بسم الله الرحمن الرحيم
الاعتبار بمن طلبوا العلم وهم كبار
الاعتبار بمن طلبوا العلم وهم كبار
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذا جزء استللته من كتيب لي بعنوان: (دروس من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام في طلب العلم) - يسر الله اتمامه - فيه رفع العزيمة وشحذ الهمة نحو القمة خاصة لكبار السن.
فطلب العلم شرف لمن وفقه الله تعالى لسلوك طريقه، وهو رفعة في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].
كما أن هناك آيات وأحاديث كثيرة تحث على طلب العلم وترغب فيه ورتبت عليه الأجور العظيمة والدرجات الرفيعة، وهذا الترغيب يشمل الذكر والأنثى والعربي والأعجمي والكبير والصغير، وهذه طريقة القرآن والسنة في الترغيب والحث على كل خير.
أما طريقة الشياطين من الإنس والجن فهي التثبيط والتحبيط والوقوف حجر عثرة في كل خير.
ومن الأساليب الشيطانية لصد كبار السن عن سلوك طريق العلم الموصل للجنة، ما يشاع من أمثلة سلبية للتثبيط مثل قولهم: (بعدما شاب ودوه الكُتَّاب).
وأول ما يعين كبار السن على سلوك درب العلم يعلم أنه في عبادة.
والثاني أن طلب العلم طريق موصل للجنة.
والثالث أنه رفعة للدرجات.
والرابع أن كثير من الخيرين والفضلاء طلبوا العلم وهم كبار وعلى رأسهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، تعتبر سيرتهم في الطلب حافزًا كبيرًا ، ومنهجًا قويمًا، لسير على خطاهم والاقتداء بهديهم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم أمر بالهجرة فهاجر إلى المدينة، فمكث بها عشر سنين، ثم توفي صلى الله عليه وسلم».
أخرجه البخاري.
وفيه اشارة إلى حث كبار السن على طلب العلم، فنبينا محمد عليه الصلاة والسلام لم يكن يعلم من دين الله تعالى شيئا حتى بلغ الأربعين، وكان يسأل ربه العلم النافع وكان يتذكر العلم وسمر فيه.
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: «اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملًا متقبلًا».
أخرجه أحمد في «المسند» وابن ماجه في «السنن» والبيهقي في «الدعوات الكبير» وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علمًا».
أخرجه الترمذي في «الجامع» وابن أبي شيبة في «المصنف» وعنه ابن ماجه في «السنن» وعبد بن حميد في «المسند» (1420) والبيهقي في «الشعب» (4066) والبغوي في «شرح السنة» (1372) كلهم من طريق موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت به، والحديث صححه الألباني، وله شاهد من حديث أنس بن مالك أخرجه النسائي في «الكبرى» والحاكم في «المستدرك» وعنه البيهقي في «الدعوات الكبير» والطبراني في «الأوسط» و«الدعاء» كلهم من طريق سليمان بن موسى عن مكحول به، وهذا الحديث أودعه الألباني في «الصحيحة».
وفيه استجابة النبي عليه الصلاة والسلام لأمر الله عز وجل.
قال الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: 114].
قال ابن عُيَيْنَة رحمه الله كما في «تفسير ابن كثير» (5/319): (ولم يزل صلى الله عليه وسلم في زيادة من العلم حتى توفاه الله عز وجل).
ولهذا قيل: (ما أمرَ اللهُ رسولَه بطلبِ الزيادة من شيءٍ إلا من العلم).
أما مذاكرة النبي عليه الصلاة والسلام للعلم مع كبر سنه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة).
متفق عليه.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي».
قلت: يا رسول الله، آقرأ عليك، وعليك أنزل.
قال: «نعم».
فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41].
قال: «حسبك الآن»، فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان.
متفق عليه.
وفي هذا اشارة وبيان أن النبي عليه الصلاة والسلام في مذاكرة للعلم وهذا كان في المدينة وقد هاجر إليها وقد تجاوز الثلاثة والخمسين مع العمر عليه الصلاة والسلام.
أما ما جاء في السمره في العلم وقد كان أيضًا في المدينة.
أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام، فقال: «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن رأس مائة سنة منها، لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد».
متفق عليه.
قال العلامة زيد بن محمد بن هادي المدخلي رحمه الله في «نزهة القاري في شرح كتاب العلم من صحيح البخاري» (ص: 240): «ومحل الشاهد في هذا الحديث قول ابن عمر: (فلما سلم قام، فقال: «أرأيتكم)، يعني تحدث بعد العشاء، فحدثهم بهذا الخبر الذي هو معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم، وهو في نفس الوقت نشر العلم» اهـ.
النبي عليه الصلاة والسلام علم أصحابه هذا الحديث بعد صلاة العشاء، وهذا من السهر في العلم وهو من السمر المحمود.
وقد بوب البخاري في صحيحه على هذا الحديث باب (السمر في العلم).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (2/244): «فأبو بكر وعمر، كان اختصاصهما بالنبي صلى الله عليه وسلم فوق اختصاص غيرهما. وأبو بكر كان أكثر اختصاصا. فإنه كان يسمر عنده عامة الليل يحدثه في العلم والدين ومصالح المسلمين» اهـ.
وفي باب المذاكرة السابق يؤخذ منه سمر النبي عليه الصلاة والسلام في العلم مع جبريل عليه الصلاة والسلام في ليالي رمضان.
وقد وجد من العلماء من طلب العلم في سن الأشد أو قريب منه.
ومن أهل العلم من طلب فنًا معين وهو كبير، فلا يمنعن كبر السن من تحصيل العلم.
قال البخاري رحمه الله في «صحيحه»: «وقد تعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كبر سنهم».
وهذه جملة من أعلام عبر التاريخ الإسلامي ممن طلب العلم في سن كبير:
* الأعرج يحيى بن زكريا بن يحيى النيسابوري (ت 137 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (14/ 243-244): «الإمام الكبير، الحافظ، الثقة، أبو زكريا النيسابوري الأعرج.
سمع: قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وأقرانهم.
وسمع من: يحيى بن موسى (خت)، وارتحل في الشيخوخة ناشرا لعلمه.
حدث عنه: ابن أخيه أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه النيسابوري نزيل مصر، ومكي بن عبدان، وأبو العباس بن عقدة، وأبو حامد بن الشرقي، وآخرون.
وكان يطلب الحديث بمصر على كبر السن.
مات سنة سبع وثلاث مائة، ويشبهه من وجه نزيل حلب جعفرك النيسابوري الأعرج، الذي عاش إلى بعد سنة عشر وثلاث مائة، وسوف يأتي» اهـ.
* الكسائي: علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز، مولى بني أسد، أبو الحسن الأسدي الكوفي (الوفاة: 182 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (4/ 927): «شيخ القراء والنحاة.
نزل بغداد، وأدب الرشيد، ثم ولده الأمين. قرأ القرآن على حمزة الزيات أربع مرات، وقرأ أيضا على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عرضا.
وروى عن: جعفر الصادق، والأعمش، وسليمان بن أرقم، وأبي بكر بن عياش، وتلا أيضا على عيسى بن عمر الهمداني.
واختار لنفسه قراءة صارت إحدى القراءات السبع، وتعلم النحو على كبر سنه، وخرج إلى البصرة، وجالس الخليل فقال له: من أين أخذت؟ قال: ببوادي الحجاز، ونجد، وتهامة. فخرج الكسائي إلى أرض الحجاز، وغاب مدة، ثم قدم وقد أنفد خمس عشرة قنينة حبر في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ في قلبه، ورجع والخليل قد مات، وجلس يونس بعده، فمرت بين الكسائي وبين يونس مسائل أقر له فيها يونس.
قال عبد الرحيم بن موسى: سألته لم سميت الكسائي؟ قال: لأني أحرمت في كساء.
وقال الشافعي: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي» اهـ.
وقال العلامة عبد الرحمن بن الأنباري رحمه الله كما في «نزهة الألباء في طبقات الأدباء» (ص: 59): «وقال أبو زكرياء يحيى بن زياد الفراء: إنما تعلم الكسائي النحو على الكبر، وكان سبب تعلمه أنه جاء يوماً وقد مشى حتى أعيا، فجلس إلى قومٍ فيهم فضل، وكان يجالسهم كثيراً، فقال: قد عييت، فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن! فقال: كيف لحنت؟ فقالوا: إن كنت أردت من التعب، فقل: "أعييت"، وإن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الأمر فقل: "عييت" مخففة، فأنف من هذه الكلمة وقام من فوره ذلك فسأل عمن يعلم النحو، فأرشدوه إلى معاذ الهراء، فلزمه حتى أنفذ ما عنده، ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل بن أحمد، وجلس في حلقته، فقال رجل من الأعراب: تركت أسداً وتميماً وعندهما الفصاحة، وجئت إلى البصرة! وقال للخليل بن أحمد: من أين علمُك؟ فقال: من بوادي الحجاز ونجد وتهامة، فخرج الكسائي، وأنفذ خمس عشرة قنينة حبراً في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ. ولم يكن له هم غير البصرة والخليل، فوجد الخليل قد مات وجلس في موضعه يونس بن حبيب البصري النحوي، فجرت بينهما مسائل أقرّ له يونس فيها، وصدره موضعه» اهـ.
* غنجار عيسى بن موسى البخاري (ت 186 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (8/ 487): «محدث بخارى، الشيخ، أبو أحمد عيسى بن موسى البخاري، الأزرق، غنجار.
له: رحلة، ومعرفة.
حدث عن: سفيان الثوري، وعيسى بن عبيد الكندي، وورقاء بن عمر، وأبي حمزة السكري، وخلق.
حدث عنه: بحير بن النضر، ومحمد بن سلام البيكندي، وإسحاق بن حمزة البخاري، ومحمد بن أمية الساوي، ومحمد بن الفضل، وآخرون.
قال الحاكم: هو إمام عصره، طلب الحديث على كبر السن، ورحل، وهو في نفسه صدوق، تتبعت رواياته عن الثقات، فوجدتها مستقيمة، يروي عن أكثر من مائة شيخ من المجهولين» اهـ.
وقال العلامة الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (4/ 93: «ولقبوه غنجارا لحمرة وجهه. سمع: أبا حمزة السكري، وسفيان الثوري، وعيسى بن عبيد الكندي، وورقاء بن عمر، وخلقا، وعنه: بحير بن النضر، ومحمد بن أمية الساوي، ومحمد بن سلام البيكندي، وإسحاق بن حمزة البخاري، وآخرون. قال الحاكم: هو إمام عصره، طلب العلم على كبر السن ورحل» اهـ.
* الفضيل بن موسى بن عياض (ت 187 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (8/ 423): «قال أبو عمار الحسين بن حريث: عن الفضل بن موسى، قال: كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها، إذ سمع تاليا يتلو: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم ... } [الحديد: 16] . فلما سمعها، قال: بلى يا رب، قد آن.
فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة، فقال بعضهم: نرحل.
وقال بعضهم: حتى نصبح، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا.
قال: ففكرت، وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام» اهـ.
* حسن بن زياد حسن بن زياد اللؤلؤي (ت 204 هـ).
قال الزرنوجي رحمه الله في «تعليم المتعلم طريق التعلم» (ص: 117): «دخل حسن بن زياد في التفقه وهو ابن ثمانين سنة ، ولم يبت على الفراش أربعين سنة، فأفتى بعد ذلك أربعين سنة» اهـ.
* أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع الأموي (ت 225 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (10/ 656): «الشيخ، الإمام الكبير، مفتي الديار المصرية، وعالمها، أبو عبد الله الأموي مولاهم، المصري، المالكي.
مولده: بعد الخمسين ومائة.
وطلب العلم وهو شاب كبير، ففاته مالك والليث» اهـ.
* أحمد بن حنبل الشيباني (ت 241 هـ).
قال صالح بن أحمد بن حنبل، قال: رأى رجل مع أَبي مِحْبَرَة، فقال له: يا أَبا عبد الله، أَنت قد بلغت هذا المبلغ، وأَنت إِمامُ المسلمين. فقال: مع المِحبرة إلى المَقْبرة.
أخرجه ابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد».
وعن محمد بن إسماعيل الصائغ، قال: كنت أَصوغ مع أَبي ببغداد فمر بنا أَحمد بن حنبل وهو يعدو ونعلاه في يده، فأَخذ أَبي هكذا بمجامع ثوبه، فقال: يا أَبا عبد الله، أَلا تستحي، إلى متى تعدو مع هؤلاء الصبيان؟ قال: إلى الموت.
أخرجه ابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد».
وعن عبد الله بن محمد البَغَوي، قال: سمعت أَبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: أَنا أَطلب العلم إلى أَن أَدخل القبر.
أخرجه ابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد».
* أحمد بن نصر بن زياد القرشي (ت 245 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (12/ 239): «الإمام، القدوة، شيخ نيسابور، ومقرئها، ومفتيها، وزاهدها، الشيخ أبو عبد الله القرشي، النيسابوري.
ارتحل، وحدث عن: عبد الله بن نمير، والنضر بن شميل، وابن أبي فديك، وأبي أسامة، وطبقتهم.
روى عنه: أبو نعيم - أحد شيوخه - والترمذي، والنسائي في كتابيهما، وسلمة بن شبيب، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني، وعدد كثير.
قال الحاكم: كان فقيه أهل الحديث في عصره، كثير الرحلة والحديث -رحمه الله-.
وقيل: إنه ارتحل إلى أبي عبيد على كبر السن متفقها، فأخذ عنه، وكان يفتي بمذهبه، وعليه تفقه ابن خزيمة أولا قبل أن يرحل إلى المزني، وكان ثقة، مأمونا، صاحب سنة، كبير الشأن.
توفي: في سنة خمس وأربعين ومائتين» اهـ.
* الحارث بن مسكين بن محمد بن يوسف الأموي (ت 250 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (12/ 54): «الإمام، العلامة، الفقيه، المحدث، الثبت، قاضي القضاة بمصر، أبو عمرو، مولى زبان ابن الأمير عبد العزيز بن مروان، الأموي، المصري.
مولده: في سنة أربع وخمسين ومائة.
وإنما طلب العلم على كبر» اهـ.
* أبو جعفر بن حمدان أحمد بن حمدان بن علي (ت 311 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (14/ 299-300): «الإمام، الحافظ الزاهد، القدوة، المجاب الدعوة، شيخ الإسلام، أبو جعفر أحمد بن حمدان بن علي بن سنان الحيري النيسابوري، والد الشيخين: أبي العباس محمد، وأبي عمرو محمد.
مولده في حدود الأربعين ومائتين، أو قبل ذلك.
وسمع: أحمد بن الأزهر، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وعبد الرحمن بن بشر، ومحمد بن يحيى الذهلي، فمن بعدهم ببلده، وارتحل وحج.
وأخذ عن: أبي يحيى بن أبي ميسرة، وأبي عمرو بن أبي غرزة الغفاري، وإسماعيل القاضي، وعثمان بن سعيد الدارمي، والحسن بن علي بن زياد، ومعاذ بن نجدة، وأمثالهم.
وارتحل بولده أبي العباس إلى محمد بن أيوب البجلي وغيره، ثم ارتحل بابنه أبي عمرو إلى الحسن بن سفيان وأقرانه، وصنف (الصحيح) المستخرج على (صحيح مسلم) وكان من أوعية العلم.
حدث عنه: أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري الزاهد، وأبو علي الحسين بن علي الحافظ، وعبد الله بن سعد، وأبو الوليد حسان بن محمد، وأبو العباس بن عقدة، وابناه، وطائفة.
قال الحاكم: سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول:
لما بلغ أبي من كتاب مسلم إلى حديث محمد بن عباد، عن سفيان: «يسرا ولا تعسرا» لم يجده عند أحد عن ابن عباد، فقيل له: هو عند أبي يعلى الموصلي، عن ابن عباد: فرحل إليه قاصدا من نيسابور لسماع هذا الحديث.
قلت: ورحل لأجل ولديه، قال: وخرج أبي - على كبر السن - إلى جرجان ليسمع من عمران بن موسى بن مجاشع حديث سويد بن سعيد، عن حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: (بينما الناس في صلاة الصبح إذ أتاهم آت) وذكر الحديث، وسمعته من أبي.
قال الحاكم: سمعت أبا عمرو، سمعت أبي يقول: كل ما قال البخاري: قال لي فلان، فهو مناولة وعرض.
وسمعت أبا عمرو يقول: كان أبي يحيي الليل» اهـ.
*محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الأحد (المتوفى: 328 هـ).
قال العلامة السبكي رحمه الله كما في «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 192): «الإمام الجليل القدوة الأستاذ أبو على الثقفي.
الجامع بين العلم والتقوى والمتمسك من حبال الشريعة بالسبب الأقوى والسالك للطريقة التي لا عوج فيها والحاوي للصفات التي ليس سوى المصطفين الأخيار تصطفيها.
قال فيه الحاكم الإمام المقتدى به في الفقه والكلام والوعظ والورع والعقل والدين.
قال وطلب العلم على كبر السن فإن ابتداءه كان التصوف والزهد والورع.
وقال غيره كان إماما في أكثر علوم الشرع مقدما في كل فن عطل أكثر علومه واشتغل بعلم الصوفية وتكلم عليهم أحسن كلام وبه ظهر التصوف بنيسابور.
سمع بنيسابور من محمد بن عبد الوهاب وأقرانه» اهـ.
* أحمد بن الفضل، أبو بكر البهرامي الدينوري المطوعي (المتوفى: 349 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (7/ 871-872): « توفي بالأندلس غريبا.
وقد حدث بها عن: أبي خليفة، وجعفر الفريابي.
وعنه: خلف بن هانئ، وأهل قرطبة. ومن آخر من حدث عنه أبو الفضل التاهرتي، وأبو عمر بن الجسور؛ وأدخل إلى الأندلس جملة من تصانيف محمد بن جرير، رواها عنه وخدمه مدة.
وكان ضعيف الخط ليس بالمتقن، وعنده مناكير، وإنما طلب العلم علي كبر السن» اهـ.
* الأبزاري إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء (ت 364 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (16/ 152): «المحدث، الإمام، أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء النيسابوري الوراق الأبزاري.
سمع من: مسدد بن قطن، والحسن بن سفيان، وجعفر بن أحمد بن نصر، ومحمد بن محمد الباغندي، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وسعيد بن هاشم الطبراني، وأقرانهم، وأكثر وجود وجمع.
روى عنه: ابن مندة، والحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي.
قال الحاكم: كان ممن سلم المسلمون من لسانه ويده.
طلب الحديث على كبر السن، ورحل فيه، سمعت أبا علي الحافظ يمازحه، يقول: أنت بهز بن أسد يريد بثبته وإتقانه، ويقول: هذا الشيخ ما اغتسل من حلال قط، فنقول: يا أبا علي ولا من حرام.
مات في رجب سنة أربع وستين وثلاث مائة، وكان صادقا حدث بمروياته على القبول» اهـ.
* أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل أبو الحسين الطرائفي (ت 365 هـ).
وقال العلامة السبكي رحمه الله كما في «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 17): «مات ليلة الجمعة من شهر رمضان سنة خمس وستين وثلاثمائة وكان ابن ثمان وسبعين سنة كذا أورد هذه الترجمة ابن باطيش.
وقال الحافظ أبو سعد في كتاب الأنساب أبو النصر أحمد بن محمد بن الحسن الطرائفي الفقيه من أهل نيسابور سمع الحديث ثم تفقه على كبر السن رأى أبا العباس محمد بن إسحاق الثقفي ثم سمع الحديث بعده من مثل أبى على محمد بن عبد الوهاب وطبقته.
وتوفى في شهر رمضان سنة ثمان وستين وثلاثمائة انتهى كلام أبى سعد ولعلهما واحد والصواب مع أبى سعد» اهـ.
* القفال الشافعي عبد الله بن أحمد بن عبد الله الإمام أبو بكر المروزي (ت 417 هـ).
قال العلامة الصفدي رحمه الله في «الوافي بالوفيات» (17/ 27): «شيخ الشافعية بخراسان كان يعمل الأقفال وحذق في عملها حتى صنع قفلا بآلاته ومفتاحه وزن أربع حبات فلما صار ابن ثلاثين سنة أحس من نفسه ذكاء فأقبل على الفقه فبرع فيه وفاق الأقران وهو صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه تفقه عليه المسعودي والسنجي وابن فوران وهؤلاء من كبار فقهاء المراوزة» اهـ.
وقال العلامة الصفدي رحمه الله في «الوافي بالوفيات» (17/ 27): «وكان القفال رحمه الله قد ابتدأ التعلم على كبر السن بعدما أفنى شبيبته في صناعة الأقفال وكان ماهرا فيها» اهـ.
* الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي بن شهاب أبو علي العكبري (ت 428 هـ).
قال العلامة ياقوت حموي رحمه الله كما في «معجم الأدباء» (2/ 866): «قال الخطيب: ولد بعكبرا في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، ومات في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وسمع الحديث على كبر السنّ من أبي علي ابن الصوّاف وابن مالك القطيعيّ وغيرهما. وكان فاضلا يتفقّه على مذهب أحمد بن حنبل» اهـ.
* أبو محمد علي بن حزم (ت 456 هـ).
قال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (18/ 199): «وقال أبو بكر محمد بن طرخان التركي: قال لي الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد - يعني: والد أبي بكر بن العربي -: أخبرني أبو محمد بن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة، فدخل المسجد، فجلس، ولم يركع، فقال له رجل: قم فصل تحية المسجد.
وكان قد بلغ ستًا وعشرين سنة.
قال: فقمت وركعت، فلما رجعنا من الصلاة على الجنازة، دخلت المسجد، فبادرت بالركوع، فقيل لي: اجلس اجلس، ليس ذا وقت صلاة - وكان بعد العصر - قال: فانصرفت وقد حزنت، وقلت للأستاذ الذي رباني: دلني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون.
قال: فقصدته، وأعلمته بما جرى، فدلني على (موطأ مالك) ، فبدأت به عليه، وتتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحوا من ثلاثة أعوام، وبدأت بالمناظرة.
ثم قال ابن العربي: صحبت ابن حزم سبعة أعوام، وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب (الفصل) ، وهو ست مجلدات، وقرأنا عليه من كتاب (الإيصال) أربع مجلدات في سنة ست وخمسين وأربع مائة، وهو أربعة وعشرون مجلدا، ولي منه إجازة غير مرة» اهـ.
وقال العلامة ياقوت حموي رحمه الله كما في «معجم الأدباء» (4/ 1652-1653): «قال: وقال لي أبو محمد ابن العربي: إن أبا محمد ابن حزم ولد بقرطبة، وجده سعيد ولد بأونبه ثم انتقل إلى قرطبة وولي فيها الوزارة ابنه أحمد ثم ابنه علي الإمام، وأقام في الوزارة من وقت بلوغه إلى انتهاء سنه ستا وعشرين سنة وقال: إنني بلغت إلى هذا السن وأنا لا أدري كيف أجبر صلاة من الصلوات.
قال: قال لي الوزير أبو محمد ابن العربي أخبرني الشيخ الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أنّ سبب تعلّمه الفقه أنه شهد جنازة لرجل كبير من إخوان أبيه، فدخل المسجد قبل صلاة العصر والحفل فيه، فجلس ولم يركع، فقال له أستاذه- يعني الذي رباه- بإشارة- أن قم فصلّ تحية المسجد فلم يفهم، فقال له بعض المجاورين له: أبلغت هذه السنّ ولا تعلم أن تحية المسجد واجبة؟! وكان قد بلغ حينئذ ستة وعشرين عاما، قال: فقمت وركعت وفهمت إذن إشارة الأستاذ إليّ بذلك؛ قال، فلما انصرفنا من الصلاة على الجنازة إلى المسجد مشاركة للأحياء من أقرباء الميت دخلت المسجد فبادرت بالركوع فقيل لي اجلس اجلس ليس هذا وقت صلاة، فانصرفت عن الميت وقد خزيت ولحقني ما هانت عليّ به نفسي، وقلت للأستاذ، دلني على دار الشيخ الفقيه المشاور أبي عبد الله ابن دحون، فدلّني فقصدته من ذلك المشهد وأعلمته بما جرى فيه، وسألته الابتداء بقراءة العلم واسترشدته فدلّني على «كتاب الموطأ» لمالك بن أنس رضي الله عنه، فبدأت به عليه قراءة من اليوم التالي لذلك اليوم، ثم تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام وبدأت بالمناظرة» اهـ.
* فضل الله بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الدلغاطاني (ت 557 هـ).
قال العلامة السبكي رحمه الله كما في «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 264): «بفتح الدال المهملة وسكون اللام وفتح الغين المعجمة والطاء المهملة بين الألفين وفي آخرها النون نسبة إلى دلغاطان قرية من قرى مرو.
يكنى أبا نصر.
قال فيه ابن السمعاني صاحبنا وصديقنا قال وكان من أهل العلم والفضل راغبا في تحصيل العلم محبا له أفنى عمره في طلبه يعرف اللغة والأصول والفقه ورغب في طلب الحديث وبالغ فيه على كبر السن.
قال وكان يحثني على إتمام هذا الكتاب يعني الأنساب ولد بدلغاطان سنة تسع وثمانين وأربعمائة أو سنة تسعين قاله ظنا.
قلت مات بمرو في المحرم سنة سبع وخمسين وخمسمائة» اهـ.
* عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن نصر البسطامي أبو شجاع (ت 562 هـ).
وقال العلامة الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (20/ 452-453): «الشيخ، الإمام، العلامة، المحدث، أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن نصر - بالتحريك - البسطامي، ثم البلخي، إمام مسجد راغوم.
قال: ولدت سنة خمس وسبعين وأربع مائة.
سمع: أباه، وأبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، وإبراهيم بن محمد الأصبهاني، وأبا جعفر محمد بن الحسين السمنجاني، وتفقه عليه.
وكان طلابة للعلم، صاحب فنون.
قال السمعاني: هو مجموع حسن، وجملة مليحة، مفت، مناظر، محدث، مفسر، واعظ، أديب، شاعر، حاسب، ومع فضائله كان حسن السيرة، مليح الأخلاق، مأمون الصحبة، نظيف الظاهر والباطن، لطيف العشرة، فصيح العبارة، مليح الإشارة، في وعظه كثير النكت والفوائد، وكان على كبر السن حريصا على طلب الحديث والعلم، مقتبسا من كل أحد، كتبت عنه بمرو وهراة وبخارى وسمرقند، وكتب عني الكثير، وحصل نسخة بما ذيلته على (تاريخ الخطيب) ، وكتب إلي من بلخ:
يا آل سمعان ما أسنى فضائلكم! *** قد صرن في صحف الأيام عنوانا
معاهدا ألفتها النازلون بها *** فما وهت بمرور الدهر أركانا
حتى أتاها أبو سعد فشيدها *** وزادها بعلو الشأن بنيانا
كانوا ملاذ بني الآمال فانقرضوا *** مخلفين به مثل الذي كانا
لولا مكان أبي سعد لما وجدوا *** على مفاخرهم للناس برهانا
وقاه ربي من عين الكمال فما *** أبقت علاه لرد العين نقصانا
معاهدا ألفتها النازلون بها *** فما وهت بمرور الدهر أركانا
حتى أتاها أبو سعد فشيدها *** وزادها بعلو الشأن بنيانا
كانوا ملاذ بني الآمال فانقرضوا *** مخلفين به مثل الذي كانا
لولا مكان أبي سعد لما وجدوا *** على مفاخرهم للناس برهانا
وقاه ربي من عين الكمال فما *** أبقت علاه لرد العين نقصانا
قلت: سمع أبو شجاع من الخليلي (مسند الهيثم الشاشي) ، و (غريب الحديث) لابن قتيبة، وكتاب (الشمائل) ، وقد صنف كتابا حسنا في أدب المريض والعائد» اهـ.
وقال العلامة السبكي رحمه الله كما في «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 248-249): «بفتح النون والصاد المهملة، أبو شجاع البسطامي ثم البلخي.
إمام مسجد راعوم.
فقيه محدث رفيق الحافظ الكبير أبي سعد بن السمعاني وصديقه.
ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة فسمع ببلخ أباه وأبا القاسم بن محمد الخليلي وإبراهيم بن محمد الأصبهاني وأبا جعفر محمد بن الحسين السمنجاني وعليه تفقه وأبا حامد أحمد بن محمد الشجاعي وأبا نصر محمد بن محمد الماهاني وجماعة.
روى عنه أبو سعد السمعاني وابنه عبد الرحيم وابن الجوزي والافتخار عبد المطلب الهاشمي والشيخ تاج الدين الكندي وأبو أحمد بن سكينة وأبو الفتح المندآئي وأبو روح عبد المعز الهروي وآخرون
ذكره صاحبه ابن السمعاني فقال مجموع حسن وجملة مليحة مفت مناظر محدث مفسر واعظ أديب شاعر حاسب.
قال وكان مع هذه الفضائل حسن السيرة جميل الأمر مليح الأخلاق مأمون الصحبة نظيف الظاهر والباطن لطيف العشرة فصيح العبارة مليح الإشارة في وعظه كثير النكت والفوائد وكان على كبر السن حريصا على طلب الحديث والعلم مقتبسا من كل أحد.
ثم قال كتبت عنه الكثير بمرو وهراة وبخاري وسمرقند وكتب عني الكثير وحصل نسخة بهذا الكتاب يعني ذيل تاريخ بغداد.
وقال في موضع آخر لا نعرف للفضائل أجمع منه مع الورع التام» اهـ.
* عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن بن محمد ابن مهذب السلمي (ت 660 هـ).
قال العلامة السبكي رحمه الله كما في «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 209-213): «سمعت الشيخ الإمام يقول كان الشيخ عز الدين في أول أمره فقيرا جدا ولم يشتغل إلا على كبر وسبب ذلك أنه كان يبيت في الكلاسة من جامع دمشق فبات بها ليلة ذات برد شديد فاحتلم فقام مسرعا ونزل في بركة الكلاسة فحصل له ألم شديد من البرد وعاد فنام فاحتلم ثانيا فعاد إلى البركة لأن أبواب الجامع مغلقة وهو لا يمكنه الخروج فطلع فأغمي عليه من شدة البرد أنا أشك هل كان الشيخ الإمام يحكي أن هذا اتفق له ثلاث مرات تلك الليلة أو مرتين فقط ثم سمع النداء في المرة الأخيرة يا ابن عبد السلام أتريد العلم أم العمل فقال الشيخ عز الدين العلم لأنه يهدي إلى العمل فأصبح وأخذ التنبيه فحفظه في مدة يسيرة وأقبل على العلم فكان أعلم أهل زمانه ومن أعبد خلق الله تعالى» اهـ.
* أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن الشيخ عبد الرحيم القنائي (ت 728 هـ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في « الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة» (1/ 95): «تجرد واشتغل برعي الغنم حتى صار رجلا ثم اشتغل وهو ابن ثلاثين أو نحوها وتفقه وقرأ النحو وغيره حتى مهر وشغل الناس ببلده وكان ذكيا يحفظ أربعمائة سطر في يوم واحد ثم أقبل على العبادة ولازم الطاعة إلى أن مات» اهـ.
* أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم ابن محمد القيسي تاج الدين أبو محمد الحنفي النحوي (ت 749 هـ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في « الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة» (1/ 204-205): «ولد في أواخر ذي الحجة سنة 682 وأخذ عن بهاء الدين ابن النحاس والدمياطي وغيرهما فرأيت بخطه أنه حضر درس البهاء ابن النحاس وسمع من الدمياطي اتفاقا قبل أن يطلب ولزم أبا حيان دهرا طويلا وأخذ عن السروجي وغيره ثم أقبل على سماع الحديث ونسخ الأجزاء وكتابة الطباق والتحصيل فأكثر عن أصحاب النجيب وابن علاق جدا وقال في ذلك
وعاب سماعي للأحاديث بعدما *** كبرت أناس هم إلي العيب أقرب
وقالوا: إمام في علوم كثيرة *** يروح ويغدو سامعا يتطلب
فقلت مجيبا عن مقالتهم وقد *** غدوت لجهل منه أتعجب
إذا استدرك الإنسان ما فات من علا *** فللحزم يعزى لا إلي الجهل ينسب» اهـ.
وقالوا: إمام في علوم كثيرة *** يروح ويغدو سامعا يتطلب
فقلت مجيبا عن مقالتهم وقد *** غدوت لجهل منه أتعجب
إذا استدرك الإنسان ما فات من علا *** فللحزم يعزى لا إلي الجهل ينسب» اهـ.
فهذه نماذج مشرقة وسير عطرة لمجموعة من أهل العلم طلبوا العلم وهم كبار فكانوا كبار.
تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** فإن التشبه بالرجال فلاح
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍???? كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 14 جمادى الآخرة سنة 1443 هـ
الموافق لـ: 17 يناير سنة 2022 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 14 جمادى الآخرة سنة 1443 هـ
الموافق لـ: 17 يناير سنة 2022 ف