بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على رسول الله وبعد:
فكثيرًا ما سمعنا أحاديث نبوية شريفة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ترغبنا في النوافل الراتبة و المحافظة على آدائها؛ فهل أثمرت هذه الأحاديث فينا و آتت أكلها؟!
إنّي أوصي نفسي أولاً ، ثم أوصي كثيرًا ممن غفلوا عن هذه النوافل الراتبة التي أوصانا بها خليل ربنا سبحانه و تعالى صلوات ربي و سلامه عليه دائمًا أبدًا حينما قال في الحديث الذي يرويه لنا الإمام مسلم في صحيحه :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِحَدِيثٍ يَتَسَارُّ إِلَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ حَبِيبَةَ تَقُولُ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ
قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !
وَقَالَ عَنْبَسَةُ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ!
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَنْبَسَةَ !
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ! [مسلم رقم : 1198]
الصحابة رضي الله عنهم أكمل الناس هديًا، و أصدقهم و أحرصهم متابعة للنبي صلى الله عليه و سلم.
و يروي لنا الإمام النسائي رحمه الله حديثًا يبين و يوضح أوقات هذه النوافل.
قال رحمه الله:
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ جَعْفَرٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ دَخَلَ الْجَنَّةَ.
أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ [النسائي رقم: 1771]
إذن!
من حافظ على هذه النوافل أدخله الله الجنة، و بنى له بيتا فيها.
و هذه و الله منقبة عظيمة لمن حافظ عليها و داوم على أدائها.
وقد وفقني الله تعالى للعثور على كلام نفيس للشيخ ربيع سلمه الله حيث قال : "... فإني أوصي نفسي و إخواني بتقول الله سبحانه و تعالى ... و أنبه إخواني على الاهتمام بالصلاة المكتوبة قبل كل شيئ ، فلنحافظ عليها على الطريقة النبوية (صلوا كما رأيتموني أصلي) [البخاري ومسلم] حافظوا على هذه المكتوبات كما قال الله تعالى : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى و قُومُوا لله قَانِتِين } و حافظوا على النوافل فإنَّها السور الذي إذا هُدم دخل الشيطان على الفرائض فأضعفك فيها ، بارك الله فيكم ، و أنا كنت أرى و أقول بقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنه( لو تنفلت لأتممت) كان لا يتنفل يعني الرواتب ما كان يخافظ عليها في السفر ، و يرى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم فعل ذلك، و الله أعلم ؛ ثم قرأت ،ومما قرأته بحثًا في تحفة الأحوذي ، و أن هناك من الصحابة من كان يحافظ على هذه الرواتب في السفر يصليها فغيرتُ رأيي ، فالغالب علي أني أصلي هذه الرواتب حتى في السفر إلا بعض الأحيان ، فأنتم لا تأخذونها قاعدة واحدة ماداموا الصحابة رضي الله عنهم و هم فهموا من منهج الرسول عليه الصلاة و السلام ومن توجيهاته أنه ليس بمعناه إلغاؤها بمرة ، الرسول كان يصليها على الراحلة ، يصلي تطوعات بما استطاع يصليها على الراحلة و لا يترك الوتر ولا ركعتي الفجر عليه الصلاة و السلام ، و صحابته نُقل لنا عنهم بعدما شاهدوا الرسول عليه الصلاة و السلام في سفره و حظره تفقهوا من أسلوبه و منهجه أنه حتى هذه الرواتب تُصلى في السفر فأنتم لا تتركونها إطلاقًا لأن هذا يؤدي لأن هذا يؤدي[ إلى التكاسل عنها ] حتى رأيت بعض الشباب يتساهلون في الرواتب حتى و هم في بيوتهم فتراه يصلي الفريضة و يخرج من المسجد و يأتي إلى البيت و لا يصلي النافلة !
بعض السلفيين يصلي السنة النافلة في المسجد و بعضهم يرى أنّه يصليها في بيته لأن الصلاة في البيت لا يراك إلا الله عز وجل، تخلص فيها ، يذهبوا لبيوتهم ليصلوها لا ليتركوها ، فبعض الناس يفهم من كلام بعض العلماء [في الإخلاص أنه يجب ألا تصلى النافلة في المسجد ]فيمضي قبل أن يتنفل في المسجد، فيذهب و يترك هذه النافلة ، فتراه لا يحافظ على هذه النوافل فأنت إذا [ ما أردت أن تحافظ عليها و خفت أن تتهاون في أدائها إذا ذهبت إلى البيت ] صلي في المسجد أسأل الله أن يوفقنا و إياكم إلى هذه المسألة لأنها مسألة مهمة و الله لأنك ما تسجد لله سجدة إلا يرفعك الله بها درجة فلما سأل ذلك الرجل عليه الصلاة و السلام أن يكون معه في الجنة قال : (أعني على نفسك بكثرة السجود ) فالسجدة تتقرب بها إلى الله يرفعك بها درجة أسأل الله أن يوفقنا و إياكم.انتهى كلام الشيخ ربيع حفظه الله من شريط [شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري رقم 2].
أيها الإخوة الأكارم ؛ إننّي كلّما سمعتُ هذه الكلمات التي قالها الشيخ ربيع حفظه الله ، زاد يقيني بضعف حالي و حال كثير من الناس (إلا ما رحم ربي ) عن تطبيق بعض هذه النوافل في الحضر و السفر فكيف بها جميعًا؟!
أسأل الله أن يجعلني و إياكم من المحافظين على هذه النوافل الراتبة و قبلها المكتوبة ؛ إنه سميع قريب.[
تعليق