فقء موسى عين ملك الموت
"الاقتصاد في الاعتقاد"
شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
"الاقتصاد في الاعتقاد"
شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
ونؤمن بأن ملك الموت أرسل إلى موسى -عليه السلام- فصكه ففقأ عينه، كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا ينكره إلا ضال مبتدع راد على الله ورسوله، ونؤمن بأن الموت يؤتى به يوم القيامة فيذبح، كما روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(يُؤتَى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي منادٍ: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: هذا الموت . وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت . وكلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، ثم قرأ: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ )).
-----------------------------------
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله-: "ونؤمن بأن ملك الموت أرسل إلى موسى -عليه الصلاة والسلام- فصكه ففقأ عينه، كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا ثابت في الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: )أرسل ملك الموت إلى موسى -عليه الصلاة والسلام- فلما جاء صكه ففقأ عينه (وهذا ثابت؛ لأن أهل السنة والجماعة يؤمنون بما ثبت في كتاب الله، وبما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ولهذا قال المؤلف: "لا ينكره إلا ضال مبتدع رادٌّ على الله ورسوله" هؤلاء المبتدعة والملاحدة لا يؤمنون إلا بما تهواه عقولهم، تجدهم يطعنون في الأحاديث الصحيحة ويؤولونها بتأويلات باطلة، والواجب على المسلم التصديق بما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وصح عنه اعتقاده؛ لأن ذلك من الإيمان بالغيب الذي أطلع الله عليه رسوله.
ولهذا نقل النووي عن المازري أنه قال: وقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث، حديث: "أن ملك الموت أن موسى صك عينه ففقأ عينه" فقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث، وأنكر تصوره، قالوا: كيف يجوز على موسى فقء عين ملك الموت ، كيف يفقأ عين ملك الموت ؟!
وأجاب بعض العلماء عن هذا بأجوبة: أحدها أنه لا يمتنع أن يكون موسى -عليه الصلاة والسلام- قد أذن الله له في هذه اللطمة، ويكون ذلك امتحانا +للرسول والله -سبحانه- يفعل في خلقه ما شاء ويمتحنهم بما أراد، أو أن موسى -عليه السلام- لم يعلم أنه ملك من عند الله وظن أنه رجل قصده يريد نفسه فدافع عنها، فأدت المدافعة إلى فقء عينه لا أنه قصدها بالفقء، وهذا جواب الإمام +ابن خزيمة.
وقال ابن قتيبة: لما تمثل ملك الموت لموسى -عليه السلام-: وهذا ملك الله وهذا نبي الله، وجاذبه، لطمه موسى لطمة أذهبت العين التي هي تخييل وتمثيل وليست حقيقة، وعاد ملك الموت إلى حقيقة خلقته الروحانية، كما كان لم ينتقص منه شيء، نحن نؤمن بأن موسى صك عينه.
ومن المعلوم أن الملك أعطاه الله القدرة على التشكل والتصور: )جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ (جبريل -عليه السلام- جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في صور متعددة، كان يأتي كثيرا في صورة دحية الكلبي، وكان رجلا جميلا، جاء في صورة رجل أعرابي يسأل عن الإسلام والإيمان والإحسان، ورآه في الصورة التي خلق عليها مرتين: مرة في الأرض، ومرة في السماء له أجنحة، الملك أعطاه الله القدرة على التشكل.
والأقرب -والله أعلم- أنه ما علم أنه أنه ملك، كما أن إبراهيم -عليه السلام- جاءه الملائكة في صورة أضياف، ما علم أنهم ملائكة، في صورة رجال، وجاء بهم إلى بيته يظن أنهم ضيوف، ومال إلى أهله سريعا وجاء بعجل، شوى لهم العجل وقدمه إليهم، لما قدمه ما مدوا أيديهم إليه، خاف منهم، لكن ضيوف ما يأكلون، إذا الضيف إذا ما أكل يُخشى أن يكون جاء لشر، قال له الملائكة: نحن ملائكة لا نأكل ولا نشرب، أخبروه، هم جاءوا في صورةٍ ما عَلِمَهُمْ. وجاءوا إلى لوط أيضا ما علم أنهم ملائكة، في صورة أضياف، فلا يبعد أن يكون أتى إلى موسى ولم يعلم أنه ملك.
ويقول المؤلف: "كما صح أنه لا ينكره إلا ضال مبتدع رادٌّ على الله وعلى رسوله، ونؤمن بأن الموت يؤتى به يوم القيامة فيذبح" كذلك أنكر هذا بعض أهل البدع، قالوا: كيفالموت يذبح؛ الموت أمر معنوي؟! نقول: هؤلاء العقلانيون الذين لا يؤمنون إلا بما تهواه عقولهم ويتأولون النصوص، هؤلاء نسأل الله السلامة والعافية، هؤلاء يتبعون أهواءهم، والواجب على المسلم أن يؤمن بما ثبت في كتاب الله وبما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله قادر على جعل المعاني أجساما، على قلب الأعراض أجساما، والله على كل شيء قدير.
ولهذا ثبت في الحديث الذي رواه الشيخان اللي ذكره المؤلف -رحمه الله- في حديث أبي سعيد قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: )يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون -يشرئبون يعني: يمدون أعناقهم ويرفعون رؤوسهم للنظر- فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: هذا ملك الموت . وكلهم قد رآه، ثم ينادى: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، وهل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت . كلهم عرفوه وكأنهم كلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت (وهذا بعد خروج العصاة من النار.
وجاء في اللفظ الآخر: )فيزداد أهل الجنة نعيما إلى نعيمهم، ويزداد أهل النار حسرة إلى حسرتهم، -نعوذ بالله- ثم قرأ: )وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ((والحديث صحيح رواه الشيخان: البخاري ومسلم -رحمهما الله-، ورواه غيرهما، رواه الترمذي وأحمد في ( المسند ) والآجري في ( الشريعة ).
قال الترمذي: والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل: سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم، إنما رووا هذه الأشياء، ثم قالوا: نروي هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يقال كيف، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها ولا تفسر، ولا نتوهم ولا يقال كيف، يعني: لا أفسر تفسيرا يخالف ظاهرها، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه.
معنى قولهم: "لا يفسر" أي: لا يفهم لها، ليس المعنى أنه لا يفهم لها معنى بل يقصدون عدم تفسيرها بخلاف ظاهرها الذي تدل عليه، نعم، بارك الله، وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
-----------------------------------
أحسن الله إليكم، هذه مجموعة من الأسئلة نحاول أن نعرض الأهم فالأهم حسب الترتيب المقروء في الكتاب. يقول: نرجو التكرم بترتيب الأمور التي تمر بالإنسان يوم القيامة، فهل ورود الحوض قبل الشفاعة، وهل الميزان قبل الصحف، ومتى يكلم الله -عز وجل- عباده بلا ترجمان، نرجو ترتيب هذه الأمور التي تحصل؟
أولا البعث يوم القيامة، يبعث الله الأجساد، ينزل الله أولا مطرا تنبت منه أجساد الناس، وينشئون تنشئة غير التنشئة في الدنيا، النواة هي لكن تنشأ الصفات، فإذا كمل نباتهم أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور النفخة الثانية، الأول فإن نفخة الصور النفخة الأولى التي يموت فيها الناس، ثم يمكث الناس أربعين، ثم ينزل الله مطرا تنبت فيه أجساد الناس، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث فتأتي الأرواح إلى أجسادها.
الأرواح باقية ما تموت، في نعيم أو في عذاب، فتدخل كل روح في جسدها فيقوم كل واحد ينفض التراب عن رأسه ويقومون يقفون بين يدي الله للحساب سراعا، حفاة: لا نعال عليهم، عراة: لا ثياب عليهم، غرلا: جمع أغرل، غير مختون، وتدنو الشمس من رؤوسهم ويزاد في حرارتها.
ثم بعد ذلك يشتد الكرب بالناس يسألون الأنبياء الشفاعة، يذهبون إلى آدم، ثم كما سبق، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم نبينا -عليه الصلاة والسلام- ثم يشفع نبينا -صلى الله عليه وسلم-، يشفعه الله، فيقضي الله بين الخلائق، يحاسبهم في وقت واحد، لا يلهيه شأن عن شأن -سبحانه وتعالى-، ابن آدم الضعيف ما يستطيع يتكلم مع اثنين في وقت واحد، لكن الرب -سبحانه وتعالى- يحاسب الخلائق في وقت واحد، ويفرغ -سبحانه وتعالى- من حسابهم في قدر منتصف النهار، وفي وقت القيلولة يدخل أهل الجنةِ الجنةَ، قال -سبحانه-: )أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (.
بعد الحساب تعطى الصحف، تتطاير الصحف بالأيمان وبالشمائل، وتوزن الموازين، ويرد الناس على الحوض، اختلف العلماء في الترتيب، فمن العلماء من قال: إن الميزان قبل الحوض، ومنهم من قال: الحوض قبل الميزان. والأقرب أنه أولا الحساب، ثم الورود على الحوض، ثم الميزان بعد ذلك؛ لأنه لو كان الميزان قبل ذلك لكان من خفت ميزانه لا يرد على الحوض، وقد ثبت أنه يرد على الحوض أناس يطردون ما يعلمون، الحساب، ثم الحوض، ثم الميزان، وتتطاير الصحف، ثم بعد ذلك المرور على الصراط، فمن تجاوز الصراط صعد إلى الجنة، ومن سقط سقط في النار -نعوذ بالله-، ثم بعد ذلك دخول الجنة، ثم بعد دخول العصاة النار تكون الشفاعة بعد ذلك فيهم، نعم، ثم بعد ذلك الاستقرار في الجنة أو في النار، نسأل الله السلامة والعافية.
--------------------------------
أحسن الله إليكم، أسئلة كثيرة حول فناء الجنة والنار، وما ينسب إلى شيخ الإسلام حيال هذا الأمر، فبعض أهل البدع يذكر أن ابن تيمية قال: إن الجنة والنار تفنيان بعد مدة معينة، نرجو توضيح هذا؟
لا، هذا ابن القيم -رحمه الله- وجد له في كتاب الروح وفي غيره ما يدل على هذا، والظاهر أن له قولين: قولا بفنائها وقولا بعدم فنائها، والصواب عدم الفناء، وأما شيخ الإسلام -رحمه الله- فنصوص كثيرة عن شيخ الإسلام -رحمه الله- تدل على أنه يرى أن النار تبقى باقية لا تفنى، نعم.
----------------------------------
أحسن الله إليكم، هناك من يقول: إن الأعمال شرط لصحة الإيمان، ويصف من يقول بأنه شرط كمال بأنه من المرجئة، ومن يقول: إنه شرط كمال، يصف هؤلاء بأنهم خوارج، نرجو توضيح هذه المسألة، يقول: هناك من يقول: إن الأعمال شرط لصحة الإيمان، ويصف من يقول: بأن العمل شرط لكمال الإيمان بأنه مرجئة، وهناك من يقول: إنه شرط كمال، ويصف هؤلاء بأنهم خوارج؟
الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، فالذي يقول: إن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان، هذا من المرجئة، كما سبق، المرجئة المحضة وهم الجهمية، يرون أن الأعمال غير مطلوبة، ومرجئة الفقهاء يرونها ليست داخلة في مسمى الإيمان، فالقول بأنها شرط كمال أو شرط في صحة، الشرط غير المشروط، هذا ليس من أهل السنة، أهل السنة يقولون: الإيمان مكون من هذه الأمور: قول باللسان، تصديق بالقلب، وعمل بالقلب، وعمل بالجوارح، كل هذه أركان الإيمان داخلة في مسمى الإيمان.
فالذي يقول: إن العمل خارج، سواء قال: إنه شرط أو شرط كمال، هذا من المرجئة، هذا قول المرجئة والخوارج والمعتزلة يرون أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، مثل أهل السنة، لكن يقولون: إنه إذا نقص شيء من العمل انتهى الإيمان، إذا فعل معصية انتهى الإيمان وخرج إلى الكفر، دخل في الكفر وخلد في النار، وأهل السنة يقولون: لا، إذا فعل معصية يضعف إيمانه ولا يخرج من الإيمان ولا يكفر ولا يخلد في النار، نعم.
---------------------------------
سؤال من الكويت يقول: رجل مسلم شرب الخمر، ثم بعد ما شرب سجد لغير الله ومات على ذلك، نسأل الله العافية والسلامة، هل هذا الرجل مات على الكفر أم على الإسلام؛ لأنه فَقَدَ عقلَه؟
أسأل الله العافية، أمره إلى الله؛ هو الذي يتولى حسابه، نعم، نسأل الله السلامة والعافية، نعم.
---------------------------------
يقول: ما رأيكم في تعريف الإيمان بأنه لغة التصديق، وهل صحيح أن شيخ الإسلام اعترض على ذلك، نرجو إيضاح هذه المسألة؟
الإيمان في اللغة أصله التصديق، وأما في الشرع كما سمعت، الإيمان في الشرع: قول باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالقلب، وعمل بالجوارح. نعم الأحناف -مرجئة الفقهاء- استدلوا بالمعنى اللغوي، قالوا: إن الإيمان هو التصديق؛ قال الله -تعالى- عن إخوة يوسف: )وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا (أي: بمصدق، فقالوا: إن الإيمان هو التصديق، فقالوا: فقط هو التصديق بالقلب، استدلوا بالأمر اللغوي، لكن أهل السنة قالوا: جاء الشرع ببيان مسمى الإيمان، نعم.
----------------------------------
ذكرتم -أحسن الله إليكم- بالأمس أن من قال بأن رجلا يدخل الجنة بلا عمل هذا من أهل الزيغ ومن أهل البدع، يقول: من المقصود بقائل هذه المقولة؛ لأنه حصل لَبس بالأمس حول هذا الموضوع؟
وأيش المقصود؟ نقول: ما فيه أحد يدخل الجنة بدون عمل، يعني بدون توحيد، ما فيه أحد يدخل الجنة إلا بالتوحيد، ما مقصود أحد، أقول ما فيه مقصود أشخاص معينين، من يقول: إن الجنة يدخلها أحد بدون توحيد، ما يمكن، ما يقول أحد هذا، ما يقول أحد من أهل السنة، ما هو مقصود أحد، وإيش المقصود؟ هل قلنا: إن هناك أحد الأشخاص؟ أنا ما أتكلم في أشخاص، نقول: إن الله -تعالى- قال: )ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (.
ما أحد يدخل الجنة إلا بالتوحيد، من لم يُصلِّ فليس بموحد فلا يدخل الجنة، من مات لا يصلي غير موحد، يقول: "لا إله إلا الله" تنتقض عليه، تبطل، كما أن لو توضأ ثم أحدث، فكذلك إذا قال: "لا إله إلا الله" ولم يُصلِّ بطلت كلمة التوحيد، من شرطها الصلاة، ما يمكن أحد يدخل الجنة بدون عمل إلا من نطق بالشهادتين ثم مات ولم يتمكن من العمل، نعم.
---------------------------------
ما رأيكم فيمن يضع على القبر جريدة من نخل ويعتقد أن ذلك يخفف العذاب عن صاحب القبر؟
لا، هذا باطل، هذا من خصائص الرسول -عليه الصلاة والسلام-، الرسول مر بقبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم وضع جريدة؛ لأنه أطلعه الله على ذلك، فأنت هل تعلم الغيب تضع الجريدتين، أنت تعلم الغيب أنه يعذب، أنت مثل الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟!! الرسول أطلعه الله على أنهما يعذبان فوضع جريدتين وقال: لعله يخفف عنهما ما ييبسا. أمَّا أنت ما تعلم الغيب، ما تدري هل يعذب أو ينعم، نعم.
----------------------------
نرى بعض الناس يرسم ميزانا له كِفَّتَان، ويقول: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا" هل هذا الفعل صحيح؟
هذا جرأة من بعض الناس، بعض الناس في هذا الزمن صار عندهم جرأة، تجده مثلا يرسم ميزانا، يضع كذا.. تجد بعض الناس يتصور طائرة، يقول: أنت سائرة إلى الآخرة، وأنت كذا، ويصور كذا، ويصور الانتقال إلى الآخرة، ويصور الجنة، ويصور النار.. هذه جرأة في بعض الناس، في هذا الزمن صار عندهم جرأة، نسأل الله السلامة والعافية، يتجرءون على أشياء ما تجرأ عليها من سبقهم، نعم.
من الواجب على المؤمن أن يسعه ما وسع المؤمنين: ينصح بالنصوص، تلقي كلمة تبين فيها النصوص، الأدلة من الكتاب والسنة، تذكر الأدلة على إثبات الميزان.. ما تحتاج ترسم ميزانا ولا شيئا، ولا ترسم ميزانا ولا ترسم جنة ولا ترسم نارا.. نعم.
--------------------------------
في حديث الجارية: )عندما سألها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أنا؟ فقالت: رسول الله. قال أعتقها فإنها مؤمنة (ولم يقل مسلمة، كيف الجمع بين هذا الحديث وحديث سعد بن معاذ -رضي الله عنه-؟
يعني هذا عند الإطلاق، أقول: عند الإطلاق الإيمان يشمل، مثل ما سبق، إنه إذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر، نعم.
----------------------------------
قال شيخ الإسلام في الفتاوى: إن جماهير المرجئة على أن عمل القلب من الإيمان، وفضيلتكم نَفَيْتُمْ أن يكون المرجئة يرون أن عمل القلب من الإيمان؟
نعم، بعض المرجئة مختلف في هذا، بعضهم أدخل أعمال القلوب وبعضهم لم يدخلها، أما أعمال الجوارح فهم لم يدخلوها، نعم.
--------------------------------
يقول: أشعر في قلبي ببغض لمن حولي ممن لديهم المعاصي ولا أتفاعل معهم، سواء كانوا من الزملاء في العمل أو من الأقارب أو من إخواني في الله، وأجاهد قلبي على أن يكون البغض للفعل وليس لذات الشخص، ويعلم الله أني أكره هذا، أي: بغض ذات الشخص، فماذا أفعل للتخلص من هذا الشعور؟
عليك أن توالي وتعادي بقدر المؤمن، بقدر ما فيه من المعاصي، المؤمن العاصي يوالى بقدر ما فيه من الطاعات ويعادى بقدر ما فيه من المعاصي، وأما المؤمن المطيع فإنه موالى موالاة كاملة، والكافر يعادى معاداة كاملة، هذا هو الذي عليه أهل السنة، أن الناس ثلاثة أقسام: قسم يوالى موالاة تامة وهم المؤمنون من جميع الوجوه، وقسم يعادى معاداة تامة وهم الكفار، وقسم يوالى ويعادى وهم المؤمنون العصاة، أن تواليه بقدر ما فيه من الطاعات وتبغضه بقدر ما فيه من المعاصي، يتسع قلبك لهذا؛ لأن الله -تعالى- يوالي هكذا.
ينبغي للإنسان أن يوافق ربه في الموالاة والمعاداة، فإذا رأيت شخصا مثلا يحافظ على الصلوات الخمس، وتجده مثلا يحافظ على الصلوات الخمس، تجده عنده الغيرة على محارمه، تجده مثلا يَصِل رحمه ويبر والديه تحبه، لكن من جهة أخرى تجده مثلا يشرب الخمر أو يشرب الدخان أو يحلق لحيته ويتعامل بالربا مثلا أو يغش تبغضه، إذا نظرت إلى المعاصي تبغضه بقدر ما فيه من المعاصي، وإذا نظرت إلى الطاعات تحبه، لا تبغضه بغضا كاملا ولا تحبه محبة كاملة، بل تواليه وتعاديه، يكون قلبك يتسع لهذا ولهذا، لا تبغضه بغضا كاملا كالكافر، ولا تحبه محبة كاملة كالمؤمن المطيع، بل تواليه وتعاديه، تواليه بقدر ما فيه من الإيمان والطاعات، وتعاديه وتبغضه بقدر ما فيه من المعاصي، نعم.
----------------------------------
يقول: يعتقد بعض الناس أن الكفر إنما هو تكذيب، فلا يكفر عندهم إلا من كذب، وينكر أقسام الكفر الباقية ويقول: إنها مستلزمة للتكذيب. فهل هذا الاعتقاد صحيح؟
هذا اعتقاد المرجئة، المرجئة يقولون: ما فيه كفر إلا بالتكذيب، فالإيمان هو التصديق والكفر هو التكذيب، وهذا باطل، الكفر يكون بالتكذيب ويكون باعتقاد القلب أيضا: إذا اعتقد أن لله صاحبة أو ولدا، أو اعتقد أن لله شريكا في الملك، أو اعتقد أن الصلاة غير واجبة أو الحج غير واجب، أو اعتقد أن الزنا حلال أو الربا حلال، يكفر بهذه العقيدة.
ويكون أيضا الكفر بالقول: إذا سب الله وسب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله، كَفَرَ بالقول.
ويكون بالفعل: كأن يسجد للصنم، أو يدعو غير الله، أو يذبح لغير الله، أو يطوف بغير بيت الله تقربا يكفر، أو يركع أو يسجد لغير الله يكفر.
ويكون بالرفض والترك: إذا ترك دين الله لا يتعلم ولا يعمل به كفر.
فالكفر يكون بالقلب، ويكون بالقول باللسان، ويكون بالعمل، ويكون بالرفض والترك، الذي يرفض دين الله لا يعبد، لا يتعلم، ولا يعبد الله، هذا كافر؛ قال الله -تعالى-: )وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (أما القول بأن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب هذا قول المرجئة، نعم، وهو قول باطل، وفق الله الجميع لطاعته، ثبت الله الجميع.
تعليق