بسم الله الرحمن الرحيم
تنبيه الأخيار على خطأ قرن المشيئة في ما مضي من الأخبار
تنبيه الأخيار على خطأ قرن المشيئة في ما مضي من الأخبار
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالخلط في الأذكار له صور كثيرة منها أن يُؤتى بالذكر في غير موضعه الذي شرع له.
ومن الأذكار التي أحدثت ما يقوله البعض إن شاء الله في الأخبار الماضية المحضة، والله تعالى بين لنا في كتابه العزيز أن موضعها فيما يستقبل من الأفعال: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23-24].
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)) : ((هذا النهي كغيره، وإن كان لسبب خاص وموجها للرسول صل الله عليه وسلم، فإن الخطاب عام للمكلفين، فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة، {إني فاعل ذلك} من دون أن يقرنه بمشيئة الله، وذلك لما فيه من المحذور، وهو: الكلام على الغيب المستقبل، الذي لا يدري، هل يفعله أم لا؟ وهل تكون أم لا؟ وفيه رد الفعل إلى مشيئة العبد استقلالا وذلك محذور محظور، لأن المشيئة كلها لله {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} ولما في ذكر مشيئة الله، من تيسير الأمر وتسهيله، وحصول البركة فيه، والاستعانة من العبد لربه)) اهـ.
فقرن المشيئة يشرع فيما يستقبل وهو من المواضع المشروعة ولا يشرع قرنها فيما مضي من أخبار محضة.
فمن هنا يعلم خطأ من سئل عن اسمه.
فقال: عزالدين إن شاء الله.
وخطأ من سئل عن اسم ابيه.
فقال: سالم إن شاء الله.
وخطأ من سئل عن مكان سكنه.
فقال: طرابلس إن شاء الله.
قال العلامة ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه)) (5/ 403) : ((أما الشيء الذي لا يحتاج إلى ذكر المشيئة مثل أن يقول: بعت إن شاء الله- فهذا لا يحتاج إلى ذلك، أو يقول: تغديت أو تعشيت إن شاء الله، فهذا لا يحتاج أن يقول كلمة: إن شاء الله؛ لأن هذه الأمور لا تحتاج إلى المشيئة في الخبر عنها، لأنها أمور عادية قد فعلها وانتهى منها)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (1/ 156) : ((فمثلا لو قال لك شخص: دخل شهر رمضان هذا العام ليلة الأحد إن شاء الله. فلا يحتاج أن نقول: إن شاء الله لأنه مضى وعلم. ولو قال لك قائل: لبست ثوبي إن شاء الله - وهو لابسه - فلا يحسن أن يعلق بالمشيئة؛ لأنه شيء مضى، وانتهى إلا إذا قصد التعليل أي قصد أن اللبس كان بمشيئة الله. فهذا لا بأس به)) اهـ.
أما ما يعلل من الخبار الماضية فيستثني.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (1/ 156) : ((أما الشيء الماضي فلا يعلق بالمشيئة إلا إذا قصد بذلك التعليل.
ثم قال:
ولو قال لك قائل: لبست ثوبي إن شاء الله - وهو لابسه - فلا يحسن أن يعلق بالمشيئة؛ لأنه شيء مضى، وانتهى إلا إذا قصد التعليل أي قصد أن اللبس كان بمشيئة الله. فهذا لا بأس به)) اهـ.
وتدخل العبادات فيما يعلل من الأخبار الماضية.
قال العلامة ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه)) (5/ 403) : ((أما في العبادات فلا مانع أن يقول: إن شاء الله صليت، إن شاء الله صمت؛ لأنه لا يدري هل كملها وقبلت منه أم لا. وكان المؤمنون يستثنون في إيمانهم وفي صومهم؛ لأنهم لا يدرون هل كملوا أم لا، فيقول الواحد منهم: صمت إن شاء الله، ويقول: أنا مؤمن إن شاء الله)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (1/ 156) : ((فلو قال قائل حين صلى: صليت إن شاء الله إن قصد فعل الصلاة فإن الاستثناء هنا لا ينبغي، لأنه صلى وإن قصد إن شاء الله الصلاة المقبولة فهنا يصح أن يقول: إن شاء الله، لأنه لا يعلم أقبلت أم لم تقبل)) اهـ.
ومما سبق نلخص إلي عدم مشروعية قرن المشيئة في الأخبار الماضية إلا ما علل وتدخل العبادات فيما يعلل من الأخبار.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍️ كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
العلوص ليبيا: يوم الأثنين 11 صفر سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 28 سبتمبر سنة 2020 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
العلوص ليبيا: يوم الأثنين 11 صفر سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 28 سبتمبر سنة 2020 ف