محاضرة :الثبات على السنَّة
لشيخنا العلاَّمة ربيع السنَّة :
أبي محمد ربيع بن هادي عمير المدخلي
- حفظه الله تعالى -
افتتح بها دورة الإمام عبد العزيز بن باز -رحمه الله- العلمية
بمسجد الملك فهد- رحمه الله - بمدينة الطائف
بتاريخ 22/06/1426 هـ
- قام بتفريغ المادة ومراجعتها على الشيخ :
أخوكم الضعيف أبو إسحاق السطائفي - ثبته الله على السنَّة -
الحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، منْ يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
إنَّ الثبات على السنَّة معناه الثبات على الإسلام بكليته : أصوله وفروعه عقائده ومناهجه نثبت عليه ونتمسَّك به حتى نلقى الله تبارك وتعالى .
والآيات الحاثَّة على الإتباع والالتزام والاعتصام والاستقامة كثيرة. والأحاديث كذلك ترمي كلُّها إلى غاية واحدة وهي ثبات المسلمين على الإسلام .
وإذا قلنا الثبات على السنَّة ليس المراد فقط ما يفهمه كثير من الناس من لفظ السنَّة فإنَّ السنَّة هنا تعني العقيدة والمنهج .تعني الإسلام . تعني الثبات على الإسلام .
هذا الثبات بتوفيق من الله سبحانه وتعالى .
التوفيق بيده سبحانه وتعالى والهداية بيده والإضلال بيده سبحانه وتعالى .
( يهدي من يشاء ويضل من يشاء )
ويُثبِّت من بشاء ويُزيغ قلب من يشاء . ولهذا علَّمنا الله تبارك وتعالى أن ندعوَهُ بأن لا يُزيغ قلوبنا ( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران: قال الصحابة –رضوان الله عليهم - : واللهِ لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلَّينا
يعني أنَّهم معترفون بأنَّ الهداية من الله تعالى منٌّ وفضلٌ منه سبحانه وتعالى ورحمة منه لمن شاء من عباده ( يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (آل عمران:74) يمتن على من يشاء ويتفضّل على من يشاء بالهداية ويُسدِّدهم ويُوفِّقهم سبحانه وتعالى وتحفُّهم عنايته تبارك وتعالى من الزيغ والضلال والانحراف .
( ويُضِلُّ من يشاء ) : إمَّا بالضلال الكامل كالكفر والخروج من الإسلام –عياذا بالله تعالى - .
وإمَّا الضلال الجزئي : ضلال من يدخل في الإسلام فيضِلُّ في عقيدته وفي منهجه -عياذا بالله تعالى- .
فهذا الضلال حصل بمشيئة الله تعالى .والهداية التي نالها وإن كانت ضئيلة من الله سبحانه وتعالى فالأمر كلُّه له والحكم له سبحانه وتعالى ونواصي العباد بيده وقلوب الناس بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء سبحانه وتعالى .
ولهذا علَّمنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن ندعوا :( يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك )
الإنسان لا يُوكل إلى نفسه ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) لو وُكِل الناس إلى أنفسهم لهلكوا في دينهم ودنياهم ,ولكنَّ الله سبحانه وتعالى هو الذي بيده كلُّ شيءٍ , والأمور كلُّها بيده ونواصي العباد بيده ,وقلوب الناس جميعا بين إصبعين من أصابعه .
تعالى وتقدَّس سبحانه وتعالى .
فإذا ثبَّت الله الإنسان على دينه الحقِّ وعلى منهج الله الحقِّ وعلى العقائد الصحيحة فهذه نعمة من الله فلا يغترَّ بنفسه ,ويتباهى ويتطاول ,وإنَّما يتواضع لله ربِّ العالمين .ويشكره على ذلك ويضرع إليه أن يحفظ له دينه ,وأن يُجنِّبه المزالق والزيغ سبحانه وتعالى . ولا يفتر ( ولا يأمن مكر الله إلاَّ القوم الخاسرون )
فنسأله في كلِّ لحظةٍ من لحظاتنا أن يُثبِّت قلوبنا .
هذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكان يُكثر من قوله :( يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك ) فقالت عائشة : ( فقلت يا رسول الله إنك تكثر تدعو بهذا الدعاء فقال : إنَّ قلب الآدمي بين إصبعين من أصابع الله عز وجل فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه )
والثبات مطلوبٌ من المؤمن ,ويجب أن يسأل ربَّه أن يُثبِّته في كلِّ موقف : في الجهاد ,عند الموت يدعو الله تبارك وتعالى ويضرع إليه أن يُثبِّته ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (الأنفال:45) إذا لم يُوجد ثباتٌ ما وُجد جهادٌ ,ولا قيمة للجهاد إلاَّ بالثبات حتى ينزل النَّصر من الله سبحانه وتعالى .
فإذا ثبت المؤمنون على العقائد الصحيحة والمناهج الصحيحة وثبتوا في القتال أمام أعداء الله عزَّ وجلَّ وقاتلوا لإعلاء كلمة الله لا بُدَّ أن ينصرهم الله تبارك وتعالى بهذا الثبات على الدِّين ,وبهذا الجهاد لإعلائه ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )
والمطلوب منه إذا كان في ساحة الجهاد أن يثبُت ,ولا يفِرُّ ؛ والفرار من الزَّحف إحدى الكبائر المُهلكة - والعياذ بالله- كما سنذكر ذلك في حديث الكبائر إذا اتَّسع له الوقت .
فنسأل الله أن يُثبِّتنا وإيَّاكم على دينه .
وكما قلنا : إنَّ الله يأمر بالاعتصام بحبله بعد هذه الآية التي تلوناها :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
(آل عمران:102-103) الاعتصام معناه الثبات ,أُثـبُتوا واستمسكوا ,يُساعدكم على هذا الثبات على الإسلام الذي أوصانا الله أن نحتفظ به ونُحافظ عليه إلى الممات .
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ) (لأعراف:3) ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) (فصلت:30-32) هذا ثناء من الله تبارك وتعالى على الذين استقاموا على دينه .والاستقامة هي الثبات على ما جاء به محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ,بل على ما جاء جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من عقيدة ومنهج ,فلهم منزلة عند الله تبارك وتعالى بثباتهم على هذا الدِّين الحقِّ .
قالوا :( ربنا الله ) : آمنوا بالله سبحانه وتعالى حقَّ الإيمان بأسمائه وصفاته وربوبيته وأنَّه هو المعبود الحقُّ فلا يعبدون سواه .
- يُثبتون لله الربوبية : وأنَّه هو خالق هذا الكون ومدبَِّره ومنظِّمه وهو الخالق الراَّزق المُحيِي المميت إلى آخر صفات الربوبية .
- وأسمائه الحسنى : اللائقة بجلاله وعظمته وربوبيته سبحانه وتعالى التي وردت في القرآن وفي السنَّة ,نُؤمن بها كما جاءت ,.وهي داخلة في هذه الاستقامة .
- والإيمان بأنَّه لا إله إلا هو : لا معبود بحقٍّ إلاَّ هو سبحانه وتعالى ,فلا نعبد إلاَّ إيَّاه نُخلص له الدِّين سبحانه وتعالى ,نحبُّه غاية الحبِّ ,ونخافه ونخشاه غاية الخوف والخشية , ونرجوه ونطمع فيما عنده في الدنيا والآخرة سبحانه وتعالى ,ونصلي له ونسجد ونَحْفِد ونزكي ونصوم ونذكر ونقرأُ القرآن ... كلُّ ذلك تقرُّباً إليه سبحانه وتعالى .
وهذه كلُّها من أسباب الاستقامة . ومن دلائل الاستقامة إذا نحن حافظنا على هذه الشعائر وهذه الشرائع . وهذه من الدلائل أنَّ الله قد وفّقك -إن شاء الله- وأنَّك من المستقيمين الذين يستحقُّون من الله سبحانه وتعالى هذا الثناء ,وبستحقون من الله هذا الوعد وهذه العناية الربَّانية : ( تتنزَّل عليهم الملائكة ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا ) متى يكون هذا التنـزُّل ؟ عندما يحتضر العبد ,عندما يُوشك على مفارقة هذه الدنيا وتوديعها ,والرحلة إلى الدار الآخرة يُنزِّلُ الله الملائكة يُبشِّرونهم ويُثبِّتونهم ويُسدِّدونهم ,ويُذهبون عنهم المخاوف ( ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا ) :
- لا تخافوا من المستقبل : مما أمامكم ؛فما أمامكم إلاَّ الجنَّة ورضوان الله عزَّ وجلَّ .
- ولا تحزنوا على ما خلَّفتم من المال والولد وغير ذلك .
هذه بشائر تأتي الثابتين على دين الله الحقِّ في هذا الظرف العصيب ,فهذه مرحلة خطيرة جداً ,فبعضهم قد تسوء خاتمته –والعياذ بالله- نسأل الله أن يُثبِّتنا وإيَّاكم .
كما جاء في الحديث ( إنَّ الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة .وإنَّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار ) متفق عليه .
هذا الحديث الذي نخاف منه الخوف الشديد من نهاية المطاف وخاتمة الحياة .
فلا بُدَّ للعبد أن يضرع إلى الله سبحانه وتعالى دائماً أن يُثبِّته على دينه ,وأن يتوفَّانا وهو راضٍ عنَّا .
وفي الحديث الآخر : ( من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءَه ,ومن كَرِه لقاء الله كَرِه الله لقاءه )
حدَّث بهذا الحديث أبو هريرة وحدَّثت به عائشة -رضي الله عنهما- قالوا : ( يا رسول الله كلنا يكره الموت . فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : قال ليس ذاك ( أي ليس ذلكم ما تفهمون ) ,ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه . وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه فكره لقاء الله وكره الله لقاءه ) متفق عليه .
فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن يشتاق إلى لقائه ويُحبُّ لقاء الله تبارك وتعالى ,وأن يُكرمنا في هذه الظروف العصيبة بحسن الخاتمة ,وأن يُتحفنا بالبشائر الطيِّبة ,وهذا ثمرة للثبات على دين الله والاستقامة التي يرجع الفضل فيها إلى الله سبحانه وتعالى ,لا إلى قلبك ولا عضلاتك ولا إلى شيء من هذا .وإنَّما يرجع إلى رحمة الله وفضله ولطفه .
فنسأله أن يلطُف بنا وأن يُثبِّت قلوبنا على الحقِّ .
( وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (فصلت:30) الجنَّة وعدها الله الذين آمنوا واستقاموا في آيات كثيرة في السور المكية والمدنية :
قال تعالى : ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً ) (النبأ: 31-35) .
وقال سبحانه وتعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (آل عمران:133-134) فالوعد بالجنَّة مذكور في كثير وكثير من السور والآيات .
الجنَّة التي كنتَ تُوعد بها في القرآن وعلى لسان محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بسبب الثبات على الإسلام بسبب الاستقامة عليه أبشر بها .
فنسأل الله أن يُثبِّتنا وإيَّاكم على الهدى وأن يرزقنا وإيَّاكم الاستقامة .
والله سبحانه وتعالى قال :( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (هود:1121) أمرٌ بالاستقامة .
وقال سبحانه وتعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) (هود:113) هذا أمرٌ من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وأتباعه المؤمنين الذين تابوا إلى الله وأنابوا إليه والتزموا صراطه المستقيم وثبتوا على دينه : أمرهم بالاستقامة عليه .والاستقامة هي الثبات كما أمركَ الله : تلتزم بالعقيدة التي أمرك الله بالتزامها ,تلتزم بالأوامر كلِّها التي أمرك الله بها وتجتنب النَّواهي التي نهاك الله عنها وحرَّمها عليك .
فالقرآن فيه جوامع : الكلمة الواحدة تحتها معانٍ ,وهذه الآية منها وتلك الآيات منها .
فهذا توجيه لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وللمؤمنين إلى يوم القيامة أن يستقيموا على دين الله الذي أمرهم به ؛فلا يحيدون عنه يمنة ولا يسرة ولا يزيغون عن هذا الأمر الشامل لكل التشريعات والعقائد والأحكام .
( ولا تطغَوْا ) : الطغيان هو مجاوزة الحدِّ .
ولا تطغَوْا : لا بغلوٍّ في الدِّين ولا في غيره ,ولا بظلمٍ ؛ففيه محاربة كلِّ صنوف الطغيان من الظلم والتَّعدِّي .
والتَّعدِّي لحدود الله من أفضع أنواع الظلم ,فشرائع الله محدَّدة والعقائد محدَّدة والأوامر محدَّدة مضبوطة ,وكلُّ شيءٍ مضبوطٌ ,ويأتي أحدهم يزيد من عنده ؟!! فهذا طغيان .
لا تزد إلاَّ في حدود ما شرع الله لك من النوافل .
وحتى النوافل نفسها لا تزيد فيها : الصلاة خمس لا تزيد سادسة .
الظهر أربعاً لا تزد خامسة لا تزد سادسة ولا تزد سجدة ولا أي شيء .
لا تزد في العبادات فقد حدَّدها الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم .
كان صلَّى الله عليه وسلَّم يقوم وينام ,ويصوم ويُفطر ,فلمَّا اشتدَّت رغبة بعض الصحابة -رضي الله عنهم- في الزيادة في العبادة سألوا أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن عمله فقالوا إنَّه يقوم وينام ويصوم ويفطر ويتزوج النساء , فقال أحدهم :(أما أنا فأقوم ولا أنام وقال الثاني وأنا أصوم ولا أفطر وقال الآخر وأنا لا أتزوج النساء) فأغضب ذلك النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال :( ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس منِّي ) متفق عليه .
فالذي يقوم الليل ويصوم النهار يضيع حقوقا كثيرة ثمَّ في النهار يفشل ويستحسر ويضعف وقد ينتكس نتيجة لغلوِّه ,الصحابة الذين كانت لديهم هذه الرغبة تراجعوا .
ما أسرعهم للاستجابة !
ولكن كثيرا من الناس إذا وقع في خطأ ,وقع في غلو ,وقع في شيء فلا يرجع -عياذا بالله- وهذا بلاء مهلك نسأل الله العافية .
( ولا تطغوا ) لا تطغى على الناس لا تعتدِ عليهم في أعراضهم ولا في أموالهم ولا في أرواحهم ولا في شيء ممَّا حرم الله تبارك وتعالى ولا تُخِلَّ بحقوق الأقربين ولا الأبعدين هذا تحذير من الله سبحانه وتعالى .
( إنَّه بما تعملون بصير ) رقابة دقيقة من الله سبحانه وتعالى , يحصي مثاقيل الذر من الأعمال الصالحة والطالحة ( فمن يعمل مثقال ذرَّة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرَّة شرًّا يره ) فالمؤمن يكون دائما حذرا مراقبا لله تبارك وتعالى يؤدي الأعمال الصالحة وهو مراقب لله , يخاف أن يكون فيها رياء فيها حب السمعة فيها أشياء فيهلك والعياذ بالله و يخاف من المعاصي ويخاف من البدع لأنَّ الله يراقبه ( والله على كلِّ شيء شهيد )
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (المجادلة:7) تبارك وتعالى على كلِّ شيء شهيد , على كلِّ شيء رقيب بما نعمل بصير سبحانه وتعالى , فالمؤمن يجب أن يستحضر هذا الأمر مراقبة الله وأنَّ الله بكلِّ شيء بصير وسميع وأنَّ الله محيط بكلِّ شيء ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصُّدور فلا تخفى عليه خافية , ومن وفقه الله ورزقه مثل هذه الحال الطيبة فإنَّ هذا من علامات ثباته -إن شاء الله- وعلامة استقامته ,هذا من العلامات و البشائر أنَّ المؤمن على ثبات واستقامة -إن شاء الله- ولكن لا يكلُّ ولا يملُّ من اللجوء والضراعة إلى الله سبحانه وتعالى ,كيف ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يسأل هذا السؤال ويكثر منه ( يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ) كيف نأمن أن ينحرف الإنسان ويزيغ قلبه ؟!
والله ما يأمنه إلاَّ منافق ولا يخافه إلاَّ مؤمن , فينبغي أن نخاف الله سبحانه وتعالى ولكن لا يطغى هذا الخوف فيكون خوف ورجاء متوازيان متوازنان حتى يحضر الموت فحينئذٍ يُغَلِّب المؤمن الرجاء وحسن الظنِّ بالله سبحانه وتعالى .
( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) (هود:113) الميل إلى أهل الظلم الذين يظلمون النَّاس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم . أو يظلمونهم في دينهم بالبدع والضلالات وبثِّ الدعايات الخطيرة ضد الإسلام وما شاكل ذلك .
لا تركن إلى أحدٍ من هؤلاء ,لا تنصره لا تساعده على باطله . الآية تشمل كل هذه الأنواع ,كلُّ مبطل ظالم ,كل مبتدع ظالم , كلُّ منتهك لحرمات المسلمين ظالم ,فلا تركن إلى أحدٍ من هؤلاء فتمسَّك النَّار ؛لأنَّك لمَّا تركن إلى الفاسق ,إلى المبتدع الضال إلى الظالم المجرم الممنتهك لحرمات النَّاس وحرمات الشريعة تكون كأنَّك راضٍ كأنَّك مساعدٌ ومُؤيِّد فليحذر المؤمن من الوقوع في هذا الركون المُهلك .
قال تعالى :( وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ) (الاسراء:74-75)
يقول الله تبارك وتعالى لرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم : شيئاً قليلاً !!
فليحذر المؤمن من هذا الركون ,وقد يكون من أسباب الزيغ والضلال –عياذاً بالله تعالى- :( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) (الصف:5) وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال :( كنا عند عمر فقال أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن فقال قوم نحن سمعناه فقال لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره قالوا أجل قال تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر قال حذيفة فأسكت القوم فقلت أنا قال أنت لله أبوك قال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ) رواه مسلم في صحيحه وغيره .
( على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض ) : بتثبيت من الله سبحانه وتعالى , يُثبِّته الله سبحانه وتعالى بسبب رفضه للباطل ,رفضه للشهوات ,رفضه للشبهات .
فإنَّ الفتنة قد تكون دنيوية : فتنة الشهوات فتُهلك .
وقد تكون فتنة شبهات وبدع وضلالات وما شاكل ذلك فتُؤدِّي بصاحبها إلى ما ذُكر في الحديث ( والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ) : هذا بدايته الركون إلى أهل الباطل ومساعدتهم : تبدأ نكتة سوداء وتتَّسع ,كلما مال إلى الباطل وكلَّما جارى المبطلين والمضلِّين إلى أن ينتكس قلبه –عياذاً بالله تعالى- فيصير كالكوز مجخِّياً : إذا قُلبَ على رأسه ؛تُفرغ عليه مياه الدنيا كلها فلا تدخل فيه قطرة !!
يصير قلبه هكذا تقرأُ عليه القرآن والحديث والمواعظ فلا يقبل شيئاً , تتلوا الآيات والأدلَّة والبراهين فلا يستجيب !! لماذا ؟ لأنَّ قلبه انتكس ثمرةً لانتكاسه الأساسي إلى أن وصل به إلى هذه المرحلة السوداء المظلمة والمهلكة –والعياذ بالله تعالى-.
فيُصبح :( لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ) :هذا ثمرة للزيغ والانتكاس الذي يجب أن يحذر منه المسلم وأن يسأل الله تبارك وتعالى في كلِّ لحظة من لحظاته أن يُثبِّت قلبه على دينه الحقِّ .
وهناك أمثلة للثبات على الحقِّ وأورع الأمثلة : ثبات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأصحابهم الذين اهتدَوْا بهداهم وخيرهم أصحاب محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ؛فكل من صحب الأنبياء فله فضلٌ على من بعدهم من أُمَّة ذلك النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأُصحاب محمد صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل هذه الأمَّة ؛أفضل من كلِّ من جاء بعدهم فلو أنفق أحدنا مثل أُحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفَه وفاقوا في الفضل من سبقهم . قال تبارك وتعالى :( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ .. ) (آل عمران:110) فهم أفضل النَّاس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ,ولا سيما السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار -رضي الله عنهم- .فهؤلاء ضربوا أروع الأمثلة للثبات : في مكة كانوا يُعذَّبون ويُشرَّدون ويُؤذون ويُقتل بعضهم كما حصل لأبي عمَّار (ياسر) وأمِّه سميّة قُتلاَ صبرا على التعذيب وثبتاَ وثبتاَ .. حتى قُتِلاَ -رضي الله عنهما- .
وثبت بلال -رضي الله عنه- كان يُذهب به إلى بطحاء مكة في شدَّة الحرِّ وتُلقى الصخرات الملتهبة على صدره وهم يضربونه ويُؤذونه ويُسلِّطون عليه الصبيان يسخرون به وهو ثابت يقول : أحدٌ أحدٌ ؛الله وحده لا شريك له ,لا اللاَّت ولا العُزَّى .
وكم لاقَوْا من الأذى ؛فرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لاقَى من الأذى الشديد في مكة آذته قريش حتَّى أمر طُغاتهم بإلقاء سلى الجزور على رقبته وهو ساجد صلَّى الله عليه وسلَّم.
وأبو بكر الصِّديق آذوه حتى خرج مُهاجراً -رضي الله عنه- فرجع في ذِمَّة ابن الدغنَّة ,وكان -رضي الله عنه- يقرأُ القرآن فيتقصَّف عليه النِّساء والصبيان فخافت قريش على نسائهم وأبنائهم أن يدخُلوا في دين الله الحقِّ !!فيمنعونه من الصلاة ويطلبون من هذا الرَّجل الذي أدخله في ذمَّته أن يُسكته أو يُخرجه من ذمَّته !!
فيقول لأبي بكر : إمَّا أن تُرجع إليَّ ذمَّتي وعهدي وشأنُك وإمَّا أن تقف وتترك هذا الذي أنت عليه . فقال أبو بكر -رضي الله عنه- : أنا أردُّ ذمَّتك وأبقى في ذمَّة الله سبحانه وتعالى .
وصبروا دهراً على الأذى الشديد فما غيَّروا ولا بدَّلوا ,وما كان أحدٌ منهم يرتدّ سُخطةً لدينه كما ذكر ذلك أبو سفيان -رضي الله عنه- في حديثه المعروف مع هرقل ,لمَّا سأله : من هم أتباع محمد هل هم ضعفاء الناس أم أشرافهم ؟ فقال : بل ضعفاؤهم .فقال هرقل : هم أتباع الأنبياء !
وهل يرتدّ أحدٌ منهم سُخطةً لدينه ؟ قال : لا ) الحديث .
فالصَّحابة -رضي الله عنهم- رضوا بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم نبيًّا ورسولاً .
فهاجروا إلى الحبشة وهاجروا إلى المدينة صابرين محتسبين ؛فصبروا وصابروا ورابطوا وجاهدوا إلى أن مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فارتدَّ أكثر العرب فثبتوا وصبروا وواجهوا الردَّة حتى قَضَوْا عليها .وكان على رأس الثابتين أبو بكر الصِّديق -رضي الله عنه- فقال : واللهِ لو منعوني عناقاً -أو عقالاً- كانوا يُؤدُّونه إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لقاتلتهم عليه.
وقد كان عارضه بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- في قتال المرتدين ,فقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- : والله لو منعوني عناقا -أو عقالاً- كانوا يؤدونه لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لقاتلتهم عليه . واقتنع الصحابة -رضي الله عنه- برأيه السديد فقاتلوا وثبتوا وقاتلوا وقاتلوا حتى أعاد الله هؤلاء الذين ارتدوا إلى حضيرة الإسلام ثمَّ اندفعوا جميعا إلى الفتوحات وهم ثابتون يتسابقون إلى مرضاة الله والشهادة في سبيل الله يـبذلون مهجهم وأموالهم لنصرة دين الله وإعلاء كلمة الله فهم أمثلة رائعة للثبات على الإسلام إلى الممات -رضي الله عنهم-وصبر غيرهم من الأئمة الذين واجهوا شيئا من الأذى ؛فهذا أحمد بن حنبل-رحمه الله- واجه صنوف الأذى في دولة المأمون والمعتصم والواثق إذ تغلَّب الجهمية والمعتزلة على الدولة وأمسكوا بزمام الأمور وقادوا الخلفاء إلى أهوائهم وضلالاتهم وكفرياتهم فإنَّ القول بأنَّ القرآن مخلوق كفر بالله لأنَّه طعن في الله وفي كتابه وفي رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم فكفرهم السلف , أرادوا أهل السنة على أن يقولوا بأنَّ القرآن مخلوق فأبوا فعذَّبوهم وشردوهم وقتلوا منهم ما قتلوا وضعف القليل منهم والبقية صمدوا وعلى رأسهم الإمام أحمد –-رضي الله عنه- فقد ضرب ضربا يهدُّ الجبال ولكنه ما تزعزع ولا انتكس ولا تأثر بل ظلَّ صامدا كالجبل الأشم تداوله ثلاثة خلفاء حتى أتى الله بالفرج وأعلى كلمة الحقِّ ونكَّس أعلام أهل الباطل فذهبوا هباء منثورا وأعلى الله السنة وأعزَّ أهلها وأكرمهم في زمن الخليفة المتوكل -رضي الله عنه- وجزاه الله عن الإسلام ونصرة السنة خير الجزاء .
وابن تيمية -رحمه الله- كذلك واجه صنوفا من الأذى وسجن مرات ومات في السجن وكان يجاهد لأعلاء كلمة الله واجه الفرق كلها : فرق الفتن والضلال من اليهود والنصارى والملاحدة والزنادقة والصوفية الخرافيين والروافض , وخاض كل ميدان لإعلاء كلمة الله ونصرة سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فنصره الله على ضلالاتهم وأصولهم الباطلة كما قال تعالى :( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ) (الإسراء:81) وقد آذوه رغم جهاده العلمي وجهاده بالسيف يكيدون له شتَّى المكائد فإذا قابلوه خضعوا وذلوا الحكام والمحكومين وإذا خرج تآمروا عليه وسجن سنين فصبر وثبت حتى لقي الله تبارك وتعالى وهو في السِّجن .
والأمثلة كثيرة في الإسلام للثابتين الصادقين حتى قبلنا -قبل هذه الأمة- كان هناك من تحفر له الأرض ويشقُّ نصفين لا يصده ذلك عن دينه .
هذه الأمور أمثلة للمؤمنين الصادقين تحفزهم على الاستقامة والثبات فلا تضرُّهم كثرة الهالكين ولا قلة المستقيمين الثابتين على الحق والجماعة مع من كان على الحق كائنا من كان ولو كان وحده لو أنَّ الناس كلهم اجتمعوا على الباطل وأنت على الحق فأنت على الحق وأنت الجماعة فلا يغرنَّكم كثرة الزبد فإنَّما هم غثاءٌ كغثاء السيل كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم , أهل البدع والله غثاء غثاء أهل الباطل والله غثاء والناس هم أهل الحق ولو كانوا قلَّة ولو كانوا في غاية الغربة .
اثبتوا يا عباد الله وقد يأتي الدجال بفتنته: عنده فتن وشبه عنده أشياء تخلب الألباب -والعياذ بالله- يقول للأرض انبُتي فتنبت ... يفعل الأفاعيل . ومكتوب على وجهه كاف فاء راء ( أي كافر ) ؛فمن أراد الله له الضلال يتبعه من الغثاء ومن أراد الله له الثبات يثبت ...ويكون أشدَّ الناس عليه كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :( أشد الناس على الدجال بنو تميم)...الدجال ولعلَّ هذا –إن شاء الله -من آثار دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-وما حصل للشباب من الشبهات في هذا الوقت نسأل الله أن يبددها ,الشبهات الكثيرة ة الكثيرة التي قذفها أهل الأهواء والبدع في أبناء هذه البلاد فكم قذفوا من الشبهات والشهوات والفتن وخدعوا كثيرا من الشباب وخدعوهم وأخذوهم من صغرهم :
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى * * * فصادف قلبا خاليا فتمكنا
نسأل الله أن يطهر قلوبهم من هذه الشبهات ومن هذه الفتن والشهوات وأن يعيدهم إلى حظيرة السنة ليكونوا جيشا إسلاميا محاربا للدجاجلة وعلى رأسهم الدجال الأكبر فإنَّ هناك دجالين غير الدجال يقول رسول صلَّى الله عليه وسلَّم :( غير الدَّجال أخوفني عليكم ...) الحديث .
فتن في هذا الوقت تكالبت على كثير من الشباب على أيدي أناس قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ,هذا نوع من الدجاجلة الذين خافهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أكثر من خوفه من الدجال الأكبر فقد خاف صلَّى الله عليه وسلَّم على أمته من هؤلاء أكثر من خوفه عليهم الدجال يَضِلُّون ويُضِلون لكن نسأل الله تبارك وتعالى أن يَمُّنَّ على الشباب بالهداية وأن يرزقهم البصيرة في دينهم وأن يرزقهم العقول الواعية والقلوب الناضجة -بارك الله فيكم-.
يقول الله تبارك وتعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة:209-210) هذا أمر بالثبات على الإسلام كلِّه جميعا عقائده و عباداته وحلاله وحرامه وسائر شعبه لا تترك شيئا , شعب الإسلام والإيمان كثيرة جدًّا حاول قدر ما تستطيع أن لا تترك منها شيئا إلاَّ وقمت وعملته العقائد تستوفيها والعبادات تحاول أن تعمل منها ما استطعت وقد نعجز ويعذرنا الله سبحانه وتعالى لكن أنت عزمك على أن لا تترك منها شيئا لا تترك شيئا جاء به محمد صلَّى الله عليه وسلَّم إلاَّ وتعض عليه بالنواجذ تؤمن به تحبه تثبت عليه , الواجبات والمستحبات والعقائد حاول قدر الإمكان ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً .. ) (البقرة:20 أي لا تتركوا منه شيئا ,الإسلام كله لا تترك منه شيئا كما جاء في التفسير أنَّ على الناس جميعا أن يكونوا على الإسلام كله كما قال تبارك وتعالى :( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ..) (آل عمران:103) وقوله :( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) : مسالكه وطرقه الفاجرة ومكائده لا تتبعها وكن منها على حذر فإنَّه لكم عدُّو :( إنَّه لكم عدو مبين ) : ما يريد إلاَّ إهلاك بني آدم وقال تبارك وتعالى :( .. أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ) (الكهف:50) إنسانٌ يخلقه الله ويرزقه وسخر له ما في السماوات وما في الأرض وسهل له كلَّ أمور حياته كيف يترك دينه ويتبع الشيطان ؟! أو يترك بعض دينه ؟! لأنَه أمر باتباع كلِّ ما جاء به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذا الانحراف من آلاف البشر الكفار والزنادقة واليهود والنصارى وأهل البدع والضلال كل هؤلاء كاد لهم هذا الشيطان الخبيث فاتبعوه وصدق عليهم إبليس ظنَّه –والعياذ بالله- فلا نتبع خطوات الشيطان ولنحذر من متابعته في أيِّ شيء فإنَّه يجرنا إلى الهلاك ,يجرُّ إلى البدع والضلال ؛إما أن يجر إلى الشبهات والشهوات أو إلى ارتكاب الكبائر والمهالك وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم من اتباع الشيطان في أيِّ أمر من الأمور أبدا لا في أبواب العقائد ولا في أبواب العبادات والمعاملات وما شاكل ذلك حرم الله علينا البدع أشدَّ التحذير وحرم علينا الكبائر وتوعد عليها بأشدِّ صنوف الوعيد ,كلها مسالك شيطانية تتبع فيها عدو الله وعدوك وهو الشيطان , اتخذ الله سبحانه وتعالى وليا واتخذه ناصرا وهاديا واتخذ الشيطان عدوًّا .
ومن علامة أنك عدوٌّ صادق للشيطان أنَّك ثابت على الحق وأنك دخلت في السلم كافة ,فإذا أخللت بهذا باتباع شيء من الشهوات أو باتباع شيء من الشبهات الكفرية أو البدعية فقد اصطادك الشيطان وأصبحت لعبة في يده ,كيف تنسى الله وتنسى نعمه التي أسبغها عليك ظاهرا وباطنا وسخر لك ما في السماوات والأرض ثمَّ ترمي بنفسك في أحضان هذا العدو يفعل بك ويقودك إلى المهالك –والعياذ بالله- , الله أعطاك السمع والبصر والعقل لماذا؟ لتعرف حقَّ الله تبارك وتعالى وحقوق العباد وتقوم بها قال تبارك وتعالى:( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الاسراء:36) هذه نعم عظيمة أنعمها الله عليك لتستعين بها على طاعة الله سبحانه وتعالى لتستقيم في هذه الحياة لتثبت على شرع الله لتدخل في دين الله كافة ما تترك منه شيء ولكن حذرك الشيطان وبين أنَّه عدو لك في غير ما آية قال الله تبارك وتعالى :( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (يـس:60) أخذ عليهم كلَّ المواثيق أن لا يعبدوا الشيطان وعبادته قد تكون الإسلام وقد تكون طاعته في الشرك ,وقد تكون طاعته في المعاصي ؛فقد تكون من أهل الشهوات -والعياذ بالله- المُعرَّضين للجحيم أو من أهل الشبهات من أهل البدع والضلالات .
نمتثل أمر الله سبحانه وتعالى هذه الآيات فهو يأمرنا بالثبات ,بالاستقامة ,بالاتباع ,بالاعتصام , , بالدخول في السلم كافة , يحذرنا من الشيطان ,يحذرنا من التفرق ,يحذرنا من البدع قال تبارك وتعالى :( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (الشورى:21) كلام خطير إن اتبعت أصحاب البدع والضلالات واتخذت بعضهم مشرعين ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) بعض الناس يفسرها تفسير سياسي فقط وهي تشمل النواحي السياسية والعقائدية وغيرها وشياطين الإنس والجن يشرعون لك .و قد يشرعون لك شيئاً يُخرِجُك من الإسلام بالكلية ,وشيء لا يخرج من الإسلام إلاَّ إذا استحللته مثلا . نسأل الله العافية الحكم بغير ما أنزل الله إذا استحلَّه كفر ؛لأنَّه اتخذ مع الله شركاء ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )
الشاهد أنَّ هذه الآية تشمل كل جوانب الدين .
( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) : يدخل فيها أهل البدع ورؤساء الضلال فهم كذلك مشرعون ,لا نأخذ عنهم ,لا نعاملهم ,نُحذِّرُ الناس منهم نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
هناك دعوات سياسية لا همَّ لها إلاَّ الصراع السياسي ,لا هدي الأنبياء وإصلاحهم العقدي والمنهجي ؛فهذا شيء معروف وملموس وواقع هذا دليل على عدم الصدق في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى .
الصادق في دعوته إلى الله يتبع طريق الأنبياء بماذا يبدأ وبماذا ينتهي ؛الدعوة لها بدايات لها منطلقات ليس كل واحد على طريقته ؛ فهذا شيء رسمه الله تبارك وتعالى لجميع الأنبياء قال تبارك وتعالى :( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) (النحل:36) كلُّ رسول هذه دعوته محاربة الشرك ووسائله ومظاهره هذه دعوة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم كيف تتركها؟!!
عبادة القبور تعطيل صفات الحلول وحدة الوجود ضلالات كلها من اتباع خطوات الشيطان كيف تترك الناس يتبعون خطوات الشيطان ؟ يتبعون هذا العدو و لا تبين لهم كيف تنصب نفسك داعية إلى الإسلام وهذا حالك؟! أين الأمانة؟! أين النصح ؟!لابدَّ أيها الإخوة من النصيحة للمسلمين وتمييز الحقِّ من الباطل والهدى من الضلال لا تأخذك في الله لومة لائم لو كان من أقرب الأقربين ومن أحب الأحباء إليك وقع في خطأ أو وقع في ضلال تُبَيِّن له فتنصحه بالحكمة والموعظة الحسنة لأنَّ سكوتك على الباطل يؤدي بالمساكين إلى الوقوع في حبائل أهل الباطل وفي اتباع خطوات الشيطان فيخرجون عن الالتزام الحق وعن الثبات على الإسلام والسنة ,كيف يثبت على الإسلام والسنة والشبه تكتنفه من كل أرجاء الدنيا ومن حواليه؟ وأنت لا تبدد هذه الشبهات ولا تبين أنها من خطوات الشيطان , كل هذه من خطوات الشيطان ,هذه الشبهات البدعية والكفرية والشهوانية كلها من خطوات إبليس اللعين فعلينا أن نحذرها ونحذر الناس منها ونحارب هذا العدو وجيوشه وجنوده من أهل الباطل والضلال فإنَّ للشيطان جنودا من الإنس والجن قال تعالى :( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام:112) وقال تعالى :( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنَّة والناس ) هؤلاء شياطين وهذه الوساوس والشبهات يقذفهاجنود إبليس على المسلمين والمساكين والضعفاء : ضعفاء العقول وضعفاء النفوس فيتخطفونهم بهذه الشبهات الشيطاينة , فلابدَّ من بيان الإسلام كافة ما نترك شيء قال تبارك وتعالى :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (المائدة:67) والعلماء ورثة الأنبياء عليهم أن يقوموا بتبليغ كل ما جاء به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم والتحذير من كل ما حذر منه محمد صلَّى الله عليه وسلَّم .
ولا ندخل في السلم كافة ولا نخالف خطوات الشيطان إلاَّ بهذا .
على هذا ثبت أئمة الإسلام الناصحون يبيعون أنفسهم لله و لا يخشون في الله لومة لائم يبينون للناس الحق في صغيره وكبيره وجليله ودقيقه لأنَّ الله أخذ عليهم الميثاق أن يقوموا بالبيان ,وأُخذَت عليهم العهود والمواثيق أن يُبيِّنُوه للناس ولا يكتموا منه شيئا قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) (البقرة:159) وأخطر أهل الأهواء -يا إخوتاه- الذين يلبسون لباس السنة والسلفية وهم ينطوون على أشياء غيرها ,فهؤلاء أخطر الناس على دين الله وأكثرهم تلبيسا وتشبيها على الناس فيجب الحذر والتحذير منهم ,ووالله ما اجتاحوا شبابنا في هذه البلاد إلاَّ بهذا اللباس المزيف لأنَّ أهل الباطل جربوا وناطحوا صخرة السلفية فتكسرت قرونهم فلجؤوا إلى هذا الأسلوب الماكر وهو التزيي بزيِّ السلفية وادعاء السلفية والفطناء يدركون أنَّ هذا لباس مزيف ليس لباسا صحيحا أبدا و الدليل الواضح أنَّ هذا لباس مزيف لاصطياد البلهاء فالذي عنده فطنة ويعرف المنهج السلفي يدرك حقيقة أمر هؤلاء وأنَّ لباسهم هذا كاذب مزيف للتضليل واجتاحوا شبابا كثيرا بهذا المكر والدهاء فنسأل الله أن يبصر شبابنا فيدرك الناصحين الصادقين الذين يريدون لهم الخير في الدنيا والآخرة ومن لا يبالي بهلاكه يكسبه إلى صفه ويسخر لأغراضه و... وشهواته ولا يبالي به في أيِّ واد هلك بينما هذا الناصح المسكين تقذف إليه الشبه ويرمى بالمهلكات من أولئك الماكرين فتنطلي هذه الأمور على المساكين المخدوعين .
يا إخوتاه : كتاب الله تعالى بين أيدينا وسنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بين أيدينا وبيان الصحابة وعملهم وواقعهم و تأريخهم و عقائدهم كلها تشهد لهذا المنهج السلفي بأنَّه دين الله الحق وأفضل ميزان للثبات على الحق والالتزام بالحق أن تكون على ما كان عليه محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه -رضي الله عنهم- .
لما تحدث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الفرق :( افترقت اليهود إلى واحد وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاَّ واحدة قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي ) هذا ميزان لكلِّ إنسان هل هو على الحقِّ أو الباطل الحق ؟
لذا يجب أن يعرف الإنسان الحقَّ ,و أن يكون من أهل الحق ,أن يكون معتصما بحبل الله أن يكون مُتَّبِعاً لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم متبعا لكتاب الله مهتديا بهديه هذا الميزان :كتاب الله وسنة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم , الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه لم يكونوا إلاَّ على القرآن والسنة ما عندهم شيء آخر غير هذا خذ هذا الميزان وزن به نفسك وزن به الطوائف والأشخاص تدرك الحق –إن شاء الله – إن أخلصت لله -عزَّ وجلَّ-أما وأنت تفقد هذا الميزان فستظلُّ ملعبة لأهل الأهواء (أهل الشبهات وأهل الشهوات) إذا ضيَّعت هذا الميزان ضعت وصرت لعبة بأيدي العابثين .
الأسئلة والأجوبة :
- السؤال (1) : ما حكم القراءة والدراسة في علم المنطق غير المخلوط بالعقائد الفاسدة ككتاب ( سلم الأخضري ) وكتاب ( آداب البحث والمناظرة ) وغيرها لطالب علم مُبتدئ ؟
- الجواب : علم المنطق لا يحتاج إليه الذكي ولا يستفيد الغبي !!
وهل للمبتدئ دخل في المنطق ؟!
ابن الصلاح والنووي حرما وقال قومٌ ينبغي أن يعلما
السلف حرموا علم الكلام وعلم المنطق أسوأ منه لماذا تتعلمه ؟ ليكون ميزانا تميز به بين الحق والباطل ؟!
سبحان الله القرآن ليس ميزانا بين الحق والباطل ؟!
لهذا حذَّر السلف من علم الكلام والفلسفة و المنطق منها - بارك الله فيكم- والله المستعان.
قال الإمام الشافعي : ( حكمي على أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنعال ويُطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال هذا جزاء من أعرض عن كتاب الله وأقبل على الكلام )
وقالوا : من تعلَّم الكلام تزندق .
والمنطق أسوأ من الكلام ولهذا يُقال والله أعلم : إنَّ المعتزلة أهل الكلام كانوا يُحرِّموا المنطق !!
وأنَّ الأصوليين المتأخرين أدخلوا المنطق في العلوم الإسلامية وأدخلوا بعض الأشياء في الأصول وهي ليست منه للأسف الشديد !!
فنحن في غُنية عن الكلام والمنطق والفلسفة .وكما قلنا : هذا علم سيئٌ فلا يحتاج إليه الذكيّ ولا يستفيد منه الغبيّ !!
والأصول والقواعد التي تضمَّنها القرآن وكذلك السنّة النبوية أفضل بآلاف المرَّات منها.
هذه الأمور التي يتبجَّحون بها موجودٌ في القرآن والسنَّة ما هو أفضل منها . نعم .
- السؤال 2 : أحسن الله إليكم ,سائلٌ يقول : أحد طلبة العلم في الحديث يقول : " الحديث الصحيح يكفي عن الحديث الحسن والضَّعيف , ولا يجوز للمرء أن يستدلّ بالأحاديث التي دون الصحيح " فما رأيُكم في هذا الكلام ؟
- الجواب : أقول : إنَّ هذا الكلام غير صحيح .
- فالحديث إن كان صحيحاً لذاته فهو حجَّة .
- وإن كان حسناً لذاته فهو حجّة ؛وهو صِنْوُ الصحيح في الاحتجاج ووجوب العمل به .
- وإن كان من شديد الضَّعف فلا حاجة لنا فيه .
- وإن كان من الضعيف الذي يقبل التقوية فهذا ممَّا يعتضد إمَّا بشاهد أو متابع وإمَّا بشواهد أو متابعات, لأنَّ الكلام إما أن يكون صِدقاً فيُقبل .وإمَّا أن يكون كذباً فيُردّ . وإن وُجدت قرينة تُلحقه بأحد القسمين أُلحِق به وإلاَّ نتوقَّف فيه .
فإذا كان الراوي من أهل الصِّدق لكنَّه ضعيف الحفظ وعنده رواية هل نردَّها أو نقبلها ؟
الجواب : نتوقَّف فيها حتى نجد ما يشدُّها ويعضدها فإن جاء من طريق أُخرى ولو صاحبها سيء الحفظ أو من طريق مرسل ... دلَّ على أنَّ هذا الإنسان الصَّادق -وإن كان ضعيف الحفظ- قد ضبط هذا الحديث ؛فقد جاء دليل من هنا ودليل من هنا على إثبات حكم . فابتداءً هو ضعيف فتوقَّفنا في روايته ثمَّ وجدنا ما يعضده ,فكان هذا العاضد دليلاً على أنَّ هذا الراوي الصَّادق -الذي في حفظه شيء- قد ضبط هذا الحديث فهذا يكون حجَّة وينـتقل من الضعف إلى القوَّة ؛من حيِّز الضعيف إلى حيِّز الحسن لغيره .
- وإذا كان حديث ما حسنٌ لذاته فهو مقبول ,ونبحث عمَّا يُقَوِّيه فإذا وجدنا حديثاً آخر صحيحاً أو حسناً في مستواه زاده تقوية له ونعدُّه في سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم . وهذا عليه السَّلف : عليه أحمد وغيره من الأئمة -رحمهم الله-. ألاَ تعلم أنَّ مالكاً -رحمه الله- يحتجُّ بالمراسيل ؟! وكثير من العلماء يحتجُّون بالمراسيل .فهذا الذي عندنا أقوى من المراسيل .
ثمَّ جاء أحمد والشافعي وغيرهم من أئمة الإسلام فيحتجُّون بالمرسل -وهو من قسم الضعيف- إذا جاء ما يعضده .ويحتجُّون بسيئ الحفظ إذا جاء ما يسنده ,ويحتجُّون برواية المدلِّس –التي فيها ريبة لأنَّه يُدلِّس- إذا جاء ما يُسنده من رفع احتمال التدليس من طريق أُخرى إمَّا عنه وإمَّا عن غيره فانتفت بذلك الشبهة والريبة .
فرواية المدلس إذا جاءت بالعنعنة خارج الصحيحين فإننا نتوقَّف في قبوله ,فإذا جاءت من طريق أُخرى صرَّح فيها بالتحديث أوالسَّماع انتفت الشبهة تماماً ووجب علينا قبول خبره .
وكذلك إذا جاء غيره ووجدنا له متابعاً أو شاهداً انتفت هذه الشبهة .وقبلنا روايته .
ومعنى كلام هذا الطالب –هداه الله- أنَّنا نردُّ كثيراً من السنَّة النبوية !!!
فأحمد والترمذي والبخاري والشافعي وأئمة الإسلام الكبار يحتجُّون بالشواهد والمتابعات والعواضد في الاحاديث التي فيها شيءٌ من الضَّعف .فشبهة الضَّعف تنتفي بمجيء الحديث من طريق أُو طرق أُخرى فلا يحقُّ لنا أبداً أن نتوقَّف والحالة هذه .
فهذا الكلام الذي سمعناه في السؤال غير صحيح -بارك الله فيكم- ومُخالف لمنهج السَّلف أئمة الحديث مهما توسَّعوا في الدَّعاوى فلستم واللهِ أنصح لدين الله من أئمة الإسلام .
يا إخوة هؤلاء كثيرٌ منهم يُشوِّشون على القرآن ويُشوِّشون على السنَّة !!
فيقولون : السنة أخبار آحاد والأحاديث الصحيحة التي تلقتها الأمة بالقبول أخبار آحاد ما نحتج بها في العقائد , إذا جاءت أحاديث باطلة تثبت خرافاتهم احتجوا بها أحاديث باطلة أحاديث ضعيفة مهلهلة لا يحتج بها أهل السنة يحتجون بها في العقائد إذا جئت إلى باب العقائد وناقشتهم في عقائدهم الفاسدة في تعطيل صفات الله وغيرها قالوا : لا هذا أخبار آحاد ! وهم من جهة أخرى يحتجون بالأباطيل على ضلالاتهم وخُرافاتهم .وهذه شبهة جديدة التي نجمت الآن في هذا العصر وما أكثر الشبهات في هذا العصر .
وكلُّ خير في اتباع من سلف *** وكلُّ شرٍّ في ابتداع من خلف
قال تعالى :( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (النساء:115)
وإذا جاء أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والجوزجاني والشافعي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني وغيرهم من أئمة الإسلام ويحتجون بهذه الأحاديث التي يردها هؤلاء أنتبع الأئمة أم نتبع هؤلاء ؟!
كونوا يا إخوة على بصيرة اثبتوا ياعباد الله اثبتوا فإن الشبهات كثيرة تأتي من هنا ومن هنا ومن هنا وعلى مر الأيام وعلى مر السنين تتكاثف الشبهات فاثبتوا على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح –بارك الله فيكم-.
السؤال (3):ما الفرق بين العقيدة والمنهج؟
- الجواب : قضية التفريق بين العقيدة والمنهج جاءت في هذا العصر ,الناس لم يكونوا يفرقون بين العقيدة والمنهج ولكن جاءت الفتن فاضطر بعض أهل السنة إلى التفريق بين العقيدة والمنهج . لكن الشيخ ابن باز لا يفرق بين العقيدة والمنهج فيقول كلها واحد .
وأنا اضطررت إلى أن أقول : العقيدة أوسع من المنهج لأن العقيدة تدخل في المنهج منهج أهل السنة في الاعتقاد في الأسماء والصفات كما جاء في الكتاب والسنة منهج أهل السنة كذا ومنهج أهل السنة في الاستدلال كذا ,منهج أهل السنة في الأخبار كذا هذا هو منهجهم كيف يستدلون هذا من المنهج ,كيف يتلقون الأخبار هذا من المنهج.
- السؤال (4) : ما هو تعريف أهل السنة والجماعة للإيمان ,وهل العمل داخل في الإيمان ؟ - الجواب : أستغرب -والله- من هذا السؤال !!
والله أستغربه جدًّا !! هل تظنُّونَ أنَّنا نعتقد أنَّ العمل ليس من الإيمان ؟!!
قبحَّ الكذَّابين الأفَّاكين .والله يكذبون علينا ويفترون والله ما هم من السنة في شيء يكذبون علينا وإنَّهم من أهل الضلال والأهواء والله إنَّهم يحاربون منهج السلف .
نحن ندين الله بأنَّ الإيمان : ( قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) دلَّ على ذلك كتاب الله وسنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم . وهذا الضابط وهذا التعريف لأهل السنة شوكة في نحور المرجئة والخوارج والمعتزلة قوامه نصوص لا تحصى من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهذا ما دلَّ عليه كتاب الله سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ومضى عليه الصحابة و التابعون وأئمة الإسلام إلى يومنا هذا ونحن نشأنا عليه وندعو إليه ونذبُّ عنه ونحارب من خالفه ولو ادَّعى ما ادَّعى .
الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ويكفيكم المؤلفات الكثيرة التي أُلِّفَتْ للردِّ على الخوارج والمعتزلة والمرجئة بأصنافها .
ومن تلكم الكتابات ما دوَّنه الإمام البخاري –رحمه الله – في أوَّل كتابه الصحيح (كتاب الإيمان) وجاء بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على أنَّ العمل من الإيمان وكله ردٌّ على المرجئة ونحن تربينا على هذا ونحارب الإرجاء كما نحارب سائر الضلالات , ويأتي قوم جهلاء ضلال أعداء للسنة يقولون إنَّا مرجئة !!! –قاتلهم الله- هم عندي في باب الكذب أخس من الخوارج والروافض شاؤوا أم أبوا لأنَّهم أكذب من الروافض على أهل السنة وأكثر حقدا على أهل السنة وأكثرافتراء وكذبا على أهل السنة ومع ذلك هم يلبسون لباس السنة كذبا و زُورًا وليسوا من أهل السنة .ولو كان عندهم من السنة شيء ما حاربوا أهل السنة بالبواقع والكذب والأفتراءات وقد بينا -والله -أكاذيبهم فهم ينطلقون من الكذب ويدورون في دوامة الكذب ولا يخرجون منها –والله– وقد حصدناهم حصدا بالأدلة والبراهين وبينا أكاذيبهم ,ورأسهم الحداد الكذاب وبينتُ أنه كذب في جزء من كتاب له مائة وعشرون كذبة وتشبث الحدادية الضالة به وجاء باشميل الكذاب الأفاك وبَيَّنْتُ كذبه وضلاله في "إزهاق أباطيل باشميل" فعليكم بهذا الكتاب فإنَّ هذا الأفَّاك عدو لدود للسنة وجاء فالح الحربي فاحتضنوه واحتضنهم وكال لأهل السنَّة الأكاذيب والافتراءات يقول : إنَّنا مرجئة المرجئة ....هم أخس من المرجئة–والله –المرجئة أحسن وأنبل منهم -على ضلالهم- أحسن من هؤلاء الكذَّابين .
الكذب أخبث من البدع يا إخوان والكذَّاب أخبث عند أهل السنة من المبتدع المبتدع يروى عنه ,رَوَوْا عن القدرية رَوَوْا عن المرجئة ورَوَوْا عن غيرهم من أصناف أهل البدع ما لم تكن بدعة كفرية ما لم يكن كذابا .
لو كان ينتمي إلى أهل السنة كذَّاب فهو عندهم أحق من أهل البدع .
ومن هنا عقد ابن عدي-رحمه الله- في كتابه "الكامل" حوالي تسعة وعشرين باباً للكذَّابين( ) وبابًا واحداً لأهل البدع .
وقَبِل أهل السنة رواية أهل البدع الصادقين غير الدعاة .
وهؤلاء الحدادية يعتبرون من الدعاة إلى البدع جاؤوا بأصول يرفضها الإسلام وتحارب السنة وتحارب منهج السلف وطعنوا في أئمة الإسلام ,الحداد بدأ بابن تيمية وثنَّى بابن أبي العزّ وبابن القيم واستمرَّ هكذا لا يتولى أحد من أهل السنة أحدًا إلاَّ وطعنوا فيه وطعنوا في علماء السنة المعاصرين فطعنوا في الشيخ أحمد النجمي والشيخ زيد في الجنوب فمن يقوم بالسنة ؟!!
وطعنوا في علماء أهل مكة والمدينة فمن يقوم بالسنة ؟!!!!
حرب على السنة طعنوا في كلِّ سلفي لا يوافق الحدادية كلهم طعنوا فيهم وشوهوهم وشوَّهوا أصولهم وجاؤوا بأصول فاسدة مناهضة لمنهج السلف فهم امتداد للإخوان المسلمين بل هم أسوأُ من الإخوان المسلمين ,ويخدمون أهل البدع جميعا وحرب أهل السنة هدف لهم , كيف –يا أخي-ما تترك سلفي ؟!!!!خمسة ستة في مكة وعشرة في المدينة في الدنيا كلها ما تركوا السلفيين لا في مكة ولا في المدينة ولا في الطائف وفي جدَّة كلُّ واحد يقدم خيرا ويذبُّ عن السنة طعنوه ,هل هؤلاء أهل سنة ؟!!!!
يقولون :(كَذَب ,كَذَب .. ) يحكمون عليهم بالكذب يفترون عليهم ومنه رمينا نحن بأننا مرجئة عند هؤلاء الأفَّاكين .
ووالله لا يحاربون الإرجاء ولا يصدقون في شيء أبدا ؛إنَّما استلوا الإرجاء سلاحا على أهل السنة لأنَّهم بينوا ضلالهم وضلال ساداتهم وأسلافهم وسلوا سيف الإرجاء وسيف الكذب وسيف الفجور على أهل السنة !!!
فاحذروهم ومن انخدع بهم فليتق الله في نفسه فوالله لقد وضُحَ أمرهم فلا عذر لكم ولا شبهة لكم .
إنَّهم كذابون كذابون كذابون ,وكل يوم يفضحهم الله بالكذب ,-والله- بعض الكفار يخجلون من الكذب وهم لا يخجلون !! وكلما بيَّنتَ كذب زعمائهم وخياناتهم ازدادوا تشبثا به وبأصولهم وبأباطيلهم.
أين العقول ؟!! أين الدِّين ؟!! أين الخُلُق ؟!!
فافهموا هؤلاء واحذروهم وحَذِّرُوا الناس من ضلالهم وشرِّهم -وفقكم الله-.
فنحن ندين الله بما في كتاب الله وسنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ العقائد والأحكام والحلال والحرام والصغيرة والكبيرة وشعب الإسلام والإيمان : كل ذلك ندعو إليه ونموت دونه .
كيف نحن مرجئة ؟! ونحن نحارب الإرجاء ونحارب غيره والذي يُقَصِّرُ في العمل نبيِّن له وندعوه إلى الحقِّ فكيف نكون مرجئة ؟! - قاتلهم الله- .
- السؤال (4) : هل البدع الإضافية والبدع الأصلية من البدع المكفرة ؟
- الجواب: من البدع الأصلية ما يكون كفراً فتعطيل صفة من صفات الله كفر .
وبعض غلاة المرجئة قد يدخلون في الكفر لأنَّهم يحصرون الإيمان في المعرفة فقط ولأنهم لا يحترمون نصوص الوعيد ويهدرونها ويجرؤُّون العصاة على الاستهانة بدين الله الحق ومن بدع الخوارج والمعتزلة ما يُكَفِّرُ كقولهم بخلق القرآن .
السلف كفرُّوهم وبعضهم ما كفَّرهم .
أما المتأخرون من عهد ابن تيمية ومن بعده فيقولون : إنَّ الشُّبَه قد تكاثرت ونور الإسلام ما بقي كما كان في عهد الصحابة والسلف -رضي الله عنهم- مضيئا للناس فيقولون : هذا كفر ولا يكفر إلاَّ بعد إقامة الحجة ( لا نكفرهم إلا بعد إقامة الحجة ) إنسان يقول أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدا رسول الله ويصلي ويصوم ويحج ويزكي ويؤمن بالجنة وبالنار وو ... وعنده ضلالات كفرية لكن يرى نفسه أنَّه مؤمن وعنده شبهات ضلَّ بسببها فمثل هذا أنت لا تحكم عليه بالكفر -بارك الله فيكم- أقم عليه الحجة إن أقمتَ عليه الحجة وعاند وأصرَّ على ضلالته الكفرية حينئذ يكفر ويحكم بكفره ورِدَّته.
- السؤال (5) : هل هناك أفضل من الصحابة يأتي من بعدهم ؟
- الجواب : لا, لا يأتي من بعد الصحابة -رضي الله عنهم- أفضل منهم أبداً ولو أنفق مثل عشرين أحد من الذهب لأنَّ فضيلة الصحبة ميزة لا يلحقهم فيها لكن قد يفضل في بعض الأحيان في بعض الجوانب لا يلزم من الحديث : ( يأتي على الناس زمان العاضُّ فيه على دينه كالقابض على الجمر أجر الواحد منهم كأجر الخمسين قالوا :منا أو منهم ؟ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : منكم ) هذا الحديث منهم من يصححه ومنهم من يضعفه ,وأنا في إحدى دراساتي تبين لي ضعفه وسأعيد دراسته لكن لو قلنا بهذا وثبت فلا يلزم من كونه يعدل أجر خمسين أن يكون أفضل من الصحابة لأنَّ هذه الميزة التي امتاز بها الصحابة على غيرهم لا يلحقهم فيها أحد ميزة الصحبة -بارك الله فيكم- .
والله أعلم وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلاَّ أنت أستغفرك وأتوب إليك ) اهـ.
لشيخنا العلاَّمة ربيع السنَّة :
أبي محمد ربيع بن هادي عمير المدخلي
- حفظه الله تعالى -
افتتح بها دورة الإمام عبد العزيز بن باز -رحمه الله- العلمية
بمسجد الملك فهد- رحمه الله - بمدينة الطائف
بتاريخ 22/06/1426 هـ
- قام بتفريغ المادة ومراجعتها على الشيخ :
أخوكم الضعيف أبو إسحاق السطائفي - ثبته الله على السنَّة -
الحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، منْ يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
إنَّ الثبات على السنَّة معناه الثبات على الإسلام بكليته : أصوله وفروعه عقائده ومناهجه نثبت عليه ونتمسَّك به حتى نلقى الله تبارك وتعالى .
والآيات الحاثَّة على الإتباع والالتزام والاعتصام والاستقامة كثيرة. والأحاديث كذلك ترمي كلُّها إلى غاية واحدة وهي ثبات المسلمين على الإسلام .
وإذا قلنا الثبات على السنَّة ليس المراد فقط ما يفهمه كثير من الناس من لفظ السنَّة فإنَّ السنَّة هنا تعني العقيدة والمنهج .تعني الإسلام . تعني الثبات على الإسلام .
هذا الثبات بتوفيق من الله سبحانه وتعالى .
التوفيق بيده سبحانه وتعالى والهداية بيده والإضلال بيده سبحانه وتعالى .
( يهدي من يشاء ويضل من يشاء )
ويُثبِّت من بشاء ويُزيغ قلب من يشاء . ولهذا علَّمنا الله تبارك وتعالى أن ندعوَهُ بأن لا يُزيغ قلوبنا ( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران: قال الصحابة –رضوان الله عليهم - : واللهِ لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلَّينا
يعني أنَّهم معترفون بأنَّ الهداية من الله تعالى منٌّ وفضلٌ منه سبحانه وتعالى ورحمة منه لمن شاء من عباده ( يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (آل عمران:74) يمتن على من يشاء ويتفضّل على من يشاء بالهداية ويُسدِّدهم ويُوفِّقهم سبحانه وتعالى وتحفُّهم عنايته تبارك وتعالى من الزيغ والضلال والانحراف .
( ويُضِلُّ من يشاء ) : إمَّا بالضلال الكامل كالكفر والخروج من الإسلام –عياذا بالله تعالى - .
وإمَّا الضلال الجزئي : ضلال من يدخل في الإسلام فيضِلُّ في عقيدته وفي منهجه -عياذا بالله تعالى- .
فهذا الضلال حصل بمشيئة الله تعالى .والهداية التي نالها وإن كانت ضئيلة من الله سبحانه وتعالى فالأمر كلُّه له والحكم له سبحانه وتعالى ونواصي العباد بيده وقلوب الناس بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء سبحانه وتعالى .
ولهذا علَّمنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن ندعوا :( يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك )
الإنسان لا يُوكل إلى نفسه ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) لو وُكِل الناس إلى أنفسهم لهلكوا في دينهم ودنياهم ,ولكنَّ الله سبحانه وتعالى هو الذي بيده كلُّ شيءٍ , والأمور كلُّها بيده ونواصي العباد بيده ,وقلوب الناس جميعا بين إصبعين من أصابعه .
تعالى وتقدَّس سبحانه وتعالى .
فإذا ثبَّت الله الإنسان على دينه الحقِّ وعلى منهج الله الحقِّ وعلى العقائد الصحيحة فهذه نعمة من الله فلا يغترَّ بنفسه ,ويتباهى ويتطاول ,وإنَّما يتواضع لله ربِّ العالمين .ويشكره على ذلك ويضرع إليه أن يحفظ له دينه ,وأن يُجنِّبه المزالق والزيغ سبحانه وتعالى . ولا يفتر ( ولا يأمن مكر الله إلاَّ القوم الخاسرون )
فنسأله في كلِّ لحظةٍ من لحظاتنا أن يُثبِّت قلوبنا .
هذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكان يُكثر من قوله :( يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك ) فقالت عائشة : ( فقلت يا رسول الله إنك تكثر تدعو بهذا الدعاء فقال : إنَّ قلب الآدمي بين إصبعين من أصابع الله عز وجل فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه )
والثبات مطلوبٌ من المؤمن ,ويجب أن يسأل ربَّه أن يُثبِّته في كلِّ موقف : في الجهاد ,عند الموت يدعو الله تبارك وتعالى ويضرع إليه أن يُثبِّته ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (الأنفال:45) إذا لم يُوجد ثباتٌ ما وُجد جهادٌ ,ولا قيمة للجهاد إلاَّ بالثبات حتى ينزل النَّصر من الله سبحانه وتعالى .
فإذا ثبت المؤمنون على العقائد الصحيحة والمناهج الصحيحة وثبتوا في القتال أمام أعداء الله عزَّ وجلَّ وقاتلوا لإعلاء كلمة الله لا بُدَّ أن ينصرهم الله تبارك وتعالى بهذا الثبات على الدِّين ,وبهذا الجهاد لإعلائه ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )
والمطلوب منه إذا كان في ساحة الجهاد أن يثبُت ,ولا يفِرُّ ؛ والفرار من الزَّحف إحدى الكبائر المُهلكة - والعياذ بالله- كما سنذكر ذلك في حديث الكبائر إذا اتَّسع له الوقت .
فنسأل الله أن يُثبِّتنا وإيَّاكم على دينه .
وكما قلنا : إنَّ الله يأمر بالاعتصام بحبله بعد هذه الآية التي تلوناها :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
(آل عمران:102-103) الاعتصام معناه الثبات ,أُثـبُتوا واستمسكوا ,يُساعدكم على هذا الثبات على الإسلام الذي أوصانا الله أن نحتفظ به ونُحافظ عليه إلى الممات .
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ) (لأعراف:3) ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) (فصلت:30-32) هذا ثناء من الله تبارك وتعالى على الذين استقاموا على دينه .والاستقامة هي الثبات على ما جاء به محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ,بل على ما جاء جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من عقيدة ومنهج ,فلهم منزلة عند الله تبارك وتعالى بثباتهم على هذا الدِّين الحقِّ .
قالوا :( ربنا الله ) : آمنوا بالله سبحانه وتعالى حقَّ الإيمان بأسمائه وصفاته وربوبيته وأنَّه هو المعبود الحقُّ فلا يعبدون سواه .
- يُثبتون لله الربوبية : وأنَّه هو خالق هذا الكون ومدبَِّره ومنظِّمه وهو الخالق الراَّزق المُحيِي المميت إلى آخر صفات الربوبية .
- وأسمائه الحسنى : اللائقة بجلاله وعظمته وربوبيته سبحانه وتعالى التي وردت في القرآن وفي السنَّة ,نُؤمن بها كما جاءت ,.وهي داخلة في هذه الاستقامة .
- والإيمان بأنَّه لا إله إلا هو : لا معبود بحقٍّ إلاَّ هو سبحانه وتعالى ,فلا نعبد إلاَّ إيَّاه نُخلص له الدِّين سبحانه وتعالى ,نحبُّه غاية الحبِّ ,ونخافه ونخشاه غاية الخوف والخشية , ونرجوه ونطمع فيما عنده في الدنيا والآخرة سبحانه وتعالى ,ونصلي له ونسجد ونَحْفِد ونزكي ونصوم ونذكر ونقرأُ القرآن ... كلُّ ذلك تقرُّباً إليه سبحانه وتعالى .
وهذه كلُّها من أسباب الاستقامة . ومن دلائل الاستقامة إذا نحن حافظنا على هذه الشعائر وهذه الشرائع . وهذه من الدلائل أنَّ الله قد وفّقك -إن شاء الله- وأنَّك من المستقيمين الذين يستحقُّون من الله سبحانه وتعالى هذا الثناء ,وبستحقون من الله هذا الوعد وهذه العناية الربَّانية : ( تتنزَّل عليهم الملائكة ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا ) متى يكون هذا التنـزُّل ؟ عندما يحتضر العبد ,عندما يُوشك على مفارقة هذه الدنيا وتوديعها ,والرحلة إلى الدار الآخرة يُنزِّلُ الله الملائكة يُبشِّرونهم ويُثبِّتونهم ويُسدِّدونهم ,ويُذهبون عنهم المخاوف ( ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا ) :
- لا تخافوا من المستقبل : مما أمامكم ؛فما أمامكم إلاَّ الجنَّة ورضوان الله عزَّ وجلَّ .
- ولا تحزنوا على ما خلَّفتم من المال والولد وغير ذلك .
هذه بشائر تأتي الثابتين على دين الله الحقِّ في هذا الظرف العصيب ,فهذه مرحلة خطيرة جداً ,فبعضهم قد تسوء خاتمته –والعياذ بالله- نسأل الله أن يُثبِّتنا وإيَّاكم .
كما جاء في الحديث ( إنَّ الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة .وإنَّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار ) متفق عليه .
هذا الحديث الذي نخاف منه الخوف الشديد من نهاية المطاف وخاتمة الحياة .
فلا بُدَّ للعبد أن يضرع إلى الله سبحانه وتعالى دائماً أن يُثبِّته على دينه ,وأن يتوفَّانا وهو راضٍ عنَّا .
وفي الحديث الآخر : ( من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءَه ,ومن كَرِه لقاء الله كَرِه الله لقاءه )
حدَّث بهذا الحديث أبو هريرة وحدَّثت به عائشة -رضي الله عنهما- قالوا : ( يا رسول الله كلنا يكره الموت . فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : قال ليس ذاك ( أي ليس ذلكم ما تفهمون ) ,ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه . وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه فكره لقاء الله وكره الله لقاءه ) متفق عليه .
فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن يشتاق إلى لقائه ويُحبُّ لقاء الله تبارك وتعالى ,وأن يُكرمنا في هذه الظروف العصيبة بحسن الخاتمة ,وأن يُتحفنا بالبشائر الطيِّبة ,وهذا ثمرة للثبات على دين الله والاستقامة التي يرجع الفضل فيها إلى الله سبحانه وتعالى ,لا إلى قلبك ولا عضلاتك ولا إلى شيء من هذا .وإنَّما يرجع إلى رحمة الله وفضله ولطفه .
فنسأله أن يلطُف بنا وأن يُثبِّت قلوبنا على الحقِّ .
( وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (فصلت:30) الجنَّة وعدها الله الذين آمنوا واستقاموا في آيات كثيرة في السور المكية والمدنية :
قال تعالى : ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً ) (النبأ: 31-35) .
وقال سبحانه وتعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (آل عمران:133-134) فالوعد بالجنَّة مذكور في كثير وكثير من السور والآيات .
الجنَّة التي كنتَ تُوعد بها في القرآن وعلى لسان محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بسبب الثبات على الإسلام بسبب الاستقامة عليه أبشر بها .
فنسأل الله أن يُثبِّتنا وإيَّاكم على الهدى وأن يرزقنا وإيَّاكم الاستقامة .
والله سبحانه وتعالى قال :( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (هود:1121) أمرٌ بالاستقامة .
وقال سبحانه وتعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) (هود:113) هذا أمرٌ من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وأتباعه المؤمنين الذين تابوا إلى الله وأنابوا إليه والتزموا صراطه المستقيم وثبتوا على دينه : أمرهم بالاستقامة عليه .والاستقامة هي الثبات كما أمركَ الله : تلتزم بالعقيدة التي أمرك الله بالتزامها ,تلتزم بالأوامر كلِّها التي أمرك الله بها وتجتنب النَّواهي التي نهاك الله عنها وحرَّمها عليك .
فالقرآن فيه جوامع : الكلمة الواحدة تحتها معانٍ ,وهذه الآية منها وتلك الآيات منها .
فهذا توجيه لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وللمؤمنين إلى يوم القيامة أن يستقيموا على دين الله الذي أمرهم به ؛فلا يحيدون عنه يمنة ولا يسرة ولا يزيغون عن هذا الأمر الشامل لكل التشريعات والعقائد والأحكام .
( ولا تطغَوْا ) : الطغيان هو مجاوزة الحدِّ .
ولا تطغَوْا : لا بغلوٍّ في الدِّين ولا في غيره ,ولا بظلمٍ ؛ففيه محاربة كلِّ صنوف الطغيان من الظلم والتَّعدِّي .
والتَّعدِّي لحدود الله من أفضع أنواع الظلم ,فشرائع الله محدَّدة والعقائد محدَّدة والأوامر محدَّدة مضبوطة ,وكلُّ شيءٍ مضبوطٌ ,ويأتي أحدهم يزيد من عنده ؟!! فهذا طغيان .
لا تزد إلاَّ في حدود ما شرع الله لك من النوافل .
وحتى النوافل نفسها لا تزيد فيها : الصلاة خمس لا تزيد سادسة .
الظهر أربعاً لا تزد خامسة لا تزد سادسة ولا تزد سجدة ولا أي شيء .
لا تزد في العبادات فقد حدَّدها الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم .
كان صلَّى الله عليه وسلَّم يقوم وينام ,ويصوم ويُفطر ,فلمَّا اشتدَّت رغبة بعض الصحابة -رضي الله عنهم- في الزيادة في العبادة سألوا أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن عمله فقالوا إنَّه يقوم وينام ويصوم ويفطر ويتزوج النساء , فقال أحدهم :(أما أنا فأقوم ولا أنام وقال الثاني وأنا أصوم ولا أفطر وقال الآخر وأنا لا أتزوج النساء) فأغضب ذلك النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال :( ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس منِّي ) متفق عليه .
فالذي يقوم الليل ويصوم النهار يضيع حقوقا كثيرة ثمَّ في النهار يفشل ويستحسر ويضعف وقد ينتكس نتيجة لغلوِّه ,الصحابة الذين كانت لديهم هذه الرغبة تراجعوا .
ما أسرعهم للاستجابة !
ولكن كثيرا من الناس إذا وقع في خطأ ,وقع في غلو ,وقع في شيء فلا يرجع -عياذا بالله- وهذا بلاء مهلك نسأل الله العافية .
( ولا تطغوا ) لا تطغى على الناس لا تعتدِ عليهم في أعراضهم ولا في أموالهم ولا في أرواحهم ولا في شيء ممَّا حرم الله تبارك وتعالى ولا تُخِلَّ بحقوق الأقربين ولا الأبعدين هذا تحذير من الله سبحانه وتعالى .
( إنَّه بما تعملون بصير ) رقابة دقيقة من الله سبحانه وتعالى , يحصي مثاقيل الذر من الأعمال الصالحة والطالحة ( فمن يعمل مثقال ذرَّة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرَّة شرًّا يره ) فالمؤمن يكون دائما حذرا مراقبا لله تبارك وتعالى يؤدي الأعمال الصالحة وهو مراقب لله , يخاف أن يكون فيها رياء فيها حب السمعة فيها أشياء فيهلك والعياذ بالله و يخاف من المعاصي ويخاف من البدع لأنَّ الله يراقبه ( والله على كلِّ شيء شهيد )
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (المجادلة:7) تبارك وتعالى على كلِّ شيء شهيد , على كلِّ شيء رقيب بما نعمل بصير سبحانه وتعالى , فالمؤمن يجب أن يستحضر هذا الأمر مراقبة الله وأنَّ الله بكلِّ شيء بصير وسميع وأنَّ الله محيط بكلِّ شيء ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصُّدور فلا تخفى عليه خافية , ومن وفقه الله ورزقه مثل هذه الحال الطيبة فإنَّ هذا من علامات ثباته -إن شاء الله- وعلامة استقامته ,هذا من العلامات و البشائر أنَّ المؤمن على ثبات واستقامة -إن شاء الله- ولكن لا يكلُّ ولا يملُّ من اللجوء والضراعة إلى الله سبحانه وتعالى ,كيف ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يسأل هذا السؤال ويكثر منه ( يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ) كيف نأمن أن ينحرف الإنسان ويزيغ قلبه ؟!
والله ما يأمنه إلاَّ منافق ولا يخافه إلاَّ مؤمن , فينبغي أن نخاف الله سبحانه وتعالى ولكن لا يطغى هذا الخوف فيكون خوف ورجاء متوازيان متوازنان حتى يحضر الموت فحينئذٍ يُغَلِّب المؤمن الرجاء وحسن الظنِّ بالله سبحانه وتعالى .
( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) (هود:113) الميل إلى أهل الظلم الذين يظلمون النَّاس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم . أو يظلمونهم في دينهم بالبدع والضلالات وبثِّ الدعايات الخطيرة ضد الإسلام وما شاكل ذلك .
لا تركن إلى أحدٍ من هؤلاء ,لا تنصره لا تساعده على باطله . الآية تشمل كل هذه الأنواع ,كلُّ مبطل ظالم ,كل مبتدع ظالم , كلُّ منتهك لحرمات المسلمين ظالم ,فلا تركن إلى أحدٍ من هؤلاء فتمسَّك النَّار ؛لأنَّك لمَّا تركن إلى الفاسق ,إلى المبتدع الضال إلى الظالم المجرم الممنتهك لحرمات النَّاس وحرمات الشريعة تكون كأنَّك راضٍ كأنَّك مساعدٌ ومُؤيِّد فليحذر المؤمن من الوقوع في هذا الركون المُهلك .
قال تعالى :( وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ) (الاسراء:74-75)
يقول الله تبارك وتعالى لرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم : شيئاً قليلاً !!
فليحذر المؤمن من هذا الركون ,وقد يكون من أسباب الزيغ والضلال –عياذاً بالله تعالى- :( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) (الصف:5) وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال :( كنا عند عمر فقال أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن فقال قوم نحن سمعناه فقال لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره قالوا أجل قال تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر قال حذيفة فأسكت القوم فقلت أنا قال أنت لله أبوك قال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ) رواه مسلم في صحيحه وغيره .
( على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض ) : بتثبيت من الله سبحانه وتعالى , يُثبِّته الله سبحانه وتعالى بسبب رفضه للباطل ,رفضه للشهوات ,رفضه للشبهات .
فإنَّ الفتنة قد تكون دنيوية : فتنة الشهوات فتُهلك .
وقد تكون فتنة شبهات وبدع وضلالات وما شاكل ذلك فتُؤدِّي بصاحبها إلى ما ذُكر في الحديث ( والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ) : هذا بدايته الركون إلى أهل الباطل ومساعدتهم : تبدأ نكتة سوداء وتتَّسع ,كلما مال إلى الباطل وكلَّما جارى المبطلين والمضلِّين إلى أن ينتكس قلبه –عياذاً بالله تعالى- فيصير كالكوز مجخِّياً : إذا قُلبَ على رأسه ؛تُفرغ عليه مياه الدنيا كلها فلا تدخل فيه قطرة !!
يصير قلبه هكذا تقرأُ عليه القرآن والحديث والمواعظ فلا يقبل شيئاً , تتلوا الآيات والأدلَّة والبراهين فلا يستجيب !! لماذا ؟ لأنَّ قلبه انتكس ثمرةً لانتكاسه الأساسي إلى أن وصل به إلى هذه المرحلة السوداء المظلمة والمهلكة –والعياذ بالله تعالى-.
فيُصبح :( لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ) :هذا ثمرة للزيغ والانتكاس الذي يجب أن يحذر منه المسلم وأن يسأل الله تبارك وتعالى في كلِّ لحظة من لحظاته أن يُثبِّت قلبه على دينه الحقِّ .
وهناك أمثلة للثبات على الحقِّ وأورع الأمثلة : ثبات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأصحابهم الذين اهتدَوْا بهداهم وخيرهم أصحاب محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ؛فكل من صحب الأنبياء فله فضلٌ على من بعدهم من أُمَّة ذلك النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأُصحاب محمد صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل هذه الأمَّة ؛أفضل من كلِّ من جاء بعدهم فلو أنفق أحدنا مثل أُحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفَه وفاقوا في الفضل من سبقهم . قال تبارك وتعالى :( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ .. ) (آل عمران:110) فهم أفضل النَّاس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ,ولا سيما السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار -رضي الله عنهم- .فهؤلاء ضربوا أروع الأمثلة للثبات : في مكة كانوا يُعذَّبون ويُشرَّدون ويُؤذون ويُقتل بعضهم كما حصل لأبي عمَّار (ياسر) وأمِّه سميّة قُتلاَ صبرا على التعذيب وثبتاَ وثبتاَ .. حتى قُتِلاَ -رضي الله عنهما- .
وثبت بلال -رضي الله عنه- كان يُذهب به إلى بطحاء مكة في شدَّة الحرِّ وتُلقى الصخرات الملتهبة على صدره وهم يضربونه ويُؤذونه ويُسلِّطون عليه الصبيان يسخرون به وهو ثابت يقول : أحدٌ أحدٌ ؛الله وحده لا شريك له ,لا اللاَّت ولا العُزَّى .
وكم لاقَوْا من الأذى ؛فرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لاقَى من الأذى الشديد في مكة آذته قريش حتَّى أمر طُغاتهم بإلقاء سلى الجزور على رقبته وهو ساجد صلَّى الله عليه وسلَّم.
وأبو بكر الصِّديق آذوه حتى خرج مُهاجراً -رضي الله عنه- فرجع في ذِمَّة ابن الدغنَّة ,وكان -رضي الله عنه- يقرأُ القرآن فيتقصَّف عليه النِّساء والصبيان فخافت قريش على نسائهم وأبنائهم أن يدخُلوا في دين الله الحقِّ !!فيمنعونه من الصلاة ويطلبون من هذا الرَّجل الذي أدخله في ذمَّته أن يُسكته أو يُخرجه من ذمَّته !!
فيقول لأبي بكر : إمَّا أن تُرجع إليَّ ذمَّتي وعهدي وشأنُك وإمَّا أن تقف وتترك هذا الذي أنت عليه . فقال أبو بكر -رضي الله عنه- : أنا أردُّ ذمَّتك وأبقى في ذمَّة الله سبحانه وتعالى .
وصبروا دهراً على الأذى الشديد فما غيَّروا ولا بدَّلوا ,وما كان أحدٌ منهم يرتدّ سُخطةً لدينه كما ذكر ذلك أبو سفيان -رضي الله عنه- في حديثه المعروف مع هرقل ,لمَّا سأله : من هم أتباع محمد هل هم ضعفاء الناس أم أشرافهم ؟ فقال : بل ضعفاؤهم .فقال هرقل : هم أتباع الأنبياء !
وهل يرتدّ أحدٌ منهم سُخطةً لدينه ؟ قال : لا ) الحديث .
فالصَّحابة -رضي الله عنهم- رضوا بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم نبيًّا ورسولاً .
فهاجروا إلى الحبشة وهاجروا إلى المدينة صابرين محتسبين ؛فصبروا وصابروا ورابطوا وجاهدوا إلى أن مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فارتدَّ أكثر العرب فثبتوا وصبروا وواجهوا الردَّة حتى قَضَوْا عليها .وكان على رأس الثابتين أبو بكر الصِّديق -رضي الله عنه- فقال : واللهِ لو منعوني عناقاً -أو عقالاً- كانوا يُؤدُّونه إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لقاتلتهم عليه.
وقد كان عارضه بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- في قتال المرتدين ,فقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- : والله لو منعوني عناقا -أو عقالاً- كانوا يؤدونه لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لقاتلتهم عليه . واقتنع الصحابة -رضي الله عنه- برأيه السديد فقاتلوا وثبتوا وقاتلوا وقاتلوا حتى أعاد الله هؤلاء الذين ارتدوا إلى حضيرة الإسلام ثمَّ اندفعوا جميعا إلى الفتوحات وهم ثابتون يتسابقون إلى مرضاة الله والشهادة في سبيل الله يـبذلون مهجهم وأموالهم لنصرة دين الله وإعلاء كلمة الله فهم أمثلة رائعة للثبات على الإسلام إلى الممات -رضي الله عنهم-وصبر غيرهم من الأئمة الذين واجهوا شيئا من الأذى ؛فهذا أحمد بن حنبل-رحمه الله- واجه صنوف الأذى في دولة المأمون والمعتصم والواثق إذ تغلَّب الجهمية والمعتزلة على الدولة وأمسكوا بزمام الأمور وقادوا الخلفاء إلى أهوائهم وضلالاتهم وكفرياتهم فإنَّ القول بأنَّ القرآن مخلوق كفر بالله لأنَّه طعن في الله وفي كتابه وفي رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم فكفرهم السلف , أرادوا أهل السنة على أن يقولوا بأنَّ القرآن مخلوق فأبوا فعذَّبوهم وشردوهم وقتلوا منهم ما قتلوا وضعف القليل منهم والبقية صمدوا وعلى رأسهم الإمام أحمد –-رضي الله عنه- فقد ضرب ضربا يهدُّ الجبال ولكنه ما تزعزع ولا انتكس ولا تأثر بل ظلَّ صامدا كالجبل الأشم تداوله ثلاثة خلفاء حتى أتى الله بالفرج وأعلى كلمة الحقِّ ونكَّس أعلام أهل الباطل فذهبوا هباء منثورا وأعلى الله السنة وأعزَّ أهلها وأكرمهم في زمن الخليفة المتوكل -رضي الله عنه- وجزاه الله عن الإسلام ونصرة السنة خير الجزاء .
وابن تيمية -رحمه الله- كذلك واجه صنوفا من الأذى وسجن مرات ومات في السجن وكان يجاهد لأعلاء كلمة الله واجه الفرق كلها : فرق الفتن والضلال من اليهود والنصارى والملاحدة والزنادقة والصوفية الخرافيين والروافض , وخاض كل ميدان لإعلاء كلمة الله ونصرة سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فنصره الله على ضلالاتهم وأصولهم الباطلة كما قال تعالى :( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ) (الإسراء:81) وقد آذوه رغم جهاده العلمي وجهاده بالسيف يكيدون له شتَّى المكائد فإذا قابلوه خضعوا وذلوا الحكام والمحكومين وإذا خرج تآمروا عليه وسجن سنين فصبر وثبت حتى لقي الله تبارك وتعالى وهو في السِّجن .
والأمثلة كثيرة في الإسلام للثابتين الصادقين حتى قبلنا -قبل هذه الأمة- كان هناك من تحفر له الأرض ويشقُّ نصفين لا يصده ذلك عن دينه .
هذه الأمور أمثلة للمؤمنين الصادقين تحفزهم على الاستقامة والثبات فلا تضرُّهم كثرة الهالكين ولا قلة المستقيمين الثابتين على الحق والجماعة مع من كان على الحق كائنا من كان ولو كان وحده لو أنَّ الناس كلهم اجتمعوا على الباطل وأنت على الحق فأنت على الحق وأنت الجماعة فلا يغرنَّكم كثرة الزبد فإنَّما هم غثاءٌ كغثاء السيل كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم , أهل البدع والله غثاء غثاء أهل الباطل والله غثاء والناس هم أهل الحق ولو كانوا قلَّة ولو كانوا في غاية الغربة .
اثبتوا يا عباد الله وقد يأتي الدجال بفتنته: عنده فتن وشبه عنده أشياء تخلب الألباب -والعياذ بالله- يقول للأرض انبُتي فتنبت ... يفعل الأفاعيل . ومكتوب على وجهه كاف فاء راء ( أي كافر ) ؛فمن أراد الله له الضلال يتبعه من الغثاء ومن أراد الله له الثبات يثبت ...ويكون أشدَّ الناس عليه كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :( أشد الناس على الدجال بنو تميم)...الدجال ولعلَّ هذا –إن شاء الله -من آثار دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-وما حصل للشباب من الشبهات في هذا الوقت نسأل الله أن يبددها ,الشبهات الكثيرة ة الكثيرة التي قذفها أهل الأهواء والبدع في أبناء هذه البلاد فكم قذفوا من الشبهات والشهوات والفتن وخدعوا كثيرا من الشباب وخدعوهم وأخذوهم من صغرهم :
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى * * * فصادف قلبا خاليا فتمكنا
نسأل الله أن يطهر قلوبهم من هذه الشبهات ومن هذه الفتن والشهوات وأن يعيدهم إلى حظيرة السنة ليكونوا جيشا إسلاميا محاربا للدجاجلة وعلى رأسهم الدجال الأكبر فإنَّ هناك دجالين غير الدجال يقول رسول صلَّى الله عليه وسلَّم :( غير الدَّجال أخوفني عليكم ...) الحديث .
فتن في هذا الوقت تكالبت على كثير من الشباب على أيدي أناس قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ,هذا نوع من الدجاجلة الذين خافهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أكثر من خوفه من الدجال الأكبر فقد خاف صلَّى الله عليه وسلَّم على أمته من هؤلاء أكثر من خوفه عليهم الدجال يَضِلُّون ويُضِلون لكن نسأل الله تبارك وتعالى أن يَمُّنَّ على الشباب بالهداية وأن يرزقهم البصيرة في دينهم وأن يرزقهم العقول الواعية والقلوب الناضجة -بارك الله فيكم-.
يقول الله تبارك وتعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة:209-210) هذا أمر بالثبات على الإسلام كلِّه جميعا عقائده و عباداته وحلاله وحرامه وسائر شعبه لا تترك شيئا , شعب الإسلام والإيمان كثيرة جدًّا حاول قدر ما تستطيع أن لا تترك منها شيئا إلاَّ وقمت وعملته العقائد تستوفيها والعبادات تحاول أن تعمل منها ما استطعت وقد نعجز ويعذرنا الله سبحانه وتعالى لكن أنت عزمك على أن لا تترك منها شيئا لا تترك شيئا جاء به محمد صلَّى الله عليه وسلَّم إلاَّ وتعض عليه بالنواجذ تؤمن به تحبه تثبت عليه , الواجبات والمستحبات والعقائد حاول قدر الإمكان ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً .. ) (البقرة:20 أي لا تتركوا منه شيئا ,الإسلام كله لا تترك منه شيئا كما جاء في التفسير أنَّ على الناس جميعا أن يكونوا على الإسلام كله كما قال تبارك وتعالى :( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ..) (آل عمران:103) وقوله :( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) : مسالكه وطرقه الفاجرة ومكائده لا تتبعها وكن منها على حذر فإنَّه لكم عدُّو :( إنَّه لكم عدو مبين ) : ما يريد إلاَّ إهلاك بني آدم وقال تبارك وتعالى :( .. أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ) (الكهف:50) إنسانٌ يخلقه الله ويرزقه وسخر له ما في السماوات وما في الأرض وسهل له كلَّ أمور حياته كيف يترك دينه ويتبع الشيطان ؟! أو يترك بعض دينه ؟! لأنَه أمر باتباع كلِّ ما جاء به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذا الانحراف من آلاف البشر الكفار والزنادقة واليهود والنصارى وأهل البدع والضلال كل هؤلاء كاد لهم هذا الشيطان الخبيث فاتبعوه وصدق عليهم إبليس ظنَّه –والعياذ بالله- فلا نتبع خطوات الشيطان ولنحذر من متابعته في أيِّ شيء فإنَّه يجرنا إلى الهلاك ,يجرُّ إلى البدع والضلال ؛إما أن يجر إلى الشبهات والشهوات أو إلى ارتكاب الكبائر والمهالك وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم من اتباع الشيطان في أيِّ أمر من الأمور أبدا لا في أبواب العقائد ولا في أبواب العبادات والمعاملات وما شاكل ذلك حرم الله علينا البدع أشدَّ التحذير وحرم علينا الكبائر وتوعد عليها بأشدِّ صنوف الوعيد ,كلها مسالك شيطانية تتبع فيها عدو الله وعدوك وهو الشيطان , اتخذ الله سبحانه وتعالى وليا واتخذه ناصرا وهاديا واتخذ الشيطان عدوًّا .
ومن علامة أنك عدوٌّ صادق للشيطان أنَّك ثابت على الحق وأنك دخلت في السلم كافة ,فإذا أخللت بهذا باتباع شيء من الشهوات أو باتباع شيء من الشبهات الكفرية أو البدعية فقد اصطادك الشيطان وأصبحت لعبة في يده ,كيف تنسى الله وتنسى نعمه التي أسبغها عليك ظاهرا وباطنا وسخر لك ما في السماوات والأرض ثمَّ ترمي بنفسك في أحضان هذا العدو يفعل بك ويقودك إلى المهالك –والعياذ بالله- , الله أعطاك السمع والبصر والعقل لماذا؟ لتعرف حقَّ الله تبارك وتعالى وحقوق العباد وتقوم بها قال تبارك وتعالى:( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الاسراء:36) هذه نعم عظيمة أنعمها الله عليك لتستعين بها على طاعة الله سبحانه وتعالى لتستقيم في هذه الحياة لتثبت على شرع الله لتدخل في دين الله كافة ما تترك منه شيء ولكن حذرك الشيطان وبين أنَّه عدو لك في غير ما آية قال الله تبارك وتعالى :( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (يـس:60) أخذ عليهم كلَّ المواثيق أن لا يعبدوا الشيطان وعبادته قد تكون الإسلام وقد تكون طاعته في الشرك ,وقد تكون طاعته في المعاصي ؛فقد تكون من أهل الشهوات -والعياذ بالله- المُعرَّضين للجحيم أو من أهل الشبهات من أهل البدع والضلالات .
نمتثل أمر الله سبحانه وتعالى هذه الآيات فهو يأمرنا بالثبات ,بالاستقامة ,بالاتباع ,بالاعتصام , , بالدخول في السلم كافة , يحذرنا من الشيطان ,يحذرنا من التفرق ,يحذرنا من البدع قال تبارك وتعالى :( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (الشورى:21) كلام خطير إن اتبعت أصحاب البدع والضلالات واتخذت بعضهم مشرعين ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) بعض الناس يفسرها تفسير سياسي فقط وهي تشمل النواحي السياسية والعقائدية وغيرها وشياطين الإنس والجن يشرعون لك .و قد يشرعون لك شيئاً يُخرِجُك من الإسلام بالكلية ,وشيء لا يخرج من الإسلام إلاَّ إذا استحللته مثلا . نسأل الله العافية الحكم بغير ما أنزل الله إذا استحلَّه كفر ؛لأنَّه اتخذ مع الله شركاء ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )
الشاهد أنَّ هذه الآية تشمل كل جوانب الدين .
( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) : يدخل فيها أهل البدع ورؤساء الضلال فهم كذلك مشرعون ,لا نأخذ عنهم ,لا نعاملهم ,نُحذِّرُ الناس منهم نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
هناك دعوات سياسية لا همَّ لها إلاَّ الصراع السياسي ,لا هدي الأنبياء وإصلاحهم العقدي والمنهجي ؛فهذا شيء معروف وملموس وواقع هذا دليل على عدم الصدق في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى .
الصادق في دعوته إلى الله يتبع طريق الأنبياء بماذا يبدأ وبماذا ينتهي ؛الدعوة لها بدايات لها منطلقات ليس كل واحد على طريقته ؛ فهذا شيء رسمه الله تبارك وتعالى لجميع الأنبياء قال تبارك وتعالى :( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) (النحل:36) كلُّ رسول هذه دعوته محاربة الشرك ووسائله ومظاهره هذه دعوة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم كيف تتركها؟!!
عبادة القبور تعطيل صفات الحلول وحدة الوجود ضلالات كلها من اتباع خطوات الشيطان كيف تترك الناس يتبعون خطوات الشيطان ؟ يتبعون هذا العدو و لا تبين لهم كيف تنصب نفسك داعية إلى الإسلام وهذا حالك؟! أين الأمانة؟! أين النصح ؟!لابدَّ أيها الإخوة من النصيحة للمسلمين وتمييز الحقِّ من الباطل والهدى من الضلال لا تأخذك في الله لومة لائم لو كان من أقرب الأقربين ومن أحب الأحباء إليك وقع في خطأ أو وقع في ضلال تُبَيِّن له فتنصحه بالحكمة والموعظة الحسنة لأنَّ سكوتك على الباطل يؤدي بالمساكين إلى الوقوع في حبائل أهل الباطل وفي اتباع خطوات الشيطان فيخرجون عن الالتزام الحق وعن الثبات على الإسلام والسنة ,كيف يثبت على الإسلام والسنة والشبه تكتنفه من كل أرجاء الدنيا ومن حواليه؟ وأنت لا تبدد هذه الشبهات ولا تبين أنها من خطوات الشيطان , كل هذه من خطوات الشيطان ,هذه الشبهات البدعية والكفرية والشهوانية كلها من خطوات إبليس اللعين فعلينا أن نحذرها ونحذر الناس منها ونحارب هذا العدو وجيوشه وجنوده من أهل الباطل والضلال فإنَّ للشيطان جنودا من الإنس والجن قال تعالى :( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام:112) وقال تعالى :( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنَّة والناس ) هؤلاء شياطين وهذه الوساوس والشبهات يقذفهاجنود إبليس على المسلمين والمساكين والضعفاء : ضعفاء العقول وضعفاء النفوس فيتخطفونهم بهذه الشبهات الشيطاينة , فلابدَّ من بيان الإسلام كافة ما نترك شيء قال تبارك وتعالى :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (المائدة:67) والعلماء ورثة الأنبياء عليهم أن يقوموا بتبليغ كل ما جاء به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم والتحذير من كل ما حذر منه محمد صلَّى الله عليه وسلَّم .
ولا ندخل في السلم كافة ولا نخالف خطوات الشيطان إلاَّ بهذا .
على هذا ثبت أئمة الإسلام الناصحون يبيعون أنفسهم لله و لا يخشون في الله لومة لائم يبينون للناس الحق في صغيره وكبيره وجليله ودقيقه لأنَّ الله أخذ عليهم الميثاق أن يقوموا بالبيان ,وأُخذَت عليهم العهود والمواثيق أن يُبيِّنُوه للناس ولا يكتموا منه شيئا قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) (البقرة:159) وأخطر أهل الأهواء -يا إخوتاه- الذين يلبسون لباس السنة والسلفية وهم ينطوون على أشياء غيرها ,فهؤلاء أخطر الناس على دين الله وأكثرهم تلبيسا وتشبيها على الناس فيجب الحذر والتحذير منهم ,ووالله ما اجتاحوا شبابنا في هذه البلاد إلاَّ بهذا اللباس المزيف لأنَّ أهل الباطل جربوا وناطحوا صخرة السلفية فتكسرت قرونهم فلجؤوا إلى هذا الأسلوب الماكر وهو التزيي بزيِّ السلفية وادعاء السلفية والفطناء يدركون أنَّ هذا لباس مزيف ليس لباسا صحيحا أبدا و الدليل الواضح أنَّ هذا لباس مزيف لاصطياد البلهاء فالذي عنده فطنة ويعرف المنهج السلفي يدرك حقيقة أمر هؤلاء وأنَّ لباسهم هذا كاذب مزيف للتضليل واجتاحوا شبابا كثيرا بهذا المكر والدهاء فنسأل الله أن يبصر شبابنا فيدرك الناصحين الصادقين الذين يريدون لهم الخير في الدنيا والآخرة ومن لا يبالي بهلاكه يكسبه إلى صفه ويسخر لأغراضه و... وشهواته ولا يبالي به في أيِّ واد هلك بينما هذا الناصح المسكين تقذف إليه الشبه ويرمى بالمهلكات من أولئك الماكرين فتنطلي هذه الأمور على المساكين المخدوعين .
يا إخوتاه : كتاب الله تعالى بين أيدينا وسنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بين أيدينا وبيان الصحابة وعملهم وواقعهم و تأريخهم و عقائدهم كلها تشهد لهذا المنهج السلفي بأنَّه دين الله الحق وأفضل ميزان للثبات على الحق والالتزام بالحق أن تكون على ما كان عليه محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه -رضي الله عنهم- .
لما تحدث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الفرق :( افترقت اليهود إلى واحد وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاَّ واحدة قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي ) هذا ميزان لكلِّ إنسان هل هو على الحقِّ أو الباطل الحق ؟
لذا يجب أن يعرف الإنسان الحقَّ ,و أن يكون من أهل الحق ,أن يكون معتصما بحبل الله أن يكون مُتَّبِعاً لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم متبعا لكتاب الله مهتديا بهديه هذا الميزان :كتاب الله وسنة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم , الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه لم يكونوا إلاَّ على القرآن والسنة ما عندهم شيء آخر غير هذا خذ هذا الميزان وزن به نفسك وزن به الطوائف والأشخاص تدرك الحق –إن شاء الله – إن أخلصت لله -عزَّ وجلَّ-أما وأنت تفقد هذا الميزان فستظلُّ ملعبة لأهل الأهواء (أهل الشبهات وأهل الشهوات) إذا ضيَّعت هذا الميزان ضعت وصرت لعبة بأيدي العابثين .
الأسئلة والأجوبة :
- السؤال (1) : ما حكم القراءة والدراسة في علم المنطق غير المخلوط بالعقائد الفاسدة ككتاب ( سلم الأخضري ) وكتاب ( آداب البحث والمناظرة ) وغيرها لطالب علم مُبتدئ ؟
- الجواب : علم المنطق لا يحتاج إليه الذكي ولا يستفيد الغبي !!
وهل للمبتدئ دخل في المنطق ؟!
ابن الصلاح والنووي حرما وقال قومٌ ينبغي أن يعلما
السلف حرموا علم الكلام وعلم المنطق أسوأ منه لماذا تتعلمه ؟ ليكون ميزانا تميز به بين الحق والباطل ؟!
سبحان الله القرآن ليس ميزانا بين الحق والباطل ؟!
لهذا حذَّر السلف من علم الكلام والفلسفة و المنطق منها - بارك الله فيكم- والله المستعان.
قال الإمام الشافعي : ( حكمي على أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنعال ويُطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال هذا جزاء من أعرض عن كتاب الله وأقبل على الكلام )
وقالوا : من تعلَّم الكلام تزندق .
والمنطق أسوأ من الكلام ولهذا يُقال والله أعلم : إنَّ المعتزلة أهل الكلام كانوا يُحرِّموا المنطق !!
وأنَّ الأصوليين المتأخرين أدخلوا المنطق في العلوم الإسلامية وأدخلوا بعض الأشياء في الأصول وهي ليست منه للأسف الشديد !!
فنحن في غُنية عن الكلام والمنطق والفلسفة .وكما قلنا : هذا علم سيئٌ فلا يحتاج إليه الذكيّ ولا يستفيد منه الغبيّ !!
والأصول والقواعد التي تضمَّنها القرآن وكذلك السنّة النبوية أفضل بآلاف المرَّات منها.
هذه الأمور التي يتبجَّحون بها موجودٌ في القرآن والسنَّة ما هو أفضل منها . نعم .
- السؤال 2 : أحسن الله إليكم ,سائلٌ يقول : أحد طلبة العلم في الحديث يقول : " الحديث الصحيح يكفي عن الحديث الحسن والضَّعيف , ولا يجوز للمرء أن يستدلّ بالأحاديث التي دون الصحيح " فما رأيُكم في هذا الكلام ؟
- الجواب : أقول : إنَّ هذا الكلام غير صحيح .
- فالحديث إن كان صحيحاً لذاته فهو حجَّة .
- وإن كان حسناً لذاته فهو حجّة ؛وهو صِنْوُ الصحيح في الاحتجاج ووجوب العمل به .
- وإن كان من شديد الضَّعف فلا حاجة لنا فيه .
- وإن كان من الضعيف الذي يقبل التقوية فهذا ممَّا يعتضد إمَّا بشاهد أو متابع وإمَّا بشواهد أو متابعات, لأنَّ الكلام إما أن يكون صِدقاً فيُقبل .وإمَّا أن يكون كذباً فيُردّ . وإن وُجدت قرينة تُلحقه بأحد القسمين أُلحِق به وإلاَّ نتوقَّف فيه .
فإذا كان الراوي من أهل الصِّدق لكنَّه ضعيف الحفظ وعنده رواية هل نردَّها أو نقبلها ؟
الجواب : نتوقَّف فيها حتى نجد ما يشدُّها ويعضدها فإن جاء من طريق أُخرى ولو صاحبها سيء الحفظ أو من طريق مرسل ... دلَّ على أنَّ هذا الإنسان الصَّادق -وإن كان ضعيف الحفظ- قد ضبط هذا الحديث ؛فقد جاء دليل من هنا ودليل من هنا على إثبات حكم . فابتداءً هو ضعيف فتوقَّفنا في روايته ثمَّ وجدنا ما يعضده ,فكان هذا العاضد دليلاً على أنَّ هذا الراوي الصَّادق -الذي في حفظه شيء- قد ضبط هذا الحديث فهذا يكون حجَّة وينـتقل من الضعف إلى القوَّة ؛من حيِّز الضعيف إلى حيِّز الحسن لغيره .
- وإذا كان حديث ما حسنٌ لذاته فهو مقبول ,ونبحث عمَّا يُقَوِّيه فإذا وجدنا حديثاً آخر صحيحاً أو حسناً في مستواه زاده تقوية له ونعدُّه في سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم . وهذا عليه السَّلف : عليه أحمد وغيره من الأئمة -رحمهم الله-. ألاَ تعلم أنَّ مالكاً -رحمه الله- يحتجُّ بالمراسيل ؟! وكثير من العلماء يحتجُّون بالمراسيل .فهذا الذي عندنا أقوى من المراسيل .
ثمَّ جاء أحمد والشافعي وغيرهم من أئمة الإسلام فيحتجُّون بالمرسل -وهو من قسم الضعيف- إذا جاء ما يعضده .ويحتجُّون بسيئ الحفظ إذا جاء ما يسنده ,ويحتجُّون برواية المدلِّس –التي فيها ريبة لأنَّه يُدلِّس- إذا جاء ما يُسنده من رفع احتمال التدليس من طريق أُخرى إمَّا عنه وإمَّا عن غيره فانتفت بذلك الشبهة والريبة .
فرواية المدلس إذا جاءت بالعنعنة خارج الصحيحين فإننا نتوقَّف في قبوله ,فإذا جاءت من طريق أُخرى صرَّح فيها بالتحديث أوالسَّماع انتفت الشبهة تماماً ووجب علينا قبول خبره .
وكذلك إذا جاء غيره ووجدنا له متابعاً أو شاهداً انتفت هذه الشبهة .وقبلنا روايته .
ومعنى كلام هذا الطالب –هداه الله- أنَّنا نردُّ كثيراً من السنَّة النبوية !!!
فأحمد والترمذي والبخاري والشافعي وأئمة الإسلام الكبار يحتجُّون بالشواهد والمتابعات والعواضد في الاحاديث التي فيها شيءٌ من الضَّعف .فشبهة الضَّعف تنتفي بمجيء الحديث من طريق أُو طرق أُخرى فلا يحقُّ لنا أبداً أن نتوقَّف والحالة هذه .
فهذا الكلام الذي سمعناه في السؤال غير صحيح -بارك الله فيكم- ومُخالف لمنهج السَّلف أئمة الحديث مهما توسَّعوا في الدَّعاوى فلستم واللهِ أنصح لدين الله من أئمة الإسلام .
يا إخوة هؤلاء كثيرٌ منهم يُشوِّشون على القرآن ويُشوِّشون على السنَّة !!
فيقولون : السنة أخبار آحاد والأحاديث الصحيحة التي تلقتها الأمة بالقبول أخبار آحاد ما نحتج بها في العقائد , إذا جاءت أحاديث باطلة تثبت خرافاتهم احتجوا بها أحاديث باطلة أحاديث ضعيفة مهلهلة لا يحتج بها أهل السنة يحتجون بها في العقائد إذا جئت إلى باب العقائد وناقشتهم في عقائدهم الفاسدة في تعطيل صفات الله وغيرها قالوا : لا هذا أخبار آحاد ! وهم من جهة أخرى يحتجون بالأباطيل على ضلالاتهم وخُرافاتهم .وهذه شبهة جديدة التي نجمت الآن في هذا العصر وما أكثر الشبهات في هذا العصر .
وكلُّ خير في اتباع من سلف *** وكلُّ شرٍّ في ابتداع من خلف
قال تعالى :( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (النساء:115)
وإذا جاء أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والجوزجاني والشافعي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني وغيرهم من أئمة الإسلام ويحتجون بهذه الأحاديث التي يردها هؤلاء أنتبع الأئمة أم نتبع هؤلاء ؟!
كونوا يا إخوة على بصيرة اثبتوا ياعباد الله اثبتوا فإن الشبهات كثيرة تأتي من هنا ومن هنا ومن هنا وعلى مر الأيام وعلى مر السنين تتكاثف الشبهات فاثبتوا على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح –بارك الله فيكم-.
السؤال (3):ما الفرق بين العقيدة والمنهج؟
- الجواب : قضية التفريق بين العقيدة والمنهج جاءت في هذا العصر ,الناس لم يكونوا يفرقون بين العقيدة والمنهج ولكن جاءت الفتن فاضطر بعض أهل السنة إلى التفريق بين العقيدة والمنهج . لكن الشيخ ابن باز لا يفرق بين العقيدة والمنهج فيقول كلها واحد .
وأنا اضطررت إلى أن أقول : العقيدة أوسع من المنهج لأن العقيدة تدخل في المنهج منهج أهل السنة في الاعتقاد في الأسماء والصفات كما جاء في الكتاب والسنة منهج أهل السنة كذا ومنهج أهل السنة في الاستدلال كذا ,منهج أهل السنة في الأخبار كذا هذا هو منهجهم كيف يستدلون هذا من المنهج ,كيف يتلقون الأخبار هذا من المنهج.
- السؤال (4) : ما هو تعريف أهل السنة والجماعة للإيمان ,وهل العمل داخل في الإيمان ؟ - الجواب : أستغرب -والله- من هذا السؤال !!
والله أستغربه جدًّا !! هل تظنُّونَ أنَّنا نعتقد أنَّ العمل ليس من الإيمان ؟!!
قبحَّ الكذَّابين الأفَّاكين .والله يكذبون علينا ويفترون والله ما هم من السنة في شيء يكذبون علينا وإنَّهم من أهل الضلال والأهواء والله إنَّهم يحاربون منهج السلف .
نحن ندين الله بأنَّ الإيمان : ( قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) دلَّ على ذلك كتاب الله وسنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم . وهذا الضابط وهذا التعريف لأهل السنة شوكة في نحور المرجئة والخوارج والمعتزلة قوامه نصوص لا تحصى من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهذا ما دلَّ عليه كتاب الله سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ومضى عليه الصحابة و التابعون وأئمة الإسلام إلى يومنا هذا ونحن نشأنا عليه وندعو إليه ونذبُّ عنه ونحارب من خالفه ولو ادَّعى ما ادَّعى .
الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ويكفيكم المؤلفات الكثيرة التي أُلِّفَتْ للردِّ على الخوارج والمعتزلة والمرجئة بأصنافها .
ومن تلكم الكتابات ما دوَّنه الإمام البخاري –رحمه الله – في أوَّل كتابه الصحيح (كتاب الإيمان) وجاء بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على أنَّ العمل من الإيمان وكله ردٌّ على المرجئة ونحن تربينا على هذا ونحارب الإرجاء كما نحارب سائر الضلالات , ويأتي قوم جهلاء ضلال أعداء للسنة يقولون إنَّا مرجئة !!! –قاتلهم الله- هم عندي في باب الكذب أخس من الخوارج والروافض شاؤوا أم أبوا لأنَّهم أكذب من الروافض على أهل السنة وأكثر حقدا على أهل السنة وأكثرافتراء وكذبا على أهل السنة ومع ذلك هم يلبسون لباس السنة كذبا و زُورًا وليسوا من أهل السنة .ولو كان عندهم من السنة شيء ما حاربوا أهل السنة بالبواقع والكذب والأفتراءات وقد بينا -والله -أكاذيبهم فهم ينطلقون من الكذب ويدورون في دوامة الكذب ولا يخرجون منها –والله– وقد حصدناهم حصدا بالأدلة والبراهين وبينا أكاذيبهم ,ورأسهم الحداد الكذاب وبينتُ أنه كذب في جزء من كتاب له مائة وعشرون كذبة وتشبث الحدادية الضالة به وجاء باشميل الكذاب الأفاك وبَيَّنْتُ كذبه وضلاله في "إزهاق أباطيل باشميل" فعليكم بهذا الكتاب فإنَّ هذا الأفَّاك عدو لدود للسنة وجاء فالح الحربي فاحتضنوه واحتضنهم وكال لأهل السنَّة الأكاذيب والافتراءات يقول : إنَّنا مرجئة المرجئة ....هم أخس من المرجئة–والله –المرجئة أحسن وأنبل منهم -على ضلالهم- أحسن من هؤلاء الكذَّابين .
الكذب أخبث من البدع يا إخوان والكذَّاب أخبث عند أهل السنة من المبتدع المبتدع يروى عنه ,رَوَوْا عن القدرية رَوَوْا عن المرجئة ورَوَوْا عن غيرهم من أصناف أهل البدع ما لم تكن بدعة كفرية ما لم يكن كذابا .
لو كان ينتمي إلى أهل السنة كذَّاب فهو عندهم أحق من أهل البدع .
ومن هنا عقد ابن عدي-رحمه الله- في كتابه "الكامل" حوالي تسعة وعشرين باباً للكذَّابين( ) وبابًا واحداً لأهل البدع .
وقَبِل أهل السنة رواية أهل البدع الصادقين غير الدعاة .
وهؤلاء الحدادية يعتبرون من الدعاة إلى البدع جاؤوا بأصول يرفضها الإسلام وتحارب السنة وتحارب منهج السلف وطعنوا في أئمة الإسلام ,الحداد بدأ بابن تيمية وثنَّى بابن أبي العزّ وبابن القيم واستمرَّ هكذا لا يتولى أحد من أهل السنة أحدًا إلاَّ وطعنوا فيه وطعنوا في علماء السنة المعاصرين فطعنوا في الشيخ أحمد النجمي والشيخ زيد في الجنوب فمن يقوم بالسنة ؟!!
وطعنوا في علماء أهل مكة والمدينة فمن يقوم بالسنة ؟!!!!
حرب على السنة طعنوا في كلِّ سلفي لا يوافق الحدادية كلهم طعنوا فيهم وشوهوهم وشوَّهوا أصولهم وجاؤوا بأصول فاسدة مناهضة لمنهج السلف فهم امتداد للإخوان المسلمين بل هم أسوأُ من الإخوان المسلمين ,ويخدمون أهل البدع جميعا وحرب أهل السنة هدف لهم , كيف –يا أخي-ما تترك سلفي ؟!!!!خمسة ستة في مكة وعشرة في المدينة في الدنيا كلها ما تركوا السلفيين لا في مكة ولا في المدينة ولا في الطائف وفي جدَّة كلُّ واحد يقدم خيرا ويذبُّ عن السنة طعنوه ,هل هؤلاء أهل سنة ؟!!!!
يقولون :(كَذَب ,كَذَب .. ) يحكمون عليهم بالكذب يفترون عليهم ومنه رمينا نحن بأننا مرجئة عند هؤلاء الأفَّاكين .
ووالله لا يحاربون الإرجاء ولا يصدقون في شيء أبدا ؛إنَّما استلوا الإرجاء سلاحا على أهل السنة لأنَّهم بينوا ضلالهم وضلال ساداتهم وأسلافهم وسلوا سيف الإرجاء وسيف الكذب وسيف الفجور على أهل السنة !!!
فاحذروهم ومن انخدع بهم فليتق الله في نفسه فوالله لقد وضُحَ أمرهم فلا عذر لكم ولا شبهة لكم .
إنَّهم كذابون كذابون كذابون ,وكل يوم يفضحهم الله بالكذب ,-والله- بعض الكفار يخجلون من الكذب وهم لا يخجلون !! وكلما بيَّنتَ كذب زعمائهم وخياناتهم ازدادوا تشبثا به وبأصولهم وبأباطيلهم.
أين العقول ؟!! أين الدِّين ؟!! أين الخُلُق ؟!!
فافهموا هؤلاء واحذروهم وحَذِّرُوا الناس من ضلالهم وشرِّهم -وفقكم الله-.
فنحن ندين الله بما في كتاب الله وسنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ العقائد والأحكام والحلال والحرام والصغيرة والكبيرة وشعب الإسلام والإيمان : كل ذلك ندعو إليه ونموت دونه .
كيف نحن مرجئة ؟! ونحن نحارب الإرجاء ونحارب غيره والذي يُقَصِّرُ في العمل نبيِّن له وندعوه إلى الحقِّ فكيف نكون مرجئة ؟! - قاتلهم الله- .
- السؤال (4) : هل البدع الإضافية والبدع الأصلية من البدع المكفرة ؟
- الجواب: من البدع الأصلية ما يكون كفراً فتعطيل صفة من صفات الله كفر .
وبعض غلاة المرجئة قد يدخلون في الكفر لأنَّهم يحصرون الإيمان في المعرفة فقط ولأنهم لا يحترمون نصوص الوعيد ويهدرونها ويجرؤُّون العصاة على الاستهانة بدين الله الحق ومن بدع الخوارج والمعتزلة ما يُكَفِّرُ كقولهم بخلق القرآن .
السلف كفرُّوهم وبعضهم ما كفَّرهم .
أما المتأخرون من عهد ابن تيمية ومن بعده فيقولون : إنَّ الشُّبَه قد تكاثرت ونور الإسلام ما بقي كما كان في عهد الصحابة والسلف -رضي الله عنهم- مضيئا للناس فيقولون : هذا كفر ولا يكفر إلاَّ بعد إقامة الحجة ( لا نكفرهم إلا بعد إقامة الحجة ) إنسان يقول أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدا رسول الله ويصلي ويصوم ويحج ويزكي ويؤمن بالجنة وبالنار وو ... وعنده ضلالات كفرية لكن يرى نفسه أنَّه مؤمن وعنده شبهات ضلَّ بسببها فمثل هذا أنت لا تحكم عليه بالكفر -بارك الله فيكم- أقم عليه الحجة إن أقمتَ عليه الحجة وعاند وأصرَّ على ضلالته الكفرية حينئذ يكفر ويحكم بكفره ورِدَّته.
- السؤال (5) : هل هناك أفضل من الصحابة يأتي من بعدهم ؟
- الجواب : لا, لا يأتي من بعد الصحابة -رضي الله عنهم- أفضل منهم أبداً ولو أنفق مثل عشرين أحد من الذهب لأنَّ فضيلة الصحبة ميزة لا يلحقهم فيها لكن قد يفضل في بعض الأحيان في بعض الجوانب لا يلزم من الحديث : ( يأتي على الناس زمان العاضُّ فيه على دينه كالقابض على الجمر أجر الواحد منهم كأجر الخمسين قالوا :منا أو منهم ؟ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : منكم ) هذا الحديث منهم من يصححه ومنهم من يضعفه ,وأنا في إحدى دراساتي تبين لي ضعفه وسأعيد دراسته لكن لو قلنا بهذا وثبت فلا يلزم من كونه يعدل أجر خمسين أن يكون أفضل من الصحابة لأنَّ هذه الميزة التي امتاز بها الصحابة على غيرهم لا يلحقهم فيها أحد ميزة الصحبة -بارك الله فيكم- .
والله أعلم وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلاَّ أنت أستغفرك وأتوب إليك ) اهـ.
تعليق