السلام عليكم ورحمة الله
نرى والحمد لله كثيرا من صور مخالفة الكفار التي يحييها السلفيون ( دون غيرهم )
ولله الحمد , ولكن من المسائل التي يلاحظ انها لا تحضى بكثير اهتمام هي مخالفة الكفار في السلام ولهذا نقلت لاخواني هذا الكلام من كتاب احد الاعلام وهو الشيخ الهمام :
عن جابر بن عبدالله مرفوعًا:
(لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإشارة)
ولهذا كانوا يكرهون التسليم باليد , كما قال عطاء بن أبي رباح فيما أخرجه البخاري في( الأدب المفرد) ( ص 146) وإسناده على شرطه في الصحيح . قال النووي( والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً, وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس , وكذا رد السلام على الأصم ذكره في الفتح)
قلت: ثم إن الحديث عام يشمل-باستثناء ما سبق- من سلم بالإشارة واللفظ معاً أو بالإشارة دون اللفظ وإن كان هذا أشد مخالفة لجمعه بين ترك السنة وهو إلقاء السلام أو رده ,والتشبه بالكفار. وأما النووي فقد حمله على هذا الأخير محتجاً بحديث في ثبوته نظر فقال في( الأذكار) ( ص313) عقب حديث عمرو بن شعيب المتقدم :
( وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يومأ وعصبة من النساء قعود , فأشار بيده بالتسليم , قال الترمذي: حديث حسن. فهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة , يدل على هذا أن أبا داوود روى هذا الحديث وقال في روايته (فسلم علينا ).
قلت : حديث أسماء هذا لايصح فلا يصلح للاعتماد عليه في إجازة مادل مطلق حديث جابر وغيره على منعه, وذلك لأن إسناده يدور على شهر بن حوشب عنها وهو مختلف فيه وقد قال فيه ابن عدي (هو ممن لا يحتج به ولا يتدين بحديثه) قال الحافظ في التقريب (صدوق كثير الإرسال والأوهام ) وكثرة أوهامه مما لايشك فيه ممن تتبع روايته وأحاديثه , ولذلك لا نشك أن ما تفرد به أو اختلف عليه فيه أنه لا يحتج به, وإنما يعتبر به في الشواهد والمتابعات, وقد تفرد بذكر الإشارة في هذا الحديث بل اختلف عليه فيها : فمنهم من أثبتها عنه ,ومنهم من لم يذكرها البتة, فقد أخرج حديثه (الترمذي 386/3) و(البخاري في الأدب المفرد ص 151) و(أحمد 458-457/6) من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر به. وقال الترمذي (هذا حديث حسن , قال أحمد ابن حنبل :لا بأس بحديث عبدالحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب, قال محمد : شهر حسن الحديث,وقوي أمره وقال إنما تكلم فيه ابن عون ).
قلت : قد تكلم فيه غيره أيضا فانظر ترجمته من( تهذيب التهذيب) وقد ذكرت لك خلاصة ما يستفاد من أقوالهم فيه.
ثم أخرج الحديث( أبو داود 343/2) و(الدارمي 277/2) و(ابن ماجه 398/2) و(أحمد 452/6) من طريق ابن أبي حسين سمعه من شهر بن حوشب يقول : أخبرته أسماء ابنة يزيد : مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا . فلم يذكر ابن أبي الحسين – واسمه عبدالله بن عبدالرحمن –عنه الإشارة , وذكرها عبدالحميد بن بهرام فاختلفا فوجب الترجيح , ورواية ابن أبي الحسين عندي أرجح لانه ثقة عند الجميع كما قال ابن عبدالبر وهو محتج به في( الصحيحين)وليس كذلك ابن بهرام فهو مع كونه ليس من رجالهما فقد قيل فيه إنه يهم و (لا يحتج بحديثه) فلا يصلح ان يعارض بروايته ويقال ( زيادة الثقة مقبولة ) لأن هذا محله فيما لو كان الزائد ثقة قوي الحفظ كما هو مبين في المصطلح وليس الأمر كذلك هنا فتنبه , على أننا لو فرضنا ان ابن بهرام قد حفظ هذه الزيادة عن شهر فذلك يدل على أن شهر نفسه كان يضطرب فيها فكان يرويها تارة , وتارة لا , وذلك مما يوهن الاعتماد عليها والاحتجاج بها . ويؤيد هذا أن الحديث رواه غير شهر عن أسماء بدون الزيادة فقال( البخاري في الأدب) ( حدثنا مخلد قال : حدثنا مبشر بن اسماعيل بن أبي غنية عن محمد ابن المهاجر عن أبيه عن أسماء ابنة يزيد الأنصارية : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في جوار أتراب لي فسلم علينا) . وهذا إسناد صحيح إن شاء الله رجاله ثقات رجال الصحيح غير مهاجر والد محمد وقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في ( الثقات) ( 1؟224) فالأخذ بحديثه هذا أولى لا سيما وهو مولى أسماء هذه فهو أعلم بحديثها من شهر .
وبذلك يثبت أن أصل الحديث صحيح , وأن ذكر الإشارة فيه منكر من أوهام شهر بن حوشب فلا يحتج بها ولا يعارض الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه.
تنبيه: قال الحافظ في ( الفتح) بعد أن ساق حديث أسماء , واللفظ الذي فيه الإشارة : ( وله شاهد من حديث جابر عند أحمد ) ونقله عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي . ويغلب على الظن أن قوله جابر سبق قلم من الحافظ والصواب : ( جرير) فإن الهيثمي لم يورد في ( المجمع ) (8/83) غير حديثه ولفظه : (مر النبي صلى الله عليه وسلم على نسوة فسلم عليهن ) وهو في المسند (4/357و363 ) و (عمل اليوم والليلة )لابن السني( رقم221)وأبي يعلى والطبراني وقد تكلم عليه الهيثمي بما يدل على اضطراب إسناده , وفي بعض طرقه جابر عن طارق التيمي قال الهيثمي : ( فإن كان جابر هو الجعفي فهو ضعيف ) وجزم الحافظ في التعجيل بأنه هو , وفيه نظر , فإنه وقع في السند جابر بن عبدالله , والجعفي اسم أبيه يزيد فافترقا والله أعلم .ا هـ
(من كتاب حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة للعلامة محمد ناصر الدين الألباني).
نرى والحمد لله كثيرا من صور مخالفة الكفار التي يحييها السلفيون ( دون غيرهم )
ولله الحمد , ولكن من المسائل التي يلاحظ انها لا تحضى بكثير اهتمام هي مخالفة الكفار في السلام ولهذا نقلت لاخواني هذا الكلام من كتاب احد الاعلام وهو الشيخ الهمام :
عن جابر بن عبدالله مرفوعًا:
(لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإشارة)
ولهذا كانوا يكرهون التسليم باليد , كما قال عطاء بن أبي رباح فيما أخرجه البخاري في( الأدب المفرد) ( ص 146) وإسناده على شرطه في الصحيح . قال النووي( والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً, وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس , وكذا رد السلام على الأصم ذكره في الفتح)
قلت: ثم إن الحديث عام يشمل-باستثناء ما سبق- من سلم بالإشارة واللفظ معاً أو بالإشارة دون اللفظ وإن كان هذا أشد مخالفة لجمعه بين ترك السنة وهو إلقاء السلام أو رده ,والتشبه بالكفار. وأما النووي فقد حمله على هذا الأخير محتجاً بحديث في ثبوته نظر فقال في( الأذكار) ( ص313) عقب حديث عمرو بن شعيب المتقدم :
( وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يومأ وعصبة من النساء قعود , فأشار بيده بالتسليم , قال الترمذي: حديث حسن. فهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة , يدل على هذا أن أبا داوود روى هذا الحديث وقال في روايته (فسلم علينا ).
قلت : حديث أسماء هذا لايصح فلا يصلح للاعتماد عليه في إجازة مادل مطلق حديث جابر وغيره على منعه, وذلك لأن إسناده يدور على شهر بن حوشب عنها وهو مختلف فيه وقد قال فيه ابن عدي (هو ممن لا يحتج به ولا يتدين بحديثه) قال الحافظ في التقريب (صدوق كثير الإرسال والأوهام ) وكثرة أوهامه مما لايشك فيه ممن تتبع روايته وأحاديثه , ولذلك لا نشك أن ما تفرد به أو اختلف عليه فيه أنه لا يحتج به, وإنما يعتبر به في الشواهد والمتابعات, وقد تفرد بذكر الإشارة في هذا الحديث بل اختلف عليه فيها : فمنهم من أثبتها عنه ,ومنهم من لم يذكرها البتة, فقد أخرج حديثه (الترمذي 386/3) و(البخاري في الأدب المفرد ص 151) و(أحمد 458-457/6) من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر به. وقال الترمذي (هذا حديث حسن , قال أحمد ابن حنبل :لا بأس بحديث عبدالحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب, قال محمد : شهر حسن الحديث,وقوي أمره وقال إنما تكلم فيه ابن عون ).
قلت : قد تكلم فيه غيره أيضا فانظر ترجمته من( تهذيب التهذيب) وقد ذكرت لك خلاصة ما يستفاد من أقوالهم فيه.
ثم أخرج الحديث( أبو داود 343/2) و(الدارمي 277/2) و(ابن ماجه 398/2) و(أحمد 452/6) من طريق ابن أبي حسين سمعه من شهر بن حوشب يقول : أخبرته أسماء ابنة يزيد : مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا . فلم يذكر ابن أبي الحسين – واسمه عبدالله بن عبدالرحمن –عنه الإشارة , وذكرها عبدالحميد بن بهرام فاختلفا فوجب الترجيح , ورواية ابن أبي الحسين عندي أرجح لانه ثقة عند الجميع كما قال ابن عبدالبر وهو محتج به في( الصحيحين)وليس كذلك ابن بهرام فهو مع كونه ليس من رجالهما فقد قيل فيه إنه يهم و (لا يحتج بحديثه) فلا يصلح ان يعارض بروايته ويقال ( زيادة الثقة مقبولة ) لأن هذا محله فيما لو كان الزائد ثقة قوي الحفظ كما هو مبين في المصطلح وليس الأمر كذلك هنا فتنبه , على أننا لو فرضنا ان ابن بهرام قد حفظ هذه الزيادة عن شهر فذلك يدل على أن شهر نفسه كان يضطرب فيها فكان يرويها تارة , وتارة لا , وذلك مما يوهن الاعتماد عليها والاحتجاج بها . ويؤيد هذا أن الحديث رواه غير شهر عن أسماء بدون الزيادة فقال( البخاري في الأدب) ( حدثنا مخلد قال : حدثنا مبشر بن اسماعيل بن أبي غنية عن محمد ابن المهاجر عن أبيه عن أسماء ابنة يزيد الأنصارية : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في جوار أتراب لي فسلم علينا) . وهذا إسناد صحيح إن شاء الله رجاله ثقات رجال الصحيح غير مهاجر والد محمد وقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في ( الثقات) ( 1؟224) فالأخذ بحديثه هذا أولى لا سيما وهو مولى أسماء هذه فهو أعلم بحديثها من شهر .
وبذلك يثبت أن أصل الحديث صحيح , وأن ذكر الإشارة فيه منكر من أوهام شهر بن حوشب فلا يحتج بها ولا يعارض الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه.
تنبيه: قال الحافظ في ( الفتح) بعد أن ساق حديث أسماء , واللفظ الذي فيه الإشارة : ( وله شاهد من حديث جابر عند أحمد ) ونقله عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي . ويغلب على الظن أن قوله جابر سبق قلم من الحافظ والصواب : ( جرير) فإن الهيثمي لم يورد في ( المجمع ) (8/83) غير حديثه ولفظه : (مر النبي صلى الله عليه وسلم على نسوة فسلم عليهن ) وهو في المسند (4/357و363 ) و (عمل اليوم والليلة )لابن السني( رقم221)وأبي يعلى والطبراني وقد تكلم عليه الهيثمي بما يدل على اضطراب إسناده , وفي بعض طرقه جابر عن طارق التيمي قال الهيثمي : ( فإن كان جابر هو الجعفي فهو ضعيف ) وجزم الحافظ في التعجيل بأنه هو , وفيه نظر , فإنه وقع في السند جابر بن عبدالله , والجعفي اسم أبيه يزيد فافترقا والله أعلم .ا هـ
(من كتاب حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة للعلامة محمد ناصر الدين الألباني).
تعليق