سُئل سماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز – رحمه الله - :
رسالة وصلت من الكويت باعثها يشكو من أخ له ويقول : إنّه يقترف بعض المعاصي وقد نصحه كثيرا إلّا أنّ الأمر آل به إلى المجاهرة ويرجو التّوجيه في هذا الموضوع ؟
فأجاب -رحمه الله- :
الواجب على المسلمين فيما بينهم التّناصح والتّعاون على البّرّ والتّقوى، والتّواصي بالحق والصبر عليه، كما قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[المائدة:2]، وقال سبحانه: ﴿وَالْعَصْرِ • إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ • إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[العصر]وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة» قيل لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» خرجه الإمام مسلم في صحيحه. هاتان الآيتان مع الحديث الشريف كلها تدل على وجوب التناصح والتعاون على الخير والتواصي بالحق. فإذا رأى المسلم من أخيه تكاسلا عما أوجب الله عليه أو ارتكابا لما حرم الله عليه وجب نصحه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر حتى يصلح المجتمع ويظهر الخير ويختفي الشر كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾[التوبة:71]، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» خرجه الإمام مسلم في صحيحه.
فأنت أيها السائل مادمت نصحته ووجهته إلى الخير ولكنه ما زاده ذلك إلا إظهارا للمعصية فينبغي لك هجره وعدم اتخاذه صاحباً. وينبغي لك أن تشجع غيرك من الذين قد يؤثرون عليه وقد يحترمهم أكثر على نصيحته ودعوته إلى الله لعل الله ينفع بذلك، وإن رأيت أن الهجر يزيده شرا وأن اتصالك به أنفع له في دينه وأقل لشره فلا تهجره. لأن الهجر يقصد منه العلاج فهو دواء، فإذا كان لا ينفع بل يزيد الداء داءً فأنت تعمل ما هو الأصلح من الاتصال به وتكرار النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير اتخاذه صاحبا ولا خليلا لعل الله ينفع بذلك وهذا هو أحسن ما قيل في هذا من كلام أهل العلم رحمهم الله .
[مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز، (5/ 343-344)، جمع د الشويعر)]