بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
إلى إخواني أهل السنة السلفيين في بلادي وغيرها من بلاد الإسلام ، هذه الصرخة التي آلمتني كثيرا لعلها توقظ النائم ، وتنبه الغافل الهائم، وتذكر المتعصب الناقم ، وتفرح المحب المتألم ، فتتآلف القلوب وتتراحم ، وتراجع نفسها وتتفاهم ..
إخواني لا يخفى على كل ذي عقل سوي ؛ وقلب بالعلم والإيمان قوي ، وانتسابٍ للمنهج النبوي ، النزاع القائم بين اتباع المنهج السلفي ، والخلاف الذي ذب وسط طلبة العلم منهم بحق وببغي ، من أتباع كل شيخ رشد، أو جهة أو بلد ، تاركين القول الفصل المعتمد ، الذي أنزله الفرد الصمد ، وأمر بالرد إليه عند التنازع الواحد الأحد ، فكل يغني على ليلاه ، ويتعصب لفريقه ، وشيخه الذي تولاه ، بإلزام مبالغ فيه ، أو شبهة قامت لديه ، أو تأويل قال به ، أو لاجتهاد تسمك به ، أو لغير ذلك مما الله أعلم به ، وليس ثمة ما ينكره عليه ، ولا يبدعه حقيقة به ...
فليس ثمة إلا تعصب ، واستظهار وتغلب ، ورمي بالغلو والتحزب ، ومرة بالتمييع (1) والتذبذب ، فحلت المفارقة بدل الموافقة ، والمشاقة بدل الحب والمصادقة ، وجاءت الصالقة (2) تتبعها الحالقة ، فأين العقلاء ، الذين ينبذون الشحناء والبغضاء...أين التزام نصائح العلماء الربانيين الفضلاء؟؟؟
فعلى هؤلاء وهؤلاء الشباب السنيين السلفيين في كل مكان وزمان أن يتقوا الله سبحانه وتعالى فإنه بهم رقيب ، وعليهم وكيل حسيب، أن يعظموا أمر الله بالصلح في نفوسهم ويتنادوا فيما بينهم هلموا إلى الوداد ، هلموا إلى تناسي الأحقاد ، فقد أمر الله سبحانه وتعالى بالصلح وترك الإفساد ، فقال جلت عظمته في نفوس المؤمنين من العُباد :{{ ...فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }} (1) سورة الأنفال} .
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- [ج2/187]: عليكم إذا حكم الله ورسوله أن ترضوا بحكمهما ، وتسلموا الأمر لهما ، وذلك داخل في قوله :{ فاتقوا الله } بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، {وأصلحوا ذات بينكم } أي أصلحوا ما بينكم من التشاحن ، والتقاطع ، والتنابز ، بالتوادد ، والتحاب ، والتواصل ، فبذلك تجتمع كلمتكم ، ويزول ما يحصل – بسبب التقاطع – من التخاصم ، والتشاجر ، والتنازع ، ويدخل في إصلاح ذات البين تحسين الخلق لهم ، والعفو عن المسيئين منهم فإنه – بذلك – يزول كثير مما يكون في القلوب من البغضاء والتدابر . والأمر الجامع لذلك كله :قوله تعالى : {{ وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين }}.
وقال ابن كثير -رحمه الله- [ج2/ 1260] : اتقوا الله في أموركم ، وأصلحوا فيما بينكم ولا تظالموا،ولا تخاصموا ولا تشاجروا فما آتاكم الله من الهدى والعلم خير مما تختصمون بسببه .أ.هـ
فلا شك أن المنهج الذي منّ الله به عليكم وهو سبيل المؤمنين على منهاج النبوة ، ومنهج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة الرضية المرضية خير مما تتخاصمون بسببه من حظوظ النفس ، والانتصار لها ، والتعصب ، والعناد والتناجي بالفساد ، مما يوجب الفرقة وتمزيق الصف – أيدي سبأ – مما ذمه الله تعالى وجعله كله شر وذلك في قوله سبحانه :{{ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}} (114) سورة النساء }.
قال الشنقيطي – رحمه الله - في أضواء البيان(1/306) : وقوله في هذه الآية الكريمة: {أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} ، لم يبين هنا هل المراد بالناس المسلمون دون الكفار أو لا.
ولكنه أشار في مواضع أُخر أن المراد بالنّاس المرغب في الإصلاح بينهم هنا هم المسلمون خاصة كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [49/10]، وقوله: {{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}} [49/9]، فتخصيصه المؤمنين بالذكر يدل على أن غيرهم ليس كذلك كما هو ظاهر، وكقوله تعالى: { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } [8/1].
قال ابن بطال تحت ترجمة البخاري بَاب قولِ الإمامِ لأصحابهِ : ( اذهَبوا بنا نُصلِح) وذكر فيها الآية السابقة : {{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}} وفيه : ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع والخضوع والحرص على قطع الخلاف وحسم دواعي الفرقة عن أمته كما وصفه الله تعالى .
قلت : والمؤمن حق المؤمن هو من استسلم لله بالانقياد والطاعة ولرسوله بالتصديق وتجريد المتابعة ، ولم يتقدم بين يدي الله ورسوله ، بشيء من القول أو الفعل ، فضلا عن الإحداث والمشاقة ...أو الاختيار والمفارقة ، ولم يخرج عن سبيل المؤمنين الذي أمر الله بسلوكه وبينه رسوله بقوله : << ما أنا عليه وأصحابي >> ..
قال البغوي{ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ } أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، أنا محمد بن حماد، أنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم هو ابن أبي الجعد، عن أم الدرداء - رضي الله عنها- عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : << ألا أخبرُكم بأفضلَ من درجة الصيام والصدقة والصلاة ؟ >> قال: قلنا بلى، قال: << إصلاحُ ذاتِ البين. وفساد ذات البين هي الحالقة >> . أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص (11، وأبو داود في الأدب، باب في إصلاح ذات البين: (7 / 25) والترمذي في صفة القيامة، باب سوء ذات البين: ( 7/212 ) وقال: هذا حديث صحيح ، وأحمد في المسند:(6 / 444 ، 445) والمصنف في شرح السنة :( 13 / 116).
وفيه قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ؛ أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، نا أحمد بن منصور الرمادي ، نا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة، وكانت من المهاجرات الأوَل، قالت: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: << ليس بالكذاب من أصلح بين الناس فقال خيرًا أو نَمَى خيرًا>> أخرجه البخاري في الصلح، باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس:( 5 / 299 ) ومسلم في البر والصلة، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه برقم (2606)(4/2011) والمصنف في شرح السنة : (13 / 117).
قال : الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي [ج1/ 407]:{ أو إصلاح بين الناس } والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين ، والنزاع والخصام ، والتغاضب ، يوجب من الشر والفرقة مالا يمكن حصره ،فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض ، بل وفي الأديان ، كما قال تعالى : {{ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا }}. وقال تعالى: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } الآية.
فهذا أمر من الله حتم للمؤمنين بالصلح بين المتنازعين ،فإن رفضت إحدى الطائفتين ولم يحصل الصلح إلا بالقوة وجب الانحياز إلى من تبتغي الصلح ودفع الباغية التي رفضته بالقوة والعنف، ولكن المؤمن الذي رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ليس له اختيار فيما قضاه الله ورسوله لذلك يسعى لقبول الصلح لأنه يعلم أن ذلك لا يقل أهمية من المسارعة إلى الصلاة والمحافظة عليها والصيام والصدقة كما جاء في الحديث .
وقال تعالى: { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } والساعي في الإصلاح بين الناس أفضل من القانت بالصلاة والصيام والصدقة، والمصلح لا بد أن يصلح الله سعيه وعمله.
قلت: أي في الدين ، فهو أفضل نعمة تفضل الله بها عليكم ، وأفضل رابط يؤلف بين قلوبكم :{{ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ...}}.
والاعتصام بحبل الله وعدم الاختلاف عليه والتفرق بسببه يوجب المودة والمحبة ، والأخوة ، فقد قال سبحانه : {{ إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ،واتقوا الله لعلكم ترحمون}} فانظروا يرحكمك الله فحيثما أمر بالإصلاح بين ذات البين بين الإخوة المؤمنين عقب عليها بقوله تعالى :{{ واتقوا الله }}مما يفيد أن الإصلاح يورث التقوى التي تكون سببا لحصول الرحمة :{{ لعلكم ترحمون }}.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث عن كل أسباب التفرق والتدابر والتشاحن فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : << لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاث ليال قال مالك لا أحسب التدابر إلا الإعراض عن أخيك المسلم فتدبر عنه بوجهك >>. أخرجه مالك في الموطأ (2/907)(1615) برواية يحي الليثي .
وفي صحيح البخاري برقم (6064) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا>> وزاد في حديث أنس رضي الله عنه (6065 ):<< وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. وأخرجه مسلم :( 255 وأحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .
وقوله :<< وَلاَ تَبَاغَضُوا >> قال ابن بطال(9/259) : وقال أبو الدرداء : ( ألا أخبركم بخير لكم من الصدقة والصيام : صلاح ذات البين ، وإن البغضة هي الحالقة ) لأن في تباغضهم افتراق كلمتهم وتشتت أمرهم ، وفى ذلك ظهور عدوهم عليهم ودروس دينهم .
قلت : وقوله : ( كونوا عباد الله إخوانا ) أي تصالحوا وتعاملوا وتعاشروا معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال ، ألم يقل نبينا عليه الصلاة والسلام :<< مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى >> متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم .
ألستم أيها الإخوة جسدا واحدا قد اشتكى منه كثير من الأعضاء فأين التداعي بالصلح وليس بالسهر والحمى ؟؟ ألستم أسعد الناس بهذه النصوص ، ألستم أشرح الناس صدورا لهذه الآيات والأحاديث ؟؟ واعلموا- يرحمني الله وإياكم- أن الصلح بين المسلمين واجب فيكف بأصحاب المنهج الحق ، والقول الصدق فهم أولى وأسعد الناس بهذه النصوص وبإصلاحهم ما بينهم يحصل خير عظيم لهذه الأمة فقد قال تعالى : {{ والصلح خير }} قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله- [شرح رياض الصالحين [ج2/161] : هذه جملة عامة في جميع الأمور ، وقول الله تعالى بعدها :{{ وأحضرت الأنفس الشح }} إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له عند الإصلاح أن يتنازل عما في نفسه ، وأن لا يتّبع نفسه لأنه إذا اتبع نفسه فإن النفس شحيحة ، ربما يريد الإنسان أن يأخذ بحقه كاملا فإن الصلح يتعذر لأنك إذا أردت أن تأخذ بحقك كاملا وأراد صاحبك أن يأخذ بحقه كاملا لم يكن إصلاحا .
لكن إذا تنازل كل واحد من المتنازعين وغَلَبَ شح نفسه حصل الخير ، ويحصل بذلك الصلح، وقال تعالى : {{ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما }} فأمر الله عز وجل بالإصلاح بين المتقاتلين من المؤمنين .
قال ابن بطال في شرح البخاري(8/84) تحت باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {{ أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}} [ النساء : 128 ]
: قال المهلب : الصلح خير في كل شيء من التمادي على الخلاف والشحناء والبغضاء التي هي قواعد الشر ، والصلح وإن كان فيه صبر مؤلم فعاقبته جميلة ، وأمرُّ منه وشر عاقبة العداوة والبغضاء ، وأنها الحالقة التي تحلق الدين .المهم أيها الأحبة أن الإصلاح كله خير ، والساعي في الإصلاح بين الناس ، أفضل من القانت بالصلاة ، والصيام ، والصدقة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة ، والصيام والصدقة ؟قالوا: بلى . قال: إصلاح ذات البين . قال : وفساد ذات البين هي الحالقة >> .رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ، وهو في صحيح الترمذي [ح 2037] .
بل إن الإصلاح بين الناس في الخصومات أي كانت دينية أو دنيوية هي مما يرضاه الله ورسوله ، فكيف إذا كان بين طائفتين مؤمنتين سنيتين سلفيتين يحصل الخير الكثير بالصلح بينهما فلا شك أن هذا من الأعمال التي يحبها الله ورسوله ويرضاها الله ورسوله ،ألا تحبون ما يحبه الله ورسوله ؟؟
عن أبي أيوب رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< يَا أَبَا أَيُّوبَ، أَلَاأَدُلُّكَ عَلَى عَمِلٍ يَرْضَاهُ اللهُ وَرَسُولُهُ؟>>.قَالَ : بَلَى. قَالَ:<< تُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ إِذَاتَفَاسَدُوا،وَتُقَارِبُ بَيْنَهُمْ إِذَاتَبَاعَدُوا >>.قال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/46)(2820 ) ( حسن لغيره ).وهو في السلسلة الصحيحة برقم (2644)بلفظ آخر .
فماذا تريدون من الفضل بعد هذا الفضل؟ولماذا التغافل والتفريط في هذا الفضل العظيم والدرجة الرفيعة ؟ والمصلح لابد أن يصلح الله سعيه ، كما أن الساعي في الإفساد ، لا يصلح الله عمله ، ولايتم له مقصوده كما قال تعالى :{{ إن الله لا يصلح عمل المفسدين }}.فمن كان سببا أو عائقا في طريق الإصلاح بين أهل السنة السلفيين فهو أحد رجلين :
1- أن يكون متسترا مندسا بين صفوفهم لايريد أن تجتمع كلمتهم لأن في اجتماعها خيرا كبيرا وكثيرا لهذه الأمة ، بل إن عودة الدين وانتصاره متوقف على القوة التي تكمن في التراص والإتحاد بينهم ، فكل منقبة ثبتت لهذه الأمة من وسطية وعلم ، وجهاد ، ودعوة وأمر بمعروف ونهي عن المنكر فهو للطائفة المنصورة والفرقة الناجية التي ينتسب إليها السلفيون ثابت من باب أولى ، فهذا الدين لايقوم إلا على أنقاضهم وأكتافهم ، لتمسكهم بالفهم الصحيح الذي كان عليه الرعيل الأول من السلف الصالح والأسباب التي تمكّن بها الإسلام في عهده الأول .
2 – جاهل حقود أحضرت نفسه الشح فهو شحيح النفس لا يريد الخير ، من الغوغاء والاتباع والهمج الرعاع النفعيين الذين يريدون أن تبقى دار لقمان على حالها وتعود حليمة إلى سابق عهدها ، لما لهم من مصالح ضيقة ، ونفع دنيوي زائل ، والله المستعان .
وعدم التصالح والعفو والتصافح سبب لعدم مغفرة الذنوب ، ومن منا يرضى أن يُؤخر وأن يُنظر ، ولذنوبه الله لا يغفر ، فقد أخبر بذلك من لاينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه في الأثر ، فعن مكحول عن كثير بن مرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:<< في ليلة النصف من شعبان يغفر الله عز وجل لأهل الأرض إلا مشرك أو مشاحن>> رواه البيهقي ، وقال هذا مرسل جيد ، أنظر له صحيح الترغيب والترهيب[ح2770 ] وقال الشيخ الألباني (صحيح لغيره).
وقال الحافظ ورواه الطبراني والبيهقي أيضا عن مكحول عن أبي ثعلبة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:<< يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يصطلحوا >>[ح2771 ] من صحيح الترغيب والترهيب وقال الشيخ الألباني (صحيح لغيره).
والمهم أن نتصالح مع أنفسنا قدر الاستطاعة، فنحملها على ترك الشح ، والحسد والبغضاء من غير موجب ، وكذلك نسعى للصلح بين إخواننا ، وإصلاح من حولنا بصدق وإخلاص حتى يحصل الخير الكثير والأجر العظيم كما قال تعالى : {{ ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما }} فهذا جزاؤه لمن كان قصده ابتغاء مرضاة الله ، ويظهر صدقه من غيره بظهور ثمرة الصلح من خير واجتماع ، فكونوا - رحمكم الله مفاتيح خير مغاليق شر - وابشروا بالخير وعظيم الأجر .
وأخيرا أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح بين المسلمين أهل السنة جميعا والسلفيين خصوصا ، كما أسأله أن يجعلني وإياكم من الصالحين المصلحين.
1- قولي : بالتمييع أقصد به ، بعض الشباب السني السلفي الذي لم يفهم معنى المميعة الذين ميعوا الدين ، فرمى به كل من خالفه ممن رأى عنده بعض التقصير أو اللين ، أما المميعة حقيقة من الحزبيين والمبتدعة فلا توادد ولا تحاب معهم ...
2- الصَّلْقةُ ، والصَّلْق ، والصَّلَقُ ، الصياحُ والوَلْوَلةُ ، والصوت الشديد .وقد صَلَقُوا وأَصْلَقُوا. وفي الحديث :<< ليس مِنَّا مَنْ صَلَقَ أَو حَلَقَ شعره >> الصّلْقُ الصوت الشديد يريد رَفْعَه عند ا لمصائب وعند الموت ويدخل فيه النَّوْح ومنه الحديث << أَنا بَرِيٌ مِنَ الصّالِقةِ والحالِقةِ >> . تاج العروس .
تعليق