عَوَامِلُ النَّصْرِ الشَّرْعِيَّةِ
لشيخنا العلامة زيد بن هادي المدخلي
-حفظه الله تعالى-
بسم الله الرحم الرحيم
الحمد لله القائل: ]وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ[ [آل عمران: من الآية126]، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم القائل: ((ونُصرتُ بالرعب مسيرة شهر)).
أما بعد: أيها الإخوة في الله جنود الجهاد في سبيل الله لنصرة الدين، والمرابطين في الثغور لحماية ظهور المسلمين، إن اللقاء معكم أمنية غالية عندي، وفرصة سعيدة من فرص حياتي، وكيف لا يكون الأمر كذلك وهو لقاء فيه نشر العلم بين أهله ومُحبّيه، الذين عُرفوا بمحبة العلماء وتقديرهم والاعتزاز بِهم، وذلك لما يحملونه من نصح وتوجيه، يربطون بِهما الأمة بخالقها وبارئها ومعبودها الذي لا يستحق العبادة سواه.
أيها الإخوة في الله: المتطلعون إلى نصر الله لكم على أنفسكم الأمارة بالسوء وعلى كل عدوٍّ من شياطين الجن والإنس إن موضوع محاضرتي هو "أسباب النصر" لكل من يريد أن ينصر الله في نفسه وأن ينصر دينه العظيم بالتمسك به والدعوة إليه على بصيرة والجهاد في سبيله بحكمة وصدق وإخلاص ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
أيها الإخوة المسلمون المجاهدون: إن للنصر من الله -تبارك وتعالى- أسبابًا يجب الأخذ بِها، ويتعين على المجاهدين الشرفاء الاتصاف بِها على سبيل الدوام ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وها أنا أذكر بعضها على سبيل الاختصار، لتكتبوها بمداد قلوبكم، وتحفظوها بضبط صدوركم، ولتظهر آثارها في واقع حياتكم.
فأقول:
السبب الأول
الحرص على الإخلاص لله، والصواب في جميع ما تقومون به من فعل الطاعات الظاهرة والباطنة، وترك السيئات كذلك، إذ إنه لا يُقبل من عبد عمل من فعل طاعة أو ترك معصية إلا أن تتحقق فيه ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون صوابًا على وفق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم من عند ربه عز و جل .
الشرط الثاني: أن يكون خالصًا لله.
الشرط الثالث: أن يكون المعتقد صحيحًا.
وإن من جملة الأعمال التي يتقرب بِها العباد إلى الله: الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمته، ونيل جنته ورضاه، قال -تبارك وتعالى-: ]فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[ [الكهف: من الآية110].
السبب الثاني
ملازمة تقوى الله التي تحمل صاحبها على حسن النية، وسلامة القصد وتبعثه على تزكية النفس، بطيب المطعم، والمشرب، والملبس، والمركب، وتحجزه عن سيئ القصد، وعن الغلول الذي يسبب العقوبة البرزخية والأخروية، وما قصة صاحب الشملة، وصاحب الخرزات، وصاحب الشراك، والشراكيْن عن الأذهان ببعيد، وإذن فنعم زاد المسلم التقوى.
السبب الثالث
الاستقامة على الحق علمًا، وعملاً، ودعوة إليه، وتضحية في سبيل نصرته بالنفس والنفيس، والغالي والرخيص، امتثالاً لأمر الله حيث قال: ]قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ[ [فصلت:6].
السبب الرابع
الالتزام العام الشامل بجميع تعاليم الإسلام عقيدة، وعبادة، ومعاملة، وسياسة، وحكمًا، وحربًا، وسلمًا، وسلوكًا، وخلقًا، لأنه الدين الحق فلا يقبل التجزئة في العمل بحيث يقبل بعضه، ويرفض بعضه الآخر، بحسب شهوات النفوس وهواها قال عز و جل : ]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[ [آل عمران:85].
وقال -تبارك وتعالى-: ]أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ[ [البقرة: من الآية85].
السبب الخامس
الدوام على ذكر الله الذي شرعه لنا لننال ثناءه علينا في الملأ الطاهر الأعلى كما قال تعالى: ]فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ[ [البقرة:152]، ولتطمئن قلوبنا كما قال تعالى: ]أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[ [الرعد: من الآية28]، ولتحيا به قلوبنا وتضاعف أجورنا كما قال تعالى: ]وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[ [الأحزاب: من الآية35]. وكما يكون الذكر بالدعاء والاستغفار، فإنه كذلك يكون بقراءة القرآن، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، ذكرًا بالقلب واللسان كما قال -تبارك وتعالى-: ]يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا -41, وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً[ [الأحزاب: 41-42].
السبب السادس
الاعتصام بالصبر، ذلك لأن الصبر يعتبر من أقوى أسباب النصر على كل عدو داخلي وخارجي، وقد أمر الله به في مواضع كثيرة من القرآن الكريم قال تعالى: ]يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ [آل عمران:200]، وأثنى الله على أهله بقوله: ]وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[ [البقرة: من الآية177].
السبب السابع
التحلي بالصدق في كل شأن من الشئون، وفي المقدمة الصدق مع الله في تلك الصفقة الَّتِي قضاها سبحانه بينه وبين المؤمنين، ليجاهدوا في سبيله صادقين صابرين مخلصين، فيظفروا بجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله، فيها حياة بلا موت، وصحة بلا سقم، وشباب بلا هرم، ورضوان من الله لا سخط بعده.
الحمد لله القائل: ]وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ[ [آل عمران: من الآية126]، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم القائل: ((ونُصرتُ بالرعب مسيرة شهر)).
أما بعد: أيها الإخوة في الله جنود الجهاد في سبيل الله لنصرة الدين، والمرابطين في الثغور لحماية ظهور المسلمين، إن اللقاء معكم أمنية غالية عندي، وفرصة سعيدة من فرص حياتي، وكيف لا يكون الأمر كذلك وهو لقاء فيه نشر العلم بين أهله ومُحبّيه، الذين عُرفوا بمحبة العلماء وتقديرهم والاعتزاز بِهم، وذلك لما يحملونه من نصح وتوجيه، يربطون بِهما الأمة بخالقها وبارئها ومعبودها الذي لا يستحق العبادة سواه.
أيها الإخوة في الله: المتطلعون إلى نصر الله لكم على أنفسكم الأمارة بالسوء وعلى كل عدوٍّ من شياطين الجن والإنس إن موضوع محاضرتي هو "أسباب النصر" لكل من يريد أن ينصر الله في نفسه وأن ينصر دينه العظيم بالتمسك به والدعوة إليه على بصيرة والجهاد في سبيله بحكمة وصدق وإخلاص ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
أيها الإخوة المسلمون المجاهدون: إن للنصر من الله -تبارك وتعالى- أسبابًا يجب الأخذ بِها، ويتعين على المجاهدين الشرفاء الاتصاف بِها على سبيل الدوام ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وها أنا أذكر بعضها على سبيل الاختصار، لتكتبوها بمداد قلوبكم، وتحفظوها بضبط صدوركم، ولتظهر آثارها في واقع حياتكم.
فأقول:
السبب الأول
الحرص على الإخلاص لله، والصواب في جميع ما تقومون به من فعل الطاعات الظاهرة والباطنة، وترك السيئات كذلك، إذ إنه لا يُقبل من عبد عمل من فعل طاعة أو ترك معصية إلا أن تتحقق فيه ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون صوابًا على وفق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم من عند ربه عز و جل .
الشرط الثاني: أن يكون خالصًا لله.
الشرط الثالث: أن يكون المعتقد صحيحًا.
وإن من جملة الأعمال التي يتقرب بِها العباد إلى الله: الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمته، ونيل جنته ورضاه، قال -تبارك وتعالى-: ]فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[ [الكهف: من الآية110].
السبب الثاني
ملازمة تقوى الله التي تحمل صاحبها على حسن النية، وسلامة القصد وتبعثه على تزكية النفس، بطيب المطعم، والمشرب، والملبس، والمركب، وتحجزه عن سيئ القصد، وعن الغلول الذي يسبب العقوبة البرزخية والأخروية، وما قصة صاحب الشملة، وصاحب الخرزات، وصاحب الشراك، والشراكيْن عن الأذهان ببعيد، وإذن فنعم زاد المسلم التقوى.
السبب الثالث
الاستقامة على الحق علمًا، وعملاً، ودعوة إليه، وتضحية في سبيل نصرته بالنفس والنفيس، والغالي والرخيص، امتثالاً لأمر الله حيث قال: ]قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ[ [فصلت:6].
السبب الرابع
الالتزام العام الشامل بجميع تعاليم الإسلام عقيدة، وعبادة، ومعاملة، وسياسة، وحكمًا، وحربًا، وسلمًا، وسلوكًا، وخلقًا، لأنه الدين الحق فلا يقبل التجزئة في العمل بحيث يقبل بعضه، ويرفض بعضه الآخر، بحسب شهوات النفوس وهواها قال عز و جل : ]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[ [آل عمران:85].
وقال -تبارك وتعالى-: ]أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ[ [البقرة: من الآية85].
السبب الخامس
الدوام على ذكر الله الذي شرعه لنا لننال ثناءه علينا في الملأ الطاهر الأعلى كما قال تعالى: ]فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ[ [البقرة:152]، ولتطمئن قلوبنا كما قال تعالى: ]أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[ [الرعد: من الآية28]، ولتحيا به قلوبنا وتضاعف أجورنا كما قال تعالى: ]وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[ [الأحزاب: من الآية35]. وكما يكون الذكر بالدعاء والاستغفار، فإنه كذلك يكون بقراءة القرآن، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، ذكرًا بالقلب واللسان كما قال -تبارك وتعالى-: ]يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا -41, وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً[ [الأحزاب: 41-42].
السبب السادس
الاعتصام بالصبر، ذلك لأن الصبر يعتبر من أقوى أسباب النصر على كل عدو داخلي وخارجي، وقد أمر الله به في مواضع كثيرة من القرآن الكريم قال تعالى: ]يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ [آل عمران:200]، وأثنى الله على أهله بقوله: ]وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[ [البقرة: من الآية177].
السبب السابع
التحلي بالصدق في كل شأن من الشئون، وفي المقدمة الصدق مع الله في تلك الصفقة الَّتِي قضاها سبحانه بينه وبين المؤمنين، ليجاهدوا في سبيله صادقين صابرين مخلصين، فيظفروا بجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله، فيها حياة بلا موت، وصحة بلا سقم، وشباب بلا هرم، ورضوان من الله لا سخط بعده.
تعليق