أرجو من الإخوة من له علم بهذا الأمر جزاكم الله خيرا وبارك .
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ..
أما بعد :
فهذه بشارة لشيخنا المجاهد العلامة ربيع السنة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله ورعاه - ومتع ونفع الأمة بعلمه أزفها له ولمحبيه في العالم الإسلامي ، ليعلموا قدره وفضله على هذه الأمة عموما وعلى الدعوة السلفية خصوصا ، هذا العالم الفاضل ، الزاهد ، الورع ، الذي أوقف حياته لذب عن حياض السنة ومنهج السلف الصالح ، لا يفتر ، ولا يقتر ، ولا يكل، ولا يمل ، مع كبر سنه ومرضه ..مرابط بقلمه ولسانه على أعظم ثغور أهل السنة والجماعة .
وقد سلك – حفظه الله - في ذلك طريق الأنبياء الذين قال عنهم في كتابه : منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل ، فأخذ يدعو بالعلم والحلم ، بالرفق والصدق ، إلى الرفق والأخوة والتناصح بالتي هي أحسن للتي هي أقوم ، يعظ هذا ويذكر ذلك ، وينصح لهذا ، ويبين الحق لذلك ، ويدافع عن آخرين من العلماء وطلاب العلم ، ويثني على هذا السني السلفي فيما يظهر له تشجيعا ودفعا للتمسك والثبات على السنة ، ويذم ذلك بعد إقامة الحجة عليه بالدليل والبرهان ، ويحزنه كثيرا أن يفوته أحد فيهلك أو يغرق في الأهواء والبدع ولا يرجع إلى المنهج القويم ، أو لا يستقيم على النهج القويم والصراط المستقيم ، صابرا في كل ذلك محتسبا على خصومه داعيا لهم بالهداية والرجوع للحق ..
وإذ أبشره بهذه البشارة فذلك استناد إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :(( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا ، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا ، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ)). البخاري (6985) وفي لفظ لمسلم (2261)<<..وَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيُبْشِرْ وَلاَ يُخْبِرْ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ )).
فقوله فليبشر لأنه لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة وقد بوب البخاري لذلك بقوله : (( باب المبشرات )) ثم ساق بسنده إلى أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ(( : لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ )).صحيح البخاري (6990) ومسلم (479)زاد مالك في الموطأ :برقم ( 1715) :<< .. يراها الرجل الصالح أو ترى له جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة )).
وفي الموطا (1717 ) عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : أنه كان يقول في هذه الآية(( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة)) قال :(( هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له)) وأخرجه الترمذي برقم ( 2273 ) مرفوعا ((عن أبي الدرداء وعن عبادة بن الصامت برقم (2275)وقال حديث حسن . وقال الشيخ الألباني في كل منهما صحيح .
فهذه بشارة نزفها لكل لبيب محب للسلفيين عامة وللشيخ على وجه الخصوص وهي : أني رأيت فيما يرى النائم أني وبعض طلاب العلم أذكر منهم الأخ الشيخ أحمد الزهراني ، والأخ خالد با قيس ، والأخ خالد الصبحي كنا جلوسا حول الشيخ العلامة ربيع في روضة خضراء أو بستان من الزرع كله سنبل ، أخضر قائم مستوي القامة في الطول ، واللون كذلك ، وكأنه بساط أخضر لا ترى فيه عوجا ، والشيخ جالس منهمك في الرد على أحدهم ، ويخيل إلي أن المردود عليه يرد أيضا ويطرح الشبه ، والشيخ يبينها له ويرد عليه ويدعوه لترك تلك الشبه ، حتى يئس الشيخُ منه فبكى بكاء مريرا حسرة على عدم استجابته واستمراره في عناده بالباطل ، وكان الشيخ في غاية من التعب ، والمرض ، فقام من مجلسه ،وهو يقول أستسمحكم أريد أن أتوضأ ، فنظرت يمينا وشمالا وقلت في نفسي أين يريد أن يتوضأ الشيخ وليس في المكان ماء ولا عين ، ولا نهر ، ثم نظرت إليه وهو يمشي الهوينا وببطأ شديد من التعب والمعرض وقدماه منتفختين ، وأنا أنظر إليه وأتأمل في هذا المشهد المؤثر جدا كيف كان يرد على ذلكم المخالف ، وكيف كانت حرقته وحرصه على رجوعه ، وكيف صبر عليه حتى يئس من رجوعه ، وكيف بكى ذلكم البكاء المرير حسرة على فواته وركونه للباطل، وكيف قام واستأذن في أدب مع كبر سنه ومرضه ، وما كاد يكتمل هذا المشهد حتى رفع لنا فج وسط الزرع وفيه عين تسيل ( سبالة أو بزبوز) يسيل في حوض صغير فتوضأ منه الشيخ وأسبغ وضوءه أحسن ما رأت عيناك من الاهتمام بالسنة ، وبعد الانتهاء من الوضوء أخذ إناء فملئه بالماء ثم شرب منه حتى ظن أنه ارتوى ثم أقبل علينا قادما وقد ذهب عنه الشيب والمرض وأصبح كأنه شاب نشط من أحسن ما ترى من الشباب ، وجهه يتلألأ نورا حتى وصل إلينا فوجدني أحتضن الشيخ أحمد بعد أن عرفني بالشيخ خالد باقيس ، فقال للأخ الشيخ أحمد الزهراني عني من هذا؟ فأجابه بقوله هذا ... أبو بكر يوسف لعويسي فذهبت لأقبل رأسه فمد إلي جبهته وهو يقول أنت هنا ... ثم عاد إلى مكانه وكله قوة وعزيمة لمواصلة الكتابة وهنا استيقظت على نداء المؤذن وهو يقول الله أكبر ، الله أكبر ..
ثم تأملت في هذه الرؤيا من وجوه فوجدتها بشارة للشيخ من عدة وجوه ..
الوجه الأول : أنها رؤية حسنة لما اشتملت عليه من أمور منها : أنه ما فيها إلا الخضار ، والعلم ، والعالم ، وطلاب العلم ، والوضوء ، والرد على المبطلين ، والبكاء حسرة على فواتهم وعنادهم ، وقد حفظتها كما رأيتها متناسقة مرتبة وكانت مع آذان الفجر .. وقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيح برقم (6983) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ . ويؤيد رؤيا يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام انه حفظ رؤياه بعد زمن طويل فلما قدم عليه أبواه قال : يا أبت هذا تأويل رؤياي قد جعلها ربي حقا }} ..
الثانية : أنها كانت في روضة خضراء أو قل في بستان كله خضار، أو سنابل خضراء والروضة الخضراء هي روضة الإسلام كما فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل على أنها بشارة ، فقد بوب البخاري في صحيحه : (( باب الخضر في المنام والروضة الخضراء)) حديث (7010) وبسنده إلى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ ، وَابْنُ عُمَرَ فَمَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا قَالَ سُبْحَانَ اللهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فَنُصِبَ فِيهَا وَفِي رَأْسِهَا عُرْوَةٌ وَفِي أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ - وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ - فَقِيلَ ارْقَهْ فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : << يَمُوتُ عَبْدُ اللهِ وَهْوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى >>.
وأعاده مفسرا الروضة الخضراء تحت باب التعليق بالعروة والحلقة.حديث (7014) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ وَسَطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ فِي أَعْلَى الْعَمُودِ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لِي ارْقَهْ قُلْتُ : لاَ أَسْتَطِيعُ فَأَتَانِي وَصِيفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي فَرَقِيتُ فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا مُسْتَمْسِكٌ بِهَا فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ :<< تِلْكَ الرَّوْضَةُ رَوْضَةُ الإِسْلاَمِ ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى لاَ تَزَالُ مُسْتَمْسِكًا بِالإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ >>.
فالشيخ المجاهد العلامة ربيع في روضة الإسلام متمسك بالعروة الوثقى يجاهد ويذب عن الإسلام عموما وعن السنة خصوصا ينفي عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين متحسرا كثيرا على ما آلت إليه أحوال الأمة عموما وحال المنتسبين إلى السنة ومنهج السلف خصوصا ..
ثالثا : أن الرؤية فيها الوضوء ، وهو يدل على الطهارة بنوعيها الحسية والمعنوية ، ويدل عليه أحاديث كثيرة في فضل الوضوء ومنها حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : << أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ ؟>> قَالُوا : لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا .
قَالَ :<< فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا >>. البخاري ( 528ومسلم ( 667 ).
قلت : والوضوء شطر الصلاة فعَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْعَرِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :<< الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ... >> أخرجه مسلم (223 )وقال صلى الله عليه وسلم : << من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره >>.رواه مسلم (1/149) (245) .
وبوب البخاري - رحمه الله - باب الْوُضُوءِ فِي الْمَنَامِ.حديث ( 7025)وسنده إلى أبي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :<< بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ عَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ أَغَارُ>>. وقوله : باب الوضوء في المنام أي فضل الوضوء في المنام يؤكده بما استدل به أن النبي رأى في منامه امرأة من أهل الجنة تتوضأ فدل ذلك على أفضلية الوضوء ..
فالوضوء يدل على طهارة القلب من الحقد والغل والحسد ، وخاصة من عالم رباني محترق على حال الأمة وضياعها ، والطهارة من الذنوب وغفران العيوب من الرحمن علام الغيوب ، فنسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلها بشارة خير لشيخنا الفاضل المجاهد ، وأن يبارك فيما بقي من عمره ، وأن يغفر لنا وله ولجميع المؤمنين الموحدين وأن يعفو عنا وعنه وعن جميع إخواننا السنيين السلفيين وأن يجمعنا بهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر إنه ولي ذلك والقادر عليه .
أما بعد :
فهذه بشارة لشيخنا المجاهد العلامة ربيع السنة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله ورعاه - ومتع ونفع الأمة بعلمه أزفها له ولمحبيه في العالم الإسلامي ، ليعلموا قدره وفضله على هذه الأمة عموما وعلى الدعوة السلفية خصوصا ، هذا العالم الفاضل ، الزاهد ، الورع ، الذي أوقف حياته لذب عن حياض السنة ومنهج السلف الصالح ، لا يفتر ، ولا يقتر ، ولا يكل، ولا يمل ، مع كبر سنه ومرضه ..مرابط بقلمه ولسانه على أعظم ثغور أهل السنة والجماعة .
وقد سلك – حفظه الله - في ذلك طريق الأنبياء الذين قال عنهم في كتابه : منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل ، فأخذ يدعو بالعلم والحلم ، بالرفق والصدق ، إلى الرفق والأخوة والتناصح بالتي هي أحسن للتي هي أقوم ، يعظ هذا ويذكر ذلك ، وينصح لهذا ، ويبين الحق لذلك ، ويدافع عن آخرين من العلماء وطلاب العلم ، ويثني على هذا السني السلفي فيما يظهر له تشجيعا ودفعا للتمسك والثبات على السنة ، ويذم ذلك بعد إقامة الحجة عليه بالدليل والبرهان ، ويحزنه كثيرا أن يفوته أحد فيهلك أو يغرق في الأهواء والبدع ولا يرجع إلى المنهج القويم ، أو لا يستقيم على النهج القويم والصراط المستقيم ، صابرا في كل ذلك محتسبا على خصومه داعيا لهم بالهداية والرجوع للحق ..
وإذ أبشره بهذه البشارة فذلك استناد إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :(( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا ، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا ، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ)). البخاري (6985) وفي لفظ لمسلم (2261)<<..وَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيُبْشِرْ وَلاَ يُخْبِرْ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ )).
فقوله فليبشر لأنه لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة وقد بوب البخاري لذلك بقوله : (( باب المبشرات )) ثم ساق بسنده إلى أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ(( : لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ )).صحيح البخاري (6990) ومسلم (479)زاد مالك في الموطأ :برقم ( 1715) :<< .. يراها الرجل الصالح أو ترى له جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة )).
وفي الموطا (1717 ) عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : أنه كان يقول في هذه الآية(( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة)) قال :(( هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له)) وأخرجه الترمذي برقم ( 2273 ) مرفوعا ((عن أبي الدرداء وعن عبادة بن الصامت برقم (2275)وقال حديث حسن . وقال الشيخ الألباني في كل منهما صحيح .
فهذه بشارة نزفها لكل لبيب محب للسلفيين عامة وللشيخ على وجه الخصوص وهي : أني رأيت فيما يرى النائم أني وبعض طلاب العلم أذكر منهم الأخ الشيخ أحمد الزهراني ، والأخ خالد با قيس ، والأخ خالد الصبحي كنا جلوسا حول الشيخ العلامة ربيع في روضة خضراء أو بستان من الزرع كله سنبل ، أخضر قائم مستوي القامة في الطول ، واللون كذلك ، وكأنه بساط أخضر لا ترى فيه عوجا ، والشيخ جالس منهمك في الرد على أحدهم ، ويخيل إلي أن المردود عليه يرد أيضا ويطرح الشبه ، والشيخ يبينها له ويرد عليه ويدعوه لترك تلك الشبه ، حتى يئس الشيخُ منه فبكى بكاء مريرا حسرة على عدم استجابته واستمراره في عناده بالباطل ، وكان الشيخ في غاية من التعب ، والمرض ، فقام من مجلسه ،وهو يقول أستسمحكم أريد أن أتوضأ ، فنظرت يمينا وشمالا وقلت في نفسي أين يريد أن يتوضأ الشيخ وليس في المكان ماء ولا عين ، ولا نهر ، ثم نظرت إليه وهو يمشي الهوينا وببطأ شديد من التعب والمعرض وقدماه منتفختين ، وأنا أنظر إليه وأتأمل في هذا المشهد المؤثر جدا كيف كان يرد على ذلكم المخالف ، وكيف كانت حرقته وحرصه على رجوعه ، وكيف صبر عليه حتى يئس من رجوعه ، وكيف بكى ذلكم البكاء المرير حسرة على فواته وركونه للباطل، وكيف قام واستأذن في أدب مع كبر سنه ومرضه ، وما كاد يكتمل هذا المشهد حتى رفع لنا فج وسط الزرع وفيه عين تسيل ( سبالة أو بزبوز) يسيل في حوض صغير فتوضأ منه الشيخ وأسبغ وضوءه أحسن ما رأت عيناك من الاهتمام بالسنة ، وبعد الانتهاء من الوضوء أخذ إناء فملئه بالماء ثم شرب منه حتى ظن أنه ارتوى ثم أقبل علينا قادما وقد ذهب عنه الشيب والمرض وأصبح كأنه شاب نشط من أحسن ما ترى من الشباب ، وجهه يتلألأ نورا حتى وصل إلينا فوجدني أحتضن الشيخ أحمد بعد أن عرفني بالشيخ خالد باقيس ، فقال للأخ الشيخ أحمد الزهراني عني من هذا؟ فأجابه بقوله هذا ... أبو بكر يوسف لعويسي فذهبت لأقبل رأسه فمد إلي جبهته وهو يقول أنت هنا ... ثم عاد إلى مكانه وكله قوة وعزيمة لمواصلة الكتابة وهنا استيقظت على نداء المؤذن وهو يقول الله أكبر ، الله أكبر ..
ثم تأملت في هذه الرؤيا من وجوه فوجدتها بشارة للشيخ من عدة وجوه ..
الوجه الأول : أنها رؤية حسنة لما اشتملت عليه من أمور منها : أنه ما فيها إلا الخضار ، والعلم ، والعالم ، وطلاب العلم ، والوضوء ، والرد على المبطلين ، والبكاء حسرة على فواتهم وعنادهم ، وقد حفظتها كما رأيتها متناسقة مرتبة وكانت مع آذان الفجر .. وقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيح برقم (6983) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ . ويؤيد رؤيا يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام انه حفظ رؤياه بعد زمن طويل فلما قدم عليه أبواه قال : يا أبت هذا تأويل رؤياي قد جعلها ربي حقا }} ..
الثانية : أنها كانت في روضة خضراء أو قل في بستان كله خضار، أو سنابل خضراء والروضة الخضراء هي روضة الإسلام كما فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل على أنها بشارة ، فقد بوب البخاري في صحيحه : (( باب الخضر في المنام والروضة الخضراء)) حديث (7010) وبسنده إلى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ ، وَابْنُ عُمَرَ فَمَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا قَالَ سُبْحَانَ اللهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فَنُصِبَ فِيهَا وَفِي رَأْسِهَا عُرْوَةٌ وَفِي أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ - وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ - فَقِيلَ ارْقَهْ فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : << يَمُوتُ عَبْدُ اللهِ وَهْوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى >>.
وأعاده مفسرا الروضة الخضراء تحت باب التعليق بالعروة والحلقة.حديث (7014) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ وَسَطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ فِي أَعْلَى الْعَمُودِ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لِي ارْقَهْ قُلْتُ : لاَ أَسْتَطِيعُ فَأَتَانِي وَصِيفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي فَرَقِيتُ فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا مُسْتَمْسِكٌ بِهَا فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ :<< تِلْكَ الرَّوْضَةُ رَوْضَةُ الإِسْلاَمِ ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى لاَ تَزَالُ مُسْتَمْسِكًا بِالإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ >>.
فالشيخ المجاهد العلامة ربيع في روضة الإسلام متمسك بالعروة الوثقى يجاهد ويذب عن الإسلام عموما وعن السنة خصوصا ينفي عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين متحسرا كثيرا على ما آلت إليه أحوال الأمة عموما وحال المنتسبين إلى السنة ومنهج السلف خصوصا ..
ثالثا : أن الرؤية فيها الوضوء ، وهو يدل على الطهارة بنوعيها الحسية والمعنوية ، ويدل عليه أحاديث كثيرة في فضل الوضوء ومنها حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : << أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ ؟>> قَالُوا : لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا .
قَالَ :<< فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا >>. البخاري ( 528ومسلم ( 667 ).
قلت : والوضوء شطر الصلاة فعَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْعَرِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :<< الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ... >> أخرجه مسلم (223 )وقال صلى الله عليه وسلم : << من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره >>.رواه مسلم (1/149) (245) .
وبوب البخاري - رحمه الله - باب الْوُضُوءِ فِي الْمَنَامِ.حديث ( 7025)وسنده إلى أبي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :<< بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ عَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ أَغَارُ>>. وقوله : باب الوضوء في المنام أي فضل الوضوء في المنام يؤكده بما استدل به أن النبي رأى في منامه امرأة من أهل الجنة تتوضأ فدل ذلك على أفضلية الوضوء ..
فالوضوء يدل على طهارة القلب من الحقد والغل والحسد ، وخاصة من عالم رباني محترق على حال الأمة وضياعها ، والطهارة من الذنوب وغفران العيوب من الرحمن علام الغيوب ، فنسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلها بشارة خير لشيخنا الفاضل المجاهد ، وأن يبارك فيما بقي من عمره ، وأن يغفر لنا وله ولجميع المؤمنين الموحدين وأن يعفو عنا وعنه وعن جميع إخواننا السنيين السلفيين وأن يجمعنا بهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر إنه ولي ذلك والقادر عليه .
تعليق