بسم الله الرحمن الرحيم
التسبيح علاج للأمراض النفسية بإذن الله
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.التسبيح علاج للأمراض النفسية بإذن الله
أما بعد:
فلتسبيح فوائد عظيمة وثمرات جليلة، وهو دواء ناجع للأمراض النفسية من كرب وهم وغم واكتأب وغير ذلك، وهو خلاص للمرء من هذه الأمراض.
ولما كان التسبيح تنزيه الله تعالى عن النقائص، قُبِلَ المسبح برفع ما يعتريه من نقص بسبب الهم والغم والكرب، والجزاء من جنس العمل.
((واختلف الناس في أنه كيف صار الإقبال على هذه الطاعات سببا لزوال ضيق القلب والحزن؟
فقال العارفون المحققون: إذا اشتغل الإنسان بهذه الأنواع من العبادات انكشفت له أضواء عالم الربوبية، ومتى حصل ذلك الانكشاف صارت الدنيا بالكلية حقيرة، وإذا صارت حقيرة خف على القلب فقدانها ووجدانها فلا يستوحش من فقدانها ولا يستريح بوجدانها، وعند ذلك يزول الحزن والغم)).
ذكره الرازي في ((مفاتيح الغيب)) (19/ 165-166).
ولأهمية التسبيح لعلاج الأمراض النفسية لجئ إليه أنبياء عليهم الصلاة والسلام.
قال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87-88].
وقال الله عز وجل: {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون}.
قال العلامة السعدي رحمه في ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 707): ((ولكن بسبب تسبيحه وعبادته لله، نجاه الله تعالى، وكذلك ينجي الله المؤمنين، عند وقوعهم في الشدائد)) اهـ.
وقال الله تعالى مخاطبا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 97-99].
قال العلامة ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (4/553): ((وقوله: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} أي: وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك انقباض وضيق صدر. فلا يهيدنك ذلك، ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله، وتوكل على الله فإنه كافيك وناصرك عليهم، فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة)) اهـ.
وقال العلامة البيضاوي رحمه الله في ((أنوار التنزيل وأسرار التأويل)) (3/21: ((فسبح بحمد ربك فافزع إلى الله تعالى فيما نابك بالتسبيح والتحميد يكفك ويكشف الغم عنك، أو فنزهه عما يقولون حامدا له على أن هداك للحق. وكن من الساجدين من المصلين)) اهـ.
وقال العلامة السعدي رحمه في ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 435): (({ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} لك من التكذيب والاستهزاء، فنحن قادرون على استئصالهم بالعذاب، والتعجيل لهم بما يستحقون، ولكن الله يمهلهم ولا يهملهم.
فأنت يا محمد {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} أي: أكثر من ذكر الله وتسبيحه وتحميده والصلاة فإن ذلك يوسع الصدر ويشرحه ويعينك على أمورك)) اهـ.
وقال الله تعالى: {أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون}.
وقال الله سبحانه وتعالى: {قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا * قال قد أوتيت سؤلك يا موسى} [طه:25-36])).
قال العلامة السعدي رحمه في ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 506): (({كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا} فإن ذكر الله فيه معونة على جميع الأمور، يسهلها، ويخفف حملها)) اهـ.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: (ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح بالتسبيح).
أخرجه ابن سمعون الواعظ في ((الأمالي)) (رقم: 162) وذكره ابن القيم في ((الداء والدواء)) (1/ 23).
فكل هذه الآيات والأقوال تبين أن بالتسبيح يزول الحزن والغم والكرب والهم فهو سبب فعال فلا تكونن من الغافلين، وأكثروا من التسبيح في الرخاء يأتيكم الفرج في الشدة، ومن مسه الضر أو ضاقت به السبيل فلن يخيب مع التسبيح بإذن الله.
وهذا جزء استللته من كتابي (الأسباب الشرعية لعلاج الأمراض النفسية) يسر الله طباعته وإخراجه ذكرت فيه أكثر من (80 سبب) لعلاج للهم والغم والحزن والكرب والكأبة وغيرها من الأمراض النفسية، حليته بآيات من الذكر الحكيم وأحاديث نبينا الكريم وأقوال من سلفنا الماضين.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 4 رجب سنة 1445 هـ
الموافق لـ: 16 يناير سنة 2024 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 4 رجب سنة 1445 هـ
الموافق لـ: 16 يناير سنة 2024 ف
تعليق