الصوفيون القبوريون والتصفية الجسدية للمخالفين
اعتماد التصفية الجسدية للخصوم
مر بنا الأذية الكبيرة التي قام بها لإسماعيل الجبرتي وأعوانه ضد الذي كان ينكر عليهم في زبيد((صالح المصري)) ، وقد ذكر الشوكاني العجائب من ذلك مما يحاول القبورية والمنحرفون فعله بدعاة السنة كما في كتابة أدب الطلب سواء ما وقع للإمام محمد بن إسماعيل الأمير أو له شخصيا أو لغيرهما،وقد تناقل الناس ذلك في أنحاء اليمن والجبال والتهائم وحضرموت وما بين ذلك ومما تناقلوه: الضرب ومحاولة القتل بالسلاح واستخدام السم ولكني في مثل هذه القضايا لا أعول على ما كان متداولا بين الناس دون أن يكون مكتوبا وعليه فإنني اقتصر على ما ذكره صلاح البكري مما حدث ضد أصحاب الإرشاد بإندونيسيا. فقد قال تحت عنوان ((محاولة اغتيال رائد النهضة الدينية)):
(حاول جماعة من آل باعلوي اغتيال الشيخ أحمد محمد السوركتي، وذلك بدس السم داخل فاكهة تسمى(بلمنبنق) وكان الشيخ مولعا بأكلها فابتاع منها كمية واكلها وبعد لحضات شعر بمغص شديد وأخذ يئن من شدة الألم فاستدعى طبيبا، وبعد الفحص قرر الطبيب انه مسموم، ولو لم يسعفه الطبيب بالدواء لذهب الشيخ على رحمة ربة، وهكذا أراد الله تعالى للشيخ أن يعيش ليستمر في تأدية رسالة الإسلام.وفي مدينة بوقور هاجم جماعة من العلويين وأنصارهم الشيخ عبدالعزيز الكويتي ضيف إندونيسيا ومؤيد الحركة الإرشادية الحرة وضربوه بآلة حادة في رأسه ولكن عناية الله أحاطت به وأنقذته من الموت.)[تاريخ الإرشاد:ص135].
وهناك حادثة أخرى ذكرها ابن عبيد الله وهو يتحدث عن حاكم تريم،فيقول:
(وكان ينكر بطبعه غلوا القبوريين، فوافقته آراء الوهابية، وأكثر التعليق بوحيد عصره، وفريد دهره، مقدم الجماعة، وشيخ الصناعة،الذي انتهت إليه رياسة العلم بتريم، العلامة الجليل السيد أبي بكر بن عبدالله الهندوان، المتوفى بتريم سنة1247هـ، وقد اتهمه العلوين بأنه هو الذي يعلم عبدالله عوض غرامة آراء الوهابية، ويحثه على الالتزام بها، ومؤاخذة الناس بمقتضاها، فتآمروا على قتاله، فهرب إلى بيت جبير) [إدام القوت:ص122.الحلقة40 من مجلة العرب].
أما الإمام الشوكاني فقد طالت شكواه من الخصوم الجهلة والمتعصبة القبورية وغيرهم وذكر أنواعاً من الأذى الذي حاولوا أن يلحقوه به وبغيره من دعاة السنة والتوحيد، فقال -رحمه الله- : (ومن عجيب ما أشرحه لك أنه كان في درس الجامع بعد صلاة العشاء الآخرة في صحيح البخاري يحضره من أهل العلم الذين مقصدهم الرواية وإثبات السمع جماعة، ويحضره من عامة الناس جمع جم لقصد الاستفادة بالحضور, فسمع ذلك وزير رافضي من وزراء الدولة وكانت له صولة وقبول كلمة بحيث لا يخالفه أحد وله تعلق بأمر الأجناد، فحمله ذلك على أن استدعى رجلاً من المساعدين له في مذهبه فنصب له كرسياً في مسجد من مساجد صنعاء, بمكان يسرج له الشمع الكثير في ذلك المسجد حتى يصير عجباً من العجب فتسامع به الناس وقصدوا إليه من كل جانب لقصد الفرجة والنظر إلى ما لا عهد به, والرجل الذي على الكرسي يملي عليهم في كل وقت ما يتضمن الثلب لجماعة من الصحابة صانهم الله, ثم لم يكتف ذلك الوزير بذلك حتى أغرى جماعة من الأجناد من العبيد وغيرهم بالوصول إليَّ لقصد الفتنة, فوصلوا وصلاة العشاء الآخرة قائمة ودخلوا الجامع على هيئة منكرة وشاهدتهم عند وصولهم, فلما فرغت الصلاة قال لي جماعة من معارفي إنه يحسن ترك الإملاء تلك الليلة في البخاري فلم تطب نفسي بذلك, واستعنت بالله وتوكلت عليه، وقعدت في المكان المعتاد, وقد حضر بعض التلاميذ وبعضهم لم يحضر تلك الليلة لمَّا شاهدَ وصول أولئك الأجناد، ولما عقدت الدرس وأخذت في الإملاء رأيت أولئك يدورون حول الحلقة من جانب إلى جانب ويقعقعون بالسلاح ويضربون بعضهم في بعض, ثم ذهبوا ولم يقع شيء بمعونة الله تعالى وفضله ووقايته. ثم أن ذلك الوزير أكثر السعاية إلى المقام الأمامي هو ومن يوافقه في هواه ويطابقه في اعتقاده من أعوان الدولة واستعانوا برسائل بعضها من علماء السوء, وبعضها من جماعة من المقصرين الذين يظنهم من لا خبرة له في عداد أهل العلم. وحاصل ما في تلك الرسائل إني قد أردت تبديل مذهب أهل البيت عليهم السلام, وأنه إذا لم يتدارك ذلك الخليفة بطل مذهب آبائه ونحو هذا من العبارات المفتراة والكلمات الخشنة والأكاذيب الملفقة. ولقد وقفت على رسالة منها لبعض أهل العلم ممن جمعني وإياه طلب العلم ونظمنا جميعاً عقد المودة وسابق الألفة فرأيته يقول فيها مخاطباً لإمام العصر: إن الذي ينبغي له ويجب عليه أن يأمر جماعة يكسبون منزلي ويهجمون مسكني, ويأخذون ما فيه من الكتب المتضمنة لما يوجب العقوبة من الاجتهادات المخالفة للمذهب, فلما وقفت على ذلك قضيت منه العجب, ولولا أن تلك الرسالة بخطه المعروف لديَّ لما صدقت, وفيها من هذا الزور والبهت الكلمات الفظيعة شيء كثير, وهي في نحو ثلاثة كراريس, وعند تحرير هذه الأحرف قد انتقم الله منه فشَّردَه أمام العصر إلى جزيرة من جزائر البحر مقروناً بالسلاسل بجماعة من السوقة وأهل الحرف الدنيئة وأهلكه الله في تلك الجزيرة, ولا يظلم ربك أحداً)[أدب الطلب:ص32-33 للإمام محمد بن علي الشوكاني, تحقيق مركز الدراسات والأبحاث اليمنية].
..................
منقول