بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ ابن عثيمين في ذكره لفوائد قول الله "واقتلوهم حيث ثقفتموهم .." :
وقتال الكفار في الأصل فرض كفاية؛ وقد يكون مستحباً؛ وقد يكون فرض عين ــــ وذلك في أربعة مواضع ــــ:
الموضع الأول: إذا حضر صف القتال فإنه يكون فرض عين؛ ولا يجوز أن ينصرف؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} [الأنفال: 15، 16] .
الموضع الثاني: إذا حصر بلده العدو فإنه يتعين القتال من أجل فكّ الحصار عن البلد؛ ولأنه يشبه من حضر صف القتال.
الموضع الثالث: إذا احتيج إليه؛ إذا كان هذا الرجل يحتاج الناس إليه إمّا لرأيه، أو لقوته، أو لأيّ عمل يكون؛ فإنه يتعين عليه.
الموضع الرابع: إذا استنفر الإمام الناس وجب عليهم أن يخرجوا، ولا يتخلف أحد؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة...} [التوبة: 38] إلى قوله تعالى: {إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم...} [التوبة: 39] الآية.
وما سوى هذه المواضع فهو فرض كفاية؛ واعلم أن الفرض سواء قلنا فرض عين، أو فرض كفاية لا يكون فرضاً إلا إذا كان هناك قدرة؛ أما مع عدم القدرة فلا فرض ؛ لعموم الأدلة الدالة على أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولقوله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: 91] ؛ فإذا كنا لا نستطيع أن نقاتل هؤلاء لم يجب علينا؛ وإلا لأثَّمْنا جميع الناس مع عدم القدرة؛ ولكنه مع ذلك يجب أن يكون عندنا العزم على أننا إذا قدرنا فسنقاتل؛ ولهذا قيدها الله عز وجل بقوله تعالى: {إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: 91] ؛ ليس على هؤلاء الثلاثة حرج بشرط أن ينصحوا لله ورسوله؛ فأما مع عدم النصح لله ورسوله، فعليهم الحرج ــــ حتى وإن وجدت الأعذار في حقهم ــــ.
فالحاصل أننا نقول إن القتال فرض كفاية؛ ويتعين في مواضع؛ وهذا الفرض ــــ كغيره من المفروضات ــــ من شرطه القدرة ؛ أما مع العجز فلا يجب؛ لكن يجب أن يكون العزم معقوداً على أنه إذا حصلت القوة جاهدنا في سبيل الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من النفاق»(1).
-------------
(1) أخرجه مسلم ص1019، كتاب الإمارة، باب 47 ذم من مات ولم يغز...، حديث رقم 4931 [158] 1910.
----- ------ ------ ------
تفسير سورة البقرة ، للشيخ ابن عثيمين ، المجلد الثاني ، ص379، 380 ، 381 .
قال الشيخ ابن عثيمين في ذكره لفوائد قول الله "واقتلوهم حيث ثقفتموهم .." :
وقتال الكفار في الأصل فرض كفاية؛ وقد يكون مستحباً؛ وقد يكون فرض عين ــــ وذلك في أربعة مواضع ــــ:
الموضع الأول: إذا حضر صف القتال فإنه يكون فرض عين؛ ولا يجوز أن ينصرف؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} [الأنفال: 15، 16] .
الموضع الثاني: إذا حصر بلده العدو فإنه يتعين القتال من أجل فكّ الحصار عن البلد؛ ولأنه يشبه من حضر صف القتال.
الموضع الثالث: إذا احتيج إليه؛ إذا كان هذا الرجل يحتاج الناس إليه إمّا لرأيه، أو لقوته، أو لأيّ عمل يكون؛ فإنه يتعين عليه.
الموضع الرابع: إذا استنفر الإمام الناس وجب عليهم أن يخرجوا، ولا يتخلف أحد؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة...} [التوبة: 38] إلى قوله تعالى: {إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم...} [التوبة: 39] الآية.
وما سوى هذه المواضع فهو فرض كفاية؛ واعلم أن الفرض سواء قلنا فرض عين، أو فرض كفاية لا يكون فرضاً إلا إذا كان هناك قدرة؛ أما مع عدم القدرة فلا فرض ؛ لعموم الأدلة الدالة على أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولقوله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: 91] ؛ فإذا كنا لا نستطيع أن نقاتل هؤلاء لم يجب علينا؛ وإلا لأثَّمْنا جميع الناس مع عدم القدرة؛ ولكنه مع ذلك يجب أن يكون عندنا العزم على أننا إذا قدرنا فسنقاتل؛ ولهذا قيدها الله عز وجل بقوله تعالى: {إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: 91] ؛ ليس على هؤلاء الثلاثة حرج بشرط أن ينصحوا لله ورسوله؛ فأما مع عدم النصح لله ورسوله، فعليهم الحرج ــــ حتى وإن وجدت الأعذار في حقهم ــــ.
فالحاصل أننا نقول إن القتال فرض كفاية؛ ويتعين في مواضع؛ وهذا الفرض ــــ كغيره من المفروضات ــــ من شرطه القدرة ؛ أما مع العجز فلا يجب؛ لكن يجب أن يكون العزم معقوداً على أنه إذا حصلت القوة جاهدنا في سبيل الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من النفاق»(1).
-------------
(1) أخرجه مسلم ص1019، كتاب الإمارة، باب 47 ذم من مات ولم يغز...، حديث رقم 4931 [158] 1910.
----- ------ ------ ------
تفسير سورة البقرة ، للشيخ ابن عثيمين ، المجلد الثاني ، ص379، 380 ، 381 .