بسم الله الرحمن الرحيم
تكذيب واستنكار
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: تكذيب واستنكار
فإنَّ من أحطِّ أنواع الأخلاق المذمومة والصفات القبيحة: خُلُقَ الكذب، الذي توافقت الشرائع السماوية على تحريمه، واجتمعت كلمة الأنبياء على التحذير منه والتنفير من التحلِّي به.
ومن أجل ذلك كان أبغضَ خُلُقٍ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَذِبِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُحَدِّثُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكِذْبَةِ فَمَا يَزَالُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً»(١).
وقد توالت -خاصَّةً في الآونة الأخيرة- افتراءاتٌ وأكاذيبُ من عِدَّة جرائد وعلى رأسها جريدة «الخبر» حيث إنها افترت جملةً من الأباطيل بدءًا بفرية تحريم «الزلابية» وأكاذيبَ أخرى، إلى أن وصلت بدعواها أنَّ أبا عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- قد حضر مجلسًا تأسيسيًّا لحزبٍ من الأحزاب السياسية الجزائرية، فقال الصحفي -بكلِّ جرأةٍ ووقاحةٍ-: «كما كان لافتًا الحضور البارز لقادةٍ سلفيِّين تقدَّمهم الشيخ فركوس، أبرز دعاة السلفية في الجزائر»(٢)، الأمر الذي يفتح بها مجالَ التشكيك والارتياب في مبدإ السلفية وأصولها ومنهجها الدعوي، الذي يُحدثه خصوم الدعوة إلى الله تعالى.
هذا، وإنَّ الشيخ أبا عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس وإدارة موقعه وعموم الدعاة السلفيِّين يستنكرون هذا التجاوزَ المفضوح من قبل الجريدة -المشار إليها- بنشر هذه الأخبار العارية عن الصحَّة بغضِّ النظر عن الأغراض المقصودة من ورائها والجهات الخفيَّة التي تسيِّرها.
هذا ما نؤكِّده جازمين بموقفنا، وحَسْبُنا ما توارثه الفضلاء والأخيار قرنًا بعد قرنٍ، مأثورًا عن النبوَّات المتقدِّمة: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»(٣)، فإنَّ المانع من فعل القبائح والقولِ على الناس ما ليس فيهم هو الحياء، ومن فقده انهمك في كلِّ رذيلةٍ، وتجاسر على كلِّ ما يُستحيى منه فانغمس فيه ادِّعاءً أو نشرًا.
كما يتبرَّأُ أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ممَّا نسبه صاحب المقال إليه وإلى إخوانه السلفيِّين، وفي الوقت ذاته ينصح كاتبَ المقال وكلَّ أعوانه المشاركين له في كذبه بالتوبة والإنابة، وبالصدق والمصداقية الذي رفعته جريدة «الخبر» شعارا لها، والمسارعة إلى التحلُّل من أعراض الأبرياء، السرُّ بالسرِّ والعلانية بالعلانية، قبل الوقوف بين يدي العزيز الجبَّار ﴿يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ. إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 88-89].
اللَّهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ فإنه لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا فإنه لاَ يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَنَعُوذُ بِكَ رَبَّنَا مِنَ الكَذِبِ وَالبُهْتَانِ، أَوْ أَنْ نَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ، وَنَسْأَلُكَ رَبَّنَا أَنْ تَحْفَظَ عَلَيْنَا دِينَنَا وَعُقُولَنَا، إِنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلِّ اللهمَّ على محمَّدٍ وآله وصحبه وإخوانه وسلِّم تسليمًا.
الجزائر في: 26 ربيع الأول 1432ﮬ
الموافـق ﻟ: 18 فيفـري 2012م
١- أخرجه الترمذي (1973)، وانظر «السلسلة الصحيحة» للألباني (5/ 80).الموافـق ﻟ: 18 فيفـري 2012م
٢- «جريدة الخبر» الصادرة ليوم السبت:18 فيفري 2012م العدد (6629) صفحة (4).
٣- أخرجه البخاري (3484)، من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه.
المصدر
تعليق