بل هى فتنة
خطبة جمعة للشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
الجمعة 2 من شعبان 1433 هـ المُوافق 22 - 6 – 2012 م
الخطبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ؛ من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ يا أيُها الذين آمنوا إتقوا الله حق تُقاته ولا تموتُن إلا وأنتم مُسلمون ، يا أيها الناس إتقوا ربكم الذى خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها ن وخلق منها زوجهاوبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ، وإتقوا الله الذى تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ،
يا أيُها الذين أمنوا إتقوا الله وقولوا قولاً سديدا ، يُصلح لكم أعمالكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يُطع الله فقد فاز فوزاً عظيما .
أما بعد؛
فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار
أما بعد؛
فإن سؤالاً يتردد كثيراً هذة الأيام من الشاميين المبغضيين المخالفين ، ومن المحبيين المقبليين الموافقين ، وهذا السؤال هو :
ماذا أنتم فاعلون يا أهل السنة إن ولى عليكم بعض الذى تبدعون جماعتهُ ، وتنتقدون فى الإعتقاد مسالكهم ، وتُقَوِمونَ ما إعوج من مناهجهم ؟؟؟
وكان حرياً أن تكون الإجابة بسؤالٍ هو :
هل وقع ذلك أم لم يقع ؟؟؟؟؟
وسيقول السائل : لم يقع .
فيقال له : دَعه فإذا وقع فإسأل .
ومع هذا فلا بأس من سوق الإجابة عن هذا السؤال ليَستبين الصُبحُ لذى عينين ؛
وقبل الإجابة عن هذا السؤال ، أسوقُ مقدمتين إثنتين ، ثم أذكر إن شاء الله تعالى جواباً مجملا ، وجواباً مفصلا .
المقدمةُ الأولى :
لقد شاع وذاع بعد إضطرابات يناير سنةَ إحدى عشرةَ وألفين مصطلح الفلول ، فصار يطلق ويراد به معنىً لا ينضبط ، بل يضيق ُ و يتسع ، ويخفُ ويثقل ، على حسب مُطلقهِ والمطلقِ عليه ، ولكنه لا يخرجُ عن كونهِ وَصفاً بما لا يُحب الموصوف أن يوصَفَ به ، ولا يَوَدُ ذو المروءةِ أن يطلق عليه .
فما حقيقةُ هذا اللفظ لغةَ وإستعمالا ؟؟
أولا : فى اللغة ؛
فَلَ عن فلان عقله فَلَ_ أى ذهب ثم عاد ، وفَلَ السيف فَلاً _ ( ثلَهُ ) وكسرهُ فى حده ، وفَلَ السيفُ فَلَاً _ ( تَثَلَمَ ) حَدُهُ فهو أَفَل ، وأَفَل فلان _ ذهب ماله ، والفَلُ كسرٌ فى حد السيف ، ومن فَصل عن الشئ وتناثَرَ كسُحالةالذهب وبُرادةِ الحديد وكشرَرِ النار ، والجمع فُلُول ، والفَلُ المُنهزمُ يقال للواحدِ والجمعْ ،
والفَلُ الأرضُ الجَدبَة لم تُمْطَرْ ، ويُقال فلانٌ فَلُ من الخير أى خالٍ منه ، فهذا هو الفَلُ بالفتح .
وأما الفِلُ ؛ فالأَرضُ التى لا نبات فيها ، والفِلُ ما رَقَ من الشعر .
وأما الفُلُ بالضم ؛ فإسمٌ يطلق اليوم على الياسمين ، على الياسَمين الزَمبَقِىْ ، من جنس الياسمين من الفصيلة الزيتونية ؛
فالمُراد بالفُلول إذً : على حسبُ ما يريد القوم ؛ المنهزمون ، هذا فى اللغة .
وأما فى الإستعمال :
فيختلف المراد على حسب الواصف والموصوف ، فيراد به أحياناً من كان عاملاً فى مواقع ووظائف معينة فى النظام السابق ، ويراد به أحياناً من هو مُعادٍ للثورةًكما يصفونها ، أو من هو فى الثورةِ المضادةِ كما يقولون ، إلى غير ذلك مما لا ينضبط ،
ومعلوم فى الأعراف الدوليةِ جميعها ، أن الثورة لا يُقال لها ثورة إلا إذا أرادت التغيير الجِذرى لجميع الأنماط المجتمعية ، مما يتعلقُ بالعقيدة ، وطريقة التفكير والحياة ، ونُظُمُ المعيشة ؛
فإن كان هذا مرادً فى مصر ، فهو إنقلابٌ على دينها ، وهو تدميرٌ لعقيدتها ؛ وإن لم يكن هذا بمراد ، فليست بثورة وإنما هى إحداثٌ للفوضى .
وأقول:
إن أكثر الذين يطلقون هذا الوصف َ الفُلول ينطَبِقُ الوصفُ عليهم كما ينطَبقُ على غيرهم ، بل هم أولى به وأَحرى .
لقد حكم الرئيسُ السابقُ مِصرَ ثلاثين عاماً ، ومعنى هذا أن كل من هو دون الخمسين ، من الخمسين فما دونها ، كُل هؤلاءِ من أبناءِ مصر ، هم من أبناءِ الرئيسِ السابقِ إعلاماً وتعليما ، شاؤا أم أَبَو ؛
فقد تشكلت عقولهم ونمت معارِفهم وتحددت إتجاهاتهم فى نطاق منظومة الإعلام والتعليم فى تلك الفترة ، فأين يذهبون ؟؟؟
وأكثر الذين يُطلقون لفظ الفُلول على غيرهم ، هم أولى به ، لأن الحزب الوطنى كان مسيطراً على منافِذَ الحياة ، وكان أكثر المصريين ينتمون إليه ، إما لجلبِ منفعةٍ أو لدفع مَضَرة ، ومعلومٌ أن الحزبَ لم تكُن له عقيدة ، لا سياسية ولا دينية يدعو إليها ، وإنما هو تجميع للناس من أجل المحافظةِ على الحُكم ، أو لرغبَته فى دوام إستمراره ، فإذاً لم يكن أمراً ( إذيولوجياً ) كما يَقولون ، ولم يكن الإنتماء إليه إنتماءّ إلى عقيدةٍ ،سياسيةٍ محددة ، ولا عقيدةً دينية ولا مجتمعيةٍ قد حُدِدَت ، وإنما كان الذين ينتمون إليه فى الجُملَةِ من أبناءَ هذا الشعبِ الطيبِ لم ينتمون إليه إلا لجب منفعةٍ أو لدفع مضرة ، لأنه لم يكن أحد يرتقى فى منصبٍ ولا يُقدم فى مجال ، ولا يُعَينُ فى وظيفة ، إلا إذا كان له إنتماءٌ على نحوٍ ما إلى الحزب ، وعليه فكل الذين يدعون الثورِيَةَ والوطنِيَةَ اليوم ، ويَتَشِحون بوشاحها ، ويَلبَسون لَبوسها ، هم من فلول الحزب لوطنى أيضاً بهذا الإعتبار ، وحتى المعَارَضة ، كانت جُزءً من النظام السابق، فهى من الفُلول أيضا بهذا الإعتبار ؛
فلمَ التخوين ، ولمَ التمزيقُ لأبنا الوطن على غيرَ شئ ، إلا للمطامعِ تُحَصل ، وإلا للمغانِمِ تُقَسم ، وإلا لهذا الوطنِ الطيب يُشَرد أبناؤه ، ويُمزقُ ( ..أَديمُه...) ، ويقسم فى رقعته التى حفظها الله رب العالمين فيما مضى ، ونسأل الله حفظها فيما هو آت .
وأما الإسلاميون الذين يُولَعون بإطلاق هذا الوصفِ على المُخالفين ، فهم أيضاّ من الفلول بهذا الإعتبار السابق ، ومن لم يكُن منهم من الفُلول ، فلول النظام السابِقِ ، فهم من فُلول النظام الخاص ، ومن فلول جماعات العُنف المسلح ، ومن فلول جماعات الصدا م الدَمَوى ، وأكثرهم أيديهم ملطخة بالدماء والسواد والدخان ، قتلاً وتدميراً وتشريداً وتفجيرا ، فهم فلول بهذا المعنى ، فلول النظام الخاص ، ومرشد الإخوان السابق ، ومرشدهم الحالى من فلول النظام الخاص ، وكثير ممن صار نائباً عن الشعب بغرفتين ، أو سُمِح له بإنشاء حزب سياسى ، هم من فلول جماعات العُنف الدَمَوى ، وإراقة الدماء ، و تفجير المنشئآت ، وإغتيال المصريين والمُعَاهدين على السواء ، هذا الوصف يدمَغُهُ ، وهم أولى به وأحرى ، ولكنهم صاروا اليوم ، بعد أن تجاهَلوا ماضِيَهُم ، وظنوا أنهم إذا ما وَضعوا رؤسَهُم فى الرمال ، فإن الصَياد لا يراهم ، كالعصفور الأحمق ، إذا أتى الصياد ووضع رأسه تحت جناحه ، يعتقد أنه إذا كان لا يرى الصياد فإن الصياد لا يراه ، هذة الفلول التى صارت أحزاباً سياسية تتكلم فى مصير الأمة ، وتخطط لمستقبلها وتحدث الفوضى بين أبنائها ، هذة الأحزاب أكثر من أنشأها أيديهم مُلطخطةٌ بالدماء ، وهم سبب مباشر لما وصلت إليه الأمة ، فى هذا التَمزق الحاصل ، و( التردى ) الواقع من الأزمات االسياسة والإقتصادية ، لأنهم لما صادموا الحكم فصادَمَهم ، صار الأمن كله سياسيا ، وأهملت جوانب أخرى من جوانب الأمن كان ينبغى الأ تُهمل ، ولكن؛ لما صادموا السلطةَ الزمنية ، أجبروا الحكام على محاوَلةِ الحفاظ عليها بكل سبيل ، فصار الأمن فى معظمه أمناً سياسيا ، من أجل المحافظة على النظام بأركانه ، وصار جوانب من جوانب الأمن المهمة مهملَةً أو كالمهملة ، ومن الذى دعى إلى ذلك ؟ الذين أوقعوا الصدام بينهم وبين السلطة ، ولم يأخذوا الفرصة من أجل الدعوة إلى الله على منهاج الأنبياء كما جاء به رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، فوقع ما وقع مما لا يجهلُهُ أحد .
هذة حقيقة الفلول التى لا تَستَتر ؛ فأين أنتى يا حُمرَةَ الخجلِ !!!!!
المقدمةُ الثاانية :
أن هذا الدين بشيوخهِ ودعاته ، ليس بدين النصر النمشود ، ولا بدينٍ تقوم به الشريعة إذ لم يَقم هو بها .
لا شيوخه قاموا بها ، ولا دُعاته قاموا بها ، وبالأولى لا يكون طلابه ممن أتى بها ، فهذا الجيل ليس بجيل النصر المنشود ، إن لله فى هذة الأمة سُنَنَ وهى نافذة وفاعلة بأمر الله وقَدَره ، وسنن الله لا تُحابى ، سنن الله ربُ العالمين فاعلة ، على مُقتضى حكمته وعلمه ومشيئته وإرادته ، ولا يُحابى ربُكَ أحدا ، ولا يظلمُ رَبُكَ أحدا .
من تأمل فى درجة إنصياعهم للأحكام ، وطريقَةِ فَهمهم لها ، علم يقيناً أنهم يقودون المسلمين إلى الفوضى من حيث يريدون أو لا يريدون ، ومن تأمَل فى غفلته عما يُراد للأمة ، مما هو مُعلمٌ ظاهر ، وما هو باطِنٌ لا يخفى ، علم أنهم يسوقون المجتمع المصرى إلى الفوضى .
إن الذى يُراد له أن يَحدُث فى مصر ، هو الفوضى الخلاقة ، والمراد بها ؛ تشكيك المجتمع المصرى ، ثم إعادةُ ترتيبه على الأجندةِ الغربية ، فى العقيدة والفكر والحياة والأخلاق والسلوك ، هى إزلة هوية المجتمع الإسلاميةِ العربية ، وإحلالُ ضدها مَحلها ، هذا ما يُراد لمصر، وهذا ما يُراد لكل بلدٍ عربىٍ إسلامى ، ( إما إن ) إندلعت فى أرجاءِه شرارةُ الثورةِ الماثوونية ، يُحرِكُها الماثون عن طريق عُملائِهم ، فى الداخل والخارج وممن من خَرُبَت ذِمَمُهم ، وماتت ضمائِرَهُم ، وإنتفى إنتماؤُهم إلى دينهم وعقيدتهم وإلى وطنهم وترابهم ، فصاروا كالدمى ، كالعرائِس فى مسرحِ العرائِس ، يُحرِكها بخيوطها من وراء ستار شيطاااااااااااانٌ رجيم ،
وأما هؤلاء يَحسبون أنهم يُحسنون صُنعا .
إن جيل النصر الذى يُقيم الشريعة ، لااااااابد أن يُحقق أسباب التمكين ، ويُحصِلَ مقوماته ، و الذى يتأملُ فى كتاب ربه الذى لا يأتيه الباطِلُ من بين يديه ولا من خَلفه ، يَجِدُ أن سبب التمكين فى الأرض إنما هو تحيقيق التوحيد ، وإخلاص العباةِ لله جَل وعلا من شَوب الشرك والإبتداع والمحدثات من الأمور ،وإنما يكون ذلك بتوحيد المتابعةِ للمَعصوم ، فلابد من توحيد ( القصدِ ) والإرادة ، ولابد من توحيد المتابعة ،
فمن لم يأتى بهذا فلا تمكين فى الأرض .
والإسلامُ مبنى على أصلين : ألا نعبد إلا الله رَبَ العالمين وحده ، وألا نعبدهُ تعالى إلا بما شرع ،
لا نعبده بالأهواء والبدع " ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ"
وقال تعالى " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ "
فليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شَرَعَهُ الله عن طريق رسول الله صلى الله عليه و آله سلم من واجِبٍ ومُستحب ، لا نعبده تعالى بالأمور المبتدعه .
قال ربُنا جل وعلا " إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا "
إلهُكم الذى يدعوكم إلى عبادته ، إلهٌ واحدٌ لا شريك له ، فمن كان يرجوا لقاء ربه ، أى ثوابَهُ وجزَاءَهُ الصالح ، فليعمل عملاً صالحا وهو ماكان موافقاً للشرع ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ، وهو الذى يُراد به وجهُ اللهُ ربُ العالمين وحدة لا شريك له .
وهذان ركنا العمل المُتَقبل ، لا بد أن يكون خالصاً لله ، صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه و آله سلم ، فمتى ما حققت الأمة ركنى العمل المُتَقبل ، وأتت بأصليه ، مكن الله جل وعلا لها
{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم [ ص: 409 ] وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } .
قال العلامة السعدى رحمه الله : هذا من وعوده الصادقة التى شوهد تأويلها ، وعُرِفَ ( مقدَرُها ) ، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذة الأمة أن يستخلفهم فى الأرضِ ، يكونون هم الخلفاء فى الأرضِ ، ويكونون المتصرفين فى ( ............) ، وأنه يُمكن لهم دينهم الذى إرتضى لهم ، وهو دين الإسلام الذى فاق الأديان كلها ، إرتضاه لهذة الأمة لفضلها وشرفها ونعمتِه عليها ، بأن يتمكنوا من إقامته ، وإقامة الشرائِع الظاهرةِ والباطنةِ فى أنفسهم ، فى أنفسهم وفى غيرهم ، لكَون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذَليلين ، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذى كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه وما هو عليه إلا بأذً كتثير من الكفار ، وكون جماعةِ المسلمين قليليل جدا بالنسبة إلى غيرهم ، وقد رماهم أهل الأرض عن قوسٍ واحدة ، وبَغَوا لهمُ الغوائِلَ ، فوعدهم الله هذة الأمور وقت نزول الأية ، وهى لم تشاهد الإستخلاف فى الأرض والتمكين فيها ، والتمكين من إقامة الدين الإسلامى ، والأمن التام ، بحيث يعبدون الله ولا يشركوا به شيئا ، ولا يخافون الإ الله ،
فقام صدرُ هذة الأمة من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم
فمَكنهُم من البلاد والعباد ، وفُتِحَت مشارِقُ الأرض ومغَرِبها ، وحصَل الأمن التام ، والتمكينُ التام ، حتى وقف ( واقِفُهم ) من مجاهديهم على فرسه على شاطئ البحر المحيط ، يُخاطِب أمواجه ، ويُنَجاى ما هنالك من مياهِه ، ويقول أما والله لو أعلَمُ أن ورائَك أيها البحرُ قوماً لا يَعبدون الله لخُضتُك على متن فرسى هذا ، ولا أُقًاتِلنهم فى سبيل الله ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وحتى يعبدوا الله وحده لا شريك له ، هذا من آيات الله العجيبَةِ الباهرة ، ولا يزالُ الأمرُ إلى قيامِ الساعة ، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح ، فلا بُدَ أن يوجد ما وعدهم الله ،
وهؤلاء الذين يَقُومون من أهل الإيمان والعمل الصالح ، إذا كان الذى يَتَوسلون به من العمل الطالح ، ومما لا يُحبه الله ولا يرضاه ،
لما جاء على بن حاج فى بِذلَةً عسكرية وهو مَدَنى ، ولكن هكذا تكون الأمور ، وأتى ببعض أشياعه ، يُريدُ أن يذهَب إلى العراق ليُجاهد بزعمة فى سبيل الله ، وليَسْع الحملةَ الصليبية عن العراق وأهله ، فنزل الأردُن ، فلقى الشيخَ ناصرً رحمه الله ، فلما إستفسر منه عن حاله وأين يريد ، وأخبره الرجل أن عنده من مئات الألوف من يبذل نفسه لإقامة دين الله
سأله : أكلهم على المعتقد الصحيح ؟؟ ، وحدد سؤاله ،،، لم يَرِمْ عنه ، فأراد الرجل أن يروق ، فحاصره بالسؤال
فقال له : قال إذا لا ينصرون .
من الذى ينصر ؟
صااااحب الإيمان ، صاحب العقيدة الصحيحة ، وصاحب العمل الصالح ،
الإشتراكيون الثوريون : معتقدهم إحداث الفوضى فى البلاد ، والأ يكون للبلاد حاكم ، وهؤلاء ممن يضمهم القوم اليوم ، ويجعلونهم تحت عبائتهم ، والذين ذهبوا إلى المراكز الأمريكية وغيرها ، وإرتحلوا إلى صربيا ، ليتعلموا إشاعة الفوضى فى البلاد المسلمة ، وليكونوا ( الطليعة ) المجرمة لتفكيك المجتمعات المسلمة ، هؤلاء هم الذين يقودون المسيرة اليوم ، لأى شئ ولأى سبب ، لابد أن تغلف المسألة ، من أجل المساكين من المسلمين الذين لا يعلمون ، من أجل إقامة شرع الله ، من الذى يقيم شرع الله ؟؟؟ ، من أقام الشرع على نفسة ، كأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، روبوا على التوحيد ، إحترقت بداياتهم ، فأنارت نهاياتهم ، وكانوا بين البداية والنهاية مستقيمين موحدين ( متسننين ) ، وكذا كان من بعدهم ممن تبعهم بإحسان والوعد قائم إلى يوم الدين للذين آمنوا وعملوا الصالحات ،
لا يزال الأمر إلى قيام الساعة مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح ، فلابد أن يوجد ما وعدهم الله ، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقون ، ويُدان عليهم فى بعض الأحيان بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح ، ومن كفر بعد ذلك ، فالتمكين والسلطنةِ التامة لكم يا معشر المسلمين ، فؤلائك همُ الفاسقون ، الذين خرجوا عن طاعة الله وفَسقوا ، فلم يُصلحوا الصالح ، ولم يَكن فيهم أهلية للخير ، لأن الذى يترك الإيمان فى حال عِزِه وقَهره ، وعدم وجود الأسباب المانعةِ منه ، يدُل على فسادِ نيتة ، و ( خُبث طَويته) ، لأنه لا داعى له لترك الدين إلا ذلك ، إلا خُبثُ النية ، وسوء الطوية ، وتأمل كيف مكَنَ اللهُ رب العالمين للنبين ، لمَن أعلى رب العالمين شأنهم ، ورفع ذِكرهم دنيا وآخرة ،
" وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ"
هذا التمكين الذى مَكنهُ الله ربُ العالمين ليُوسف ، كان لتحقيق التوحيد والعبودية ، لله رب العالمين وحده ، حيث قال تعالى ذِكرُه على لسانِ يوسف عليه السلام "إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ"
دعوةٌ للتوحيد ، وإخلاص العبوديةِ لله ، مع العمل الصالح ، يُمكن الله رب العالمين فى الأرض .
أما أن تخرجَ جماعة ، أن يَخرُج قوم ، ليس لهمُ مُعتقَدٌ صحيح ، ومن كان منهم منتسباً إلى السلفَ والسُنه ، فهو على طريقةِ الخوارِج ومنهجهم ، وهُم كلاب النار ، ( ............................) وخير قتيلٍ من قَتَلوه .
يقول رسول الله : " لَئِن أدركتهم لأقتُلَنَهم قتلَ عاد " وقضى رَبُك ، وفى الحديثِ مقال : أنه لا يطلُعُ منهم قرنٌ إلا قُطع .
هذا موسى عليه السلامُ قال له رَبُه : " وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى. إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي "
وقال تعالى على إرادتةِ تمكينه و ( .........)
" ونريد أن نمنّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلَهم أئمّة ونجعلهم الوارثين * ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون "
ثم بين موسى لقومه سبب التمكينفقال"
قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ *قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ " إلى أن قال تعالى " وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ "
بما صبروا ، على تحقيق التوحيد ، والصبر على البلاء ، والتمسك بالعروةِ الوثقى ، كما قال القُرطُبى فى تفسيره ، بصبرهم على أذى فرعون ، وعلى أمر الله بعد إذ أمنوا بموسى عليه السلام .
والنبى صلى الله عليه وآله وسلم كما فى الحديث الذى رواه أحمد ، والبيهقي فى السُنن ، وقال الهيثمى فى المَجَع ، رجاله ثقات ، وهو كما قال من حديثِ ربيعةَ بن عباس قال ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يا أيُها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلِحوا " فما رأيتُ أحداً يقول شيئاً ، لا يسكت ، يقول أيُها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلِحوا ، فما رأيتُ أحداً يقول شيئاً ، لا يسكت ، ويدعو إلى التوحيد ، إلى توحيد الله رَب العالمين ، سَلوهم ؟ ؟؟ من منهم يعرف معنى لا إله إلا الله ؟؟ من منهم يعرف شروطها ؟؟ من منهم يعرف مقتضاها حتى يعمل بمعناها ؟؟ من منهم لا يأتى بناقضٍ من نواقِضها ؟؟ ، سَلوهم عن عقيدتهم فى الأسماءِ والصفات ؟؟ ، سَلوهم عن عقيدتهم فى القضاءش والقدر ؟؟ ، سلوهم عن عقيدتهم فى القرآن ؟؟ ، سلوهم عن عقيدتهم فى أصحاب رسول الله ، وأمهات المؤمنين ؟؟ ، سلوهم إن كانوا ينطقوووون !!!
" وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ *إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ "
يَرِثُها عبادىَ الصالحون : الذين قاموا بالمأمورات ، وإجتنبوا المنهيات ،فَهم الذين يُرِثهُم الله الجنات ، كقولِ أهل الجنة " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ "
وقد يكون المُراد الإستخلاف فى الأرض ، وأن الصالحين يُمَكِنُ الله لهم فى الأرض ويوَليهم عليهم ، كقولِهِ تعالى " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ "
إذً ؛ لا يَتَحَقَقُ التمكينُ فى الأرض والإستخلاف فيها ، وتحصيلُ الأمن من بعد الخوف ، إلا بالإيمان ، والعمل الصالح ، والله جل علا جعل ذلك من السُننِ الكونِيةٍ، كما أنه من السُنن الشرعية ، وهو قضاءٌ شرعىٌ كونى ، من أتى بالإيمان والعمل الصالح ، إستخلفه الله فى الأرض ، ومَكنَ له فيها ، وأبدله من بعد الخوفِ أَمنا ، يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئا ،
وفى حديث العِرباضِ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " عليكم بسُنتى ، وسُنةِ الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى ، تَمسكوا بها وعَضوا عليها بالنواجِز ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور ، فإن كل بدعةٍ ضلالة " رواه أحمد وغيرُه بسَنَدٍ صحيح .
إذً بَيَن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أننا ينبغى علينا عند الإختلاف أن نتمسك بسُنته ، وسُنَتُهُ فى هذا المَوضعِ و أشباهه ، طريقَتُه ، ودينه ، وهديه ، وما جاء به ، ليست السُنه هاهُنا بالمعنى الإصطلاحى الحادِث ، وإنما هى السُنة فى لسان رسول الله ، دينه من عقيدته وعبادته ومعاماته وأخلاقه وسلوك ، من تمسك بذلك وعَض عليه بالنواجِز، واقاه الله رب العالمين من الإختلاف وشره ،
وإذا تمسكت الأمة به ، جمع الله رب العالمين شملها ، وأعلى كعبها ، وأنار دربها ، ووضح سبيلها ، وإستقامت خُطاها على الصراطِ المستقيم ،
هذا الذى مَر كله إنما هو من المُقدمةِ الثانية ، فَليَحذر الذين يُخالفون عن أمره ، أى عن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسبيله ، ومنهاجه ، وطريقته ، وسنته ، وشريعته ، أن تُصيبهم فتنة فى قلوبهم ، من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعة ، أو يُصيبهم عذابٍ أليم فى الدنيا ، بقَتلٍ ، أو حَدٍ ، أو حبسٍ أو نحو ذلك ،ما عند الله جل وعلا لا يُنال إلا بطاعته ، فإذا أردنا ذلك فعلينا بالأخذ بذلك ، وعليه هذا الجيل ، لأنه لم يتربى على هذا الأصل الأصيــــــل ، لا يُمكن أن يكون جيل النصر المنشود ، هذا وهم واهم ، أو خداع خادع مخادع ،
والذين يقيم الله رب العالمين بهم الشريعة ، ويعلى بهم منار الملة ، هم من إنغمسوا فى هذة الشريعة ظاهراً وباطنا ، وأقاموها على أنفسهم أولاً وأخرا ، وهم الذين تحققوا بهذة الملة ظاهراً وباطنَ ، إعتقاداً وعملا ودعوة وسلوكا ومنهاجا ، علينا أن لا نغامر كالصِبية ، تجرفهم الأمواج ، حتى إذا وقعوا فى عين اللُجة ، و ( حضر ) لهم البحر بالموت بقبره المائى ، نادوا ولات حين مناااااااااااص بالنجاة ولا نجاة ، علينا أن نتوقى الفتن ، وأن نخشى الفوضى أن تقع فى هذة الأمة بأيدينا نحن ، وكان العدو قديما إذا أتى بحده وحديده ، وقضه وقضيضه ، وأتى بسلاحه وعَتاده ، وجنده وأجناده ، توحدت الأمة فى وجهه ، فصار يجند من أبناء الأمة من يكون عدوا لها فى دينها وعقيدتها ، فى شرفها وعزتها ، يَنَخر فى عظامها حتى تتهاوى أركانها ، وإلى الله المشتكى وهو المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
إنالنظام الإسلامى يقوم على هذة القاعدة ، وهى ؛وجود كبير يطاعُ فى غير معصية .
قد أرادوا هدمها وبلغوا فى ذلك المبالغ ، حطموا الرموز حتى إجترأ الصغار ( وإشرءَدت ) أعناق هى من الذلة بالمكان السحيق ، ( ووهم من قال ) أن الناس كلهم سواسيةٌ كأسنان المشط ، لا من حيث التكليف ، ولا من حيث الحقوق والواجبات ، ولا من حيث الخلقة فى أصلها ، بحيث لا يفخر أحد على أحد ، ولا يرتفع أحد على أحد ، فحَسبوا أن ذلك فى كل شئ ؛
ولم يصل لكبير من الإحترام شئ ، ولم يصل لعزيز من العِزة شئ ، وخرج الأذلاء والحُقراء ، ( والمَفلوكون ) الصعاليق ، خرجوا يعتدوا على الحرمات ، وليتطاولوا على القمم التى ميز الله رب العالمين بها الناس بعضهم على بعض ، فلم يجعلهم ربك سواء ، رفع بعضهم على بعض درجات ، وجعل الله رب العالمين لهذة الرفعةِ أسبابَ ، لم يُسوى بين العالم والجاهل ، ولا بين الشجاع والجبان ، ولا بين المنفق الجواد والمُمسك البخيل ، لم يجعل صاحب القيمة يتألق فى قلبه ، حفَظاً وحفظا ، وعفافا وشرفا ، ( كالمُثِفْ الذليل ) الذى يتخمم فيه كل ( ذيمامات ) الأقوام ، لا يبالى ، عندما ميز الله رب العالمين الناس بعضهم من بعض ، لا يصلح الناس فوضى لا ( ........) لهم ، ولا صلاح إذا جُهلائهم ( ............) ،مَيزَ الله رب العالمين الخلق ، فأتوا هؤلاء ليدوسوا بالأقدام النجسة والأحذية النجسة.
همَمً ترتفعُ بالحق ، لا وقار لرجلٌ من أهل العلم ، ولا حفاظَ لأحدٍ من أهل الفضل والبذل ، ولا حسب ولا نسب ولا شرف ، ولا عِفةَ ولا قيمة ، وسارت الرؤوس سواءَ ، كيف يصلحُ مجتمعٌ بهذة الصور ؟؟؟!!!
هذا ما أرادوه ، أن يهدموا الأصل الذى يقوم عليه النظام الإسلامى ، فى كل مكان ، فى مؤسسة الأسرة ، لابد من كبير يُطاعُ فى غير معصية ، فإذا هُدِمَ هذا الأصل فى الأسرة ، تفككت وتفسخت ، وصارت إلى العُهرِ والعار ، وإستجلبت الفقر والشنار ، فى مؤسسة الدراسة ، فى فصولها ، ومدارسها ، فى المدارس والمعاهد والجامعات ، إذا لم يَكُن هُنالك كبير يطاعُ فى غير معصية ، إنهارت المؤسسةُ التعليمية ، وكذلك الشأن فى كل أمرٍ من الأمور ، إلى رأس الدولة ، الذى قال فيه رسول الله " من أهان سُلطانَ الله فى الأرضِ ، أهانهُ الله "
من أهان سُلطان اللهِ فى الأرضِ ، أهانهُ الله ، والحديثُ ثابتٌ عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
نسأل الله جَلّت قُدرته ، وتَقدَست أسماؤُه ، إذا أراد بالناس فتنةً ، أن يقبضنا إليه غير فاتنين ولا مَفتونين ، وأن يجعلنا جميعاً من أهل التوحيد والإتباع ، وأن يُثبتنا على ذلك حتى نلقى وجهِ ربنا الكريم ، غير خَزَايا ولا مَحزونين ، ولا مُغيرين ولا مُبدلين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابهِ أجمعين .
خطبة جمعة للشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
الجمعة 2 من شعبان 1433 هـ المُوافق 22 - 6 – 2012 م
الخطبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ؛ من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ يا أيُها الذين آمنوا إتقوا الله حق تُقاته ولا تموتُن إلا وأنتم مُسلمون ، يا أيها الناس إتقوا ربكم الذى خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها ن وخلق منها زوجهاوبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ، وإتقوا الله الذى تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ،
يا أيُها الذين أمنوا إتقوا الله وقولوا قولاً سديدا ، يُصلح لكم أعمالكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يُطع الله فقد فاز فوزاً عظيما .
أما بعد؛
فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار
أما بعد؛
فإن سؤالاً يتردد كثيراً هذة الأيام من الشاميين المبغضيين المخالفين ، ومن المحبيين المقبليين الموافقين ، وهذا السؤال هو :
ماذا أنتم فاعلون يا أهل السنة إن ولى عليكم بعض الذى تبدعون جماعتهُ ، وتنتقدون فى الإعتقاد مسالكهم ، وتُقَوِمونَ ما إعوج من مناهجهم ؟؟؟
وكان حرياً أن تكون الإجابة بسؤالٍ هو :
هل وقع ذلك أم لم يقع ؟؟؟؟؟
وسيقول السائل : لم يقع .
فيقال له : دَعه فإذا وقع فإسأل .
ومع هذا فلا بأس من سوق الإجابة عن هذا السؤال ليَستبين الصُبحُ لذى عينين ؛
وقبل الإجابة عن هذا السؤال ، أسوقُ مقدمتين إثنتين ، ثم أذكر إن شاء الله تعالى جواباً مجملا ، وجواباً مفصلا .
المقدمةُ الأولى :
لقد شاع وذاع بعد إضطرابات يناير سنةَ إحدى عشرةَ وألفين مصطلح الفلول ، فصار يطلق ويراد به معنىً لا ينضبط ، بل يضيق ُ و يتسع ، ويخفُ ويثقل ، على حسب مُطلقهِ والمطلقِ عليه ، ولكنه لا يخرجُ عن كونهِ وَصفاً بما لا يُحب الموصوف أن يوصَفَ به ، ولا يَوَدُ ذو المروءةِ أن يطلق عليه .
فما حقيقةُ هذا اللفظ لغةَ وإستعمالا ؟؟
أولا : فى اللغة ؛
فَلَ عن فلان عقله فَلَ_ أى ذهب ثم عاد ، وفَلَ السيف فَلاً _ ( ثلَهُ ) وكسرهُ فى حده ، وفَلَ السيفُ فَلَاً _ ( تَثَلَمَ ) حَدُهُ فهو أَفَل ، وأَفَل فلان _ ذهب ماله ، والفَلُ كسرٌ فى حد السيف ، ومن فَصل عن الشئ وتناثَرَ كسُحالةالذهب وبُرادةِ الحديد وكشرَرِ النار ، والجمع فُلُول ، والفَلُ المُنهزمُ يقال للواحدِ والجمعْ ،
والفَلُ الأرضُ الجَدبَة لم تُمْطَرْ ، ويُقال فلانٌ فَلُ من الخير أى خالٍ منه ، فهذا هو الفَلُ بالفتح .
وأما الفِلُ ؛ فالأَرضُ التى لا نبات فيها ، والفِلُ ما رَقَ من الشعر .
وأما الفُلُ بالضم ؛ فإسمٌ يطلق اليوم على الياسمين ، على الياسَمين الزَمبَقِىْ ، من جنس الياسمين من الفصيلة الزيتونية ؛
فالمُراد بالفُلول إذً : على حسبُ ما يريد القوم ؛ المنهزمون ، هذا فى اللغة .
وأما فى الإستعمال :
فيختلف المراد على حسب الواصف والموصوف ، فيراد به أحياناً من كان عاملاً فى مواقع ووظائف معينة فى النظام السابق ، ويراد به أحياناً من هو مُعادٍ للثورةًكما يصفونها ، أو من هو فى الثورةِ المضادةِ كما يقولون ، إلى غير ذلك مما لا ينضبط ،
ومعلوم فى الأعراف الدوليةِ جميعها ، أن الثورة لا يُقال لها ثورة إلا إذا أرادت التغيير الجِذرى لجميع الأنماط المجتمعية ، مما يتعلقُ بالعقيدة ، وطريقة التفكير والحياة ، ونُظُمُ المعيشة ؛
فإن كان هذا مرادً فى مصر ، فهو إنقلابٌ على دينها ، وهو تدميرٌ لعقيدتها ؛ وإن لم يكن هذا بمراد ، فليست بثورة وإنما هى إحداثٌ للفوضى .
وأقول:
إن أكثر الذين يطلقون هذا الوصف َ الفُلول ينطَبِقُ الوصفُ عليهم كما ينطَبقُ على غيرهم ، بل هم أولى به وأَحرى .
لقد حكم الرئيسُ السابقُ مِصرَ ثلاثين عاماً ، ومعنى هذا أن كل من هو دون الخمسين ، من الخمسين فما دونها ، كُل هؤلاءِ من أبناءِ مصر ، هم من أبناءِ الرئيسِ السابقِ إعلاماً وتعليما ، شاؤا أم أَبَو ؛
فقد تشكلت عقولهم ونمت معارِفهم وتحددت إتجاهاتهم فى نطاق منظومة الإعلام والتعليم فى تلك الفترة ، فأين يذهبون ؟؟؟
وأكثر الذين يُطلقون لفظ الفُلول على غيرهم ، هم أولى به ، لأن الحزب الوطنى كان مسيطراً على منافِذَ الحياة ، وكان أكثر المصريين ينتمون إليه ، إما لجلبِ منفعةٍ أو لدفع مَضَرة ، ومعلومٌ أن الحزبَ لم تكُن له عقيدة ، لا سياسية ولا دينية يدعو إليها ، وإنما هو تجميع للناس من أجل المحافظةِ على الحُكم ، أو لرغبَته فى دوام إستمراره ، فإذاً لم يكن أمراً ( إذيولوجياً ) كما يَقولون ، ولم يكن الإنتماء إليه إنتماءّ إلى عقيدةٍ ،سياسيةٍ محددة ، ولا عقيدةً دينية ولا مجتمعيةٍ قد حُدِدَت ، وإنما كان الذين ينتمون إليه فى الجُملَةِ من أبناءَ هذا الشعبِ الطيبِ لم ينتمون إليه إلا لجب منفعةٍ أو لدفع مضرة ، لأنه لم يكن أحد يرتقى فى منصبٍ ولا يُقدم فى مجال ، ولا يُعَينُ فى وظيفة ، إلا إذا كان له إنتماءٌ على نحوٍ ما إلى الحزب ، وعليه فكل الذين يدعون الثورِيَةَ والوطنِيَةَ اليوم ، ويَتَشِحون بوشاحها ، ويَلبَسون لَبوسها ، هم من فلول الحزب لوطنى أيضاً بهذا الإعتبار ، وحتى المعَارَضة ، كانت جُزءً من النظام السابق، فهى من الفُلول أيضا بهذا الإعتبار ؛
فلمَ التخوين ، ولمَ التمزيقُ لأبنا الوطن على غيرَ شئ ، إلا للمطامعِ تُحَصل ، وإلا للمغانِمِ تُقَسم ، وإلا لهذا الوطنِ الطيب يُشَرد أبناؤه ، ويُمزقُ ( ..أَديمُه...) ، ويقسم فى رقعته التى حفظها الله رب العالمين فيما مضى ، ونسأل الله حفظها فيما هو آت .
وأما الإسلاميون الذين يُولَعون بإطلاق هذا الوصفِ على المُخالفين ، فهم أيضاّ من الفلول بهذا الإعتبار السابق ، ومن لم يكُن منهم من الفُلول ، فلول النظام السابِقِ ، فهم من فُلول النظام الخاص ، ومن فلول جماعات العُنف المسلح ، ومن فلول جماعات الصدا م الدَمَوى ، وأكثرهم أيديهم ملطخة بالدماء والسواد والدخان ، قتلاً وتدميراً وتشريداً وتفجيرا ، فهم فلول بهذا المعنى ، فلول النظام الخاص ، ومرشد الإخوان السابق ، ومرشدهم الحالى من فلول النظام الخاص ، وكثير ممن صار نائباً عن الشعب بغرفتين ، أو سُمِح له بإنشاء حزب سياسى ، هم من فلول جماعات العُنف الدَمَوى ، وإراقة الدماء ، و تفجير المنشئآت ، وإغتيال المصريين والمُعَاهدين على السواء ، هذا الوصف يدمَغُهُ ، وهم أولى به وأحرى ، ولكنهم صاروا اليوم ، بعد أن تجاهَلوا ماضِيَهُم ، وظنوا أنهم إذا ما وَضعوا رؤسَهُم فى الرمال ، فإن الصَياد لا يراهم ، كالعصفور الأحمق ، إذا أتى الصياد ووضع رأسه تحت جناحه ، يعتقد أنه إذا كان لا يرى الصياد فإن الصياد لا يراه ، هذة الفلول التى صارت أحزاباً سياسية تتكلم فى مصير الأمة ، وتخطط لمستقبلها وتحدث الفوضى بين أبنائها ، هذة الأحزاب أكثر من أنشأها أيديهم مُلطخطةٌ بالدماء ، وهم سبب مباشر لما وصلت إليه الأمة ، فى هذا التَمزق الحاصل ، و( التردى ) الواقع من الأزمات االسياسة والإقتصادية ، لأنهم لما صادموا الحكم فصادَمَهم ، صار الأمن كله سياسيا ، وأهملت جوانب أخرى من جوانب الأمن كان ينبغى الأ تُهمل ، ولكن؛ لما صادموا السلطةَ الزمنية ، أجبروا الحكام على محاوَلةِ الحفاظ عليها بكل سبيل ، فصار الأمن فى معظمه أمناً سياسيا ، من أجل المحافظة على النظام بأركانه ، وصار جوانب من جوانب الأمن المهمة مهملَةً أو كالمهملة ، ومن الذى دعى إلى ذلك ؟ الذين أوقعوا الصدام بينهم وبين السلطة ، ولم يأخذوا الفرصة من أجل الدعوة إلى الله على منهاج الأنبياء كما جاء به رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، فوقع ما وقع مما لا يجهلُهُ أحد .
هذة حقيقة الفلول التى لا تَستَتر ؛ فأين أنتى يا حُمرَةَ الخجلِ !!!!!
المقدمةُ الثاانية :
أن هذا الدين بشيوخهِ ودعاته ، ليس بدين النصر النمشود ، ولا بدينٍ تقوم به الشريعة إذ لم يَقم هو بها .
لا شيوخه قاموا بها ، ولا دُعاته قاموا بها ، وبالأولى لا يكون طلابه ممن أتى بها ، فهذا الجيل ليس بجيل النصر المنشود ، إن لله فى هذة الأمة سُنَنَ وهى نافذة وفاعلة بأمر الله وقَدَره ، وسنن الله لا تُحابى ، سنن الله ربُ العالمين فاعلة ، على مُقتضى حكمته وعلمه ومشيئته وإرادته ، ولا يُحابى ربُكَ أحدا ، ولا يظلمُ رَبُكَ أحدا .
من تأمل فى درجة إنصياعهم للأحكام ، وطريقَةِ فَهمهم لها ، علم يقيناً أنهم يقودون المسلمين إلى الفوضى من حيث يريدون أو لا يريدون ، ومن تأمَل فى غفلته عما يُراد للأمة ، مما هو مُعلمٌ ظاهر ، وما هو باطِنٌ لا يخفى ، علم أنهم يسوقون المجتمع المصرى إلى الفوضى .
إن الذى يُراد له أن يَحدُث فى مصر ، هو الفوضى الخلاقة ، والمراد بها ؛ تشكيك المجتمع المصرى ، ثم إعادةُ ترتيبه على الأجندةِ الغربية ، فى العقيدة والفكر والحياة والأخلاق والسلوك ، هى إزلة هوية المجتمع الإسلاميةِ العربية ، وإحلالُ ضدها مَحلها ، هذا ما يُراد لمصر، وهذا ما يُراد لكل بلدٍ عربىٍ إسلامى ، ( إما إن ) إندلعت فى أرجاءِه شرارةُ الثورةِ الماثوونية ، يُحرِكُها الماثون عن طريق عُملائِهم ، فى الداخل والخارج وممن من خَرُبَت ذِمَمُهم ، وماتت ضمائِرَهُم ، وإنتفى إنتماؤُهم إلى دينهم وعقيدتهم وإلى وطنهم وترابهم ، فصاروا كالدمى ، كالعرائِس فى مسرحِ العرائِس ، يُحرِكها بخيوطها من وراء ستار شيطاااااااااااانٌ رجيم ،
وأما هؤلاء يَحسبون أنهم يُحسنون صُنعا .
إن جيل النصر الذى يُقيم الشريعة ، لااااااابد أن يُحقق أسباب التمكين ، ويُحصِلَ مقوماته ، و الذى يتأملُ فى كتاب ربه الذى لا يأتيه الباطِلُ من بين يديه ولا من خَلفه ، يَجِدُ أن سبب التمكين فى الأرض إنما هو تحيقيق التوحيد ، وإخلاص العباةِ لله جَل وعلا من شَوب الشرك والإبتداع والمحدثات من الأمور ،وإنما يكون ذلك بتوحيد المتابعةِ للمَعصوم ، فلابد من توحيد ( القصدِ ) والإرادة ، ولابد من توحيد المتابعة ،
فمن لم يأتى بهذا فلا تمكين فى الأرض .
والإسلامُ مبنى على أصلين : ألا نعبد إلا الله رَبَ العالمين وحده ، وألا نعبدهُ تعالى إلا بما شرع ،
لا نعبده بالأهواء والبدع " ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ"
وقال تعالى " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ "
فليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شَرَعَهُ الله عن طريق رسول الله صلى الله عليه و آله سلم من واجِبٍ ومُستحب ، لا نعبده تعالى بالأمور المبتدعه .
قال ربُنا جل وعلا " إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا "
إلهُكم الذى يدعوكم إلى عبادته ، إلهٌ واحدٌ لا شريك له ، فمن كان يرجوا لقاء ربه ، أى ثوابَهُ وجزَاءَهُ الصالح ، فليعمل عملاً صالحا وهو ماكان موافقاً للشرع ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ، وهو الذى يُراد به وجهُ اللهُ ربُ العالمين وحدة لا شريك له .
وهذان ركنا العمل المُتَقبل ، لا بد أن يكون خالصاً لله ، صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه و آله سلم ، فمتى ما حققت الأمة ركنى العمل المُتَقبل ، وأتت بأصليه ، مكن الله جل وعلا لها
{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم [ ص: 409 ] وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } .
قال العلامة السعدى رحمه الله : هذا من وعوده الصادقة التى شوهد تأويلها ، وعُرِفَ ( مقدَرُها ) ، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذة الأمة أن يستخلفهم فى الأرضِ ، يكونون هم الخلفاء فى الأرضِ ، ويكونون المتصرفين فى ( ............) ، وأنه يُمكن لهم دينهم الذى إرتضى لهم ، وهو دين الإسلام الذى فاق الأديان كلها ، إرتضاه لهذة الأمة لفضلها وشرفها ونعمتِه عليها ، بأن يتمكنوا من إقامته ، وإقامة الشرائِع الظاهرةِ والباطنةِ فى أنفسهم ، فى أنفسهم وفى غيرهم ، لكَون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذَليلين ، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذى كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه وما هو عليه إلا بأذً كتثير من الكفار ، وكون جماعةِ المسلمين قليليل جدا بالنسبة إلى غيرهم ، وقد رماهم أهل الأرض عن قوسٍ واحدة ، وبَغَوا لهمُ الغوائِلَ ، فوعدهم الله هذة الأمور وقت نزول الأية ، وهى لم تشاهد الإستخلاف فى الأرض والتمكين فيها ، والتمكين من إقامة الدين الإسلامى ، والأمن التام ، بحيث يعبدون الله ولا يشركوا به شيئا ، ولا يخافون الإ الله ،
فقام صدرُ هذة الأمة من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم
فمَكنهُم من البلاد والعباد ، وفُتِحَت مشارِقُ الأرض ومغَرِبها ، وحصَل الأمن التام ، والتمكينُ التام ، حتى وقف ( واقِفُهم ) من مجاهديهم على فرسه على شاطئ البحر المحيط ، يُخاطِب أمواجه ، ويُنَجاى ما هنالك من مياهِه ، ويقول أما والله لو أعلَمُ أن ورائَك أيها البحرُ قوماً لا يَعبدون الله لخُضتُك على متن فرسى هذا ، ولا أُقًاتِلنهم فى سبيل الله ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وحتى يعبدوا الله وحده لا شريك له ، هذا من آيات الله العجيبَةِ الباهرة ، ولا يزالُ الأمرُ إلى قيامِ الساعة ، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح ، فلا بُدَ أن يوجد ما وعدهم الله ،
وهؤلاء الذين يَقُومون من أهل الإيمان والعمل الصالح ، إذا كان الذى يَتَوسلون به من العمل الطالح ، ومما لا يُحبه الله ولا يرضاه ،
لما جاء على بن حاج فى بِذلَةً عسكرية وهو مَدَنى ، ولكن هكذا تكون الأمور ، وأتى ببعض أشياعه ، يُريدُ أن يذهَب إلى العراق ليُجاهد بزعمة فى سبيل الله ، وليَسْع الحملةَ الصليبية عن العراق وأهله ، فنزل الأردُن ، فلقى الشيخَ ناصرً رحمه الله ، فلما إستفسر منه عن حاله وأين يريد ، وأخبره الرجل أن عنده من مئات الألوف من يبذل نفسه لإقامة دين الله
سأله : أكلهم على المعتقد الصحيح ؟؟ ، وحدد سؤاله ،،، لم يَرِمْ عنه ، فأراد الرجل أن يروق ، فحاصره بالسؤال
فقال له : قال إذا لا ينصرون .
من الذى ينصر ؟
صااااحب الإيمان ، صاحب العقيدة الصحيحة ، وصاحب العمل الصالح ،
الإشتراكيون الثوريون : معتقدهم إحداث الفوضى فى البلاد ، والأ يكون للبلاد حاكم ، وهؤلاء ممن يضمهم القوم اليوم ، ويجعلونهم تحت عبائتهم ، والذين ذهبوا إلى المراكز الأمريكية وغيرها ، وإرتحلوا إلى صربيا ، ليتعلموا إشاعة الفوضى فى البلاد المسلمة ، وليكونوا ( الطليعة ) المجرمة لتفكيك المجتمعات المسلمة ، هؤلاء هم الذين يقودون المسيرة اليوم ، لأى شئ ولأى سبب ، لابد أن تغلف المسألة ، من أجل المساكين من المسلمين الذين لا يعلمون ، من أجل إقامة شرع الله ، من الذى يقيم شرع الله ؟؟؟ ، من أقام الشرع على نفسة ، كأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، روبوا على التوحيد ، إحترقت بداياتهم ، فأنارت نهاياتهم ، وكانوا بين البداية والنهاية مستقيمين موحدين ( متسننين ) ، وكذا كان من بعدهم ممن تبعهم بإحسان والوعد قائم إلى يوم الدين للذين آمنوا وعملوا الصالحات ،
لا يزال الأمر إلى قيام الساعة مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح ، فلابد أن يوجد ما وعدهم الله ، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقون ، ويُدان عليهم فى بعض الأحيان بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح ، ومن كفر بعد ذلك ، فالتمكين والسلطنةِ التامة لكم يا معشر المسلمين ، فؤلائك همُ الفاسقون ، الذين خرجوا عن طاعة الله وفَسقوا ، فلم يُصلحوا الصالح ، ولم يَكن فيهم أهلية للخير ، لأن الذى يترك الإيمان فى حال عِزِه وقَهره ، وعدم وجود الأسباب المانعةِ منه ، يدُل على فسادِ نيتة ، و ( خُبث طَويته) ، لأنه لا داعى له لترك الدين إلا ذلك ، إلا خُبثُ النية ، وسوء الطوية ، وتأمل كيف مكَنَ اللهُ رب العالمين للنبين ، لمَن أعلى رب العالمين شأنهم ، ورفع ذِكرهم دنيا وآخرة ،
" وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ"
هذا التمكين الذى مَكنهُ الله ربُ العالمين ليُوسف ، كان لتحقيق التوحيد والعبودية ، لله رب العالمين وحده ، حيث قال تعالى ذِكرُه على لسانِ يوسف عليه السلام "إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ"
دعوةٌ للتوحيد ، وإخلاص العبوديةِ لله ، مع العمل الصالح ، يُمكن الله رب العالمين فى الأرض .
أما أن تخرجَ جماعة ، أن يَخرُج قوم ، ليس لهمُ مُعتقَدٌ صحيح ، ومن كان منهم منتسباً إلى السلفَ والسُنه ، فهو على طريقةِ الخوارِج ومنهجهم ، وهُم كلاب النار ، ( ............................) وخير قتيلٍ من قَتَلوه .
يقول رسول الله : " لَئِن أدركتهم لأقتُلَنَهم قتلَ عاد " وقضى رَبُك ، وفى الحديثِ مقال : أنه لا يطلُعُ منهم قرنٌ إلا قُطع .
هذا موسى عليه السلامُ قال له رَبُه : " وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى. إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي "
وقال تعالى على إرادتةِ تمكينه و ( .........)
" ونريد أن نمنّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلَهم أئمّة ونجعلهم الوارثين * ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون "
ثم بين موسى لقومه سبب التمكينفقال"
قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ *قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ " إلى أن قال تعالى " وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ "
بما صبروا ، على تحقيق التوحيد ، والصبر على البلاء ، والتمسك بالعروةِ الوثقى ، كما قال القُرطُبى فى تفسيره ، بصبرهم على أذى فرعون ، وعلى أمر الله بعد إذ أمنوا بموسى عليه السلام .
والنبى صلى الله عليه وآله وسلم كما فى الحديث الذى رواه أحمد ، والبيهقي فى السُنن ، وقال الهيثمى فى المَجَع ، رجاله ثقات ، وهو كما قال من حديثِ ربيعةَ بن عباس قال ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يا أيُها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلِحوا " فما رأيتُ أحداً يقول شيئاً ، لا يسكت ، يقول أيُها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلِحوا ، فما رأيتُ أحداً يقول شيئاً ، لا يسكت ، ويدعو إلى التوحيد ، إلى توحيد الله رَب العالمين ، سَلوهم ؟ ؟؟ من منهم يعرف معنى لا إله إلا الله ؟؟ من منهم يعرف شروطها ؟؟ من منهم يعرف مقتضاها حتى يعمل بمعناها ؟؟ من منهم لا يأتى بناقضٍ من نواقِضها ؟؟ ، سَلوهم عن عقيدتهم فى الأسماءِ والصفات ؟؟ ، سَلوهم عن عقيدتهم فى القضاءش والقدر ؟؟ ، سلوهم عن عقيدتهم فى القرآن ؟؟ ، سلوهم عن عقيدتهم فى أصحاب رسول الله ، وأمهات المؤمنين ؟؟ ، سلوهم إن كانوا ينطقوووون !!!
" وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ *إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ "
يَرِثُها عبادىَ الصالحون : الذين قاموا بالمأمورات ، وإجتنبوا المنهيات ،فَهم الذين يُرِثهُم الله الجنات ، كقولِ أهل الجنة " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ "
وقد يكون المُراد الإستخلاف فى الأرض ، وأن الصالحين يُمَكِنُ الله لهم فى الأرض ويوَليهم عليهم ، كقولِهِ تعالى " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ "
إذً ؛ لا يَتَحَقَقُ التمكينُ فى الأرض والإستخلاف فيها ، وتحصيلُ الأمن من بعد الخوف ، إلا بالإيمان ، والعمل الصالح ، والله جل علا جعل ذلك من السُننِ الكونِيةٍ، كما أنه من السُنن الشرعية ، وهو قضاءٌ شرعىٌ كونى ، من أتى بالإيمان والعمل الصالح ، إستخلفه الله فى الأرض ، ومَكنَ له فيها ، وأبدله من بعد الخوفِ أَمنا ، يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئا ،
وفى حديث العِرباضِ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " عليكم بسُنتى ، وسُنةِ الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى ، تَمسكوا بها وعَضوا عليها بالنواجِز ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور ، فإن كل بدعةٍ ضلالة " رواه أحمد وغيرُه بسَنَدٍ صحيح .
إذً بَيَن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أننا ينبغى علينا عند الإختلاف أن نتمسك بسُنته ، وسُنَتُهُ فى هذا المَوضعِ و أشباهه ، طريقَتُه ، ودينه ، وهديه ، وما جاء به ، ليست السُنه هاهُنا بالمعنى الإصطلاحى الحادِث ، وإنما هى السُنة فى لسان رسول الله ، دينه من عقيدته وعبادته ومعاماته وأخلاقه وسلوك ، من تمسك بذلك وعَض عليه بالنواجِز، واقاه الله رب العالمين من الإختلاف وشره ،
وإذا تمسكت الأمة به ، جمع الله رب العالمين شملها ، وأعلى كعبها ، وأنار دربها ، ووضح سبيلها ، وإستقامت خُطاها على الصراطِ المستقيم ،
هذا الذى مَر كله إنما هو من المُقدمةِ الثانية ، فَليَحذر الذين يُخالفون عن أمره ، أى عن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسبيله ، ومنهاجه ، وطريقته ، وسنته ، وشريعته ، أن تُصيبهم فتنة فى قلوبهم ، من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعة ، أو يُصيبهم عذابٍ أليم فى الدنيا ، بقَتلٍ ، أو حَدٍ ، أو حبسٍ أو نحو ذلك ،ما عند الله جل وعلا لا يُنال إلا بطاعته ، فإذا أردنا ذلك فعلينا بالأخذ بذلك ، وعليه هذا الجيل ، لأنه لم يتربى على هذا الأصل الأصيــــــل ، لا يُمكن أن يكون جيل النصر المنشود ، هذا وهم واهم ، أو خداع خادع مخادع ،
والذين يقيم الله رب العالمين بهم الشريعة ، ويعلى بهم منار الملة ، هم من إنغمسوا فى هذة الشريعة ظاهراً وباطنا ، وأقاموها على أنفسهم أولاً وأخرا ، وهم الذين تحققوا بهذة الملة ظاهراً وباطنَ ، إعتقاداً وعملا ودعوة وسلوكا ومنهاجا ، علينا أن لا نغامر كالصِبية ، تجرفهم الأمواج ، حتى إذا وقعوا فى عين اللُجة ، و ( حضر ) لهم البحر بالموت بقبره المائى ، نادوا ولات حين مناااااااااااص بالنجاة ولا نجاة ، علينا أن نتوقى الفتن ، وأن نخشى الفوضى أن تقع فى هذة الأمة بأيدينا نحن ، وكان العدو قديما إذا أتى بحده وحديده ، وقضه وقضيضه ، وأتى بسلاحه وعَتاده ، وجنده وأجناده ، توحدت الأمة فى وجهه ، فصار يجند من أبناء الأمة من يكون عدوا لها فى دينها وعقيدتها ، فى شرفها وعزتها ، يَنَخر فى عظامها حتى تتهاوى أركانها ، وإلى الله المشتكى وهو المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
إنالنظام الإسلامى يقوم على هذة القاعدة ، وهى ؛وجود كبير يطاعُ فى غير معصية .
قد أرادوا هدمها وبلغوا فى ذلك المبالغ ، حطموا الرموز حتى إجترأ الصغار ( وإشرءَدت ) أعناق هى من الذلة بالمكان السحيق ، ( ووهم من قال ) أن الناس كلهم سواسيةٌ كأسنان المشط ، لا من حيث التكليف ، ولا من حيث الحقوق والواجبات ، ولا من حيث الخلقة فى أصلها ، بحيث لا يفخر أحد على أحد ، ولا يرتفع أحد على أحد ، فحَسبوا أن ذلك فى كل شئ ؛
ولم يصل لكبير من الإحترام شئ ، ولم يصل لعزيز من العِزة شئ ، وخرج الأذلاء والحُقراء ، ( والمَفلوكون ) الصعاليق ، خرجوا يعتدوا على الحرمات ، وليتطاولوا على القمم التى ميز الله رب العالمين بها الناس بعضهم على بعض ، فلم يجعلهم ربك سواء ، رفع بعضهم على بعض درجات ، وجعل الله رب العالمين لهذة الرفعةِ أسبابَ ، لم يُسوى بين العالم والجاهل ، ولا بين الشجاع والجبان ، ولا بين المنفق الجواد والمُمسك البخيل ، لم يجعل صاحب القيمة يتألق فى قلبه ، حفَظاً وحفظا ، وعفافا وشرفا ، ( كالمُثِفْ الذليل ) الذى يتخمم فيه كل ( ذيمامات ) الأقوام ، لا يبالى ، عندما ميز الله رب العالمين الناس بعضهم من بعض ، لا يصلح الناس فوضى لا ( ........) لهم ، ولا صلاح إذا جُهلائهم ( ............) ،مَيزَ الله رب العالمين الخلق ، فأتوا هؤلاء ليدوسوا بالأقدام النجسة والأحذية النجسة.
همَمً ترتفعُ بالحق ، لا وقار لرجلٌ من أهل العلم ، ولا حفاظَ لأحدٍ من أهل الفضل والبذل ، ولا حسب ولا نسب ولا شرف ، ولا عِفةَ ولا قيمة ، وسارت الرؤوس سواءَ ، كيف يصلحُ مجتمعٌ بهذة الصور ؟؟؟!!!
هذا ما أرادوه ، أن يهدموا الأصل الذى يقوم عليه النظام الإسلامى ، فى كل مكان ، فى مؤسسة الأسرة ، لابد من كبير يُطاعُ فى غير معصية ، فإذا هُدِمَ هذا الأصل فى الأسرة ، تفككت وتفسخت ، وصارت إلى العُهرِ والعار ، وإستجلبت الفقر والشنار ، فى مؤسسة الدراسة ، فى فصولها ، ومدارسها ، فى المدارس والمعاهد والجامعات ، إذا لم يَكُن هُنالك كبير يطاعُ فى غير معصية ، إنهارت المؤسسةُ التعليمية ، وكذلك الشأن فى كل أمرٍ من الأمور ، إلى رأس الدولة ، الذى قال فيه رسول الله " من أهان سُلطانَ الله فى الأرضِ ، أهانهُ الله "
من أهان سُلطان اللهِ فى الأرضِ ، أهانهُ الله ، والحديثُ ثابتٌ عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
نسأل الله جَلّت قُدرته ، وتَقدَست أسماؤُه ، إذا أراد بالناس فتنةً ، أن يقبضنا إليه غير فاتنين ولا مَفتونين ، وأن يجعلنا جميعاً من أهل التوحيد والإتباع ، وأن يُثبتنا على ذلك حتى نلقى وجهِ ربنا الكريم ، غير خَزَايا ولا مَحزونين ، ولا مُغيرين ولا مُبدلين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابهِ أجمعين .
تعليق