كان أبو خليفة ـ الفضل بن الحباب الجمحي ـ لا يتكلف الإعراب بل قد صار له كالطبع لدوام استعماله إياه من عنفوان حداثته، وكان ذا محل من الإسناد، وله أخبار ونوادر حسان قد دونت منها أن بعض عمال الخراج بالبصرة كان مصروفا عن عمله، وأبو خليفة مصروفا عن قضائه فبعث العامل إلى أبي خليفة أن مبرمان النحوي صاحب أبي العباس المبرد قد زارني في هذا اليوم إلى بعض النهار، والبساتين، فأتوه مبكرين مع من حضرنا من أصحابنا، وسألوه الحضور معهم، فجلسوا في سمارية متفكهين قد غير ظواهر زيهم حتى أتوا نهرا من أنهار البصرة، واستحسنوا بعض البساتين فقدموا إليه، وخرجوا إلى الشط، وجلسوا تحت النخل على شط النهر، وقدم إليهم ما حمل معهم من الطعام، وكان أيام المبادي، وهي الأيام التي يثمر فيها الرطب فيكبسونه في القواصر تمرا، وتكون حينئذ البساتين مشحونة بالرجال ممن يعمل في التمر من الأَكَرَة، وهم الزراع وغيرهم، فلما أكلوا، قال بعضهم لأبي خليفة ـ غير مكن له خوفا أن يعرفه من حضر ممن ذكرنا من الأَكَرَة، والعمال في النخل ـ: أخبرني أطال الله بقاءك عن قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} هذه الواو ما موقعها من الإعراب؟
قال أبو خليفة: موقعها رفع، وقوله: قوا هو أمر للجماعة من الرجال.
قال له: كيف تقول للواحد من الرجال، وللاثنين؟
قال يقول للواحد من الرجال: قِ، وللاثنين: قيا، وللجماعة قوا.
قال كيف تقول للواحدة من النساء، وللاثنتين منهن وللجماعة منهن؟
قال أبو خليفة: يقال للواحدة: قي، وللاثنتين: قيا، وللجماعة: قين.
قال: فأسألك أن تعجل بالعجلة، كيف يقال للواحد من الرجال، والاثنين والجماعة، والواحد من النساء، والاثنتين منهن، والجماعة منهن؟
قال أبو خليفة عجلان [بسرعة]: قِ قيا قوا قي قيا قين، وكان بالقرب منهم جماعة من الأكرة فلما سمعوا ذلك استعظموه، وقالوا: يا زنادقة! أنتم تقرءون القرآن بحروف [بقراءة] الدجاج!، وعدوا عليهم، فصفعوهم فما تخلص أبو خليفة، والقوم الذين كانوا معه من أيديهم إلا بعد كدٍ طويل. اهـ.
مروج الذهب للمسعودي- علما أن المسعودي شيعي- 4/ 239
* من فوائد هذه الحكاية تجنب الكلام فيما لا يُفهم عند من لا يَفهم.، ومعروف ما قال علي وابن مسعود رضي الله عنها في هذا.
نقله أبو أسامة الجزائري
قال أبو خليفة: موقعها رفع، وقوله: قوا هو أمر للجماعة من الرجال.
قال له: كيف تقول للواحد من الرجال، وللاثنين؟
قال يقول للواحد من الرجال: قِ، وللاثنين: قيا، وللجماعة قوا.
قال كيف تقول للواحدة من النساء، وللاثنتين منهن وللجماعة منهن؟
قال أبو خليفة: يقال للواحدة: قي، وللاثنتين: قيا، وللجماعة: قين.
قال: فأسألك أن تعجل بالعجلة، كيف يقال للواحد من الرجال، والاثنين والجماعة، والواحد من النساء، والاثنتين منهن، والجماعة منهن؟
قال أبو خليفة عجلان [بسرعة]: قِ قيا قوا قي قيا قين، وكان بالقرب منهم جماعة من الأكرة فلما سمعوا ذلك استعظموه، وقالوا: يا زنادقة! أنتم تقرءون القرآن بحروف [بقراءة] الدجاج!، وعدوا عليهم، فصفعوهم فما تخلص أبو خليفة، والقوم الذين كانوا معه من أيديهم إلا بعد كدٍ طويل. اهـ.
مروج الذهب للمسعودي- علما أن المسعودي شيعي- 4/ 239
* من فوائد هذه الحكاية تجنب الكلام فيما لا يُفهم عند من لا يَفهم.، ومعروف ما قال علي وابن مسعود رضي الله عنها في هذا.
نقله أبو أسامة الجزائري