بسم الله الرحمن الرحيم
الإسلام فوبيا
القادمون المتنورون الصهيونية الحكومة العالمية
القادمون المتنورون الصهيونية الحكومة العالمية
كثر في هذه الأيام الحديث عن ( القادمون ) و (المتنورون) و (الصهيونية والحكومة العالمية ) و خطط (الماسونية)، بطريقة تجعل المسلم يرتاب؛
فإن الملاحظ في هذه الطروحات مهما تعددت وتنوعت أساليبها أنها تشبه بالونات الاختبار التي تهيئ الناس إلى تقبل الأمر والاستسلام له، وذلك لأن فيها الأمور التالية :
1- خلت من بيان موقف المسلم الصحيح منها .
2 – اشتملت في جملتها على تهويلات ومبالغات مبنية على دعوى لا على دليل
3- تضمنت في مواضع عديدة على مخالفات في تفسير بعض النصوص الشرعية.
4 ) تعتبر هذه الموضوعات دعاية مضادة لما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أن المستقبل لهذا الدين، فهي تبشر بأن المستقبل للحكومة العالمية التي تمهد لحكومة الدجال! ويقصد من ذلك - والله أعلم – بث الضعف والتخاذل والاستسلام في نفوس المسلمين.
5 ) تضمنت هذه الموضوعات الطعن والتشويه في بعض الحكومات الإسلامية وخاصة السعودية ، مما يشعر بأن لهذه البرامج أهدافاً خبيثة بجر المجتمعات الإسلامية إلى فوضى وخروج على الأئمة.
والذي أريد بيانه ما يلي :
أولاً : أن على المسلم أن يعلم أن اليهود والنصارى أعداء قال تعالى: ?وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ? (البقرة:120).
فما قامت عليه تلك الموضوعات من بيان عداوة اليهود والنصارى للمسلمين لا نحتاج فيه إلى تلك التقريرات، يكفي المسلم نص القران على ذلك فلا نحتاج إلى المحفل الماسوني وخططه ولا نحتاج إلى ذكر الساسة الأوربيين أو حكام أمريكا لنعرف تصرفاتهم التي قامت على العداء لأمة الإسلام؛ فالقران نص على هذه العداوة، ويكفي المسلم أن يعلم ذلك .
ثانياً : ما تكرر في تلك الأطروحات من ذكر عمل اليهود في إيقاد الحرب وجر الأمم إلى مشاكل، وسعيهم في إشعال نار الفتنة بين الأمم والدول، لا نحتاج فيه أيضا إلى ماتضمنته تلك الحلقات في ذلك، إذ يكفي المسلم أن يقرأ قوله تعالى عن اليهود في سورة المائدة آية (64): ?وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ?.
[كلما أجمعوا أمرهم ليفسدوا أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأوقدوا نار المحاربة أطفأها الله، فردهم وقهرهم ونصر نبيه ودينه، هذا معنى قول الحسن، وقال قتادة: هذا عام في كل حرب طلبته اليهود فلا تلقى اليهود في البلد إلا وجدتهم من أذلِّ الناس](تفسير البغوي 3/77)
قال ابن كثير رحمه الله (تفسيره3/147): "قوله: ?كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّه? أي: كلما عقدوا أسبابًا يكيدونك بها، وكلما أبرموا أمورًا يحاربونك بها يبطلها الله ويرد كيدهم عليهم، ويحيق مكرهم السيئ بهم.
?وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ? أي: من سجيتهم أنهم دائمًا يسعوْن في الإفساد في الأرض، والله لا يحب من هذه صفته"اهـ(
فهذه الآية تكفي المسلم في أن يعلم أن اليهود قوم يسعون إلى إيقاد نار الحرب وإنهم يسعون في الأرض فسادا، وتزيد هذه الآية عن ما جاء في تلك الحلقات بأن الله يطفئ نار الحرب التي يوقدونها كما في الآية.
ثالثا : المسلم لا يغتر بخطط هؤلاء ولا يخاف منهم، وهو يعلم علم اليقين أنه إذا آمن الناس بالله واتقوه، حصل لهم بركات ينزلها الله عليهم، كما قال تبارك وتعالى، في سورة الأعراف أية (96)?وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ?، وكما في قوله تعالى : ?وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ? (النور:55).
فالقضية في التمكين والاستخلاف في الأرض مرهونة بلزوم طاعة الله وتجنب معصيته (الإيمان والتقوى) وليست مرهونة بخطط الماسونيه ولا بروتوكولات الصهيونية ولا غيرها. وهذه سنة كونية ?فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ? (هود: من الآية49).
رابعا : الجزم بأمور أنها سوف تحدث جراء مؤامرة وتحركات بشرية يتنافى مع إيمان المسلم بأن الأمر كله لله وأن الإنسان مهما بلغت مكانته عند الله أو مهما بلغ طغيانا وجبروتا فإنه لا يملك من الأمر شيء.
قال الله تبارك وتعالى: ?قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ? (الأعراف:18.
وفي حديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ t أَنَّهُ قَالَ: "كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَوْ يَا غُلَيِّمُ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ فَقُلْتُ: بَلَى فَقَالَ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".
خامسا : ليس لأحد أن يفسر كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله e بفكره المجرد .
قال ابن تيمية رحمه الله(مجموع الفتاوى 13/243): "من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين؛ فهو مفتر على الله، ملحد فِي آيات الله، مُحرف للكلم عن مواضعه, وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام" اهـ(
فتفسير الدجال بأنه يهود أوربا أو حكومات أوروبا تفسير يخالف ما جاء في نصوص الشرع من أنه مخلوق هيأته كهيئة بني آدم ، أعور مكتوب على جبهته : (ك ف ر ) عينه الأخرى كأنها عنبه طافية في أحداث أخبر عنها الرسول e بأنها سوف تقع بينه و بين المؤمنين مما يدل على أنه مخلوق فرد وليس شعبا ولا طائفة بل ما ورد في الأحاديث من بعض الصحابة أنه كان يرى أن ابن صياد اليهودي هو الدجال يدل ضمنا على أن الصحابة لم يفهموا أن الدجال طائفة أو أمة من الأمم.
وما ذكره بعضهم من أن وقوع القتال بين المسلمين واليهود أنما يكون إذا جفت بحيرة طبرية وجزمه أن ذلك سوف يكون بعد خمسين عاما من اليوم كلام لا أثارة من علم عليه بل هو مخالف لما جاء في الحديث .
عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ قَالَ : "ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَقَالَ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ : إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا . قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ : أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ: لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنْ النَّاسِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ"
وَزَادَ في رواية بَعْدَ قَوْلِهِ: "لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ"، : "ثُمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ وَهُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ فَيَرْمُونَ بِنُشَّابِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا".
سادسا : سرد الأحداث التاريخية ينبغي أن يكون بموضوعيه وحياديه فلا يقحم فيه من الكلام ما لا دليل عليه بل هو يخالف الواقع في الحقيقة؛ من ذلك أن بريطانيا قدمت سبعة مليون جنيه للشريف حسين والي مكة، ليبتعد عن الخلافة الإسلامية في تركيا، وأدخلت في ذهنه أنه سيكون ملك البلاد العربية، وأنها أي بريطانيا صرفت للملك عبد العزيز خمس ألاف جنية شهرياً ليكون عميلا لها في عدم المناداة بالخلافة الإسلامية مطلقا أقول: هذه التحليلات تحتاج إلى أدلة لإثباتها، والواقع يخالفها وهو كلام متناقض في نفسه إذا كيف يعطى الملك عبد العزيز خمس آلاف جنينه شهرياً بينما يعطى الشريف حسين رحمه الله سبعة ملاين جنيه ويقال: إن عبد العزيز رحمه الله كان عميلا لبريطانيا؟!.
والذي يظهر بمراجعة الوقائع أن ما قدمته الحكومة البريطانية له من معونات كان لغرض تقويته في قتاله أمام أمير حائل إذا طلب منه ذلك، حيث كانت القوات البريطانية بعد احتلالها للبصرة في وضع مكشوف أمام القبائل في شمال الجزيرة العربية مما قد يُغري أمير حائل - الذي خرج من توه منتصراً على الملك عبد العزيز في موقعة جراب - بمهاجمة تلك القوات المنتشرة في البصرة(انظر مقالا ضافيا في ذلك بعنوان العلاقات السعودية البريطانية قبل توحيد المملكة العربية السعودية، للدكتور فهد بن ناصر الجديد.)
سابعا : المؤمن يعتمد على الله ويتوكل عليه لا يهمه في ذلك مؤامرة ماسونية أو برتوكولات صهيونيه.
قال تعالى: ?وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ? (الأنعام:123)، وقال تعالى: ?وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ? (آل عمران:54)، وقال تعالى: ?وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ? (الأنفال:30)، وقال تعالى: ?مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ? (فاطر:10).
وقال تعالى: ?إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ? (آل عمران:120)، ?ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ? (الأنفال:1، وقال تبارك وتعالى: ?فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ? (غافر:25).
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ". وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ: "قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ".
وهذا الحديث وغيره من الأحاديث التي وردت في البشارة بأن المستقبل للإسلام، وكذا ما لمسه المحللون الأوربيون من دلالات على انتشار المسلمين في أوروبا حتى قال قائلهم : إن أوروبا في عام 2030م ستكون أكثرية مسلمة، كل ذلك جعلهم يعيشون فوبيا الإسلام، ولا أستبعد أنها هي الدافع وراء نشر هذه الأفكار التي تتضمن التهيئة لحكومة عالمية تقودها الصهيونية الماسونية، بدلا من يكون المستقبل للإسلام !
قال الله تعالىوَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ? (الأنبياء:105) .
فإن قيل: ما تفسيرك لتحقق ما أشاروا إلى وقوعه من أحداث عالمية؟
فالجواب: لا يغرنك ذلك، فليس لهم من الأمر شيء إن الأمر إلا لله.
وهذه الأحداث التي ذكروها وتطابقت مع الواقع سببها - والله أعلم – إمّا استخبارات عالمية اخترقت بعض الأحزاب، فعلمت بتخطيطهم، أو ساسة لديهم بعض الآلات المدمرة كآلة صنع الزلازل التي كانت لدى الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة ثم اختفت بعد ذلك، فهي مما ورثته أمريكا دون شك، وهناك بعض المؤشرات التي تدل على ذلك، أو بعض التوقعات العلمية، لعلماء الفلك وعلم الأرض أو غيرهم، أو تحليل واستشراف مبني على واقع، أو حتى من استراق السمع، وليس هذا ببعيد عنهم، فإنه قد ذكر تعاطيهم للسحر واتصالهم بالجن.
وفي صحيح البخاري في كتاب التفسير، ?حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ? (سبأ:23)، أورد عن أبي هُرَيْرَة يَقُولُ: "إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَـ?إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ? قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: ?الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ? فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. (وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ" .
فحال القوم لا يخرج عن ذلك، والمسلم يعلم أن الأمر بيد لله قال تعالى: ?يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ? (آل عمران: من الآية 154).
وقال تعالى: ?وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ? (هود:123).
تعليق