بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن تيمية : "أما الجبن المجلوب من بلاد الإفرنج فالذين كرهوه ذكروا لذلك سببين: أحدهما : أنه يوضع بينه شحم الخنزير إذا حمل في السفن. والثاني : أنهم لا يذكون ما نصنع منه الأنفحة بل يضربون رأس البقر ولا يذكونه. فأما الوجه الأول : فغايته أن ينجس ظاهر الجبن فمتى كشط الجبن أو غسل طهر، فإن ذلك ثبت في الصحيح "أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال : ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم"، فإذا كان ملاقاة الفأرة للسمن لا توجب نجاسة جميعه فكيف تكون ملاقات الشحم النجس للجبن توجب نجاسة باطنه ومع هذا فإنما يجب إزالة ظاهره إذا تيقن إصابة النجاسة له وأما مع الشك فلا يجب ذلك. وأما الوجه الثاني : فقد علم أنه ليس كلما يعقرونه من الأنعام يتركون ذكاته بل قد قيل : إنهم إنما يفعلون هذا بالبقر وقيل : إنهم يفعلون ذلك حتى يسقط ثم يذكونه ومثل هذا لا يوجب تحريم ذبائحهم بل إذا اختلط الحرام بالحلال في عدد لا ينحصر كاختلاط أخته بأهل بلد واختلاط الميتة والمغصوب بأهل بلدة لم يوجب ذلك تحريم ما في البلد كما إذا اختلطت الأخت بالأجنبية والمذكي بالميت فهذا القدر المذكور لا يوجب تحريم ذبائحهم المجهولة الحال وبتقدير أن يكون الجبن مصنوعا من أنفحة ميتة فهذه المسألة فيها قولان مشهوران للعلماء: أحدهما : أن ذلك مباح طاهر كما هو قول أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين. والثاني : أنه حرام نجس كقول مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى والخلاف مشهور في لبن الميتة وأنفحتها هل هو طاهر أم نجس. والمطهرون احتجوا بأن الصحابة أكلوا جبن المجوس مع كون ذبائحهم ميتة. ومن خالفهم نازعهم"اهـ([1])
من موقع جامعة أم القرى صفحة الشيخ محمد بازمول حفظه الله .
([1]) مجموع الفتاوى (21/531).
قال ابن تيمية : "أما الجبن المجلوب من بلاد الإفرنج فالذين كرهوه ذكروا لذلك سببين: أحدهما : أنه يوضع بينه شحم الخنزير إذا حمل في السفن. والثاني : أنهم لا يذكون ما نصنع منه الأنفحة بل يضربون رأس البقر ولا يذكونه. فأما الوجه الأول : فغايته أن ينجس ظاهر الجبن فمتى كشط الجبن أو غسل طهر، فإن ذلك ثبت في الصحيح "أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال : ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم"، فإذا كان ملاقاة الفأرة للسمن لا توجب نجاسة جميعه فكيف تكون ملاقات الشحم النجس للجبن توجب نجاسة باطنه ومع هذا فإنما يجب إزالة ظاهره إذا تيقن إصابة النجاسة له وأما مع الشك فلا يجب ذلك. وأما الوجه الثاني : فقد علم أنه ليس كلما يعقرونه من الأنعام يتركون ذكاته بل قد قيل : إنهم إنما يفعلون هذا بالبقر وقيل : إنهم يفعلون ذلك حتى يسقط ثم يذكونه ومثل هذا لا يوجب تحريم ذبائحهم بل إذا اختلط الحرام بالحلال في عدد لا ينحصر كاختلاط أخته بأهل بلد واختلاط الميتة والمغصوب بأهل بلدة لم يوجب ذلك تحريم ما في البلد كما إذا اختلطت الأخت بالأجنبية والمذكي بالميت فهذا القدر المذكور لا يوجب تحريم ذبائحهم المجهولة الحال وبتقدير أن يكون الجبن مصنوعا من أنفحة ميتة فهذه المسألة فيها قولان مشهوران للعلماء: أحدهما : أن ذلك مباح طاهر كما هو قول أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين. والثاني : أنه حرام نجس كقول مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى والخلاف مشهور في لبن الميتة وأنفحتها هل هو طاهر أم نجس. والمطهرون احتجوا بأن الصحابة أكلوا جبن المجوس مع كون ذبائحهم ميتة. ومن خالفهم نازعهم"اهـ([1])
من موقع جامعة أم القرى صفحة الشيخ محمد بازمول حفظه الله .
([1]) مجموع الفتاوى (21/531).