نقض قاعدة إبليسية
(مجلة «الإصلاح» - العدد 22)
عمر الحاج مسعود
إنَّ من أعظم كيد الشَّيطان ومكره وحيَه لابن آدم تسميةَ الأشياء المحرَّمة بأسماء برَّاقة مزخرفة تحبُّها النُّفوس وتَقبَلها، كما في قوله تعالى: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى (120)﴾ [طه]، فسمَّى عدوُّ الله إبليسُ الشَّجرةَ الَّتي نهى الله آدم - عليه السَّلام - عنها شجرةَ الخلد تزيينًا لها وترغيبًا فيها، وهذا كما قال ابن القيِّم - رحمه الله -: «أوَّل المكر والكيد ومنه وَرِث أتباعه تسميةَ الأمور المحرَّمة بالأسماء الَّتي تحبُّ النُّفوس مسمَّياتِها، فسمَّوا الخمر أمَّ الأفراح, وسمَّوا أخاها بلُقَيمة الرَّاحة[1], وسمَّوا الرِّبا بالمعاملة, وسمَّوا المكوس بالحقوق السُّلطانية, وسمَّوا أقبح الظُّلم وأفحشه شرع الدِّيوان, وسمَّوا أبلغ الكفر وهو جحد صفات الربِّ تنزيهًا»[2].
وقال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)﴾ [الأنعام]، قال ابنُ زيد: الزُّخرف: المُزيَّن، حيث زيَّن لهم هذا الغرور، كما زيَّن إبليسُ لآدم ما جاءه بِه وقاسمه إنَّه لمن النَّاصحين، وقرأ: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا﴾ [فصلت: 25]، قال: ذلك الزُّخرف[3]، وقال ابن سعدي: «أي يزيِّن بعضهم لبعض الأمرَ الَّذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتَّى يجعلوه في أحسن صورة، ليغترَّ به السُّفهاء، وينقاد له الأغبياء الَّذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموَّهة، فيعتقدون الحقَّ باطلاً والباطل حقًّا»[4].
ومن طرق أهل البدع والباطل والفساد في ترويج باطلهم وشرِّهم تسميتُه بأسماء مزخرفة, وإلباسُه لَبُوسَ الحقِّ والخير، وإلاَّ افتضح أمرهم وانكشف خبثهم وبارت تجارتُهم، قال ابن القيِّم - رحمه الله -: «وإذا تأمَّلت مقالات أهل الباطل رأيتهم قد كسوها من العبارات وتخيَّروا لها من الألفاظ الرَّائقة ما يسرع إلى قبوله كلُّ من ليس له بصيرة نافذة، - وأكثر الخلق كذلك - حتَّى إنَّ الفجَّار ليسمُّون أعظم أنواع الفجور بأسماء لا ينبو عنها السَّمع ويميل إليها الطَّبع»[5].
فهذه قاعدة خبيثة في التَّمويه والتَّلبيس، وَرِثها أهلُ الباطل والفجور من إبليس، واستعملوها في أبواب العقائد والعبادات والمعاملات والعادات والسِّياسات وغيرها، وأمثلتُها كثيرة، أذكر ما تيَّسر منها نصحًا وتنبيهًا وتحذيرًا.
1- التَّعطيل والتَّحريف في باب أسماء الله - عزَّ وجلَّ - وصفاته، الَّذي تُسمِّيه الجهميَّة والمعتزلة والأشعريَّة تنزيهًا، كما قال إبراهيم اللقاني الأشعري في «جوهرة التوحيد»، وهي منظومة مشهورة ومعتمَدة عند الأشاعرة:
وكلُّ نصٍّ أوهَم التَّشبيها *** أوِّله أو فوِّض ورُم تنزيهَا
والمقصود بالتَّأويل في كلامه التَّأويلُ المذموم وهو التَّحريف، مثل تأويل استوى بـ: استولى، واليد بـ: النِّعمة، قال ابن القيِّم - رحمه الله - في نونيَّته:
سمَّيتم التَّحريفَ تأويلاً كذا *** التَّعطيلَ تنزيهًا هما لقبان
وهذا الَّذي سمَّوه تنزيهًا «اسمٌ حسن على مسمًّى قبيح»[6]، وهو خلاف الحقِّ الَّذي عليه الأئمَّةُ الأربعة وسائرُ أهل السُّنَّة والجماعة[7]، حيث إنَّهم يثبتون لله تعالى كلَّ ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، وينزِّهونه عن مماثلة خلقه تنزيهًا بلا تعطيل ولا تحريف، عملاً بقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)﴾ [الشورى]، وأمَّا المعطِّلون «فإنَّهم تصوَّروا أنَّ الإثباتَ يستلزم التَّشبيه، ففرُّوا من الإثبات إلى التَّعطيل تنزيهًا لله عن مشابهة المخلوقين بزعمهم، لكن آلَ أمرُهم إلى أن وقعوا في تشبيهٍ أسوأ، وهو التَّشبيه بالمعدومات، فإنَّه لا يُتصوَّرُ وجود ذاتٍ مجرَّدة من جميع الصِّفات»[8].
ويصدق فيهم قول ابن القيِّم - رحمه الله -: «وليس جحودُهم صفاتِه سبحانه وحقائقَ أسمائه في الحقيقة تنزيهًا وإنَّما هو حجابٌ ضُرب عليهم فظنُّوه تنزيهًا كما ضُرب حجابُ الشِّرك والبدع المضلَّة والشَّهوات المردية على قلوب أصحابها وزُيِّن لهم سوءُ أعمالهم فرأوها حسنة»[9].
2- دعاءُ الموتى وسؤالُهم الرِّزقَ والولدَ والشِّفاءَ، والطَّوافُ بقبورهم وتقبيلُها وتعفيرُ الجِباه بترابها، يسمَّى احترامًا وتوقيرًا وتبجيلاً، وهو في الحقيقة شرك وضلالة، لأنَّه صرف للعبادة لغير الله، قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾ [الكهف]، وقال: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (1 وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20)﴾ [الجن]، وقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبَادَةُ ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾» [10].
فتأمَّل كيف سمَّوا تلك الأعمالَ الشِّركيَّةَ احترامًا وتوقيرًا؟ وهل هذا إلاَّ سبيلٌ ليستَحوذوا على العوام، ويزيِّنوا لهم الباطل ويوقِعُوهم في الشِّرك ويَغْمِسوهم في الضَّلالة؟ ثمَّ إذا أنكر عليهم ناصحٌ أمينٌ، وقام بالدَّعوة إلى توحيد الله ربِّ العالمين وعبادته وحده لا شريك له، صاحوا عليه من كلِّ جانبٍ بقولهم: إنّك تُبغض الأولياء والصَّالحين وتَنْتقِصهم ولا تحترمهم، قال ابن القيِّم - رحمه الله -: «إن جرَّدت التَّوحيد بينهم قالوا تنقَّصت جَناب الأولياء والصَّالحين»[11].
وقال محمود شكري الألوسي - رحمه الله -: «إنَّ من مكايد الغلاة الَّتي كادوا بها العوامَّ يقولون: إنَّ الاستغاثة بالأموات ونداءَهم في المهمَّات وشدَّ الرِّحال لزيارة قبورهم وتقديمِ قرابينهم إليها ونذورهم، هو من علامات محبَّتهم والتَّقرُّب بقربتهم، ومن أنكر ذلك وأبى ما هنالك ونهى عن زخرفتها وإيقادِ السُّرُج عليها وبناء المساجد عليها وقَصْدِ أهلها في طلب الحاجات والالتجاء إليها في المهمَّات، فهو من المبغضين للصَّالحين والمنكرين لكرامات الأولياء والصِّدِّيقين»[12].
3- السَّاحر والعرَّاف والكاهن ممَّن يتعامل مع الشَّياطين ويَخدُمهم ويستعين بهم، ويسعى في الأرض فسادًا وإفسادًا، ويدَّعِي معرفةَ الغيب والإخبارَ بما تُكِنُّه الصُّدور وما تخفيه النُّفوس، يسمَّى بـ «الطَّالب» أي طالب القرآن والحقِّ والعلم والخير، وربَّما يسمىَّ بـ «الرَّاقي»، - والرُّقية مشروعة -، وهذا غاية التَّلبيس ونهاية التَّدليس، إذ كيف يسمَّى كذلك المُشَعوِذُ المفسدُ في الأرض، الدَّاعي إلى الشَّرِّ، المُفَرِّقُ بين المرء وزوجه، والمنازعُ ربَّه في صفة من صفاته؟ قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81)﴾ [يونس]، وقال: ﴿قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)﴾ [النمل]، وقال: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)﴾ [الجن]، وقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»[13], وقال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطَُيِّرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ»[14].
4- الخمر أمُّ الخبائث وأصلُ الفواحش، فيها إثمٌ كبير وشرٌّ مستطير، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)﴾ [المائدة]، فالخمر من عمل الشَّيطان، يحبُّها ويحبِّبها، ويدعو إليها ويُزيِّنها، بل يوحي إلى أوليائه تغييرَ اسمِها ترويجًا لها وتبديلاً لحكمها، كما أخبر بذلك نبيُّنا الصَّادق المصدوق - عليه الصَّلاة والسَّلام - في قوله: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا»[15].
وقد كثُرت أنواع الخمر في هذا العصر، وتعدَّدت أشكالُها، وتباينت أسماؤها، لكن ذلك لا يغيِّر حكمَها، ما دام أنَّها مسكرة، فعن ابن عمر - رضي الله عنه - عن النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ»[16]، وهُدِي إلى هذا كذلك المحدَّث الملهَم عمر ابن الخطَّاب - رضي الله عنه -، فقال على منبر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «اَلْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ»، أي غطَّاه[17].
ومن أشهر أسمائها المزخرفة: مشروبات روحيَّة، وحقُّها أن تسمَّى مشروبات شيطانيَّة، ويقال عندنا فلان يشرب الشّْرَابْ أي: شراب الخمر، ولها أسماء غير عربيَّة كثيرة مشهورة.
5- الرِّبا وهو من كبائر الذُّنوب وأشنعها، جاء فيه عقوبة خاصَّة غليظة، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (27 فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة] , فالله - عزَّ وجلَّ - «أكَّد عليهم التَّحريم بأغلظ شيءٍ وأشدِّه وهي محاربة المرابي لله ورسوله فقال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾، ففي ضمن هذا الوعيد أنَّ المرابي محاربٌ لله ورسوله قد آذنه الله بحربه ولم يجئ هذا الوعيد في كبيرة سوى الرِّبا وقطع الطرِّيق والسَّعي في الأرض بالفساد»[18]، لذا قال الإمام مالك - رحمه الله -: «إنِّي تصفَّحت كتاب الله وسنَّة نبيِّه فلم أر شيئًا أشرَّ من الرِّبا؛ لأنَّ الله آذَن فيه بالحرب»[19].
ومع كلِّ هذا يسمِّيه قوم - تمويهًا وتدليسًا واحتيالاً - فائدةً وكسبًا ونماءً وتوفيرًا واستثمارًا، وهذا من فعل اليهود المغضوب عليهم الَّذين احتالوا على الحرام، قال الله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء]، قال ابن كثير - رحمه الله - في «تفسيره»: «أي أنَّ الله قد نهاهم عن الرِّبا فتناولوه وأخذوه واحتالوا عليه بأنواعٍ من الحيل وصنوف من الشُّبه، وأكلوا أموال النَّاس بالباطل»[20].
6- الرِّشوة وهي كبيرة من الكبائر، لُعِن صاحباها: الرَّاشي والمرتشي، كما في حديث عبد الله بن عمرو قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ»[21]، وفيها من المفاسد والأضرار على الفرد والمجتمع والأمَّة ما لا يخفى على عاقل منصِف، ومع هذا يسمِّيها المبطلون والمُموِّهون بغير اسمها ليتوصَّلوا إلى مآربهم وينالوا شهواتهم، فيقولون: هي هديَّة، هبة، صدقة، حقٌّ، حقُّ التَّعب، إكرام، قهوة ...
ولا شكَّ أنَّ هذا تهوينٌ من مفاسدها وتسويغٌ لفعلها وسببٌ لفشوِّها، وصدق عمرُ بنُ عبد العزيز - رحمه الله - حين قال: «كانت الهدِيَّةُ في زَمَنِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - هديَّة، واليومَ رشوةٌ»[22].
المصدر موقع راية الاصلاح
(مجلة «الإصلاح» - العدد 22)
عمر الحاج مسعود
إنَّ من أعظم كيد الشَّيطان ومكره وحيَه لابن آدم تسميةَ الأشياء المحرَّمة بأسماء برَّاقة مزخرفة تحبُّها النُّفوس وتَقبَلها، كما في قوله تعالى: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى (120)﴾ [طه]، فسمَّى عدوُّ الله إبليسُ الشَّجرةَ الَّتي نهى الله آدم - عليه السَّلام - عنها شجرةَ الخلد تزيينًا لها وترغيبًا فيها، وهذا كما قال ابن القيِّم - رحمه الله -: «أوَّل المكر والكيد ومنه وَرِث أتباعه تسميةَ الأمور المحرَّمة بالأسماء الَّتي تحبُّ النُّفوس مسمَّياتِها، فسمَّوا الخمر أمَّ الأفراح, وسمَّوا أخاها بلُقَيمة الرَّاحة[1], وسمَّوا الرِّبا بالمعاملة, وسمَّوا المكوس بالحقوق السُّلطانية, وسمَّوا أقبح الظُّلم وأفحشه شرع الدِّيوان, وسمَّوا أبلغ الكفر وهو جحد صفات الربِّ تنزيهًا»[2].
وقال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)﴾ [الأنعام]، قال ابنُ زيد: الزُّخرف: المُزيَّن، حيث زيَّن لهم هذا الغرور، كما زيَّن إبليسُ لآدم ما جاءه بِه وقاسمه إنَّه لمن النَّاصحين، وقرأ: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا﴾ [فصلت: 25]، قال: ذلك الزُّخرف[3]، وقال ابن سعدي: «أي يزيِّن بعضهم لبعض الأمرَ الَّذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتَّى يجعلوه في أحسن صورة، ليغترَّ به السُّفهاء، وينقاد له الأغبياء الَّذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموَّهة، فيعتقدون الحقَّ باطلاً والباطل حقًّا»[4].
ومن طرق أهل البدع والباطل والفساد في ترويج باطلهم وشرِّهم تسميتُه بأسماء مزخرفة, وإلباسُه لَبُوسَ الحقِّ والخير، وإلاَّ افتضح أمرهم وانكشف خبثهم وبارت تجارتُهم، قال ابن القيِّم - رحمه الله -: «وإذا تأمَّلت مقالات أهل الباطل رأيتهم قد كسوها من العبارات وتخيَّروا لها من الألفاظ الرَّائقة ما يسرع إلى قبوله كلُّ من ليس له بصيرة نافذة، - وأكثر الخلق كذلك - حتَّى إنَّ الفجَّار ليسمُّون أعظم أنواع الفجور بأسماء لا ينبو عنها السَّمع ويميل إليها الطَّبع»[5].
فهذه قاعدة خبيثة في التَّمويه والتَّلبيس، وَرِثها أهلُ الباطل والفجور من إبليس، واستعملوها في أبواب العقائد والعبادات والمعاملات والعادات والسِّياسات وغيرها، وأمثلتُها كثيرة، أذكر ما تيَّسر منها نصحًا وتنبيهًا وتحذيرًا.
1- التَّعطيل والتَّحريف في باب أسماء الله - عزَّ وجلَّ - وصفاته، الَّذي تُسمِّيه الجهميَّة والمعتزلة والأشعريَّة تنزيهًا، كما قال إبراهيم اللقاني الأشعري في «جوهرة التوحيد»، وهي منظومة مشهورة ومعتمَدة عند الأشاعرة:
وكلُّ نصٍّ أوهَم التَّشبيها *** أوِّله أو فوِّض ورُم تنزيهَا
والمقصود بالتَّأويل في كلامه التَّأويلُ المذموم وهو التَّحريف، مثل تأويل استوى بـ: استولى، واليد بـ: النِّعمة، قال ابن القيِّم - رحمه الله - في نونيَّته:
سمَّيتم التَّحريفَ تأويلاً كذا *** التَّعطيلَ تنزيهًا هما لقبان
وهذا الَّذي سمَّوه تنزيهًا «اسمٌ حسن على مسمًّى قبيح»[6]، وهو خلاف الحقِّ الَّذي عليه الأئمَّةُ الأربعة وسائرُ أهل السُّنَّة والجماعة[7]، حيث إنَّهم يثبتون لله تعالى كلَّ ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، وينزِّهونه عن مماثلة خلقه تنزيهًا بلا تعطيل ولا تحريف، عملاً بقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)﴾ [الشورى]، وأمَّا المعطِّلون «فإنَّهم تصوَّروا أنَّ الإثباتَ يستلزم التَّشبيه، ففرُّوا من الإثبات إلى التَّعطيل تنزيهًا لله عن مشابهة المخلوقين بزعمهم، لكن آلَ أمرُهم إلى أن وقعوا في تشبيهٍ أسوأ، وهو التَّشبيه بالمعدومات، فإنَّه لا يُتصوَّرُ وجود ذاتٍ مجرَّدة من جميع الصِّفات»[8].
ويصدق فيهم قول ابن القيِّم - رحمه الله -: «وليس جحودُهم صفاتِه سبحانه وحقائقَ أسمائه في الحقيقة تنزيهًا وإنَّما هو حجابٌ ضُرب عليهم فظنُّوه تنزيهًا كما ضُرب حجابُ الشِّرك والبدع المضلَّة والشَّهوات المردية على قلوب أصحابها وزُيِّن لهم سوءُ أعمالهم فرأوها حسنة»[9].
2- دعاءُ الموتى وسؤالُهم الرِّزقَ والولدَ والشِّفاءَ، والطَّوافُ بقبورهم وتقبيلُها وتعفيرُ الجِباه بترابها، يسمَّى احترامًا وتوقيرًا وتبجيلاً، وهو في الحقيقة شرك وضلالة، لأنَّه صرف للعبادة لغير الله، قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾ [الكهف]، وقال: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (1 وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20)﴾ [الجن]، وقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبَادَةُ ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾» [10].
فتأمَّل كيف سمَّوا تلك الأعمالَ الشِّركيَّةَ احترامًا وتوقيرًا؟ وهل هذا إلاَّ سبيلٌ ليستَحوذوا على العوام، ويزيِّنوا لهم الباطل ويوقِعُوهم في الشِّرك ويَغْمِسوهم في الضَّلالة؟ ثمَّ إذا أنكر عليهم ناصحٌ أمينٌ، وقام بالدَّعوة إلى توحيد الله ربِّ العالمين وعبادته وحده لا شريك له، صاحوا عليه من كلِّ جانبٍ بقولهم: إنّك تُبغض الأولياء والصَّالحين وتَنْتقِصهم ولا تحترمهم، قال ابن القيِّم - رحمه الله -: «إن جرَّدت التَّوحيد بينهم قالوا تنقَّصت جَناب الأولياء والصَّالحين»[11].
وقال محمود شكري الألوسي - رحمه الله -: «إنَّ من مكايد الغلاة الَّتي كادوا بها العوامَّ يقولون: إنَّ الاستغاثة بالأموات ونداءَهم في المهمَّات وشدَّ الرِّحال لزيارة قبورهم وتقديمِ قرابينهم إليها ونذورهم، هو من علامات محبَّتهم والتَّقرُّب بقربتهم، ومن أنكر ذلك وأبى ما هنالك ونهى عن زخرفتها وإيقادِ السُّرُج عليها وبناء المساجد عليها وقَصْدِ أهلها في طلب الحاجات والالتجاء إليها في المهمَّات، فهو من المبغضين للصَّالحين والمنكرين لكرامات الأولياء والصِّدِّيقين»[12].
3- السَّاحر والعرَّاف والكاهن ممَّن يتعامل مع الشَّياطين ويَخدُمهم ويستعين بهم، ويسعى في الأرض فسادًا وإفسادًا، ويدَّعِي معرفةَ الغيب والإخبارَ بما تُكِنُّه الصُّدور وما تخفيه النُّفوس، يسمَّى بـ «الطَّالب» أي طالب القرآن والحقِّ والعلم والخير، وربَّما يسمىَّ بـ «الرَّاقي»، - والرُّقية مشروعة -، وهذا غاية التَّلبيس ونهاية التَّدليس، إذ كيف يسمَّى كذلك المُشَعوِذُ المفسدُ في الأرض، الدَّاعي إلى الشَّرِّ، المُفَرِّقُ بين المرء وزوجه، والمنازعُ ربَّه في صفة من صفاته؟ قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81)﴾ [يونس]، وقال: ﴿قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)﴾ [النمل]، وقال: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)﴾ [الجن]، وقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»[13], وقال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطَُيِّرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ»[14].
4- الخمر أمُّ الخبائث وأصلُ الفواحش، فيها إثمٌ كبير وشرٌّ مستطير، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)﴾ [المائدة]، فالخمر من عمل الشَّيطان، يحبُّها ويحبِّبها، ويدعو إليها ويُزيِّنها، بل يوحي إلى أوليائه تغييرَ اسمِها ترويجًا لها وتبديلاً لحكمها، كما أخبر بذلك نبيُّنا الصَّادق المصدوق - عليه الصَّلاة والسَّلام - في قوله: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا»[15].
وقد كثُرت أنواع الخمر في هذا العصر، وتعدَّدت أشكالُها، وتباينت أسماؤها، لكن ذلك لا يغيِّر حكمَها، ما دام أنَّها مسكرة، فعن ابن عمر - رضي الله عنه - عن النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ»[16]، وهُدِي إلى هذا كذلك المحدَّث الملهَم عمر ابن الخطَّاب - رضي الله عنه -، فقال على منبر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «اَلْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ»، أي غطَّاه[17].
ومن أشهر أسمائها المزخرفة: مشروبات روحيَّة، وحقُّها أن تسمَّى مشروبات شيطانيَّة، ويقال عندنا فلان يشرب الشّْرَابْ أي: شراب الخمر، ولها أسماء غير عربيَّة كثيرة مشهورة.
5- الرِّبا وهو من كبائر الذُّنوب وأشنعها، جاء فيه عقوبة خاصَّة غليظة، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (27 فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة] , فالله - عزَّ وجلَّ - «أكَّد عليهم التَّحريم بأغلظ شيءٍ وأشدِّه وهي محاربة المرابي لله ورسوله فقال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾، ففي ضمن هذا الوعيد أنَّ المرابي محاربٌ لله ورسوله قد آذنه الله بحربه ولم يجئ هذا الوعيد في كبيرة سوى الرِّبا وقطع الطرِّيق والسَّعي في الأرض بالفساد»[18]، لذا قال الإمام مالك - رحمه الله -: «إنِّي تصفَّحت كتاب الله وسنَّة نبيِّه فلم أر شيئًا أشرَّ من الرِّبا؛ لأنَّ الله آذَن فيه بالحرب»[19].
ومع كلِّ هذا يسمِّيه قوم - تمويهًا وتدليسًا واحتيالاً - فائدةً وكسبًا ونماءً وتوفيرًا واستثمارًا، وهذا من فعل اليهود المغضوب عليهم الَّذين احتالوا على الحرام، قال الله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء]، قال ابن كثير - رحمه الله - في «تفسيره»: «أي أنَّ الله قد نهاهم عن الرِّبا فتناولوه وأخذوه واحتالوا عليه بأنواعٍ من الحيل وصنوف من الشُّبه، وأكلوا أموال النَّاس بالباطل»[20].
6- الرِّشوة وهي كبيرة من الكبائر، لُعِن صاحباها: الرَّاشي والمرتشي، كما في حديث عبد الله بن عمرو قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ»[21]، وفيها من المفاسد والأضرار على الفرد والمجتمع والأمَّة ما لا يخفى على عاقل منصِف، ومع هذا يسمِّيها المبطلون والمُموِّهون بغير اسمها ليتوصَّلوا إلى مآربهم وينالوا شهواتهم، فيقولون: هي هديَّة، هبة، صدقة، حقٌّ، حقُّ التَّعب، إكرام، قهوة ...
ولا شكَّ أنَّ هذا تهوينٌ من مفاسدها وتسويغٌ لفعلها وسببٌ لفشوِّها، وصدق عمرُ بنُ عبد العزيز - رحمه الله - حين قال: «كانت الهدِيَّةُ في زَمَنِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - هديَّة، واليومَ رشوةٌ»[22].
المصدر موقع راية الاصلاح