((اهتز عرش الرحمن))
عن جابر-رضي الله عنه-قال:سمعت رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-
((اهتز العرش لموت سعد بن معاذ ))
.متفق عليه.
قال الأمام النووي-رحمه الله-في شرحه على صحيح مسلم(16\31): [قوله -صلى الله عليه وسلم-
((اهتز العرش لموت سعد بن معاذ ))
اختلف العلماء في تأويله.
فقالت طائفة:هو على ظاهره،
واهتزاز العرش:تحركه بقدوم روح سعد،وجعل الله تعالى في العرش تمييزاً،حصل به هذا ولا مانع منه كما قال تعالى:
{وإن منها لما يهبط من خشية الله}.
وهذا القول هو ظاهر الحديث وهو المختار].
وقد ورد عن ابن عمر-رضي الله عنهما-ما يؤيد هذا الفهم من حديثٍ يرفعه كما أخرجه الحاكم(3\206)وصححه وهو قوله:
((اهتز العرش لحب لقاء الله سعداً))
وكذلك ورد في معناه في السلسلة الصحيحة (3 / 280)
(اهتز العرش لموت سعد بن معاذ من فرح الرب عز وجل ).
لهذا قال الأمام الذهبي-رحمه الله-في السير (1\297):-
((والعرش خلق مسخر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله،وجعل فيه شعوراً لحب سعد،كما جعل تعالى شعوراً في جبل أُحد بحبه النبي-صلى الله عليه وسلم-)).
أيها الأحبة:
مع هذه الفضيلة والمكرمة الجزيلة والتشريف الكبير لهذا العبد الصالح، من فتح أبواب السماء لأستقبال روحه الطاهرة،ونزول الملائكة لتشييع جنازته ثم اهتزاز العرش لموته،
إلا أنه ضم في قبره ضمة
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-
((هذا العبد الصالح
الذي تحرك له العرشُ،
وفتحت أبواب السماء،
وشهده سبعون ألفاً من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك،
لقد ضُمَ ضمة ثم أفرج عنه)).
صحيح الجامع(6987).
نعم ضمهُ القبر!!!
فما هذه الضمة؟؟؟
هل هي من عذاب القبر!!!؟؟؟
أم هي غير ذلك!!!
هذا ما بينه ووضحه وجلاه لنا العلامة الذهبي-رحمه الله-في سير أعلام النبلاء(1\290-291)فقال:
(( هذه الضمة
ليست من عذاب القبر في شيء،
بل هو امر يجده المؤمن
كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا،
وكما يجد من ألم مرضه،
وألم خروج نفسه،
وألم سؤاله في قبره وامتحانه،
وألم تاثره ببكاء اهله عليه،
وألم قيامه من قبره،
وألم الموقف وهوله،
وألم الورود على النار،
ونحو ذلك فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد
وما هي من عذاب القبر،ولا من عذاب جهنم قط،
ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله،
ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.
فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي.
ومع هذه الهزات،
فسعد ممن نعلم انه من أهل الجنة ،وانه من ارفع الشهداء-رضي الله عنه-
كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين،
ولا روع
ولا ألم،
ولا خوف.
سل ربك العافية،وأن يحشرنا في زمرة سعد)).
تعليق