحلق لم يجز قبل يوم النحر ، فالهدي لم يبلغ محله قبل يوم النحر ، وهو واضح كما ترى ، ولذا لم يأذن صلى الله عليه وسلم في حجته ، لمن ساق هدياً أن يحل ويحلق ، وإنما أمر بفسخ الحج في العمرة من لم يسق هدياً ، ولا شك أن ذلك عمل منه بقوله تعالى : { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ } [ البقرة : 196 ] .
هذا ملخص ما ذكره في هذه المسألة وقد أطال النفس في الرد على هذا القول الضعيف .
والله أعلم .
الرابط:http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=119300