الشرق الأوسط الجديد والتخدير الإيراني
كتب : د . حمد بن ابراهيم العثمان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد : فان معالم خارطة الشرق الأوسط الجديد التي ترسمها إيران باتت أكثر وضوحاً من ذي قبل ، ولا يحتاج أحد أن يتكلف في بيان ملامح هذه الخريطة الكبيرة التي فاقت حقيقتها توقعات كل المراقبين ، فهي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج العربي .
فجهود إيران في عزل لبنان عن لُحْمته العربية واضحة جدا ، وملامح هذه الجهود قديمة بدءا من اتفاق الطائف ، حيث اجتهدت إيران في مزاحمة دول مجلس التعاون ومحاولة قطع الطريق عليهم في حفظ استقرار لبنان وازدهاره بقيادة حكومة الحريري ، وذلك من خلال دعم حزب الله وتسليحه وتصييره حكومة داخل حكومة تعرقل وحدة القرارات السيادية ، وما انفراد حزب الله وحده بقرار الحرب مع إسرائيل دون إرادة سائر الشعب اللبناني إلا أكبر دليل على ما نقول .
ومصر والسودان باتتا تتعرضان لخطر فكر تصدير الثورة الذي جدد له الرئيس الحالي لإيران أحمدي نجاد ، وكأن السودانيين والمصريين لا يدينون بالإسلام حتى تضطر إيران لتصدير ثورتها ، أم أن الغرض تطويع القلوب ، لتكون الأرض بعد ذلك طوع الاحتلال ، لا سيما وأن هناك نفسا توسعيا إيرانيا بالتذكير بحكم ( الفاطميين لمصر ) .
أما دول الخليج ، فهي لا تحتاج إلى توضيح ، فإيران لا تزال تحتل الجزر الإماراتية ، ووكيل خارجية إيران حميد آصفي لما زار الكويت أخذ أحد مرافقيه يُذكر بالحقوق التاريخية لإيران في البحرين ( انظر جريد ، الوطن بتاريخ 1 / 6 / 2005 م مقال الكاتب / فؤاد الهاشم ) .
أما العراق ، فليس بخاف على أحد الجهود الإيرانية الكبيرة التي تمارسها لتحويله إلى محافظة إيرانية ، فإيران أغرقت العراق بالسلاح والرجال والأموال لتحقيق هذا الغرض .
يقول رئيس المركز العربي للدراسات الإيرانية في لندن علي نوري زاده ـ وهو بالطبع ليس بسلفي ـ مبينا دور إيران في احتلال العراق وتغيير هويته : ( أن ملايين من الإيرانيين كانوا مقيمين في العراق وأصبح ما نسبته %65 منهم عراقيين ، ويملكون جوازات سفر ووثائق ولادة عراقية ، وولاءات هؤلاء بالدرجة الأولى لإيران وليس للعراق ، كما أن هناك من العراقيين من ولدوا في إيران ودرسوا فيها ، وتم تدريبهم من قبل الحرس الثوري مثل فيلق بدر ، ومثل قوات المليشيا الشيعية التابعة للأحزاب المرتبطة بايران ) .
وذكر علي زاده أن كميات كبيرة هائلة من المتفجرات والقنابل الذكية والأجهزة المتطورة تدخل إلى العراق قادمة من إيران ، وأن إيران تتجه إلى زمن تصدير الثورة ، والى زمن المواجهة مع الدول المجاورة . [ جريدة السياسة 26 / 11 / 2005 م ] .
وذكرت صحيفة ( ديلي تليغراف ) البريطانية بواسطة صحيفة ( الوطن ) 17 / 1 / 2007 م أن أهل السنة يتعرضون للقتل لإخراجهم من المنطقة ، وأن إيران تخترق الشبكة الأمنية والأحزاب السياسية في محافظة البصرة .
ونقلت عن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي خلال زيارته لندن : أن طهران اللاعب الأساسي ، وتتمتع بتأثير كبير في العراق حيث تُرى بصماتها على أي شيء .
كما أنه لا بد من الإحالة إلى التحقيقات التي نشـــرها المراسل الصحفي بالقبس د. جمال حسين ( وهو ليس بسلفي ) بتاريخ 23 / 5 / 2005 م ، 23 / 1 / 2006 م ، حيث بيّْن أن مادة تقريره ومن حاورهم هم من البصريين ، وجاء في تقاريره هذه ( تكاد البصرة تكون محافظة إيرانية ) ، وتأملوا كذلك استعماله مصطلح ( الدولة الصفوية ) . وكذلك تحدث عن ( القوائم الإيرانية ) والفرق التي كانت تأتي من إيران لغرض إعدام السنة فقط ؟ هذا ما ذكره د . جمال حسين وأكد عليه بقوله (هذه ليست إشاعات ، تأكدنا منها من أعضاء الأحزاب المنفذة للاغتيالات نفسها ، ومن عائلات المغدورين ، ومن أطباء الطب العدلي ، ومؤشرات السجلات الجنائية ) .
التخدير الإيراني
مع خطوات إيران الحثيثة للتوسع والهيمنة على المنطقة ، نراها تمارس سياسة التخدير ، وذلك بغرض كسب الوقت لتصير الهيمنة واقعيا يجب التسليم له مع مرور الوقت ، ففي حوار أجرته صحيفة ( القبس ) بتاريخ 3 / 12 / 2006 م مع السفير الإيراني بالكويت علي جنتي نراه يمارس هذا الدور لكن بغير مهارة ، ففي هذه المقابلة زعم ما يلي :
1 ـــ أن ممارسات إيران داخل العراق ( ليس تدخلا بالمعنى الحقيقي في الشؤون العراقية الداخلية ) ، وما ذكرناه يكشف زيف هذا التخدير الإيراني .
2 ـــ عدم وجود أي مفاعلات نووية باستثناء ( بوشهر ) ، يا سلام على سعادة السفير وكأننا لسنا في زمن الأقمار الصناعية ، فالمنشآت النووية كثيرة ، وصورها تظهر في وسائل الإعلام بين فترة وأخرى .
3 ـــ أن النووي الإيراني سلمي ، وهذه أسطوانة يكررها الساسة الإيرانيون كلهم !! ، وهذا أيضا تخدير مفضوح ، فلماذا تشارك المؤسسة العسكرية بإيران في صناعة البرنامج النووي إذا كان سلميا مدنيا ؟!
ولماذا عقدت طهران مع ( شبكة خان ) التي ساعدت كوريا الشمالية وليبيا في برامجهما النووية السرية الخاصة بالأسلحة ؟! .
ولماذا أجرت إيران تجارب على " البلوتونيوم ـ 210 " ، الذي يمكن استخدامه في التفجير النووي ، ولا لزوم له في توليد الكهرباء . [ ....... " الوطن " 9 / 1 / 2007م ].
4 ـــ أن كل مشاكل المنطقة يمكن حلها برحيل الأجانب عنها ، هكذا زعم السفير الإيراني ، فدولة الإمارات لها ثلاثة عقود من الزمن بذلت كل الجهود الدبلوماسية وبدون تدخل أجنبي لإزالة هذا الاحتلال الإيراني ، وإيران تمارس التخدير والمماطلة وتكريس الاحتلال مع مرور الوقت من خلال بناء المدارس والمطارات والقواعد العسكرية في الجزر الإماراتية ، وتوطين الإيرانيين فيها ، ومسح كل معالم الهوية الإماراتية .
تصدير الفوضى لدول المنطقة
دول مجلس التعاون الخليجي تاريخها شاهد بأنها دول مسالمة لا تحمل شرورا لأحد ، وسيرتها ولله الحمد حميدة ، تبذل الندى وتكف الأذى ، لكننا لا نرى إيران تبادلنا هذا الخلق في جوارها .
كما أن إيران قد أنشأت فيلقا في صحراء السماوة المحاذية للحدود السعودية قوامه عشرة آلاف مقاتل أُطلق عليه اسم ( فيلق مكة ) مهمته نقل الفوضى إلى الأراضي السعودية ، كما قال عضو البرلمان العراقي محمد الدايني [ انظر صحيفتي " السياسة » و " الوطن " بتاريخ 9/1/2007م].
وهذا ليس بغريب ولا مستبعد ، فمن منا ينسى حنق وحقد وزير الداخلية العراقي السابق ( بيان جبر صولاغ ) ضد الدولة السعودية ، وفرق الموت التي أنشأها لتصفية أهل السنة بالعراق .
وكلنا يستذكر دور السفارة الإيرانية بالكويت في تدريب بعض الكوادر في صحراء الوفرة على التفجيرات ، وما قام به هؤلاء من تفجيرات بجبل القبيس بمكة المكرمة في حدود سنة 1988م تقريبا .
دولة طائفية شعوبية
من الملفت للنظر جدا التحقيق الذي نشرته صحيفة السياسة بتاريخ 13 / 1 / 2007 م عن الأسلحة الإيرانية ، ومن أكثر الأشياء لفتا للنظر ما حملته الصواريخ من مسميات طائفية شعوبية تحكي حقيقة العقلية التي تفكر بها القيادة الإيرانية ، والنفس الطائفي الشعوبي الذي تعيشه الدولة الإيرانية ، فلقد ذُهلت بل صُعقت لما رأيت أن بعض الصواريخ تحمل اسم ( الزرادشتية ) !!
فإيران لا تعيش أحلام الدولة الصفوية فحسب ، بل تعيش أوهام وأحلام الإمبراطورية الفارسية العظمى ما قبل الإسلام .
( الزرادشتية ) عقيدة وثنية شركية كانت تعيشها إيران قبل الإسلام ، فهل يُعقل لدولة تدين بالإسلام أن تُفاخر بالشرك والوثنية ؟ ! فكتب التاريخ تذكر ( أنه بعد نزول لهراسب عن ملكة لولده بشتاسب ظهر دين المجوسية ، وذلك أن رجلا كان اسمه " زرادُشت " قد صحب أرميا ، عليه السلام ، فأغضبه فدعا عليه أرميا ، فبرص زرادشت ، فذهب فلحق بأرض أذربيجان وصحب بشتاسب فلقنه دين المجوسية الذي اخترعه من تلقاء نفسه ، لعنه الله ، فقبله منه بشتاسب وحمل الناس عليه وقهرهم ، وقتل منهم خلقا كثيرا ممن أباه منهم ) [ انظر تاريخ الطبري 1 /540 ـ 541 والبداية والنهاية 382 ـ 318 ] .
إيران تعيش أحلام الإمبراطورية العظمى قبل الإسلام ، وهذا لن يتحقق لها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " [ رواه البخاري ومسلم ] .
ايران يجب أن تنتبه إلى محيطها الطبيعي الذي تحكمه فانه أولى بالرعاية والنهضة وبإنفاق المليارات عوضا أن تجعلها في أهداف توسعية لن تحصد من ورائها إلا الشر . ولتبادر إيران بإظهار حسن النوايا في الجوار من خلال مغادرة الجزر الإماراتية ، فإيران لا تنقصها جزر ، ولتكف عن دعاواها التاريخية في البحرين ، ولتكف عن التدخل في العراق ، حتى يحكم العراق أهله وينتهي التدخل الأجنبي ، وتُصان المنطقة عن الحروب المدمرة .
والحمد لله رب العالمين
تاريخ النشر: الجمعة 26 / 1 /2007 م .. .. .. جريدة " الوطن " الكويتية .
الشيخ حمد العثمان .... لله درك على فضحك للمخطط الرافضي التوسعي في العالم الإسلامي
فإيران لا تعيش أحلام الدولة الصفوية فحسب ، بل تعيش أوهام وأحلام الإمبراطورية الفارسية العظمى ما قبل الإسلام .
( الزرادشتية ) عقيدة وثنية شركية كانت تعيشها إيران قبل الإسلام ، فهل يُعقل لدولة تدين بالإسلام أن تُفاخر بالشرك والوثنية ؟ ! فكتب التاريخ تذكر ( أنه بعد نزول لهراسب عن ملكة لولده بشتاسب ظهر دين المجوسية ، وذلك أن رجلا كان اسمه " زرادُشت " قد صحب أرميا ، عليه السلام ، فأغضبه فدعا عليه أرميا ، فبرص زرادشت ، فذهب فلحق بأرض أذربيجان وصحب بشتاسب فلقنه دين المجوسية الذي اخترعه من تلقاء نفسه ، لعنه الله ، فقبله منه بشتاسب وحمل الناس عليه وقهرهم ، وقتل منهم خلقا كثيرا ممن أباه منهم ) [ انظر تاريخ الطبري 1 /540 ـ 541 والبداية والنهاية 382 ـ 318 ] .
إيران تعيش أحلام الإمبراطورية العظمى قبل الإسلام ، وهذا لن يتحقق لها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " [ رواه البخاري ومسلم ] .
ايران يجب أن تنتبه إلى محيطها الطبيعي الذي تحكمه فانه أولى بالرعاية والنهضة وبإنفاق المليارات عوضا أن تجعلها في أهداف توسعية لن تحصد من ورائها إلا الشر . ولتبادر إيران بإظهار حسن النوايا في الجوار من خلال مغادرة الجزر الإماراتية ، فإيران لا تنقصها جزر ، ولتكف عن دعاواها التاريخية في البحرين ، ولتكف عن التدخل في العراق ، حتى يحكم العراق أهله وينتهي التدخل الأجنبي ، وتُصان المنطقة عن الحروب المدمرة .
والحمد لله رب العالمين
تاريخ النشر: الجمعة 26 / 1 /2007 م .. .. .. جريدة " الوطن " الكويتية .
الشيخ حمد العثمان .... لله درك على فضحك للمخطط الرافضي التوسعي في العالم الإسلامي
-----------------------------
منقول
منقول