(حلق الرأس أنواع)
قال شيخ الأسلام ابن تيمية-رحمه الله-في مجموع الفتاوى(21\116-119).
((حلق الرأس على أربعة أنواع:
أحدها:
أحدها:
حلقه في الحج والعمرة فهذا مما أمر اللّه به ورسوله، وهو مشروع ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال تعالى:
{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ}
[الفتح:27]
وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم:
أنه حلق رأسه في حجه وفي عمره،-(جمع عمرة)-
وكذلك أصحابه منهم من حلق ومنهم من قصر. والحلق أفضل من التقصير؛
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر للمحلقين)،
قالوا: يارسول اللّه، والمقصرين؟
قال: (اللهم اغفر للمحلقين)،
قالوا: يارسول اللّه، والمقصرين؟
قال: (اللهم اغفر للمحلقين)،
قالوا: يارسول اللّه، والمقصرين؟
قال: (والمقصرين).
وقد أمر الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي في حجة الوداع أن يقصروا رؤوسهم للعمرة إذا طافوا بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم يحلقوا إذا قضوا الحج.
فجمع لهم
بين التقصير أولاً،
وبين الحلق ثانياً.
والنوع الثاني:
والنوع الثاني:
حلق الرأس للحاجة، مثل أن يحلقه للتداوي، فهذا ـ أيضاً ـ جائز بالكتاب والسنة والإجماع، فإن اللّه رخص للمحرم الذي لا يجوز له حلق رأسه أن يحلقه إذا كان به أذي، كما قال تعالى:
{وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}
[البقرة: 196]
وقد ثبت باتفاق المسلمين حديث كعب بن عُجْرَة-رضي الله عنه- لما مر به النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية ـ والقمل ينهال من رأسه ـ
فقال: (أيؤذيك هوامُّك؟)
قال: نعم،
فقال: (احلق رأسك وانسك شاة، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم فِرْقا بين ستة مساكين).
وهذا الحديث متفق على صحته، متلقي بالقبول من جميع المسلمين.
النوع الثالث:
النوع الثالث:
حلقه على وجه التعبد والتدين والزهد،
من غير حج ولا عمرة،
مثل ما يأمر بعض الناس التائب إذا تاب بحلق رأسه
ومثل أن يجعل حلق الرأس شعار أهل النسك والدين،
أو من تمام الزهد والعبادة،
أو يجعل من يحلق رأسه أفضل ممن لم يحلقه أو أدين أو أزهد،
أو أن يقصر من شعر التائب، كما يفعل بعض المنتسبين إلى المشيخة ـ إذا تَوَّب أحداً ـ أن يقص بعض شعره،
ويعين الشيخ صاحب مقص وسجادة؛
فيجعل صلاته على السجادة، وقصه رؤوس الناس من تمام المشيخة التي يصلح بها أن يكون قدوة يتوِّب التائبين،
فهذا بدعة لم يأمر اللّه بها ولا رسوله، وليست واجبة ولا مستحبة عند أحد من أئمة الدين، ولا فعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا شيوخ المسلمين المشهورين بالزهد والعبادة، لا من الصحابة ولا من التابعين ولا تابعيهم ومن بعدهم، ....لم يكن هؤلاء يقصون شعر أحد إذا تاب، ولا يأمرون التائب أن يحلق رأسه.
وقد أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أسلم،
وقد أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أسلم،
ولم يكن يأمرهم بحلق رؤوسهم إذا أسلموا، ولا قص النبي صلى الله عليه وسلم رأس أحد.
ولا كان يصلى على سجادة،
بل كان يصلى إماما بجميع المسلمين؛ يصلى على ما يصلون عليه، ويقعد على ما يقعدون عليه،لم يكن متميزاً عنهم بشيء يقعد عليه، لا سجادة ولا غيره،
ولكن يسجد أحياناً على
الخميرة ـ وهي شيء يصنع من الخوص صغير ـ يسجد عليها أحياناً؛
لأن المسجد لم يكن مفروشاً، بل كانوا يصلون على الرمل والحصي، وكان أكثر الأوقات يسجد على الأرض حتى يبين الطين في جبهته
صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم تسليماً.
ومن اعتقد البدع ـ التي ليست واجبة ولا مستحبة ـ قربة وطاعة وطريقاً إلى اللّه، وجعلها من تمام الدين، ومما يؤمر به التائب والزاهد والعابد،
ومن اعتقد البدع ـ التي ليست واجبة ولا مستحبة ـ قربة وطاعة وطريقاً إلى اللّه، وجعلها من تمام الدين، ومما يؤمر به التائب والزاهد والعابد،
فهو ضال، خارج عن سبيل الرحمن، متبع لخطوات الشياطين.
والنوع الرابع:
والنوع الرابع:
أن يحلق رأسه في غير النسك لغير حاجة، ولا على وجه التقرب والتدين،
فهذا فيه قولان للعلماء هما:
روايتان عن أحمد:
أحدهما:
أحدهما:
أنه مكروه، وهو مذهب مالك وغيره.
والثاني:
والثاني:
أنه مباح، وهو المعروف عند أصحاب أبي حنيفة والشافعي؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأي غلاماً قد حلق بعض رأسه فقال:
(احلقوه كله أو دعوه كله)،
وأتي بأولاد صغار بعد ثلاث فحلق رؤوسهم. ولأنه نهي عن القزع،
والقزع: حلق البعض، فدل على جواز حلق الجميع.
والأولون يقولون:
حلق الرأس شعار أهل البدع،
فإن الخوارج كانوا يحلقون رؤوسهم، وبعض الخوارج يعدون حلق الرأس من تمام التوبة والنسك.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يقسم جاءه رجل عام الفتح كث اللحية محلوق)).
أخوكم:المحب عماد الحديدي
تعليق