- الفرق بين خطأ العالم و فتنته -
” إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فكثيراً ما يستدل أهل الباطل المخالفين لمنهج السلف الصالح في ردودهم على أهل السنة بكون فلان من العلماء السلفيين قال بنفس ما يقوله متبوعهم وكبيرهم ويطالبون بالتسوية في الحكم عليه بذلك العالم ؟
وهذه شبهة شيطانية المقصود منها التسوية بين الواقع في الخطأ دون قصد وبين المخطئ المصر المعاند ؟!
والسلفيون يفرقون بين وقوع العالم في الزلة وبين وقوعه في الفتنة :
فالفرق بين زلة العالم وفتنته: أن زلته خطؤه بلا تعمد، وأما فتنته فمخالفته للحق وانحرافه عن تعمد، وإصراره على هذا الانحراف قال تعالى ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (29/43-45) : ” سبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء مع وجود الاختلاف في قول كل منهما أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله وإن لم يكن مطابقاً لكن اعتقاداً ليس بيقيني …
فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق وقد سلك طريقه
وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه .
وثم قسم آخر وهو غالب الناس وهو أن يكون له هوى فيه شبهة فتجتمع الشهوة والشبهة.
فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور
وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب
وأما المجتهد الاجتهاد المركب من شبهة وهوى فهو مسيء وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب وبحسب الحسنات الماحية وأكثر المتأخرين من المنتسبين إلى فقه أو تصوف مبتلون بذلك“
فزلة العالم ليست هوى إنما خطأ غير متعمد، بخلاف فتنته فهو انحراف وسلوك غير الحق بالتعمد، فلا يعذر .
ولذلك يطعن على من فتن في دينه ولا يطعن على من زل، ومن سوَّى بينهما فقد أخطأ، قال الشيخ العلامة حامل راية الجرح والتعديل ربيع المدخلي حفظه الله تعالى ” كل من وقع في البدع لا يبدع لكن إذا عرفنا منه الهوى، وعرفنا منه سوء القصد، وعرفنا منه أشياء تدل على أنه يريد البدعة هذا يبدع؛ لهذا تجدهم: حكموا على كثير من الناس بأنهم مبتدعة.
وكثير من الناس وقعوا في أخطاء ما سموهم مبتدعة؛ لأنهم عرفوا سلامة مقصدهم، وحسن نواياهم، وتحريهم للحق وسلامة المنهج الذي يسيرون عليه” انتهى
خطورة تتبع الشواذ والأفراد من أخطاء العلماء:
ومن هنا حذر أهل العلم من تتبع الشواذ من الأقوال واتخاذها ديناً: قال الأوزاعي ” من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام“
وقال خالد بن الحارث قال لي سليمان التيمي ” لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله“
وعلق ابن عبد البر على قول التيمي ” هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً ” كما في جامع بيان العلم وفضله (2/91) .
وقال ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين (2/192) : … مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَخُوفَ في زَلَّةِ الْعَالِمِ تَقْلِيدُهُ فيها إذْ لَوْلَا التَّقْلِيدُ لم يَخَفْ من زَلَّةِ الْعَالِمِ على غَيْرِهِ .
فإذا عَرَفَ أنها زَلَّةً لم يَجُزْ له أَنْ يَتْبَعَهُ فيها بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فإنه اتِّبَاعٌ لِلْخَطَأِ على عَمْدٍ وَمَنْ لم يَعْرِفْ أنها زَلَّةٌ فَهُوَ أَعْذَرُ منه وَكِلَاهُمَا مُفْرِطٌ فِيمَا أُمِرَ بِهِ“
فمن نسب لأهل السنة التسوية بين المخطئ وبين المعاند فقد بغى وتعدى وظلم والله حسيبه!
وانظر : صلاة التراويح (35-39) للعلامة السلفي بحق وصدق وعدل محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ” [ قاله الشيخ الفاضل أحمد بازمول في شبكة سحاب السلفية ] .
و أزيد الأفاضل العقلاء من جميل كلام العلماء :
قال البربهاري : ( اعلم أن الخروج من الطريق على وجهين؛ أما أحدهما: فرجل زل عن الطريق، وهو لا يريد إلا الخير، فلا يُقتدى بزلته،فإنه هالك.
وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، فهو ضال مضل، شيطان مريد في هذه الأمة، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه، ويبين لهم قصته؛ لئلا يقع أحد في بدعته فيهلك ) [ شرح السنة صفحة (3 ]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فمن كان خطؤه لتفريطه فيما يجب عليه من اتباع القرآن والإيمان مثلا أو لتعديه حدود الله بسلوك السبل التي نهى عنها أو لاتباع هواه بغير هدى من الله: فهو الظالم لنفسه وهو من أهل الوعيد؛ بخلاف المجتهد في طاعة الله ورسوله باطنا وظاهرا الذي يطلب الحق باجتهاده كما أمره الله ورسوله؛ فهذا مغفور له خطؤه. كما قال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله} إلى قوله: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}[1] . وقد ثبت في صحيح مسلم [2] {أن الله قال قد فعلت} وكذلك ثبت فيه [3] من حديث ابن عباس {أن النبي لم يقرأ بحرف من هاتين الآيتين ومن سورة الفاتحة إلا أعطى ذلك} . فهذا يبين استجابة هذا الدعاء للنبي والمؤمنين وأن الله لا يؤاخذهم إن نسوا أو أخطئوا ) [ مجموع الفتاوى (3/317) ]
و قال شيخ الإسلام أيضاً : ( مذهب فقهاء أهل الحديث كأحمد وغيره: أن من كان داعية إلى بدعة فإنه يستحق العقوبة لدفع ضرره عن الناس وإن كان في الباطن مجتهدا وأقل عقوبته أن يهجر فلا يكون له مرتبة في الدين لا يؤخذ عنه العلم ولا يستقضى ولا تقبل شهادته ونحو ذلك ) [ مجموع الفتاوى (7/385) ]
وقال شيخ الإسلام : (ويلحق الذم من تبين له الحق؛ فتركه أو قصر في طلبه فلم يتبين له أو أعرض عن طلبه لهوى أو كسل ونحو ذلك ) [ مجموع الفتاوى (4/195) ]
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فطريقة السلف و الأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع و العقل ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ومن تكلم فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه . ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة أيضاً ، وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة ورد باطلاً بباطل ) [ درء التعارض (1/254) ]
قال القيرواني : ( ومن قول أهل السنة : أنه لا يعذر من وداه اجتهاده إلى بدعة لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا ؛ إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة فسماهم عليه السلام مارقين ، وجعل المجتهد في الأحكام مأجوراً وإن أخطأ ) [ الجامع في السنن و الآداب و الحكم و المغازي (121) ] وبهذا التأصيل وهذه النقول يتضح الفرق جلياً بين زلة العالم السني في مسألة ما بعد التحري والاجتهاد المطلوب ، لأن مثله لا يكون متبعاً لهواه مقدماً على الحق ما يراه ، و مخالفة من فسدت أصوله العلمية وخروجها عن القواعد المرعية ، وإن كان بظن البعض مجتهداً ، مع ضرورة الرد على أي مخالفة للحق من أي كانت فلا تلازم بين الرد و التبديع .
قال ابن رجب ( رد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه ، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته. وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله إذا تأدب في الخطاب وأحسن في الرد والجواب فلا حرج عليه ولا لوم يتوجه إليه وإن صدر منه الاغترار بمقالته فلا حرج عليه وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول: (كذب فلان) ومن هذا «قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” كذب أبو السنابل “[4] لما بلغه أنه أفتى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً لا تحل بوضع الحمل حتى يمضى عليها أربعة أشهر وعشر» . وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردِّها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها ويبالغ في ردها عليهم هذا كله حكم الظاهر.
وأما في باطن الأمر: فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق ولئلا يغتر الناس بقالات من أخطأ في مقالاته فلا ريب أنه مثاب على قصده ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم. وسواء كان الذي بين الخطأ صغيراً أو كبيراً فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأُنكرت عليه من العماء مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك.
ومن ردَّ على سعيد بن المسيِّب قوله في إباحته المطلقة ثلاثاً بمجرد العقد وغير ذلك مما يخالف السنة الصريحة، وعلى الحسن في قوله في ترك الإحداد على المتوفى عنها زوجها، وعلى عطاء في إباحته إعادة الفروج، وعلى طاووس قوله في مسائل متعددة شذَّ بها عن العلماء، وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ومحبتهم والثناء عليهم. ولم يعد أحد منهم مخالفيه في هذه المسائل ونحوها طعناً في هؤلاء الأئمة ولا عيباً لهم، وقد امتلأت كتب أئمة المسلمين من السلف والخلف بتبيين هذه المقالات وما أشبهها مثل كتب الشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث وغيرهما ممن ادعوا هذه المقالات ما كان بمثابتها شيء كثير ولو ذكرنا ذلك بحروفه لطال الأمر جداً.
وأما إذا كان مرادُ الرادِّ بذلك إظهارَ عيب من ردَّ عليه وتنقصَه وتبيينَ جهله وقصوره في العلم ونحو ذلك كان محرماً سواء كان ردُّه لذلك في وجه من ردِّ عليه أو في غيبته وسواء كان في حياته أو بعد موته وهذا داخل فيما ذمَّه الله تعالى في كتابه وتوعد عليه في الهمز واللمز وداخل أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته» [5] . وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم. وليس كلامنا الآن في هذا القبيل والله أعلم ) [ من رسالته الفرق بين النصيحة و التعيير (405 إلى 407 ) من المجلد الثاني في مجموع رسائله ]
فهناك خطأ ناشئ عن اتباع للهوى و عن أصول فاسدة ، وهناك خطأ دون قصد أو تعمد .
ومع ذلك ، فإن الواقع في النوع الثاني لا يُتابع على غلطه ! بل يرد مع حفظ كرامته ، ومن تابعه عليه لا يكون معذوراً ! ولا يعاملان بنفس المعاملة ، يقول شيخ الاسلام : ( والذي يصدر عنه أمثال هذه الأمور - أي الأخطاء و البدع - إن كان معذورًا بقصور في اجتهاده، أو غيبة في عقله، فليس مَن اتبعه بمعذور، مع وضوح الحق والسبيل) ا.هـ
و يجب أيضاً : رد الغلط الذي وقع فيه ، وتبين الحق الذي خالفه ، قال شيخ الاسلام – كذلك – : ( وإن كان المخطئ المجتهد مغفورًا له خطؤه، وهو مأجور على اجتهاده، فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب، وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله، ومن علم منه الاجتهاد السائغ، فلا يجوز أن يُذكر على وجه الذم والتأثيم له، فإن الله غفر له خطأه، بل يجب لما فيه من الإيمان والتقوى موالاته ومحبته، والقيام بما أوجب الله له من حقوقه، من ثناء ودعاء وغير ذلك ) و هذه المقدمة واضحة جلية لمن أنار الله قلبه بالعلم ومَنَّ عليه باتباع منهج السلف ، ولأجل هذا التفريق العلمي الأصيل ! يرمينا الغلاة بالازدواجية ! وهم بها أحرى وبالوصم بها أولى ! فهم بها إلى آذانهم ولكن القوم غرقى في الضلال و الهوى ، و الله المستعان و إليه المشتكى ..
فاتعظوا أيها الأحبة من حالهم ! و اتقوا أوحالهم ! و السعيد من وعظ بغيره .. و أظن أن كلام الإمام الألباني رحمه الله الذي أشار إليه الشيخ أحمد بازمول حفظه الله ، هو هذا :
[ ... فلا يتوهمن أحد أننا حين اخترنا الاقتصار على السنة في عدد ركعات التراويح ، وعدم جواز الزيادة عليها أننا نضلل أو نبدع من لا يرى ذلك من العلماء السابقين واللاحقين ، كما قد ظن ذلك بعض الناس واتخذوه حجة للطعن علينا ! توهماً منهم أنه يلزم من قولنا : بأن الأمر الفلاني لا يجوز أو أنه بدعة ، أن كل من قال بجوازه واستحبابه فهو ضال مبتدع ؛ كلا فإنه وهم باطل ، وجهل بالغ ، لأن البدعة التي يذم صاحبها وتحمل عليه الأحاديث الزاجرة عن البدعة إنما هي " طريقة في الدين مخترعة تضاه الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه [6] “
فمن ابتدع بدعة يقصد بها المبالغة في التعبد وهو يعلم أنها ليست من الشرع فهو الذي تنصب عليه تلك الأحاديث ،
وأما من وقع فيها دون أن يعلم بها ولم يقصد بها المبالغة في التعبد فلا تشمله تلك الأحاديث مطلقا ولا تعنيه البتة ،
وإنما تعني أولئك المبتدعة الذي يقفون في طريق انتشار السنة ويستحسنون كل بدعة بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير ، بل ولا تقليداً لأهل العلم والذكر بل اتباعاً للهوى وإرضاء للعوام
وحاشا أن يكون من هؤلاء أحد من العلماء المعروفين بعلمهم وصدقهم وصلاحهم وإخلاصهم ولا سيما الأئمة الأربعة المجتهدين رضي الله عنهم أجمعين ، فإننا نقطع بتنـزههم أن يستحسنوا بدعة مبالغة منهم في التعبد كيف وهم قد نهوا عن ذلك كما سنذكر نصوصهم في ذلك في الرسالة الخاصة بالبدعة إن شاء الله تعالى .
نعم قد يقع أحدهم فيما هو خطأ شرعاً ، ولكنه لا يؤاخذ على ذلك ، بل هو مغفور له ومأجور عليه كما سبق مراراً ، وقد يتبين للباحث أن هذا الخطأ من نوع البدعة فلا يختلف الحكم في كونه مغفوراً له ومأجوراً عليه ؛ لأنه وقع عن اجتهاد منه .
ولا يشك عالم أنه لا فرق من حيث كونه خطأ بين وقوع العالم في البدعة ظنا منه أنها سنة ، وبين وقوعه في المحرم وهو يظن أنه حلال ، فهذا كله خطأ ومغفور كما علمت ، ولهذا نرى العلماء مع اختلافهم الشديد في بعض المسأئل لا يضلل بعضهم بعضا ولا يبدع بعضهم بعضاً .
ولنضرب على ذلك مثالاً واحداً ، لقد اختلفوا منذ عهد الصحابة في إتمام الفريضة في السفر فمنهم من أجازه ومنهم من منعه ورآه بدعة مخالفة للسنة ومع ذلك فلم يبدعوا مخالفيهم ، فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يقول : ” صلاة المسافر ركعتان من خالف السنة كفر ” رواه السراج في مسنده (21/122-123) باسنادين صحيحين عنه . ومع هذا فلم يكفر ولم يضلل من خالف هذه السنة اجتهاداً بل لما صلى وراء من يرى الإتمام أتمّ معه ، فروى السراج أيضاً بسند صحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من أمارته ركعتين ثم أن عثمان صلى بمنى أربعاً ، فكان ابن عمر اذا صلى معهم صلى أربعا واذا صلى وحده صلى ركعتين [7].
فتأمل كيف أن ابن عمر لم يحمله اعتقاده بخطأ من يخالف السنة الثابتة بالإتمام في السفر على أن يضلله أو يبدعه ، بل إنه صلى وراءه ؛ لأنه يعلم أن عثمان رضي الله عنه لم يتم اتباعاً للهوى – معاذ الله بل ذلك عن اجتهاد منه [8] ،
وهذا هو السبيل الوسط الذي نرى من الواجب على المسلمين أن يتخذوه لهم طريقاً لحل الخلافات القائمة بينهم ، أن يجهر كل منهم بما يراه هو الصواب الموافق للكتاب والسنة ، شريطة أن لا يضلل ولا يبدع من لم يرَ ذلك لشبهة عرضت له ، لأنه هو الطريق الوحيد الذي به تتحقق وحدة المسلمين وتتوحد كلمتهم ويبقى الحق فيه ظاهراً جليًّا غير منطمس المعالم ،
ولهذا نرى أيضا أن تفرق المسلمين في صلاتهم وراء أئمة متعددين : هذا حنفي وهذا شافعي … مما يخالف ما كان عليه سلفنا الصالح من الاجتماع في الصلاة وراء إمام واحد وعدم التفرق وراء أئمة متعددين !
هذا هو موقفنا في المسائل الخلافية بين المسلمين ، الجهر بالحق بالتي هي أحسن ، وعدم تضليل من يخالفنا لشبهة لا لهوى ؛ وهذا هو الذي جرينا عليه منذ أن هدانا الله لاتباع السنة ، و ذلك من نحو عشرين سنة ، ونتمنى مثل هذا الموقف لأولئك المتسرعين في تضليل المسلمين الذين من مذهبهم قولهم : ” إذا سئل عن مذهبنا ؟ قلنا : صواب يحتمل الخطأ وإذا سئلنا عن مذهب غيرنا ؟ قلنا خطأ يحتمل الصواب ” ومن مذهب القول بكراهة الصلاة وراء المخالف في المذهب أو بطلانها ولذلك تفرقوا في المسجد الواحد كما سبق وخاصة في جماعة الوتر في رمضان ! لظن بعضهم أن الوتر لا يصح إذا فصل الإمام بين شفعه ووتره مع أنه هو الأفضل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الفصل السابع ، و انظر التعليق ( ص 109 )
وذلك هو موقفنا وما أظن عاقلاً ينازعنا فيه ، فمن نسب إلينا غير ذلك فقد بغى وتعدى وظلم والله حسيبه ]
قال الشيخ العلامة بقية السلف صالح الفوزان حفظه الرحيم الرحمن شارحاً قول الإمام البربهاري : ( اعلم أن الخروج من الطريق على وجهين؛ أما أحدهما: فرجل زل عن الطريق، وهو لا يريد إلا الخير، فلا يُقتدى بزلته،فإنه هالك.
وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، فهو ضال مضل، شيطان مريد في هذه الأمة، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه، ويبين لهم قصته؛ لئلا يقع أحد في بدعته فيهلك )
قال :
[ لما وصف الشيخ رحمه الله في الكلام السابق الطريق الصحيح الذي يجب أن يسير عليه المسلم في عقيدته و دينه ذكر أن من يخرج عن هذا الطريق فهو أحد رجلين :
الرجل الأول : من خرج غير مُتَعَمِّدٍ بل يريد الخير لكنه سلك طريق غير الخير ، و الاجتهاد لا يكفي ، و إن كانت نية صاحبه صالحة ومقصده حسناً ، لابد أن يكون مع ذلك على الطريق الصحيح ، فهذا يُعتبر مخطئاً ، ومن وافقه على ذلك وسار معه على الخطأ وهو يعلم خطأه فهو هالك ؛ لأن هذا طريق هلاك حتى ولو لم يتعمد صاحبه الخروج و إنما هو يلتمس الخير .
و هذا هو حال الكثير من الذين يبتكرون ابتكارات من عند أنفسهم في علم العقيدة ، فهذا أمر لا يجوز ، ولا يُتابعون عليه ، وصاحبه ليس على صواب ، و الله جل وعلا يقول : { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } [ الأنعام:153] ، فأي سبيل يخرجنا عن الصراط المستقيم فنحن نرفضه وهو إن استمر على خطئه فسيؤول إلى الهلاك ؛ لأن من ترك الطريق الصحيح في سفره وأخذ طريق مضيعة هلك .
أما الرجل الآخر: فهو المتعمد للخروج ، فهو يعرف الحق ، ويعرف أن ما خرج إليه باطل ، لكن يتعمد الخروج عن الحق ، بقصد إضلال الناس .
الأول : قصده إصلاح الناس لكنه لم يسلك الطريق الصحيح .
و الثاني : قصد إضلال الناس وصرفهم عن الطريق الصحيح ، فهذا شيطان ، لأن الشياطين يخرجون الناس عن الصراط المستقيم ، يقول إبليس لربه عز وجل : { لأقعدن لهم صراطك المستقيم } [الأعراف:16] يريد أن يصرفهم عنه إلى الطرق المنحرفة ، و النبي صلى الله عليه وسلم ضرب لهذا مثلاً حينما خط خطاً مستقيماً ، وخط حوله خطوطاً أخرى ، فقال للخط المستقيم : ( هذا صراط الله ) وقال للخطوط الأخرى : ( وهذه سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليها ) ، وهذا مثال واضح ، ويطابقه ما ذكره الشيخ هنا ، فإن الذي يخرج بالناس عن الصراط المستقيم إلى السبل المحدثة المبتدعة ، لا يريد لهم الخير ، و إنما يريد لهم الهلاك ؛ وهو شيطان ، سواء كان من شياطين الجن أو من شياطين الإنس ، علينا أن نحذر من هذا أشد من الحذر من الأول ، لأن هذا متعمد لإضلال الناس .
قوله : ( فهو ضال مضل ، شيطان مريد ) أي : هو ضال في نفسه ، ومضل لغيره وهو شيطان مريد ، متمرد ، يريد صرف الناس عن الصراط المستقيم .
قوله : ( حقيق على من عرفه أن يُحذر الناس منه ، و يبين للناس قصته لئلا يقع في بدعته أحد فيهلك ) أي : هذا الذي خرج عن الحق متعمداً لا يجوز السكوت عنه ، بل يجب أن يُكشف أمره ، ويفضح خزيه حتى يحذره الناس ، ولا يقال : الناس أحرار في الرأي ، حرية الكلمة ، احترام الرأي الآخر ! كما يدندنون به الآن من احترام الرأي الآخر ! فالمسألة ليست مسألة آراء ، المسألة مسألة اتباع ، نحن قد رسم الله لنا طريقاً واضحاً ، وقال لنا سيروا عليه حينما قال : { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه } ، فأي شخص يأتينا و يريد منا أن نخرج عن هذا الصراط المستقيم فإننا أولاً : نرفض قوله ، و ثانياً : نبين ، ونحذر الناس منه ، ولا يسعنا السكوت عنه، لأننا إذا سكتنا عنه اغتر به الناس ؛ لاسيما إذا كان صاحب فصاحة ولسان وقلم وثقافة ، فإن الناس يغترون به ، ويقولون هذا مؤهل ! هذا من المفكرين ، كما هو الحاصل الآن ، فالمسألة خطيرة جداً .
وهذا فيه وجوب الرد على المخالف ، عكس ما يقوله أولئك ، يقولون : اتركوا الردود ، ودعوا الناس كلٌّ له رأيه واحترامه ، وحرية الرأي و حرية الكلمة ، بهذا تهلك الأمة ، السلف ما سكتوا عن أمثال هؤلاء ، بل فضحوهم وردوا عليهم ، لعلمهم بخطرهم على الأمة ، ونحن لا يسعنا أن نسكت عن شرهم ، بل لابد من بيان ما أنزل الله ، و إلا فإننا نكون كاتمين ، من الذين قال الله فيهم { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون } [ البقرة:159] ، فلا يقصر الأمر على المبتدع ، بل يتناول الأمر من سكت عنه ، فإنه يتناوله الذم و العقاب ، لأن الواجب البيان و التوضيح للناس ، وهذه وظيفة الردود العلمية المتوفرة الآن في مكتبات المسلمين كلها تذب عن الصراط المستقيم ، وتُحذر من هؤلاء ، فلا يروج هذه الفكرة – فكرة حرية الرأي و حرية الكلمة و احترام الرأي الآخر – إلا مضلل كاتم للحق .
نحن قصدنا الحق ، ما قصدنا أن نجرح الناس أو نتكلم في الناس ، القصد هو بيان الحق ، وهذه أمانة حملها اللهُ العلماءَ ، فلا يجوز السكوت عن أمثال هؤلاء ، لكن مع الأسف لو يأتي عالم يرد على أمثال هؤلاء قالوا : هذا متسرع ، إلى غير ذلك من الوساوس ، فهذا لا يُخَذِّل أهل العلم أن يبينوا للناس شر دعاة الضلال ، لا يُخَذِّلُهُمْ ] انتهى بتمامه لنفاسته من شرح العلامة الفوزان على شرح السنة للبربهاري [ صفحة 67 وما بعدها ]
و قال الشيخ مقبل – رحمه الله – : ( لا تبالي إذا أراك الله الحق،ولو خالفك من خالفك ، وترفق بالعلماء الآخرين ، أما هذا الذي له كل يوم داهية فلا بد من إبانة حاله ).[البشائر في السماع المباشر لعبدالله الأهدل ،تقديم الشيخ الوصابي ص25] ( نقله الأخ عبد الرحمن الغنامي في شبكة سحاب السلفية )
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” إذَا رَأَيْت الْمَقَالَةَ الْمُخْطِئَةَ قَدْ صَدَرَتْ مِنْ إمَامٍ قَدِيمٍ فَاغْتُفِرَتْ ؛ لِعَدَمِ بُلُوغِ الْحُجَّةِ لَهُ؛ فَلَا يُغْتَفَرُ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ مَا اُغْتُفِرَ لِلْأَوَّلِ؛ فَلِهَذَا يُبَدَّعُ مَنْ بَلَغَتْهُ أَحَادِيثُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَنَحْوِهَا إذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَا تُبَدَّعُ عَائِشَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْ بِأَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ فِي قُبُورِهِمْ؛ فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ نَافِعٌ ” مجموع الفتاوى 6/61
ويقول الحافظ ابن رجب رحمه الله : ” وهاهنا أمرٌ خفيٌّ ينبغي التَّفطُّن له، وهو أنَّ كثيراً من أئمَّةِ الدِّينِ قد يقولُ قولاً مرجوحاً ويكون مجتهداً فيه ، مأجوراً على اجتهاده فيه ، موضوعاً عنه خطؤه فيهِ، ولا يكونُ المنتصِرُ لمقالته تلك بمنْزلته في هذه الدَّرجة؛ لأنَّه قد لا ينتصِرُ لهذا القولِ إلاَّ لكونِ متبوعه قد قاله ، بحيث أنَّه لو قاله غيرُه من أئمَّة الدِّينِ ، لما قبِلَهُ ولا انتصر له ، ولا والى من وافقه ، ولا عادى من خالفه ، وهو مع هذا يظن أنَّه إنَّما انتصر للحقِّ بمنْزلة متبوعه ، وليس كذلك, فإنَّ متبوعه إنَّما كان قصدُه الانتصارَ للحقِّ ، وإنْ أخطأ في اجتهاده ، وأمَّا هذا التَّابعُ ، فقد شابَ انتصارَه لما يظنُّه الحقَّ إرادة علوِّ متبوعه ، وظهور كلمته ، وأنْ لا يُنسَبَ إلى الخطأ، وهذه دسيسةٌ تَقْدَحُ في قصد الانتصار للحقِّ, فافهم هذا، فإنَّه فَهْمٌ عظيم والله يهدي مَنْ يشاء إلى صراطٍ مستقيم” جامع العلوم والحكم 1/267-268
و النقيلين الأخيرين من مشاركة الأخ أبي خليل الأثري في شبكة سحاب السلفية . و أخيراً : لقد تعمدت إكثار النقول عن الأئمة السلفيين و العلماء المرضيين لتوضيح وبيان هذا النهج العادل المتين في التفرقة بين أهل العلم المخطئين و أهل البدعة الضالين ، نعم ! فإن منهج السلف قائم على العدل و التوسط و الاعتدال ، وتمام العدل هو وضع كل شيء في موضعه ، فزلة العالم لها موضع وحكم ، و خطأ الضال المفتون المبتدع لها موضع وحكم ، و أخطأ و تعدى و ظلم من قاس هذه بتلك ! فشتان شتان بين الحالتين ولا يستويان مثلا أصلاً وفرعاً و حُكماً و علةً ! .
و لو أردنا أن نلخص الموضوع برمته نقول :
- العالم السني الواقع في الغلط ، يرد غلطه ، ولا يتابع عليه ، وتحفظ له مكانته و احترامه .
- لا مسوغ لاتباع العالم في غلطه ، ولإن عُذر هو في غلطه – لغيرما سبب – فإن تابعه لا يُعذر بعذر العالم بالضرورة .
- لا ينبغي اتباع زلات العلماء و سقطاتهم لتبرير أخطاء غيرهم ! فلا أسوة في الخطأ !
- لا قياس – بحال ! – بين غلط العالم و غيره من أهل الهوى و الضلال .
- نحسن الظن في العالم السني الواقع في الغلط – بدون قصد منه – لظهور أمارات اتباع الحق عليه و قرائن ذلك ، و نسيء الظن بأهل البدع فيما يظهر منهم لظهور أمارات الهوى عليهم و قرائن الابتداع ، ولا نعمي عين .
- فلا حجة لأحد بما يسميه أهل الجهل و الجحود بالإلزامات حينما يُرد على غلط غالط مفتون ! بأنه يلزم الكلام في فلان وفلان وفلان من أهل العلم !
و أخيراً : أسأل الله في علاه أن يحفظ أهل السنة و أن يهدي خلقه إلى كتابه وسنة نبيه و أن يردهم إلى المنهج الصواب رداً جميلاً .
و الله الموفق لا رب سواه .
أعده :
محمد جميل حمامي
القدس
هامش :
…………………..
[1] سورة البقرة الآيات [285 – 286]
[2] صحيح مسلم برقم [200]
[3] صحيح مسلم [199]
[4] سلسلة الأحاديث الصحيحة [3274][5]: قال الألباني في صحيح أبي داود [4880] : [ حسن صحيح، المشكاة (5044 / التحقيق الثاني) ، التعليق الرغيب (3 / 177) ][6] : الإبداع في مضار الإبتداع (ص 15) [ قاله الألباني ]
[7] : وروى البخاري (2/451-452) نحوه عن ابن مسعود ، وفيه أنه لما بلغه إتمام عثمان استرجع ! . [ قاله الألباني ]
[8] : مثل ما روى أبو داوود (1/30 عن الزهري أن عثمان أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب لأنهم كثروا عامئذ فصلى بالناس أربعاً ليعلمهم أن الصلاة أربع ، و رجاله ثقات لكنه منقطع .[ قاله الألباني ]
” إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فكثيراً ما يستدل أهل الباطل المخالفين لمنهج السلف الصالح في ردودهم على أهل السنة بكون فلان من العلماء السلفيين قال بنفس ما يقوله متبوعهم وكبيرهم ويطالبون بالتسوية في الحكم عليه بذلك العالم ؟
وهذه شبهة شيطانية المقصود منها التسوية بين الواقع في الخطأ دون قصد وبين المخطئ المصر المعاند ؟!
والسلفيون يفرقون بين وقوع العالم في الزلة وبين وقوعه في الفتنة :
فالفرق بين زلة العالم وفتنته: أن زلته خطؤه بلا تعمد، وأما فتنته فمخالفته للحق وانحرافه عن تعمد، وإصراره على هذا الانحراف قال تعالى ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (29/43-45) : ” سبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء مع وجود الاختلاف في قول كل منهما أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله وإن لم يكن مطابقاً لكن اعتقاداً ليس بيقيني …
فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق وقد سلك طريقه
وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه .
وثم قسم آخر وهو غالب الناس وهو أن يكون له هوى فيه شبهة فتجتمع الشهوة والشبهة.
فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور
وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب
وأما المجتهد الاجتهاد المركب من شبهة وهوى فهو مسيء وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب وبحسب الحسنات الماحية وأكثر المتأخرين من المنتسبين إلى فقه أو تصوف مبتلون بذلك“
فزلة العالم ليست هوى إنما خطأ غير متعمد، بخلاف فتنته فهو انحراف وسلوك غير الحق بالتعمد، فلا يعذر .
ولذلك يطعن على من فتن في دينه ولا يطعن على من زل، ومن سوَّى بينهما فقد أخطأ، قال الشيخ العلامة حامل راية الجرح والتعديل ربيع المدخلي حفظه الله تعالى ” كل من وقع في البدع لا يبدع لكن إذا عرفنا منه الهوى، وعرفنا منه سوء القصد، وعرفنا منه أشياء تدل على أنه يريد البدعة هذا يبدع؛ لهذا تجدهم: حكموا على كثير من الناس بأنهم مبتدعة.
وكثير من الناس وقعوا في أخطاء ما سموهم مبتدعة؛ لأنهم عرفوا سلامة مقصدهم، وحسن نواياهم، وتحريهم للحق وسلامة المنهج الذي يسيرون عليه” انتهى
خطورة تتبع الشواذ والأفراد من أخطاء العلماء:
ومن هنا حذر أهل العلم من تتبع الشواذ من الأقوال واتخاذها ديناً: قال الأوزاعي ” من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام“
وقال خالد بن الحارث قال لي سليمان التيمي ” لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله“
وعلق ابن عبد البر على قول التيمي ” هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً ” كما في جامع بيان العلم وفضله (2/91) .
وقال ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين (2/192) : … مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَخُوفَ في زَلَّةِ الْعَالِمِ تَقْلِيدُهُ فيها إذْ لَوْلَا التَّقْلِيدُ لم يَخَفْ من زَلَّةِ الْعَالِمِ على غَيْرِهِ .
فإذا عَرَفَ أنها زَلَّةً لم يَجُزْ له أَنْ يَتْبَعَهُ فيها بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فإنه اتِّبَاعٌ لِلْخَطَأِ على عَمْدٍ وَمَنْ لم يَعْرِفْ أنها زَلَّةٌ فَهُوَ أَعْذَرُ منه وَكِلَاهُمَا مُفْرِطٌ فِيمَا أُمِرَ بِهِ“
فمن نسب لأهل السنة التسوية بين المخطئ وبين المعاند فقد بغى وتعدى وظلم والله حسيبه!
وانظر : صلاة التراويح (35-39) للعلامة السلفي بحق وصدق وعدل محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ” [ قاله الشيخ الفاضل أحمد بازمول في شبكة سحاب السلفية ] .
و أزيد الأفاضل العقلاء من جميل كلام العلماء :
قال البربهاري : ( اعلم أن الخروج من الطريق على وجهين؛ أما أحدهما: فرجل زل عن الطريق، وهو لا يريد إلا الخير، فلا يُقتدى بزلته،فإنه هالك.
وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، فهو ضال مضل، شيطان مريد في هذه الأمة، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه، ويبين لهم قصته؛ لئلا يقع أحد في بدعته فيهلك ) [ شرح السنة صفحة (3 ]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فمن كان خطؤه لتفريطه فيما يجب عليه من اتباع القرآن والإيمان مثلا أو لتعديه حدود الله بسلوك السبل التي نهى عنها أو لاتباع هواه بغير هدى من الله: فهو الظالم لنفسه وهو من أهل الوعيد؛ بخلاف المجتهد في طاعة الله ورسوله باطنا وظاهرا الذي يطلب الحق باجتهاده كما أمره الله ورسوله؛ فهذا مغفور له خطؤه. كما قال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله} إلى قوله: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}[1] . وقد ثبت في صحيح مسلم [2] {أن الله قال قد فعلت} وكذلك ثبت فيه [3] من حديث ابن عباس {أن النبي لم يقرأ بحرف من هاتين الآيتين ومن سورة الفاتحة إلا أعطى ذلك} . فهذا يبين استجابة هذا الدعاء للنبي والمؤمنين وأن الله لا يؤاخذهم إن نسوا أو أخطئوا ) [ مجموع الفتاوى (3/317) ]
و قال شيخ الإسلام أيضاً : ( مذهب فقهاء أهل الحديث كأحمد وغيره: أن من كان داعية إلى بدعة فإنه يستحق العقوبة لدفع ضرره عن الناس وإن كان في الباطن مجتهدا وأقل عقوبته أن يهجر فلا يكون له مرتبة في الدين لا يؤخذ عنه العلم ولا يستقضى ولا تقبل شهادته ونحو ذلك ) [ مجموع الفتاوى (7/385) ]
وقال شيخ الإسلام : (ويلحق الذم من تبين له الحق؛ فتركه أو قصر في طلبه فلم يتبين له أو أعرض عن طلبه لهوى أو كسل ونحو ذلك ) [ مجموع الفتاوى (4/195) ]
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فطريقة السلف و الأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع و العقل ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ومن تكلم فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه . ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة أيضاً ، وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة ورد باطلاً بباطل ) [ درء التعارض (1/254) ]
قال القيرواني : ( ومن قول أهل السنة : أنه لا يعذر من وداه اجتهاده إلى بدعة لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا ؛ إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة فسماهم عليه السلام مارقين ، وجعل المجتهد في الأحكام مأجوراً وإن أخطأ ) [ الجامع في السنن و الآداب و الحكم و المغازي (121) ] وبهذا التأصيل وهذه النقول يتضح الفرق جلياً بين زلة العالم السني في مسألة ما بعد التحري والاجتهاد المطلوب ، لأن مثله لا يكون متبعاً لهواه مقدماً على الحق ما يراه ، و مخالفة من فسدت أصوله العلمية وخروجها عن القواعد المرعية ، وإن كان بظن البعض مجتهداً ، مع ضرورة الرد على أي مخالفة للحق من أي كانت فلا تلازم بين الرد و التبديع .
قال ابن رجب ( رد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه ، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته. وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله إذا تأدب في الخطاب وأحسن في الرد والجواب فلا حرج عليه ولا لوم يتوجه إليه وإن صدر منه الاغترار بمقالته فلا حرج عليه وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول: (كذب فلان) ومن هذا «قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” كذب أبو السنابل “[4] لما بلغه أنه أفتى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً لا تحل بوضع الحمل حتى يمضى عليها أربعة أشهر وعشر» . وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردِّها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها ويبالغ في ردها عليهم هذا كله حكم الظاهر.
وأما في باطن الأمر: فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق ولئلا يغتر الناس بقالات من أخطأ في مقالاته فلا ريب أنه مثاب على قصده ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم. وسواء كان الذي بين الخطأ صغيراً أو كبيراً فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأُنكرت عليه من العماء مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك.
ومن ردَّ على سعيد بن المسيِّب قوله في إباحته المطلقة ثلاثاً بمجرد العقد وغير ذلك مما يخالف السنة الصريحة، وعلى الحسن في قوله في ترك الإحداد على المتوفى عنها زوجها، وعلى عطاء في إباحته إعادة الفروج، وعلى طاووس قوله في مسائل متعددة شذَّ بها عن العلماء، وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ومحبتهم والثناء عليهم. ولم يعد أحد منهم مخالفيه في هذه المسائل ونحوها طعناً في هؤلاء الأئمة ولا عيباً لهم، وقد امتلأت كتب أئمة المسلمين من السلف والخلف بتبيين هذه المقالات وما أشبهها مثل كتب الشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث وغيرهما ممن ادعوا هذه المقالات ما كان بمثابتها شيء كثير ولو ذكرنا ذلك بحروفه لطال الأمر جداً.
وأما إذا كان مرادُ الرادِّ بذلك إظهارَ عيب من ردَّ عليه وتنقصَه وتبيينَ جهله وقصوره في العلم ونحو ذلك كان محرماً سواء كان ردُّه لذلك في وجه من ردِّ عليه أو في غيبته وسواء كان في حياته أو بعد موته وهذا داخل فيما ذمَّه الله تعالى في كتابه وتوعد عليه في الهمز واللمز وداخل أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته» [5] . وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم. وليس كلامنا الآن في هذا القبيل والله أعلم ) [ من رسالته الفرق بين النصيحة و التعيير (405 إلى 407 ) من المجلد الثاني في مجموع رسائله ]
فهناك خطأ ناشئ عن اتباع للهوى و عن أصول فاسدة ، وهناك خطأ دون قصد أو تعمد .
ومع ذلك ، فإن الواقع في النوع الثاني لا يُتابع على غلطه ! بل يرد مع حفظ كرامته ، ومن تابعه عليه لا يكون معذوراً ! ولا يعاملان بنفس المعاملة ، يقول شيخ الاسلام : ( والذي يصدر عنه أمثال هذه الأمور - أي الأخطاء و البدع - إن كان معذورًا بقصور في اجتهاده، أو غيبة في عقله، فليس مَن اتبعه بمعذور، مع وضوح الحق والسبيل) ا.هـ
و يجب أيضاً : رد الغلط الذي وقع فيه ، وتبين الحق الذي خالفه ، قال شيخ الاسلام – كذلك – : ( وإن كان المخطئ المجتهد مغفورًا له خطؤه، وهو مأجور على اجتهاده، فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب، وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله، ومن علم منه الاجتهاد السائغ، فلا يجوز أن يُذكر على وجه الذم والتأثيم له، فإن الله غفر له خطأه، بل يجب لما فيه من الإيمان والتقوى موالاته ومحبته، والقيام بما أوجب الله له من حقوقه، من ثناء ودعاء وغير ذلك ) و هذه المقدمة واضحة جلية لمن أنار الله قلبه بالعلم ومَنَّ عليه باتباع منهج السلف ، ولأجل هذا التفريق العلمي الأصيل ! يرمينا الغلاة بالازدواجية ! وهم بها أحرى وبالوصم بها أولى ! فهم بها إلى آذانهم ولكن القوم غرقى في الضلال و الهوى ، و الله المستعان و إليه المشتكى ..
فاتعظوا أيها الأحبة من حالهم ! و اتقوا أوحالهم ! و السعيد من وعظ بغيره .. و أظن أن كلام الإمام الألباني رحمه الله الذي أشار إليه الشيخ أحمد بازمول حفظه الله ، هو هذا :
[ ... فلا يتوهمن أحد أننا حين اخترنا الاقتصار على السنة في عدد ركعات التراويح ، وعدم جواز الزيادة عليها أننا نضلل أو نبدع من لا يرى ذلك من العلماء السابقين واللاحقين ، كما قد ظن ذلك بعض الناس واتخذوه حجة للطعن علينا ! توهماً منهم أنه يلزم من قولنا : بأن الأمر الفلاني لا يجوز أو أنه بدعة ، أن كل من قال بجوازه واستحبابه فهو ضال مبتدع ؛ كلا فإنه وهم باطل ، وجهل بالغ ، لأن البدعة التي يذم صاحبها وتحمل عليه الأحاديث الزاجرة عن البدعة إنما هي " طريقة في الدين مخترعة تضاه الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه [6] “
فمن ابتدع بدعة يقصد بها المبالغة في التعبد وهو يعلم أنها ليست من الشرع فهو الذي تنصب عليه تلك الأحاديث ،
وأما من وقع فيها دون أن يعلم بها ولم يقصد بها المبالغة في التعبد فلا تشمله تلك الأحاديث مطلقا ولا تعنيه البتة ،
وإنما تعني أولئك المبتدعة الذي يقفون في طريق انتشار السنة ويستحسنون كل بدعة بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير ، بل ولا تقليداً لأهل العلم والذكر بل اتباعاً للهوى وإرضاء للعوام
وحاشا أن يكون من هؤلاء أحد من العلماء المعروفين بعلمهم وصدقهم وصلاحهم وإخلاصهم ولا سيما الأئمة الأربعة المجتهدين رضي الله عنهم أجمعين ، فإننا نقطع بتنـزههم أن يستحسنوا بدعة مبالغة منهم في التعبد كيف وهم قد نهوا عن ذلك كما سنذكر نصوصهم في ذلك في الرسالة الخاصة بالبدعة إن شاء الله تعالى .
نعم قد يقع أحدهم فيما هو خطأ شرعاً ، ولكنه لا يؤاخذ على ذلك ، بل هو مغفور له ومأجور عليه كما سبق مراراً ، وقد يتبين للباحث أن هذا الخطأ من نوع البدعة فلا يختلف الحكم في كونه مغفوراً له ومأجوراً عليه ؛ لأنه وقع عن اجتهاد منه .
ولا يشك عالم أنه لا فرق من حيث كونه خطأ بين وقوع العالم في البدعة ظنا منه أنها سنة ، وبين وقوعه في المحرم وهو يظن أنه حلال ، فهذا كله خطأ ومغفور كما علمت ، ولهذا نرى العلماء مع اختلافهم الشديد في بعض المسأئل لا يضلل بعضهم بعضا ولا يبدع بعضهم بعضاً .
ولنضرب على ذلك مثالاً واحداً ، لقد اختلفوا منذ عهد الصحابة في إتمام الفريضة في السفر فمنهم من أجازه ومنهم من منعه ورآه بدعة مخالفة للسنة ومع ذلك فلم يبدعوا مخالفيهم ، فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يقول : ” صلاة المسافر ركعتان من خالف السنة كفر ” رواه السراج في مسنده (21/122-123) باسنادين صحيحين عنه . ومع هذا فلم يكفر ولم يضلل من خالف هذه السنة اجتهاداً بل لما صلى وراء من يرى الإتمام أتمّ معه ، فروى السراج أيضاً بسند صحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من أمارته ركعتين ثم أن عثمان صلى بمنى أربعاً ، فكان ابن عمر اذا صلى معهم صلى أربعا واذا صلى وحده صلى ركعتين [7].
فتأمل كيف أن ابن عمر لم يحمله اعتقاده بخطأ من يخالف السنة الثابتة بالإتمام في السفر على أن يضلله أو يبدعه ، بل إنه صلى وراءه ؛ لأنه يعلم أن عثمان رضي الله عنه لم يتم اتباعاً للهوى – معاذ الله بل ذلك عن اجتهاد منه [8] ،
وهذا هو السبيل الوسط الذي نرى من الواجب على المسلمين أن يتخذوه لهم طريقاً لحل الخلافات القائمة بينهم ، أن يجهر كل منهم بما يراه هو الصواب الموافق للكتاب والسنة ، شريطة أن لا يضلل ولا يبدع من لم يرَ ذلك لشبهة عرضت له ، لأنه هو الطريق الوحيد الذي به تتحقق وحدة المسلمين وتتوحد كلمتهم ويبقى الحق فيه ظاهراً جليًّا غير منطمس المعالم ،
ولهذا نرى أيضا أن تفرق المسلمين في صلاتهم وراء أئمة متعددين : هذا حنفي وهذا شافعي … مما يخالف ما كان عليه سلفنا الصالح من الاجتماع في الصلاة وراء إمام واحد وعدم التفرق وراء أئمة متعددين !
هذا هو موقفنا في المسائل الخلافية بين المسلمين ، الجهر بالحق بالتي هي أحسن ، وعدم تضليل من يخالفنا لشبهة لا لهوى ؛ وهذا هو الذي جرينا عليه منذ أن هدانا الله لاتباع السنة ، و ذلك من نحو عشرين سنة ، ونتمنى مثل هذا الموقف لأولئك المتسرعين في تضليل المسلمين الذين من مذهبهم قولهم : ” إذا سئل عن مذهبنا ؟ قلنا : صواب يحتمل الخطأ وإذا سئلنا عن مذهب غيرنا ؟ قلنا خطأ يحتمل الصواب ” ومن مذهب القول بكراهة الصلاة وراء المخالف في المذهب أو بطلانها ولذلك تفرقوا في المسجد الواحد كما سبق وخاصة في جماعة الوتر في رمضان ! لظن بعضهم أن الوتر لا يصح إذا فصل الإمام بين شفعه ووتره مع أنه هو الأفضل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الفصل السابع ، و انظر التعليق ( ص 109 )
وذلك هو موقفنا وما أظن عاقلاً ينازعنا فيه ، فمن نسب إلينا غير ذلك فقد بغى وتعدى وظلم والله حسيبه ]
قال الشيخ العلامة بقية السلف صالح الفوزان حفظه الرحيم الرحمن شارحاً قول الإمام البربهاري : ( اعلم أن الخروج من الطريق على وجهين؛ أما أحدهما: فرجل زل عن الطريق، وهو لا يريد إلا الخير، فلا يُقتدى بزلته،فإنه هالك.
وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، فهو ضال مضل، شيطان مريد في هذه الأمة، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه، ويبين لهم قصته؛ لئلا يقع أحد في بدعته فيهلك )
قال :
[ لما وصف الشيخ رحمه الله في الكلام السابق الطريق الصحيح الذي يجب أن يسير عليه المسلم في عقيدته و دينه ذكر أن من يخرج عن هذا الطريق فهو أحد رجلين :
الرجل الأول : من خرج غير مُتَعَمِّدٍ بل يريد الخير لكنه سلك طريق غير الخير ، و الاجتهاد لا يكفي ، و إن كانت نية صاحبه صالحة ومقصده حسناً ، لابد أن يكون مع ذلك على الطريق الصحيح ، فهذا يُعتبر مخطئاً ، ومن وافقه على ذلك وسار معه على الخطأ وهو يعلم خطأه فهو هالك ؛ لأن هذا طريق هلاك حتى ولو لم يتعمد صاحبه الخروج و إنما هو يلتمس الخير .
و هذا هو حال الكثير من الذين يبتكرون ابتكارات من عند أنفسهم في علم العقيدة ، فهذا أمر لا يجوز ، ولا يُتابعون عليه ، وصاحبه ليس على صواب ، و الله جل وعلا يقول : { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } [ الأنعام:153] ، فأي سبيل يخرجنا عن الصراط المستقيم فنحن نرفضه وهو إن استمر على خطئه فسيؤول إلى الهلاك ؛ لأن من ترك الطريق الصحيح في سفره وأخذ طريق مضيعة هلك .
أما الرجل الآخر: فهو المتعمد للخروج ، فهو يعرف الحق ، ويعرف أن ما خرج إليه باطل ، لكن يتعمد الخروج عن الحق ، بقصد إضلال الناس .
الأول : قصده إصلاح الناس لكنه لم يسلك الطريق الصحيح .
و الثاني : قصد إضلال الناس وصرفهم عن الطريق الصحيح ، فهذا شيطان ، لأن الشياطين يخرجون الناس عن الصراط المستقيم ، يقول إبليس لربه عز وجل : { لأقعدن لهم صراطك المستقيم } [الأعراف:16] يريد أن يصرفهم عنه إلى الطرق المنحرفة ، و النبي صلى الله عليه وسلم ضرب لهذا مثلاً حينما خط خطاً مستقيماً ، وخط حوله خطوطاً أخرى ، فقال للخط المستقيم : ( هذا صراط الله ) وقال للخطوط الأخرى : ( وهذه سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليها ) ، وهذا مثال واضح ، ويطابقه ما ذكره الشيخ هنا ، فإن الذي يخرج بالناس عن الصراط المستقيم إلى السبل المحدثة المبتدعة ، لا يريد لهم الخير ، و إنما يريد لهم الهلاك ؛ وهو شيطان ، سواء كان من شياطين الجن أو من شياطين الإنس ، علينا أن نحذر من هذا أشد من الحذر من الأول ، لأن هذا متعمد لإضلال الناس .
قوله : ( فهو ضال مضل ، شيطان مريد ) أي : هو ضال في نفسه ، ومضل لغيره وهو شيطان مريد ، متمرد ، يريد صرف الناس عن الصراط المستقيم .
قوله : ( حقيق على من عرفه أن يُحذر الناس منه ، و يبين للناس قصته لئلا يقع في بدعته أحد فيهلك ) أي : هذا الذي خرج عن الحق متعمداً لا يجوز السكوت عنه ، بل يجب أن يُكشف أمره ، ويفضح خزيه حتى يحذره الناس ، ولا يقال : الناس أحرار في الرأي ، حرية الكلمة ، احترام الرأي الآخر ! كما يدندنون به الآن من احترام الرأي الآخر ! فالمسألة ليست مسألة آراء ، المسألة مسألة اتباع ، نحن قد رسم الله لنا طريقاً واضحاً ، وقال لنا سيروا عليه حينما قال : { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه } ، فأي شخص يأتينا و يريد منا أن نخرج عن هذا الصراط المستقيم فإننا أولاً : نرفض قوله ، و ثانياً : نبين ، ونحذر الناس منه ، ولا يسعنا السكوت عنه، لأننا إذا سكتنا عنه اغتر به الناس ؛ لاسيما إذا كان صاحب فصاحة ولسان وقلم وثقافة ، فإن الناس يغترون به ، ويقولون هذا مؤهل ! هذا من المفكرين ، كما هو الحاصل الآن ، فالمسألة خطيرة جداً .
وهذا فيه وجوب الرد على المخالف ، عكس ما يقوله أولئك ، يقولون : اتركوا الردود ، ودعوا الناس كلٌّ له رأيه واحترامه ، وحرية الرأي و حرية الكلمة ، بهذا تهلك الأمة ، السلف ما سكتوا عن أمثال هؤلاء ، بل فضحوهم وردوا عليهم ، لعلمهم بخطرهم على الأمة ، ونحن لا يسعنا أن نسكت عن شرهم ، بل لابد من بيان ما أنزل الله ، و إلا فإننا نكون كاتمين ، من الذين قال الله فيهم { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون } [ البقرة:159] ، فلا يقصر الأمر على المبتدع ، بل يتناول الأمر من سكت عنه ، فإنه يتناوله الذم و العقاب ، لأن الواجب البيان و التوضيح للناس ، وهذه وظيفة الردود العلمية المتوفرة الآن في مكتبات المسلمين كلها تذب عن الصراط المستقيم ، وتُحذر من هؤلاء ، فلا يروج هذه الفكرة – فكرة حرية الرأي و حرية الكلمة و احترام الرأي الآخر – إلا مضلل كاتم للحق .
نحن قصدنا الحق ، ما قصدنا أن نجرح الناس أو نتكلم في الناس ، القصد هو بيان الحق ، وهذه أمانة حملها اللهُ العلماءَ ، فلا يجوز السكوت عن أمثال هؤلاء ، لكن مع الأسف لو يأتي عالم يرد على أمثال هؤلاء قالوا : هذا متسرع ، إلى غير ذلك من الوساوس ، فهذا لا يُخَذِّل أهل العلم أن يبينوا للناس شر دعاة الضلال ، لا يُخَذِّلُهُمْ ] انتهى بتمامه لنفاسته من شرح العلامة الفوزان على شرح السنة للبربهاري [ صفحة 67 وما بعدها ]
و قال الشيخ مقبل – رحمه الله – : ( لا تبالي إذا أراك الله الحق،ولو خالفك من خالفك ، وترفق بالعلماء الآخرين ، أما هذا الذي له كل يوم داهية فلا بد من إبانة حاله ).[البشائر في السماع المباشر لعبدالله الأهدل ،تقديم الشيخ الوصابي ص25] ( نقله الأخ عبد الرحمن الغنامي في شبكة سحاب السلفية )
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” إذَا رَأَيْت الْمَقَالَةَ الْمُخْطِئَةَ قَدْ صَدَرَتْ مِنْ إمَامٍ قَدِيمٍ فَاغْتُفِرَتْ ؛ لِعَدَمِ بُلُوغِ الْحُجَّةِ لَهُ؛ فَلَا يُغْتَفَرُ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ مَا اُغْتُفِرَ لِلْأَوَّلِ؛ فَلِهَذَا يُبَدَّعُ مَنْ بَلَغَتْهُ أَحَادِيثُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَنَحْوِهَا إذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَا تُبَدَّعُ عَائِشَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْ بِأَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ فِي قُبُورِهِمْ؛ فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ نَافِعٌ ” مجموع الفتاوى 6/61
ويقول الحافظ ابن رجب رحمه الله : ” وهاهنا أمرٌ خفيٌّ ينبغي التَّفطُّن له، وهو أنَّ كثيراً من أئمَّةِ الدِّينِ قد يقولُ قولاً مرجوحاً ويكون مجتهداً فيه ، مأجوراً على اجتهاده فيه ، موضوعاً عنه خطؤه فيهِ، ولا يكونُ المنتصِرُ لمقالته تلك بمنْزلته في هذه الدَّرجة؛ لأنَّه قد لا ينتصِرُ لهذا القولِ إلاَّ لكونِ متبوعه قد قاله ، بحيث أنَّه لو قاله غيرُه من أئمَّة الدِّينِ ، لما قبِلَهُ ولا انتصر له ، ولا والى من وافقه ، ولا عادى من خالفه ، وهو مع هذا يظن أنَّه إنَّما انتصر للحقِّ بمنْزلة متبوعه ، وليس كذلك, فإنَّ متبوعه إنَّما كان قصدُه الانتصارَ للحقِّ ، وإنْ أخطأ في اجتهاده ، وأمَّا هذا التَّابعُ ، فقد شابَ انتصارَه لما يظنُّه الحقَّ إرادة علوِّ متبوعه ، وظهور كلمته ، وأنْ لا يُنسَبَ إلى الخطأ، وهذه دسيسةٌ تَقْدَحُ في قصد الانتصار للحقِّ, فافهم هذا، فإنَّه فَهْمٌ عظيم والله يهدي مَنْ يشاء إلى صراطٍ مستقيم” جامع العلوم والحكم 1/267-268
و النقيلين الأخيرين من مشاركة الأخ أبي خليل الأثري في شبكة سحاب السلفية . و أخيراً : لقد تعمدت إكثار النقول عن الأئمة السلفيين و العلماء المرضيين لتوضيح وبيان هذا النهج العادل المتين في التفرقة بين أهل العلم المخطئين و أهل البدعة الضالين ، نعم ! فإن منهج السلف قائم على العدل و التوسط و الاعتدال ، وتمام العدل هو وضع كل شيء في موضعه ، فزلة العالم لها موضع وحكم ، و خطأ الضال المفتون المبتدع لها موضع وحكم ، و أخطأ و تعدى و ظلم من قاس هذه بتلك ! فشتان شتان بين الحالتين ولا يستويان مثلا أصلاً وفرعاً و حُكماً و علةً ! .
و لو أردنا أن نلخص الموضوع برمته نقول :
- العالم السني الواقع في الغلط ، يرد غلطه ، ولا يتابع عليه ، وتحفظ له مكانته و احترامه .
- لا مسوغ لاتباع العالم في غلطه ، ولإن عُذر هو في غلطه – لغيرما سبب – فإن تابعه لا يُعذر بعذر العالم بالضرورة .
- لا ينبغي اتباع زلات العلماء و سقطاتهم لتبرير أخطاء غيرهم ! فلا أسوة في الخطأ !
- لا قياس – بحال ! – بين غلط العالم و غيره من أهل الهوى و الضلال .
- نحسن الظن في العالم السني الواقع في الغلط – بدون قصد منه – لظهور أمارات اتباع الحق عليه و قرائن ذلك ، و نسيء الظن بأهل البدع فيما يظهر منهم لظهور أمارات الهوى عليهم و قرائن الابتداع ، ولا نعمي عين .
- فلا حجة لأحد بما يسميه أهل الجهل و الجحود بالإلزامات حينما يُرد على غلط غالط مفتون ! بأنه يلزم الكلام في فلان وفلان وفلان من أهل العلم !
و أخيراً : أسأل الله في علاه أن يحفظ أهل السنة و أن يهدي خلقه إلى كتابه وسنة نبيه و أن يردهم إلى المنهج الصواب رداً جميلاً .
و الله الموفق لا رب سواه .
أعده :
محمد جميل حمامي
القدس
هامش :
…………………..
[1] سورة البقرة الآيات [285 – 286]
[2] صحيح مسلم برقم [200]
[3] صحيح مسلم [199]
[4] سلسلة الأحاديث الصحيحة [3274][5]: قال الألباني في صحيح أبي داود [4880] : [ حسن صحيح، المشكاة (5044 / التحقيق الثاني) ، التعليق الرغيب (3 / 177) ][6] : الإبداع في مضار الإبتداع (ص 15) [ قاله الألباني ]
[7] : وروى البخاري (2/451-452) نحوه عن ابن مسعود ، وفيه أنه لما بلغه إتمام عثمان استرجع ! . [ قاله الألباني ]
[8] : مثل ما روى أبو داوود (1/30 عن الزهري أن عثمان أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب لأنهم كثروا عامئذ فصلى بالناس أربعاً ليعلمهم أن الصلاة أربع ، و رجاله ثقات لكنه منقطع .[ قاله الألباني ]