فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
الفتوى رقم ( 17845 )
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، على ما ورد على سماحة المفتي العام، من معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رقم (334 / 416 / 1) وتاريخ 11 / 2 / 1416 هـ والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (1395) وتاريخ 20 / 3 / 1416 هـ وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه:
( الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 281)
أشير لكتاب الوزارة ذي الرقم (163 / ك / م) المؤرخ في 11 / 2 / 1415 هـ، المرسل لسماحتكم بشأن طلب إبداء مرئياتكم نحو تسمية المساجد بأسماء الصحابة أو الأعلام من المسلمين، مع مراعاة المساجد التي تنشأ من قبل أهل الخير، ويرغبون تسميتها بأسمائهم، آمل تفضل سماحتكم بالإفادة بما تم نحوه.
ونص الخطاب المشار إليه هو: فأفيد سماحتكم بأن هذه الوزارة بصدد دراسة موضوع تسمية وترقيم المساجد في المملكة، وقد اقترح أن تسمى المساجد التي تنشأ مستقبلاً بأسماء الصحابة أو الأعلام من المسلمين، مع مراعاة المساجد التي تنشأ من قبل أهل الخير، ويرغبون تسميتها بأسمائهم آمل بعد اطلاع سماحتكم التكرم بإبداء مرئياتكم في ذلك.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي:
أولاً: أن المساجد قد حصل بالتتبع وجود تسميتها على الوجوه الآتية وهي:
1- إضافة المسجد إلى من بناه، وهذا من إضافة أعمال البر إلى أربابها، وهي إضافة حقيقية للتمييز، وهذه تسميته جائزة، ومنها: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- إضافة المسجد إلى من يصلى فيه، أو إلى المحلة، وهي إضافة حقيقية للتمييز، فهي جائزة، ومنها: مسجد قباء،
( الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 282)
ومسجد بني زريق، كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، في حديث المسابقة إلى مسجد بني زريق ومسجد السوق ، كما ترجم البخاري رحمه الله بقوله: (باب العلماء في مسجد السوق ).
3- إضافة المسجد إلى وصف تميز به، مثل: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، كما في قوله تعالى:( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) ، وفي السنة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة: ( لا تعمل المطي إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا ) ومنه: (المسجد الكبير) وقد وقع تسمية بعض المساجد التي على الطريق بين مكة والمدينة باسم (المسجد الأكبر) كما في (صحيح البخاري ) ومثله يقال: (الجامع الكبير).
ثانيًا: تسمية المسجد باسم غير حقيقي؛ لكي يتميز ويعرف به، وهي ظاهرة منتشرة في عصرنا، لكثرة بناء المساجد،
( الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 283)
وانتشارها ولله الحمد في بلاد المسلمين في المدينة وفي القرية، بل في الحي الواحد، فيحصل تسمية المسجد باسم يتميز به. واختيار إضافته إلى أحد وجوه الأمة، وخيارها من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم من التابعين لهم بإحسان مثل: مسجد أبي بكر رضي الله عنه، مسجد عمر رضي الله عنه، وهكذا للتعريض فهذه التسمية لا يظهر بها بأس، لا سيما وقد عرف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تسميته: سلاحه، وأثاثه ودوابه وملابسه كما بينها ابن القيم رحمه الله تعالى في أول كتاب (زاد المعاد).
ثالثًا: تسمية المسجد باسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، مثل: مسجد الرحمن، مسجد القدوس، مسجد السلام، ومعلوم أن الله سبحانه قال وقوله الفصل: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) الآية.
فالمساجد جميعها لله تعالى بدون تخصيص، فتسمية مسجد باسم من أسماء الله ليكتسب العلمية على المسجد أمر محدث، لم يكن عليه من مضى فالأولى تركه، والله الهادي إلى سواء السبيل.
( الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 284)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو صالح الفوزان
عضو بكر أبو زيد