شبهتهم في قوله تعالى " هذا يوم لا ينطقون" والرد عليها
شرح الرد على الجهمية و الزنادقة
الشيخ عبد العزيز الراجحي
الشيخ عبد العزيز الراجحي
أما تفسير )هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (فهذا أول ما تبعث الخلائق على مقدار ستين سنة لا ينطقون، ولا يؤذن لهم في الاعتذار فيعتذرون، ثم يؤذن لهم في الكلام فيتكلمون، فذلك قوله )رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَانَعْمَلْ صَالِحًا (فإذا أذن لهم في الكلام تكلموا واختصموا، فذلك قوله: )ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (عند الحساب، وإعطاء المظالم. ثم يقال لهم بعد ذلك: ) لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ( أي: عندي )وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ(أي: في الدنيا، فإن العذاب مع هذا القول كائن.
*************************************
"فإن العذاب مع هذا القول كائن " هذا نهاية الجواب، إذًا هذه الشبهة … المثال الثاني لما شكت فيه الزنادقة من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله أنهم قالوا: إن الله تعالى أخبر في آية أنهم لا ينطقون، وفي آية أخبر أنهم يختصمون.
أجاب الإمام -رحمه الله- قال: مواقف القيامة متعددة، يوم طويل، يوم عظيم، يوم القيامة يوم طويل، في بعض المواقف لا ينطقون، وفي بعضها ينطقون؛ لأن مشاهد القيامة متعددة؛ ولهذا قال الإمام -رحمه الله- أول ما يبعث الله الخلائق على مقدار ستين سنة لا ينطقون ما يتكلمون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون، ثم بعد ذلك يأذن الله لهم في الكلام فيتكلمون.
ولهذا أخبر الله عنهم أنهم قالوا: )رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (لمّا أذن لهم في الكلام تكلموا، قالوا: )رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا (وطلبوا الرجعة، أن يرجعون في الدنيا حتى يعملوا صالحًا )رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (ثم... فحينئذ يتكلمون، ويختصمون، وهذا هو معنى قوله: )ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (يعني: عند الحساب وإعطاء المظالم، ثم بعد اختصامهم يقول الله لهم: )لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (في الدنيا جاءكم الوعيد والتحذير والتخويف والإنذار ثم بعد ذلك … بعد هذا لا يكون إلا العذاب.
فهم في الأول لا ينطقون، ثم يؤذن لهم فينطقون ويعتذرون ويطلبون الرجعة )رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (.
ثم بعد ذلك … ويختصمون فيقول الله: )لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (في الدنيا جاءكم الوعيد والتحذير والإنذار، جاءتكم الرسل بلغتكم، بلغتكم القرآن، بلغتكم السنة، )لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ (يقول الله تعالى: )لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (ثم بعد ذلك لا يكون إلا العذاب، بعد هذا قامت عليهم الحجة؛ ولهذا قال المؤلف: "فإنه مع هذا يكون العذاب كاملا " العذاب مع هذا القول كامل.
..............................
منقول